|
مصر عزبة الحزب الوطني ام عزبة لجنة السياسات؟
محمد حماد
الحوار المتمدن-العدد: 1090 - 2005 / 1 / 26 - 11:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
كالعادة، وكما هو متوقع، خيب الحزب الوطني رجاء الواهمين فيه، أو في إصلاح يأتي على يديه، وجاء الفكر الجديد للحزب مطابقا لفكره القديم بفارق وحيد أن الفكر الجديد صدر على لسان جمال مبارك بينما كان الفكر القديم يصدر عن لسان الرئيس مبارك نفسه، وهو فارق كبير، بين رئيس الحزب الذي هو رئيس الجمهورية وصاحب الفكر القديم، وبين رئيس لجنة السياسات في الحزب الذي هو نجل الرئيس وصاحب الفكر الجديد!. ماعدا ذلك، اتفق الفكر الجديد مع القديم في كل شيء، وفى كل سياسة، فالفكر القديم مثل الفكر الجديد، ربما بعوامل وراثية لم يكن، ولن يكون من أولوياته إرضاء الرأي العام، أو الانسياق وراء مطالب الناس!. هذا التناسخ بين الفكر الجديد والقديم يعتبر أن مصلحة الوطن هي أولى بالاعتبار، وليس مطالب الرأي العام، لأن الرأي العام يستهدف مصالحه الشخصية، أما الحكام فلا يهمهم إلا المصلحة العامة خاصة إذا كانت هذه المصلحة العامة هي بقاء الرئيس مدى الحياة على كرسي الحكم، أو إذا كانت تعنى توريث الحكم. لنجل الرئيس!. والفكر الجديد للحزب يؤكد على أن الرأي العام لا يمكن أن يهتم بمصلحة الوطن، كما يهتم بها الرئيس ونجله ولجنة السياسات!. والحزب القديم صاحب الفكر الجديد يصر ويؤكد على أن أولويات الحزب ولجنة السياسات لا تشمل بأي حال من الأحوال أي تعديل يمس صلاحيات وطريقة انتخاب الرئيس الحالي ولا المستقبلي!. والفكر الجديد للحزب الوطني يؤكد على أن أي تعديل للدستور يهز أمن الوطن والمواطن، وإن أغفل الفكر الجديد تحديد أي مناطق أمن الوطن والمواطن التي ستهتز، إلا أنه أعاد التأكيد على أن الوقت لم يحن بعد لإجراء إصلاحات دستورية!. وإن عاب هذا الفكر أنه لم يحدد موعدا يحين فيه وقت الإصلاحات الدستورية، إلا أنه لم يغلق الباب نهائيا أمام التعديل الدستوري في ذكرى مرور قرن على تولى الأسرة الحاكمة السلطة في البلاد!. وأصحاب الفكر الجديد، بالحزب الوطني أكدوا بصريح العبارة على أن أهم المرتكزات الفكرية الجديدة تتمثل في سياسة الاستقرار والاستمرار، وقالت الوثيقة الفكرية الجديدة بأن المقصود بهذه السياسة هو استقرار الحكم واستمرار الحاكم حتى يحين الوقت لأن يتسلم نجل الرئيس السلطة رسميا، وعندها تتحقق أهم مطالب المعارضة في التداول السلمي للسلطة بين الرئيس ونجله!. والفكر الجديد كما الفكر القديم لا يستطيع أن يستغنى ليوم واحد عن قانون الطوارئ، لأن أي سلطة لم تتنازل طواعية عن أداة القمع التي بين يديها لمجرد تزايد المطالبات الشعبية بإلغاء قانون الطوارئ!. وكما أثبت الحزب الوطني من قبل أنه منظمة بيروقراطية تابعة للرئيس كل الوقت، فإن الفكر الجديد للحزب جاء ليثبت أنه يمكن أن تكون أداة في يد نجل الرئيس لبعض الوقت!. وكالعادة أيضا أثبت الحزب الوطني الديمقراطي أنه مهما غير من فكره، إلا أنه سيبقى متمسكا بالمبدأ الديمقراطي الشهير الذي ينص على أن يأتي الرئيس عبر ترشيح من أعضاء مجلس الشعب الذين يأتون عبر انتخابات مزورة ويجرى الاستفتاء على الرئيس المرشح في استفتاءات مزورة لا يحضر فيها أحد، ومع ذلك تتكرر نتيجتها دائما فوق التسعين بالمائة ذرا للرماد في عيون المعارضين، ومنعا لحسد المناوئين للحزب وديمقراطيته!. وكما خطف الحزب الوطني القديم الدولة بأجهزتها التشريعية والتنفيذية طوال 23 سنة مضت، فقد خطف الحزب صاحب الفكر الجديد أجهزة الإعلام الوطنية طوال ثلاثة أيام، لم تغادر خلالها صورة رئيس لجنة السياسات شاشات التلفزة على المحطات الأرضية والفضائية، يلقن من خلالها جمال مبارك المشاهدين وأعضاء مؤتمر حزبه دروسا في الفكر الجديد، الذي لا جديد فيه غير وجه الأخ جمال مبارك كما يسميه الأخ كمال الشاذلي!. وكما كان الفكر القديم يرفض إجراء انتخابات رئاسية نزيهة فإن الفكر الجديد يرى أن مثل هذا الإجراء يحتاج إلى وقت لمناقشته، رغم أن سنة كاملة تفصلنا عن نهاية مدة الرئيس الحالي، وهى مدة كافية لمناقشة دستور كامل فيه آلف مادة، وليس مادة واحدة فيه تنص على انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا حرا مباشرا من بين أكثر من مرشح لهم الفرص المتكافئة، على ألا تتجاوز فترة رئاسته دورتين!. والفكر الجديد كما الفكر القديم للحزب الوطني يعبر عن مصالح رجال الأعمال، ولا يرى في المطالبة بمصالح الأغلبية العظمى من فقراء مصر إلا تكديرا للسلم الأهلي يجب أن يقابل بأغلظ العقوبات!. بقى فارق بسيط لم يلحظه إلا العالمون ببواطن الأمور داخل أروقة الحزب الوطني، ذلك أن الفكر القديم كان يرى أن مصر هي عزبة الحزب الوطني، بينما يرى الفكر الجديد أن مصر هي عزبة لجنة السياسات!
#محمد_حماد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى يحسم الناصريون موقفهم من تعديل الدستور؟
-
الجمهورية البرلمانية هي الحل
-
نسأل الرئيس مبارك؟
-
كفاية استقرار واستمرار
-
قمة اشهار العجز
-
استعباط القائد التاريخي
-
الأخ قائد ثورة الفاتح سابقًا المغلق حالياً
-
سؤال بريء - ديمقراطية بالتدريج الممل
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|