أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - القطة تعرف الحلال والحرام














المزيد.....

القطة تعرف الحلال والحرام


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3713 - 2012 / 4 / 30 - 10:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


دخلت القطة ذات اللون الأحمر والأبيض إلى صالة المطبخ عن طريق التسلل غير القانوني وهذا في عُرفنا الاجتماعي يعتبر تجاوزا وتطاولاً,والكل ارتفع صوته لوضع حد لهذا التجاوزوقالت أمي )الجاج مقلي).. وقالت جارتنا التي كانت في زيارة لنا كعادتها في كل يوم: الحقوا بها,وركض الجميع وهرولوا إلى ساحة المطبخ ليدافع كل شخص من الموجودين عن قوت يومه وامتشق كلَ واحدٍ من الموجودين سلاحه وكأنه ذاهبٌ إلى معركة حقيقية مع القطة وكأن القطة حيوانا ضاريا وبحاجة إلى كل تلك الأسلحة فإن سرقت القطة الفخذة وهي حصتي فلن أنال في هذا اليوم غدائي ,والكل مثلي له من الدجاجة حصة محددة وفي المطبخ هرولَ الجميع حيث من المفترض أن تبدأ قصة المعركة ,قصة الدفاع عن الدجاجة,وأنا من أوائل الذين حملوا بيدهم أداة حادة لضرب القطة على رأسها دفاعاً عن قوت يومي ,وقلت في نفسي:سألقنك درسا لن تنسينه أبداً وضحكت بصوت عالي هكذاهعهعهعهعهعه تماما كما يضحك الأشرار في أفلام العنف..,أما بخصوص العمة(شفاء) فقد حملت بيدها المكنسة المصنوعة من القش دفاعا عن حصتها من الدجاجة,وتبعتها ابنتها الصغيرة وهي تحمل بيدها المكنسة المصنوعة من النايلون,أما أمي فحركتها خفيفة جدا بقيت تراقب حركات الجميع عن بُعد وتنادي من بعيد على القطة وتطرد بها بصوتها القادم من الغرفة المجاورة للمطبخ قائلة للقطة(جِتْ-شت),ووصلنا كلنا إلى المطبخ وكان تعدادنا خمس نساء ورجلٌ واحد وكنتُ أنا الرجل الوحيد من بين الخمس نساء,وتباهيت وافتخرتُ بنفسي كثيرا كوني الرجل الوحيد,وأشهر الجميع أسلحتهم في وجه القطة الجميلة اللون والجائعة ولكن القطة أفلتت من بين أرجلنا جميعاً وخرجت من بين أرجلي بعد أن ضممتُ الركبتين على بعضهما كأنها كرت قدم مرت من بين ساقيي دون أن أستطيع توجيه أي ضربة لها وبفمها الفخذة المقلية,وأنا وقعت على الأرض كأنني حارس كرة قدم فاشل في تصديه للكرة,فقالت العمة شفاء:ألله يقطع الرجال اللي إنت منهم يا أبو علي كيف هربت القطه من بين إجريك؟ فقلت:كلكم وضعتم الحق على أبو علي طيب ليش ولا وحده فيكن ضربتها على راسها؟وبُهتَ الجميع من سؤالي وخرجنا خارج المنزل حيث كان باب البيت الرئيسي مفتوحا وقلنا لبعضنا:لو كان باب البيت مغلق كان حصرناها في صالة الضيوف القريبة جدا من الباب الرئيسي,وخرجنا في حملة تمشيط بحثا عن القطة التي سرقت الفخذة المقلية بالزيت,وعثرت عليها أنا بين عدة حجارة خلف الداركانت قد اتخذتهن القطة حِصناً منيعا لتأكل فخذة الدجاج المقلية بالزيت,وحين رأتني حملت مرة أخرى الفخذة بين أسنانها وهربت إلى مكان بعيد

وعدت أنا إلى المنزل وشرحت الموضوع بشكل موسع لأفراد العائلة وقلت لهم بأنني لاحظتُ على القطة المسكينة ملاحظة غريبة وهي أنني وجدتها تأكل وهي مختبئة عن عيوننا جميعنا منكمشة الجسد خائفة تترقب وتأكل وهي مستعجلة وكأنها تعرفُ بأنها سارقة وحرامية وبأن الطعام الذي حصلت عليه ليس لها,والكل استخف بعقلي وضحكت أمي على نظريتي وأنا رمقت الكل بنظرة حزينة قائلاً لهم:فقراء..فلاحون..متخلفون,ووعدت الجميع بأن أثبت لهم صدق نظريتي في يوم الجمعة القادم.

وفعلا جاء يوم الجمعة وبدأت زوجتي بقلي الجاج وانتشرت رائحة الدجاجة في كافة أرجاء المنزل خارجه وداخله وجاءت القطة تمشي على أظافرها دون أن تحدث أي ضجة ورأيتها أنا وهي تتسلل وحين رأتني هربت من أمام باب البيت فدخلت المنزل وأحضرت لها الفخذة المقلية بالزيت ووضعتها أمام باب الدار ورفضت القطة الاقتراب وكانت مرة تقترب ومرة تبتعد خوفا مني وبعد مضي نصف ساعة اقتربت مني ومن الفخذة وقبضت عليها بأسنانها وهربت بقطعة الدجاجة مسافة خمسة أمتار ثم التفتت للخلف ونظرت لي واستغربت من عدم ملاحقتي لها بالمكنسة أو الشِبشب,ومن ثم جلست كما تجلس اللبؤة وتربعت مثل نساء الحارة على التراب ووضعت فخذة الدجاج أمامها وعادت تراقبني بعيونها ولمّا أحست مني بالطمأنينة وآمنت على نفسها مني من الخوف بدأت تلتهم بقطعة الدجاج دون أن تشعر بالخوف ودون أن تهرب بها بين الحجارة عند أشجار الزيتون وكانت عيونها ترنوا لي بنظرات تقديم الشكر والعرفان,وناديت على كافة أفراد الأسرة وعلى الجيران وقلت لهم راقبوا القطة كيف تأكل وهي مطمئنة دون أن تشعر بالخوف لعلمها أنني قدمتُ لها الطعام عن طيب نفس,ففي المرة الماضية هربت القطة واختبأت بين الحجارة لأنها كانت تعرف بأنها سرقت الطعام سرقةً غير مشروعة أما اليوم فإنها تعرف بأنني قدمت لها قطعة الدجاج على طبق مصنوع من الزجاج وبهذا عرفت نفسها اليوم بأنها ليست حرامية أو ليست لصة.

حتى الحيوانات تعرف الحلال والحرام.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخنزير حيوان نافع للبيئة
- أنواع العقول
- الموت ليس خبرا سيئا
- الهروب إلى الخالق
- ماذا سيتبقى مني
- صورة المرأة المسلمة في الدنيا والآخرة
- لو يصبح العرب مثل داروين
- المرأة الطاهرة
- في الأرض التي مشى عليها المسيح
- الاغتسال والذبح على الطريقة الإسلامية
- يد فكتور هيغو
- رجم الشيطان لا يكفي
- الأحزان والهموم شيمة المفكرين
- مستقبلنا على الأرصفة
- التوكل على الله
- جلدي يحكني
- ضعف الوحدة العضوية والموضوعية في سور القرآن الكريم.
- كلمة بسيطه
- هل الإنسان مخلوق من تراب؟
- الدور الذي لعبته جدتي


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - القطة تعرف الحلال والحرام