|
ماذا قالت لي رفيقة ( البرتو مورافيا )
نهاد عبد الستار رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 3716 - 2012 / 5 / 3 - 09:22
المحور:
الادب والفن
قبل انتصاف سبعينات القرن الماضي بقليل بدأت اتردد على المسرح التجريبي الجديد في روما ( دللا مادالينا ) الذي كان يدار من قبل النساء فقط , وهناك تعرفت على ( داتشا مارايني ) ، رفيقة الكاتب الأيطالي المشهور البرتو مورافيا ، وهي واحدة من أشهر كتاب وكاتبات ايطاليا في الفترة المعاصرة . انها ابنة الأميرة الصقلية توبا تزيا ألياتا دي سالاباروتا . اعمالها التي تستفز الفكر ، تتركز على القضايا النسوية . اذ كانت وما تزال تطالب بقوة بالمساواة السياسية والأقتصادية والأجتماعية والقانونية بين الجنسين ، فتناولت في اعمالها قضايا الأجهاض ، والعنف الجنسي ، والنشاط الجنسي الأنثوي ، والعلاقات القائمة بين الأب وابنته والأم وابنتها . درست مارايني في بالرمو وفلورنسة وروما ، وبدأت عملها الأبداعي في كتابة المقالات الصحفية في المجلات الأدبية وقد شمل الرواية والشعر والمسرحيات والأعمال السينمائية والصحفية . داتشا مارايني ( 1936 – الحاضر ) هي واحدة من أفضل الكاتبات الأيطاليات المعاصرات وأكثرهن غزارة في الأنتاج وحصولا على الجوائز . ولدت في ( فيسولة ) بالقرب من فلورنسة . عندما كانت طفلة انتقلت عائلتها الى اليابان في عام 1938 هربا من جحيم الفاشية الأيطالية . في اليابان تمّ اعتقال عائلتها أثناء الحرب في معسكر اعتقال ياباني خاص بالمعتقلين السياسيين من سنة 1943 حتى سنة 1946 لرفضها الأعتراف بالحكومة العسكرية ولمواقف ابويها المعادية للفاشية . بعد الحرب ، عادت العائلة الى ايطاليا وسكنت في صقليا مع عائلة امها في مدينة باريا في مقاطعة باليرمو ... بعد فترة ليست طويلة ، انفصل ابواها وانتقل ابوها الى روما حيث التحقت به داتشا مارايني بعد عدة سنوات ، عندما كانت في الثامنة عشرة من عمرها . درست البنت داتشا في باليرمو ، وفلورنسة وروما ، وبدأت عملها ككاتبة مقالات في المجلات الأدبية . تزوجت لوتشيو بوزي ، وهو رسام من ميلانو ، لكنهما انفصلا بعد أربع سنوات . أصبحت بعد ذلك مرافقة البرتو مورافيا ، وعاشت معه من سنة 1962 حتى سنة 1983 . في سنة 1966 قام كل من مارايني ، ومورافيا ، واينزو سيشليانو بتأسيس شركة ( دل بوركو سبينو ) للأعمال المسرحية التي قامت بانتاج المسرحيات الأيطالية الجديدة . وتضمن منهاجها عملها الخاص الموسوم ( العائلة الأعتيادية ) ، وعمل مورافيا المعنون ( المقابلة ) ، وعمل اينزو الذي يحمل عنوان ( فنجان ) ، بالأضافة لأعمال ( كارلو أميليوجادا ) ، و ( جوفردو ) ، و ( جوان رودولفوولكوك ) و ( توما بووني ) . نشاطها الأنتاجي الهائل والأكثر رواجا وانتشارا في ألأسواق ، شمل الكتابة الأبداعية من رواية وشعر ومسرحيات وصحافة وعمل سينمائي , كما شمل العمل الدؤوب والفعال لتحقيق المساواة بين الجنسين على جميع الأصعدة . أعمالها النثرية التي حازت العديد منها على جوائز رفيعة المستوى ، تشمل الأدب القصصي وغير القصصي والقصص الخاصة بالسيرة الذاتية ، مثلا : ( عصر القلق ) 1963 ، و ( ذكريات لصة ) 1972 ، و ( امرأة في حرب ) 1975 ، و ( قطار الى هلسنكي ) 1981 ، و ( رسائل الى البحرية ) 1984 ، و ( ايسولينا ) 1985 . من أعمالها الحديثة ، ( العمر المديد لماريانا اوكريا ) 1990 ، و ( باريا ) 1993 التي تبرز فيها ملامح الحياة الصقلية وارتباطاتها الوثيقة فيها ، و ( أصوات ) 1994 ، وهي قصة بوليسية تتناول المساواة بين الجنسين ، و ( مهمة سرية على سطح المركب ) 1996 ، وهي تتناول الأجهاض والأمومة . شاركت مارايني في تشكيل بضع مجموعات مسرحية ، وأسست مسرح مادالينا التجريبي النسوي في روما في سبعينات القرن العشرين ، وكتبت أكثر من ثلاثين مسرحية ، كما أنها أنتجت بضعة مجلدات شعرية خلال السنوات ( 1966 – 1991 ) ، فازت مارايني بالعديد من الجوائز ، منها على سبيل المثال ، جائزة ( الفورمنتور ) عن عملها ( عصر القلق ) 1963 ، وجائزة ( البرميو فرجينة ) عن عملها ( ايسولينا ) 1985 ، وجائزة ( البرميو كامبيللو ) و ( جائزة كتاب العام ) عن عملها ( العمر المديد لماريانا اوكريا ) 1990 ، وجائزة ( البرميو ستريجا ) عن عملها ( العتمة ) 1999 . قائمة أعمالها الأبداعية شملت : 1 ) رواية ( العطلة ) 1962 2 ) رواية ( عصر القلق ) 1963 3 ) رواية ( ذكريات لصة ) 1972 4 ) مسرحية قصيرة بعنوان ( الشريرات ) 1973 ، وهو عمل مسرحي يتألف من مزيج من الحوار والرقص والغناء يهدف للسخرية من الأحداث الجارية والأزياء السائدة 5 ) ( بناتي ) مجموعة شعرية صدرت سنة 1974 6 ) ( زوجي ) 1974 7 ) ( امرأة في حرب ) 1975 8 ) مسرحية ( ماريا ستواردا ) 1975 9 ( هيا التهمني ) مجموعة شعرية صدرت سنة 1978 10 ( غريبة الأطوار ) 1978 11 ) ( ايسولينا ) 1985 12 ) ( العمر المديد لماريانا اوكريا ) 1990 13 ) ( تطواف في طريق الثعلب ) 1991 ، وقد فازت بجائزتين رفيعتي المستوى 14 ) ( فيرونيكا ، مومس وكاتبة ) 1991 15 ) ( باريا ) 1993 16 ) ( أصوات ) 1994 17 ) ( حلوة لنفسها ) 1997 18 ) ( لو احب كثيرا ) 1998 19 ) ( العتمة ) 1999 وهي مجموعة قصصية 20 ) ( مجموعة مسرحيات من 1966 حتى 2000 ) 21 ) ( الحمامة ) 2004 في أول لقاء طويل لي مع الكاتبة الأيطالية الشهيرة داتشا مارايني كان في مسرح مادالينا التجريبي النسوي في روما ، ألفيتها في انتظاري وفق الموعد المحدد ، كانت امرأة في منتهى الجاذبية ، تفيض انوثة ورقة ، وبعد أن عرفتها بنفسي ، تذكرت مقالة لي عن المساواة بين الجنسين كنت قد نشرتها في وقت سابق في جريدة لونتا الأيطالية ، فقالت لي مستدركة : آه ، سينيور رشيد ،أنت صاحب المقالة المتميزة في جريدة لونتا ؟ - نعم ، بالتأكيد . - آه ، التقيت سابقا باحد الفنانين العراقيين المتميزين ، وهو يتحدث الأيطالية بطلاقة ايضا ، هل اللغة الأيطالية واسعة الأنتشار في العراق ؟ - انها تدرس في كلية اللغات ، ولكن من هو الفنان العراقي الذي التقيت به ؟ - انه على ما اتذكر سنيور هكمت . - نعم بكل تأكيد انه صديقي النحاة العراقي المشهور محمد غني حكمت . أمضينا وقتا طويلا نتحاور عن أعمالها الأدبية ، وكانت أجوبتها المحنكة تظهر لماذا تم أعتبار مارايني واحدة من الأصوات الأوربية المتميزة والرائعة . وعدت مرة اخرى أسألها عن أحداث روايتها ( قطار الى بودابست ) التي تتعقب بحث صحفية ايطالية شابة اسمها ( امارا ) لرفيق طفولتها المفتقد ( ايمانويل ) ، فسألتها قائلا : - هل بدأت بشخصية ايمانويل ؟ - نعم . انه شاب يهودي سمعت عنه في فلورنسة ، كان قد اختفى من المدينة سنة 1940 . حاولت أن أتخيل ما يمكن أن يحصل له . ذهبت الى معسكرات الأعتقال السياسي في بولندة ، ودرست بعض الوثائق والمستندات ، وقرأت عن التجارب الطبية التي اجريت على السجناء الذين تم اختيارهم خلال عامي ( 1943 ) و ( 1944 ) . ثم أعتقدت بانه ربما يكون ما يزال حيا يرزق ، لكنه أصبح شخصا آخر تماما . - هل تعرفين كيف ستنتهي الرواية التي بدأتيها ؟ - عملت على هذه الرواية مدة خمس سنوات ، ولم أعرف نهايتها الا بعد انتهائها . لم أكن حتى متأكدة ما اذا كانت ( أمارا ) ستجد ايمانويل أم لا . بحث أمارا كان بحثي أنا . اما نهاية الرواية فكانت أمرا متروكا للشخصيات نفسها ، هي التي تقرر نهاية الرواية . شخصيات الرواية مهمة دائما . تعتقد في أول وهلة ، كمؤلف ، بأنك تمتلك نفوذا غير محدود عليها ، ولكن عندما تتعمق داخل الشخصيات تدرك تماما بانها ليست متحمسة كي تعمل لحسابك أو تطيع وتنفذ رغباتك , بل يتعين عليك متابعتها ، والسير في أثرها . - أي شكل من أشكال الرعب واجهته أمارا ؟ وهل تقصدين وضع أحداث الكتابة في اطار تلك السنين ؟ - نعم ، لكن شخصيات الرواية هي التي اقتادتني الى بودابست عند اندلاع الثورة – لم أقم أنا باعدادها لها . يسألني العديد من الناس ان كنت ارغب في تقديم مقارنة بين نمطين من الدكتاتوريات الأستبدادية الشمولية ، النازية والسوفييتية ، الا أنني لم أقصد ذلك قط . تأتي مثل هذه المقارنة من الشخصيات وما يتعين علي ان افهمه منها . - استمرت الأنتفاضة من 23 تشرين الأول / اكتوبر حتى العاشر من تشرين الثاني / نوفمبر 1956 – هكذا ، لم تكن فترة طويلة ، وعلاوة على ذلك يجب أن تبدو متواصلة بالنسبة للمنخرطين فيها ، الذين لم يعرفوا كيف ستنتهي الأحداث . انهم لم يعرفوا فعلا . الشيء الأسوأ في الأمر بالنسبة للهنغاريين هو ان الأتحاد السوفييتي لم يقل في الحال ، " توقفوا والا سوف نجتاح البلاد . " بل على عكس ذلك تماما ، راح يشجعهم ، فظهرت حكومة جديدة برئاسة ( ايمري ناج ) ، وبدا وكأن كل شيء على وشك أن يتحسن . - لكن بعد أن صرح ( ناج ) بأن على هنغاريا أن تخرج من ميثاق وارشو ، لم يكن بوسع الأتحاد السوفييتي الموافقة على برنامجه مطلقا ، أليس كذلك ؟ - تذكّر أنه في شباط / فبراير في نفس السنة ، في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي شجب نيكيتا خروشوف الأعمال الأجرامية لجوزيف ستالين . اعتقد الهنغاريون بأن الأتحاد السوفييتي كان في طريقه للتغيير فعلا . في اللحظة الأخيرة فقط – حتى أن خروشوف لم يكن واثقا لفترة قصيرة من الزمن – قرر الأتحاد السوفييتي اتخاذ سياسة القمع ، ملتمسين نصائح بعض القادة الشيوعيين الآخرين من أمثال : تيتو في يوغسلافيا ، وآسفة للقول ، بالميرو تولياتي ، رئيس الحزب الشيوعي الأيطالي . - هل عدل تولياتي رأيه ؟ - نعم ، لقد فعل ذلك ، ولكن بعد مضي عدة سنوات . في تلك الأثناء ، على الرغم من ذلك ، أفضت الأحداث في هنغاريا الى انشقاق في حزبه ، اذ لم يكن بوسع العديد من أعضائه قبول موقف تولياتي ، واصيبوا بالرعب من الأعمال الوحشية التي ارتكبت ضد الشعب الهنغاري المطالب بالحرية والأصلاح . - ادعى السوفييت في حينه بان العناصر الفاشية كانت وراء الثورة . ماذا استنتج الشعب الهنغاري من مثل هذه الأدعاءات ؟ - كان كل شخص في بودابست في تلك الأثناء واعيا تماما ومدركا بان الأتحاد السوفييتي ألقى ، كعادته ، بتهم زائفة على الثورة . كان الهنغاريون توّاقون للحرية – اذ كانت لديهم جريدة واحدة ، وهي كانت نسخة لا تختلف عن جريدة البرافدا ، ومحطة اذاعة واحدة ، وحزب واحد . كانوا يريدون مجتمعا تعدديا بدرجة أكبر ، ومزيدا من محطات الأذاعة ، ومزيدا من الأحزاب ... وبرغم ذلك فهم لم يريدوا أن يصبحوا بلدا رأسماليا .
كان حديثا مستفيضا بيننا ، سلخنا على هذا النحو ساعة او أكثر بقليل . كان الشفق يتوهج في الأفق عند مغادرتي المسرح . ومنذ ذلك الحين توثقت عرى الصداقة بيننا ، وتكررت اللقاءات في أماكن مختلفة ومواضيع متنوعة .
#نهاد_عبد_الستار_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة قصيرة بعنوان : من رحم الآلام تولد الآمال
-
قصة قصيرة / التحدي
-
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الر
...
-
هكذا عرفت الروائية ابتسام عبد الله
-
في لقاء لي مع ( فيو ميري )
-
واخيرا التقيت بها
المزيد.....
-
التراث الأندلسي بين درويش ولوركا.. حوار مع المستعرب والأكادي
...
-
الجزيرة 360 تعرض فيلم -عيون غزة- في مهرجان إدفا
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|