|
الشعور بالوحدة النفسية Loneliness Feelings العوامل والاضرار النفسية الناجمة عنها
سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)
الحوار المتمدن-العدد: 3714 - 2012 / 5 / 1 - 13:34
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الشعور بالوحدة النفسية Loneliness Feelings العوامل والاضرار النفسية الناجمة عنها
وتعني إحساس الفرد بفقد الاهتمام بأي شئ ، وعدم الرضا الناتج عن إحباط حاجاته الطبيعية ، نتيجة لفقدان التواصل بالآخرين أو نبذه من قبل المجتمع وافتقاد التقبل والتواد والحب من جانب الآخرين ، مما يجعله يائساً، وكثير من محاولات الانتحار أو الانتحار نفسه من مختلف الأعمار ناتج عن الشعور بالوحدة ، أو استجابة لفقدان الحب ، أو الشعور بأنه غير مرغوب فيه ، أو أنه لافائدة منه . ولعل من اهم العوامل المؤدية للشعور بالوحدة النفسية : توجد في حقيقة الأمر عوامل كثيرة ومتداخلة بصورة معقدة ، تساعد في نشأة وتكوين الشعور بالوحدة النفسية ، وبدرجات أو مستويات متباينة لدى الأفراد في جميع مراحل العمر . وسوف يتم عرض أهم تلك العوامل فيما يلي : أن جذور الشعور بالوحدة النفسية لدى الأطفال ترجع في أصولها إلى مرحلة الرضاعة ، حيث أن العلاقات غير الآمنة وغير الحميمة التي قد تسود بين الأم وطفلها ، يكون لها تأثير مهم جداً وخطير على شخصية الطفل وكل سلوكياته وتصرفاته فيما بعد من مراحل النمو التالية . ويرى ميجسكوفيك أن من أهم أسباب معاناة المراهقين من حدة الشعور بالوحدة النفسية ، تعرضهم في طفولتهم المبكرة الى العديد من الصراعات والإحباطات النفسية الشديدة ، وخاصة تلك التي تتعلق بقلق الإنفصال عن الأم، وفي الكبر وعندما يواجه المراهقين بعض المشكلات أو الضغوط النفسية، فإنه سرعان ماتتجدد لديهم مرة أخرى تلك المشاعر القديمة، ويظهر الشعور بالوحدة النفسية . أما ستوكس وبوللوك فيتفقان على أن جذور الشعور بالوحدة النفسية تنشأ من خلال اضطراب شكل العلاقات الاجتماعية للأطفال داخل أسرهم أو مع أقرانهم . ويرى كل من نيفلز وروكاش وبروك أن أسباب الشعور بالوحدة النفسية ترجع في معظمها إلى الإطار الأسري الذي يعيش فيه الطفل، متمثلاً في مستوى تعليم الوالدين وعدد أفراد الأسرة وشكل وطبيعة العلاقات السائدة بين الطفل ووالديه وأخوته . كما قد تعود أسباب معاناة المراهقين من الشعور بالوحدة النفسية إلى الفترات السابقة على مرحلة المراهقة، من حيث وجود خلل وظيفي في التفاعل الأسري ومع الأقران، مما يجعل المراهقون عاجزون عن إقامة أي علاقات ناجحة أو حميمة مع الآخرين بصفة عامة . ويرجع سبب شعور الأبناء بالوحدة النفسية أحياناً ، إلى وجود مثل هذا الشعور لدى أمهات هؤلاء الأبناء ، مما يدل على أن هناك ارتباطاً قوياً بين شعور الأمهات بالوحدة النفسية وبين معاناة أبنائهن من الشعور نفسه . أما ميرفي فيؤكد أن من أهم أسباب شعور المراهقين بالوحدة النفسية ، هو تعرض هؤلاء المراهقين لخبرة انفصال أو طلاق الوالدين في مرحلة الطفولة . بينما يشير باحثون اخرون إلى أن أهم أسباب شعور الأطفال بالوحدة النفسية يعود إلى افتقارهم لوجود أصدقاء ، وعجزهم عن اكتساب أصدقاء جدد . ويقرر كل من براج وميريديث الى أن قطاعات كبيرة من المراهقين والمراهقات يعانون من ارتفاع درجة الشعور بالوحدة النفسية بسبب البيئة المدرسية، والبيئة الأسرية، ومشكلات ومصاعب التعامل مع الأقران . أما لونت فيرى أن أسباب ارتفاع مستوى الشعور بالوحدة النفسية لدى الأطفال والمراهقين، ترجع في كثير من الأحيان إلى متغير الحالة الصحية ، وطبيعة الظروف والمواقف الحياتية التي يعايشها هؤلاء الأفراد بصفة عامة . وأن هناك علاقة مباشرة بين معاناة الأبناء المراهقين من الضغوط الاقتصادية الواقعة على الأسرة ، وارتفاع درجة الشعور بالوحدة النفسية لديهم . وأخيراً يؤكد كل من روكاتش وآخرين أن للعوامل الثقافية والحضارية دوراً مهماً وتأثيراً جوهرياً على مستوى الشعور بالوحدة النفسية ، حيث تبين لهم أن طلاب وطالبات الجامعة الذين يعيشون بدولة كندا ترتفع لديهم درجة الشعور بالوحدة النفسية وذلك عند مقارنتهم بأقرانهم الذين يعيشون بدولة أسبانيا . اما أهم الأضرار النفسية التي تنتج عن الشعور بالوحد النفسية : مما لاشك فيه أن معاناة المراهقين من الشعور بالوحدة النفسية ، تمثل أزمة نفسية عميقة تهز كيانهم ، وتهدد أمنهم واستقرارهم الداخلي ، فيختل توازنهم النفسي نتيجة لانهيار توافقهم الاجتماعي ، ويترتب على ذلك بطبيعة الحال عواقب وأضرار مرضية ، تظهر في عديد من أشكال الاضطرابات الانفعالية والمشكلات السلوكية كما يتضح فيما يلي : يشير كل من جونز وآخرون ونيتو إلى أن الشخص الذي يشعر بالوحدة النفسية ، يكون وعيه العام بذاته مرتفعاً، كما يكون قلق اجتماعياً، ولديه مستويات عالية من الخجل وعدم السواء، وتقديره لذاته منخفض، ولايحب الآخرين وتقبله لهم ضعيف. ويؤكد ماهون وآخرون أن ارتفاع مستوى الشعور بالوحدة النفسية يؤثر سلباً على قدرات التفكير الابتكاري لدى المراهقين . ويذكر بورتنوف أن هناك عدة متغيرات سلبية تصاحب خبرة الشعور بالوحدة النفسية وترتبط بها، وتتضمن هذه المتغيرات كلاً من الإكتئاب والإغتراب والحزن والأسى والحاجة إلى الألفة الاجتماعية واللامبالاة والتبلد العاطفي . ويضيف كل من تشينج وفيرنهام أن خبرة الشعور بالوحدة النفسية تؤثر سلباً على الثقة بالنفس والشعور بالسعادة . كما أن هناك عوامل أخرى معينة مرتبطة بالشعور بالوحدة النفسية ، كالضغوط النفسية والقلق والملل النفسي وكراهية الذات وفقدان المهارات الاجتماعية والجناح . كذلك يتضمن الشعور بالوحدة النفسية بعض الأضرار النفسية الأخرى، والتي من أهمها، فقدان أي هدف أو معنى للحياة، والعجز عن إقامة علاقات شخصية حميمة ومستمرة مع الآخرين، وفقدان خاصية التواصل العاطفي، والفتور الانفعالي والعنف. كما يدفع شعور المراهق بالوحدة النفسية والعزلة وخاصة في مرحلة المراهقة المبكرة إلى اللجوء إلى حل الأزمة عن طريق الانتماء إلى إحدى الجماعات السياسية أو الدينية المتطرفة ، وعادة ما يكون نشاط هذه الجماعات موجهاً نحو التورط في تغيير النظام القائم عن طريق استخدام العنف ، حيث تؤدي العضوية في هذه الجماعات إلى إزالة القلق عند المراهق ، عن طريق الشعور بالتوحد مع جماعة منظمة لها إطار مرجعي محدد وواضح ، في الوقت الذي يكون فيه شاعراً بالضياع ، وإن كان هذا الإطار موجهاً توجيهاً هداماً وليس بناء . ويضيف جلال أن الشعور بالوحدة النفسية قد يؤدي إلى محاولة الانتحار، التي يسبقها شعور بالإكتئاب واضطرابات انفعالية ، حيث أن الدراسات قد أثبتت أن الانتحار ناتج ضمن عوامل أخرى عن وجود مشكلات حديثة أدت إلى قطع ما تبقى من علاقات اجتماعية لها معنى ، والمشكلة الأساسية هي الشعور بالوحدة النفسية والعزلة . وينبه كل من ميجسكوفيك ومور وشولتز بأن شعور المراهقين بالوحدة النفسية يسهم إلى حد بعيد جداً في إدمانهم لشتى أنواع الكحوليات، وذلك كعملية دفاعية هروبية من مواجهة تلك المشاعر النفسية القاسية . كما يؤكد كل من كونوبكا وتونيز وآخرون أن أحد الدوافع الأساسية وراء الإنحراف الجنسي للمراهقات يعود إلى عامل نفسي لديهن يتمثل في الشعور بالوحدة النفسية. وأخيراً يتساءل باج وآخرون لماذا لم يهتم القائمون على رعاية وتربية الأطفال والمراهقين بمشكلة الشعور بالوحدة النفسية ، حيث قد خلصت جميع المراجعات الخاصة بالدراسات التي تناولت موضوع الشعور بالوحدة النفسية لدى الأطفال والمراهقين إلى أنهم يصبحون عرضه للوقوع في كثير من العواقب النفسية الوخيمة ، متمثلة في ظهور الأمراض النفسية والعقلية ، وانتشار الانحرافات السلوكية والاجتماعية .
#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)
Sawsan_Shakir_Majeed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تجارب الدول العالمية في ضمان الجودة ومعايير الاعتماد الأكادي
...
-
ظاهرة أطفال الشوارع ، الاسباب، الخصائص، العلاج
-
العادات السبعة للاشخاص ذوي الفعالية العالية أسلوب شامل لحل ا
...
-
كتاب أسس بناء الاختبارات والمقاييس النفسية والتربوية
-
اشكال العنف الموجه ضد المرأة العربية
-
تطورات معاصرة في التقويم التربوي
-
العوامل الطاردة للكفاءات العلمية من داخل الأقطار العربية
-
لنسعى الى تغيير قيادات الادارات الجامعية في الوطن العربي
-
أفكار تربوية لمعالجة الخجل عند الاطفال
-
الأخطار النفسية المحيطة بالأطفال وأساليب العلاج
-
الابعاد الاجتماعية والنفسية والتربوية لظاهرة عمالة الأطفال
-
تقويم جودة الاداء في المؤسسات التعليمية
-
معايير اعتماد التعليم الطبي وفوائد تطبيقها على كليات الطب
-
اين نحن من تطبيق معايير اعتماد التعليم الطبي
-
القبول في الجامعات العراقية والعربية بين التخلف والمعاصرة
-
العلاقة بين مرض السرطان وبعض العوامل النفسية والشخصية
-
المعايير العامة والخاصة لأختيار الكتاب الجامعي
-
اهداف هيئات التقويم والإعتماد في بعض الدول المتقدمة
-
خطوات تطبيق نظام الجودة الشاملة في الكلية ( س )
-
اساليب تدريب الطلاب على حل المشكلات
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|