|
الانسان الشرقي بين التأليه والتقزيم
يوحنا بيداويد
الحوار المتمدن-العدد: 3712 - 2012 / 4 / 29 - 23:10
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ملاحظة مهمة: "عندما نتحدث عن تخلف المجتمعات الشرقية التي كانت منبعاً للحضارات العالمية في السابق، إننا لا ننكر وجود قيم واخلاق ومباديء انسانية بحتة فيها لحد الان، ولا نضع الجميع في بودقة البربرية والتعصب الاعمى وارهابين الذين قمة نشوتهم تتم بتفجير ذاتهم في موقع يمكنه من قتل اكبر عدد ممكن من الابرياء الذين لا يعرفهم. فهناك الكثير من الشرقيين بغض النظر عن هوياتهم القومية او الدينية اصبحوا مبدعيين ومتميزين في بلدانهم وفي الدول الغربية ".
هناك حقيقة واضحة لا يمكن التغاضي عنها اليوم ألا وهي ان مجتمعاتنا الشرقية كلها وبدون استثناء مريضة بسبب القيم والعادات القديمة السائدة فيها، التي لم ينفض الغبار عنها منذ قرون، كما ان فكرة تجديد النظام وطريقة العمل لزيادة الكفاءة والانتاج والنوعية معدومة، بل فكرة محرمة وغير مطروحة لتسلط الاشرار بكافة انواعهم على الحكم. فالفرد في المجتمعات الشرقية سجين نتيجة انعدام حرية التفكير منذ ولادته الى يوم دخوله القبر. والمرجعيات بكافة انواعها سواء كانت اجتماعية او دينية او سياسية هي مؤلهة بدون حق او ضرورة وبإفراط، بينما الانسان العادي تم تقزيمه الى ادنى حدود بدون اي وجه حق.
المجتمعات الشرقية تفرض على الطفل البريء الذي قال عنه الفيلسوف جون ستيوارت مل :"يولد العقل كصفحة بيضاء ، تأتى التجربة لتنقش عليه ما تشاء" الخضوع اكثر ما هو معقول وربما كان هذا احد اهم الاسباب التي ادت الى حصول الثورات في الوطن العربي. المجتمع لا يعطي للطفل او الانسان عموما مجال للتفكير والوصول الى القناعة بقيم والمباديء المفروضة عليه لهذا الروح الثائرة عند الفيلسوفين هيجل ونيتشه مذبوحة بل مسجونة في سجن لا في الجسد الذي تحدث عنه افلاطون بل في النفس، ونستدل على هذا من تصرف الانسان( حينما يكون طفل او حتى ناضج) حينما تكون له فرصة الهروب او التغير او الرفض او التمرد والانتقام. اما طرق تقزيم الانسان هي عديدة لكن اهمها هي :
1- إن كثير من العادات والتقاليد القبيلية البالية التي اصبحت غير ضرورية لانها لا تشارك في رفع من انسانية الانسان او تقوية علاقته مع المجتمع الانساني الحديث الذي يختلف عن المجتمع الريفي او القبلي او الديني المتعصب. ولهذا نرى الابداع التقني والفكري والفني يكاد يكون احيانا معدوم (خاصة في الريف) لان العقل يستنسخ الافكار و القواعد الجامدة الموجودة حولها او لا توجد اي ضرورة او امر مشجع للابداع او التغير.
2- إن المنهاج الدراسية التي تعمل غسل دماغ للطفل بل توقعه في وهم عوض عن تشجيعه للبحث عن الحقيقة، فالمناهج الدراسية لا تسمح للطفل ان يفكر ابداً . الشيء المسموح به فقط هو ملء خلايا ذاكرته من المعلومات و الاوامر والقواعد الملزمة لاتباعها حسب طقوس المناسبات المتوارثة في المجتع.
3- العلاقات العائلة على الرغم انني من مؤيدي بقاء الروابط العائلة قوية بل قوية جدا وربما على نفس المنوال التي تسير عليه الان مع تعديلات بسيطة، ولكن لا بد ان نتعرف مرة اخرى ان اعطاء فرصة التفكير والتساوي في الحقوق بين الرجل والمراة يجب ان تحصل، ولكن لا الى درجة التي وصلتها بعض البلدان الغربية بحيث يتم السماح بالزواج بين مثلي النجس، فالعلاقات العائلية يجب ان تتجدد بحسب الحاجة ووفق انسابية مدروسة ، من الضروري اعطاء الطفل فرصة للاختيار او المرور في التجارب العملية كي يتعلم منها . لان كثير ابنائنا يصلون النضوج و الى مرحلة الزواج حينما يطلب منهم جملة مفيدة او التعبير عن فكرتهم في موضوع معين، تراهم يخرسون ويضيعون في طريقة تعبيرهم بسبب عدم مرورهم بتجارب مماثلة سابقاً و لانه لم يتعود على قول رايه منذ طفولته. اي فقدان الثقة بالذات. وان الحفاط على احترام الكبير والتساوي بين الذكر والانثى امر مهم. 4- العقاب بالاخص الضرب الامر الذي فعلا يحدث خلل نفسي عند طفل ، قليل من اطفالنا ( او من الكبار) لا يملكون خلل نفسي من جانب معين من شخصيتهم بسبب العقاب الشديد الذي يمارسه الكبار والمربين عليهم .
بالمقابل ان النظام البطريركي او الطوباوي او السادي الاتي من تصور كتب السماوية تجعل من موقع الاب في العائلة موقع دكتاتور بدون مراعاة الحق الطبيعي للطفل او اعطاء المرأة ( حواء ام الحياة ) حق التنفس او التفكير او الاختيار، اما رئيس العشيرية او الفخذ موقع مقدس ما ينطق به لا يزول مهما سالت الدماء وسقطت الدموع من اجل كرامة وشرف العشيرة. وكم معتوه ومعتوه توارث هذه المناصب وسبب كوارث لعوائلهم او اخوانهم اولاد عمومتهم او ابناء عشيرتهم. اما رجال الدين فهم لا ينتمون الى نفس العالم الذي نعيشه!، وما يقولونه هو يقوله الله نفسه، وما يحللونه يصبح حلال وما يحرمونه يصبح حرام، ولا مجال للجدال الفكري او لا وجود اي حق طبيعي في هذه المسألة.
اما بالنسبة للمراجع السياسية البعض منهم هم اسوء ما يمكن ان يتصوره المريء بسبب فسادهم وكذبهم وانانيته من اجل مصلحتهم . السياسيين حقيقة مع رجال الدين يملكون قوة الحكم و التشريع والتنفيذ ، فمن يستطيع يرفع بصره و يرفض اوامرهم او يعطي راي مخالف لهم اويطالب المطالبة التفكير في قضية ما بحسب معطيات ومعلومات جديدة.
من المظاهر الناتجة بسبب تأليه الانسان المسؤول، هي ان اي شخص يستلم موقع قيادة حزب او مكانة دينية من الصعب او المستحيل ازاحته او تغير موقعه، فيبقى هذا الموقع له مدى الحياة، وان حدث أُزِيح بصورة قانونية او بالقوة تراه يصبح متمرد اكثر من الثوار المعارضيين الذين كانوا ضده. والاهم من ذلك نراه ( خاصة في العراق) ابشع انواع الفساد الاداري والخلقي هوعند رجال السياسة الذين استلموا مواقع ادارية في الدولة ٌ فكم وزير ووزير ومدير عام وضابط هرب الى الخارج بسبب الفساد. والسؤال الذي يطرح نفسه كم قرنا اخر ننتطر لحين يتم ولادة اشخاص نظيفين مخلصين وصادقين مع انفسهم ومبادئيهم كي يدير امور المجتمع ويضعون منهاج صالحة للاطفال او يشرعون قوانين انسانية حديثة العهد؟!! .
#يوحنا_بيداويد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصحافة مهنة لشهداء !
-
ماذا سيكون مصير الحضارة التي تمنع التنورة القصيرة (1) !؟
-
المواقف الانسانية عند بعض الشخصيات الكردية في زاخو !!
-
هل نسى قادة حركة التغير والاحزاب الاسلامية بعض الحقائق التار
...
-
العدالة في نظر الرئيس التركي اردغان!!
-
التناظر بين ابطال قصة الاخوة كرامازوف و قادة العراق السياسيي
...
-
برقية تهنيئة
-
من نصدق رجال العلم ام رجال الدين ام تجار العصر!
-
الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون ونظرية الدفع الحيوي
-
من يعرض قضية شعبنا امام محكمة لاهاي الدولية!!!
-
ايها الديمقراطيون احذروا بين قادتكم لصوص!
-
من يحمل البوصلة و ينقذ الانسانية من الضياع؟!!
-
نظرة سريعة على النظريات الفلسفية لدى اليونان في القرون الاول
...
-
عندما يرتدي الشيطان ثوب القديس!
-
الاول من ايار عيد العمال هو عيد للانسانية
-
بمناسبة الجمعة العظيمة، من منا مستعد لمسح جروح المسيح على ال
...
-
الفلسفة الاغريقية قبل عصرها الذهبي
-
بين كلدانيتي وكلدانية غيري..... الويل لامة تعصب عينيها عن اخ
...
-
موقف الكنيسة من الخلية الصناعية الجديدة.
-
مرة اخرى العلمانيون و الشيوعيون في سبطانة المدفع!
المزيد.....
-
كان محكومًا بالسجن مدى الحياة.. لحظة لقاء فلسطيني بزوجته في
...
-
لافروف وفيدان يناقشان الوضع في سوريا والقضايا الإقليمية
-
كيف تصادمت طائرتان في أجواء واشنطن؟ تفاصيل غريبة عن حادث مطا
...
-
-نقوم بالكثير من أجلهما-...ترامب يصر على استقبال مصر والأردن
...
-
مظاهرة حاشدة لأنصار عمدة مدينة اسطنبول أثناء مثوله أمام القض
...
-
فرقة البيتلز تعود بالذكاء الاصطناعي وتترشح لنيل جائزة غرامي
...
-
الشرع رئيساً.. بداية لإرساء منطق الدولة أم خطوة نحو المجهول؟
...
-
الجيش الإسرائيلي: إطلاق صاروخ اعتراضي نحو هدف جوي في منطقة ز
...
-
هيئة الأركان العامة الأوكرانية تعترف بوضع قواتها المعقد على
...
-
شبكة -NBC- تكشف تفاصيل جديدة حول حادث تصادم الطائرتين في مطا
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|