أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تجمع اليسار الماركسي في سورية - طريق اليسار - العدد 35 نيسان 2012















المزيد.....



طريق اليسار - العدد 35 نيسان 2012


تجمع اليسار الماركسي في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 3709 - 2012 / 4 / 26 - 08:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



طريق اليســـــار
جريدة سياسية يصدرها تجمع اليسار الماركسي في سورية / تيم /
* العدد 35 ـ نيسان 2012 - [email protected] E-M: *

افتتاحية العدد
القبعات الزرق ..
خارج الجولان

تنتشر القبعات الزرق في سوريا، كامل سوريا، لتعلن أن سوريا ساحة حرب وقد آن أوان وقف النار في هذه الحرب. والحقيقة أن أوان وقف النار قد حان منذ 18 آذار 2011. ولكن مجيئه متأخراً خير من عدم مجيئه. هذه ليست الدلالة الوحيدة للقبعات الزرق ولا بد أن ننتبه أن وجود هذه القبعات إعلان رسمي عن وقوع سورية تحت رحمة التوازنات الدولية كنتيجة واقعية ومنطقية لسلوك أطراف كثيرة في الحالة السورية، وأهمها دموية النظام السوري وعنجهيته في التعامل مع المبادرات السياسية المحلية والعربية وخصوصاً مبادرتا الجامعة العربية الأولى والثانية ،ولكن الجامعة العربية في ظل عجزها وقيادتها الخليجية أحالت القضية السورية إلى مجلس الأمن،وفي سبيل التدويل لم يدخر مجلس قيادة الثورة الخليجية جهداً ولا مالاً. ومازال ساسة "المجلس الوطني السوري" ورعاته الأتراك والفرنسيون يلهثون لتدويل القضية واستجداء التدخل العسكري والحظر الجوي والمنطقة العازلة من كل محبيهم!!
وهكذا أصبحت الأزمة السورية المحكومة داخلياً بالاستعصاء بين النظام والشعب والمعارضة في ظل توازن دولي بين قوى البريكس الصاعدة والقوى العظمى المأزومة. المراد هنا الوصول إلى حل وسط سيســـعى كل طرف إلـــى جعله حلاً لصالحه ولو إلــى
مواد العدد
1- افتتاحية :.................................................
2حوارمجلة الآداب مع الدكتور عبد العزيز الخيِر

3-أيام الثورة الخليجية..حيِ على الجهاد

4- دوراليسارالسوري في النهوض الشعبي

5-معارضة اسطنبول دفعت الشارع إلى...الحائط

6- وفد هيئة التنسيق إلى موسكو












حين، لتأتي مبادرة أنان كتسوية سياسية دولية لا أحد بمقدوره التنبؤ بآفاقها ولكنها قابلة للتحول إلى تسوية داخلية تاريخية تمثل للمجتمع السوري فرصة دخول مرحلة جديدة عنوانها الديمقراطية إذا استطعنا تعبئة القوى الديمقراطية الضرورية واستخدام الأساليب الديمقراطية في التعامل معها كبداية لا كنهاية. هذه المبادرة تحظى ببعض من التوافق والدعم العربي والإقليمي والدولي. وأضحت بطلة الشاشات الإعلامية وموضوعاً للتجاذبات السياسية والإعلامية والمواعيد والإنذارات على قاعدة وقف العنف وإطلاق المعتقلين وإغاثة المنكوبين وعملية تفاوضية تفضي إلى نظام سياسي ديمقراطي.
لقد أدت سياسات النظام القمعية واستقالة الجامعة العربية وارتهانها للمال الخليجي ،مع استجداء المعارضة الخارجية للتدخل الخارجي بكافة أصنافه، إلى جعل سوريا مجرد ورقة في ساحة التوازنات الإقليمية والدولية، ولذلك يكتسب التوافق الإقليمي الدولي رغم هشاشته أهمية كبيرة لا بد من تعزيزها بالتجاوب مع المبادرة داخلياً وخارجياً. وإذ تشكل المبادرة فرصة لتخفيف سفك الدم السوري وحل الاستعصاء القائم عن طريق حل سياسي يفتح باب الانتقال نحو نظام ديمقراطي برلماني تعددي فإنها لا تستطيع ضمان ذلك وتحتاج بالتالي لتأييدها ودعمها من قبل جميع القوى الاجتماعية والسياسية السورية وبذل جميع الجهود الضرورية لأداء دورها الإيجابي الفاعل في المساعدة على وقف النار ودعم انتشار المراقبين وتسهيل مهامهم ورصد الانتهاكات والمساهمة في تطويقها وإخمادها لتكريس المناخ السلمي الضروري لأي عملية سياسية تفاوضية.
إن التدهور الخطير في أوضاع البلاد يستدعي إنجاح العملية السياسية المزمعة وتجنب مخاطر العنف وويلات الحرب الأهلية، وذلك الدرب شاق ومحفوف بالمخاطر التي تبيتها بعض الأطراف المحلية والإقليمية والدولية في سبيل إعاقة المبادرة وإفشالها أو تفصيلها على مقاس مصالحها وطموحاتها. وفي مقدمة هذه الأطراف النظام الســــوري بتاريخــه الحــافل باحتقــــار المبادرات السياسية منذ سيطرته على البلاد والذي توجَه بالأيام الدامية التي عاشتها سورية قبيل العاشر من نيسان ثمناً لوهم الحسم العسكري الأمني الذي مازال يتبجح به رغم فشله في ذلك طوال أكثر من عام. ولذلك سيحاول النظام حتماً التمسك بآليات السيطرة على السلطة والثروة والالتفاف على المبادرة مواصلاً أساليب العنف والاعتقال والضغط على المجتمع وابتزاز القوى الإقليمية والعالمية بالتفسيرات والصيغ اللفظية والمماطلة لتصبح المبادرة محكومة بتعنته وسباقه مع الزمن. وهذا يضع على الطرف الروسي باعتبار أنه الحامي والراعي لهذا النظام ،والأقوى نفوذاً عليه في الساحة الدولية، مسؤولية كبح جماحه وغروره وإجباره على الوفاء بتعهداته دون لف ودوران. ونعتقد أن الروس يعون مصلحتهم في نجاح الحل السياسي ومنع النظام من تخريب فرصته.
يشكل الغموض والتشرذم اللذان يسودان عالم المعارضة المسلحة ،وانفتاحه على الساحات المجاورة والتدخلات الخارجية الأمنية السرية والمعلنة، تحدياً أمام المجتمع السوري، وعلى جميع قوى المجتمع وخصوصاً القوى السياسية الديمقراطية مواجهة هذا التحدي بروح الحكمة والسلام المجتمعي لأن اللجوء إلى السلاح كان الخيار المر الذي تجرعته أعداد كبيرة من السوريين في وجه آلة القتل العسكرية. السلاح بأكثره كان نتيجة، ونحن الآن على أبواب مرحلة جديدة ستنهي بنجاحها السبب الذي أفضى إلى هذه النتيجة. إن توضيح وتكريس هذا الواقع الجديد يتطلب جهود القوى المجتمعية والسياسية في وقف العنف والمساهمة جميعاً في خلق المناخ السلمي المواتي لنجاح العملية السياسية التفاوضية.
هناك مشكلة أخرى تتمثل في بعض القوى الإقليمية والدولية التي لا تبالي بسفك الدم وتفكك المجتمع وانهيار الدولة في سبيل مصالحها، وأبرزها السعودية وقطر وتركيا. فالسعودية وقطر مستمرتان علناً في جهود ضخ الســــــــلاح والمال إلى الداخل السوري سعياً إلى منع احتمال تطور ديمقراطي حقيقي في البلاد، فيما ترى تركيا في نجاح المبادرة الدولية عائقاً أمام طموحاتها الإقليمية القائمة على تصور إخواني لكامل المنطقة، ولذلك تواصل حديثها عن إجراءات نوعية منها المنطقة العازلة التي أصبحت لا تشترط لها موافقة المجتمع الدولي عبر مجلس الأمن. ورغم إدراكنا لضخامة المصالح الكامنة وراء مواقف هذه الأطراف فإننا ندرك في الوقت نفسه أن مركز قرارها يقع في مكان آخر، وإذا كان التوافق الروسي الأمريكي على دعم مبادرة أنان راسخاً كما ينبغي فإن دورها لن يتعدى الإرباك والضغط الذي لا حل له سوى المضي قدماً في تنفيذ الخطة شريطة ان تقوم الولايات المتحدة بما يلزم لضبط سلوك ليس هذه القوى "العظمى" الثلاث فقط بل والأصوات والمجموعات المنصاعة لها في المعارضة السورية.
إن استمرار الأوضاع الحالية هوأسوأ خيار لجميع الأطراف ولا بد لنا من تجاوز عنق الزجاجة نحو أفق ديمقراطي مفتوح ما يضع المعارضة السورية أمام امتحان تاريخي لوعيها ومسؤوليتها الوطنية ومصداقية التزامها بقيم الديمقراطية ومستقبل البلاد. ولا يمكننا الصمود في هذا الامتحان إلا بالترفع عن المكاسب الفئوية الضئيلة والنزعات المتخلفة ما قبل المدنية والانحيازات الاجتماعية والسياسية المتعارضة مع المواطنة الديمقراطية. فالفشل في هذا الامتحان مساهمة مباشرة في تواصل العنف وتدهور البلاد إلى الحرب الأهلية، وفي النهاية وصمة عار على جبين كل من يضحي بالوطن على مذبح مصالحه، فهل نتلافى وطننا ومجتمعنا ومستقبلنا الديمقراطي قبل فوات الأوان.


هيئة التحرير





حوار مجلة الآداب مع :

الدكتور : عبد العزيز الخير ، رئيس مكتب العلاقات الخارجية لهيئة التنسيق الوطنية

أجراه في دمشق : ناريمان عامر ويوسف فخر الدين





. * الآداب: قمتم بإنشاء “هيئة التنسيق الوطنيّة” من أجل المشاركة في الحراك الشعبيّ ومحاولة تمثيله. فلماذا قام هذا الحراك؟ ولماذا رفع سقفَ مطالبه إلى حدِّ إسقاط النظام؟ ولماذا غاب هذا المطلب عن بياناتكم، فأثرتم حفيظةَ بعض الشارع عليكم؟
** الحراك الشعبيّ هو، فعليّاً، ثورةٌ سياسيّةٌ، حصيلةُ تاريخٍ سياسيٍّ طويل. وقد اجتمعت الظروفُ الموضوعيّة لتنقلَ حركيّةَ هذا التاريخ من الفضاءِ الثقافيِّ السياسيِّ إلى فضاء المجتمع الذي قدّم ما طابقَ توقّعاتنا، وفي الوقتِ نفسه أدهشنا.
هو شيءٌ يشبه ما كنّا نحلم به، وإنْ أتى بصيغةٍ مختلفة تمثّلتْ في أنّ طبيعة الجمهور المتحرّك لا تنطبق عليها تصنيفاتٌ نمطيّةٌ أو تصوّراتٌ سابقة (فهي ليست ثورةَ عمّالٍ أو فلاحين أو قوًى سياسيّةٍ منظّمة…). وهذا الأمر أربكَ العقلَ التصنيفيّ، ولاسيّما أنّ تاريخَ الحراك السياسيِّ في سوريا هو تاريخُ الحركات المنظّمة لا العفويّة كما هي حال مصر. عفويّةُ الحراك الجديد كانت مفاجئةً للشعب السوريِّ كما للنظام والمعارضة، لأنّ أحدًا من هذه الأطراف لم يمتلك القناعةَ بوجود حركةٍ عفويّةٍ في سوريا: ولذا اعتبره النظامُ مؤامرة، وتعاملتْ بعضُ القوى السياسيّة معه بحذر، وتوجّستْ منه شرائحُ من المجتمع السوريِّ لم تحسم خيارَها بعد.
هي ثورةُ جمهورٍ من طبقاتٍ وسطى وشعبيّة. لكنّ الفراغَ الذي سبّبتْه عقودٌ من القمع، ومن عزلِ المجتمع عن السياسة ، أدّى إلـــى ضعفٍ تنظيميّ ملموسٍ للأحزاب ، أو لمن صمد منها أمام القمع الطويل ( إذ تلاشى بعضُها فعليّاً ) ؛ كما أدّى إلى جهل الجمهور بهذه الأحزاب وبطروحاتها ونضالاتها. يضاف إلى ذلك غيابُ نقاباتٍ حقيقيّةٍ تعبّر عن مصالح أعضائها ووعيهم؛ فالموجود هو محضُ هياكل نقابيّة تخضع لهيمنة السلطة، تزيِّف إرادة أعضائها ووعيهم، ولا تدافعُ عن مصالحهم نفسها. وثمة غياب لمنظّماتٍ أهليّةٍ ومدنيّة، مستقلّةٍ وفعّالة، ولو وُجدتْ لأمكن أن تملأ بعض الفراغ الذي نتج عن قمع الأحزاب، لكنّ القمعَ منعها هي الأخرى من الوجود بصورةٍ شبه مطلقة.
كلُّ هذا جعل الثورةَ، بالضرورة، ثورةً عفويّةً غيرَ منظّمةٍ، انفجرتْ لأنّ القمعَ عجز عن إلغاء توق السوريين إلى الحريّة (بل عزّزه)، وعجز عن إلغاء حلمهم بسيادةِ العدالة والقانون وإنهاءِ الفساد (بل قوّى إصرارَهم عليه)، رغم نجاحه في تحطيم أو إضعافِ أو منع الأطرِ السياسيّةِ والنقابيّة والمدنيّة المنظّمةِ التي تستطيع حمل ذلك التوق وهذا الحلمِ، وقيادة نضالهم نحوه.
نحن نرى أنّ المنابعَ العميقة لهذا الحراك تعود إلى سببين تاريخيّين:
1) ديكتاتوريّة النظام وفساده، بما يعنيه ذلك من قمعٍ معمّمٍ وشديدٍ ضدَّ كلِّ نشاطٍ أو تفكيرٍ سياسيٍّ مستقلٍّ؛ ومن رعبٍ ينتاب المواطنين كلّما تناولوا القضايا السياسيّة في جلساتهم الخاصّة أو العامّة؛ ومن ممارسةٍ للحكم على أساسِ مراسيمَ وأعرافٍ وأوامرَ كثيرًا ما تكون شـــــفهيّةً وخرقًا للقـــــانون المكتوبِ أو تحريفًا له أو استثناءً منه، بحيث تَخدم مصالحَ الموالين للنظام، وتضعُ ثرواتِ المجتمع في متناولهم أكثر من متناول غيرهم، أو دون غيرهم في كثيرٍ من الحالات. وهذا ما خلق حالاتِ تمييزٍ واضحةً بين المواطنين، شملتْ أبسطَ حقوق المواطن، مثل حقِّ العمل أو السكن أو السفر خارج البلاد، على مستوى قاعدة الهرم، ووصلتْ إلى المحاباة الفاضحةِ في الصفقات والاستثماراتِ الكبيرة، على مستوى قمّة الهرم.
2) السياسات الاقتصاديّة، وتحديدًا السياسات التي تمَّ اتّباعُها منذ بداية التسعينيّات، عندما تسارع تحريرُ نشاط رأس المالِ الخاصِّ، وبدأ فتحُ الأبواب للرأسمال العربيِّ والأجنبيِّ، في تجاوبٍ واضحٍ مع شروط صندوق النقد الدوليِّ ومراكزِ الرأسمال العالميّة الأخرى. وقد أخذتْ هذه السياساتُ دفعاتٍ قويّةً بعد عام 2000، وظهرتْ تعديلاتٌ قانونيّةٌ وعمليّةٌ للنشاط الاقتصاديِّ في البلاد ولدور الدولة الاقتصاديّ، فتراجع هذا الدورُ لصالح رؤوس الأموال الخاصّةِ والشراكات الجديدة بين النُّخَب المقرّبة من السلطة ورؤوس الأموال العربيّةِ والعالميّة، عبر انفتاحٍ اقتصاديٍّ انتقائيٍّ وأحيانًا عشوائيّ. وبدأ يتراكم تغييرٌ في بنية الاقتصاد، لا يبالي بقطاعات الإنتاج الحقيقيِّ، بل يخنقها ويضعفها. وهذا ما زاد من وطأة التشوّهات البنيويّة، القائمة أصلاً في الاقتصاد السوريِّ، وزاد من تبعيّته للخارج، ومن تكيّفه مع حاجات السوق العالميّة، لا مع حاجات التنمية والمجتمع السوريِّ، ولاسيّما حاجات الطبقات الشعبيّة والوسطى التي كانت القطاعاتُ الإنتاجيّة وقطاعُ الدولة تؤمّن بعضَها، وبخاصةٍ الحاجةُ إلى العمل. كلُّ هذا كان بالنتيجة على حساب الطبقات الشعبيّة والوسطى، وبعضِ فئات الرأسماليين غير المقرّبين من السلطة. وقد أدّى تسارعُ الفرزِ الطبقيّ إلى إنتاج نخبٍ ذات ثرواتٍ خياليّةٍ ورفاهيّةٍ غير مسبوقة، بينما انحدر المستوى المعيشيّ والاجتماعيُّ للشرائح الوسطى والدّنيا بشكلٍ قويٍّ، وتوسّعتْ دائرةُ البطالة بسرعةٍ كبيرة.
تضافر مع هذين العاملين عاملٌ آخر، هو العامل المعنويُّ الذي وفّره مناخُ الربيع العربيِّ (تونس، مصر، ليبيا، اليمن،…). هذا المناخ أنعش الأملَ بالتغيير، وقوّى الثقةَ بالنفس في إمكانيّة تحقيقه بقوى الشعب نفسها، وقدّم نماذجَ رغِبَ السوريّون في السير على هديها. فالشعبُ السوريُّ لا يعتبر نفسَه أقلَّ من غيره من الشعوب، بل على العكس؛ فهو شعبٌ معتدٌّ بنفسه، ويتباهى بتاريخه الحضاريِّ ومدنيّته العريقة ــ وهو محقّ في ذلك.
كان المناخ السوريّ يحوي جميعَ عناصر الانفجار، فجاءت حادثةُ درعا لتُطلقَ الشرارةَ التي فجّرت الثورة. والحقّ أنّ حادثة درعا ليست استثنائيّةً في ظلِّ الديكتاتوريّة؛ لكنّ اجتماعَ العناصر السابقة أدّى إلى غضب المواطنين وانطلاق حركةِ احتجاجٍ واسعةٍ بينهم، تجاوبتْ مناطقُ أخرى معها، وبدأت الحالة الثوريّةُ تعمُّ مختلفَ أنحاء سوريا. في البداية، تحرّك الجميعُ تحت سقف «الإصلاح،» ولم تكن المطالبُ في بداية الحراك جذريّةً بالطريقة التي نراها اليوم، بل كانت مصحوبةً بالأمل في أن تستجيبَ السلطة لمطالب الإصلاح. لكنّ ما حصل كان عكسَ ذلك تمامًا. فقد واجه النظام هذا الحراكَ مواجهةً أمنيّةً شديدةً، هي طريقته المعهودة في مواجهةِ مثل هذه الحالات، مصحوبةً كالعادة بجملةٍ من الاتّهامات الموجّهة إلى المحتجّين: مجموعات إرهابيّة، سلفيّة، فلسطينيّة، جهاديّة،…
ما طُرح من مطالبَ إصلاحيّة، وشعاراتٍ سياسيّة ، اصطدم ببنيةٍ شديدةِ المركزيّة وبديكتاتوريّة يتميّز بها النظامُ السوريُّ حتى تجاه بنيته الداخليّة؛ فهو نظامٌ استبداديٌّ مركزيٌّ ليس فقط تجاه المجتمع، وإنّما تجاه بناه وهيئاته ومؤسّساته نفسها. ذلك لأنّ القرار عادةً محتكرٌ من رأس النظام، والآن يتشارك في صنع القرار مع فئةٍ قليلةٍ من الأفراد، تظلُّ فعليّاً ممسوكةً من قبله. والحال أنّ عدمَ السماح لجهاتٍ أو مؤسّساتٍ أو اتّجاهاتٍ جديدةٍ بالتفكير في التدخّل ضمن بنيةِ النظام نفســــــه أفقده الليونةَ والقدرةَ على التكيّف ، وجعل تعاملَه مع المستجدّات تقليديّاً وميكانيكيّاً.
وقد ترافق هذا التصلّبُ مع دخول عنصرٍ تاريخيٍّ جديدٍ في البيئة والحياة السياسيّة، ألا وهي وسائلُ الإعلام الحديثة، التي شكّلتْ، من جهةٍ، أدواتِ تواصلٍ بين الناشطين مكّنتْهم من تبادل الأفكار والتنسيق في العملِ في ما بينهم، فعوّضتْ بذلك من آليّات التواصل والتفاعل السياسيِّ التقليديّة المحظورة في سوريا (الصحافة والاجتماعات المباشرة في النقابة أو الحزب)؛ وشكّلتْ، من جهةٍ ثانية، وسيلةَ إعلامٍ بديلٍ عجز النظامُ عن منعها، فأدّت دورًا رئيسًا في كشف ممارسات النظام القمعيّةِ لأوسع الجماهير وقطاعات الرأي العامّ المحليِّ والعالميّ، الأمرُ الذي قوّض تمامًا سياسةَ التعتيم على الجرائم، فأصبحتْ كلُّ ممارسات السلطة تتمُّ تحت أعين الكاميرات، وهو ما أخلَّ في العمق بآليّات عملِ النظام وأجهزة قمعه التي تعتمدُ مثل غيرها على الصمتِ والتعتيم على جرائمها لتضمنَ لنفسها حريّةَ التصرّف وتجنّبَ ردود الفعل.
هكذا أصبحتْ كلُّ عمليةِ قمعٍ تُفتضح محرِّضًا على المزيد من ردود الفعل الغاضبة، ودافعًا إلى رفع سقف المطالب السياسيّةِ للجمهور الغاضب الذي أخذ يشعر بالمزيد من المهانة والغضب لتجاهل مطالبه تمامًا ولمعاملته بالإخضاعِ والإذلالِ وسفكِ الدماء، حتى وصلت الأمورُ إلى المطالبة بإسقاط النظام.
أمّا عن سؤالكم عن غياب مطلب «إسقاط النظام» في بيانات «هيئة التنسيق،» فنردُّ بأنّ هذا السؤالَ محقٌّ من حيث الشكل، ويجانب الصوابَ في المحتوى. ذلك أنه حاضرٌ ضمنًا بلا شكٍّ في طروحاتنا وبياناتنا، رغم عدم استخدامِ التعبير حرفيّاً. فالقول بالانتقال من النظام الشموليِّ القائم، إلى نظامٍ تعدّديٍّ برلمانيٍّ ديمقراطيّ يتمّسك بالوطنيّة السوريّة، يعني حكمًا القولَ بإسقاط النظام… مع إضافةٍ نوعيّةٍ، تُعنى بطرح البديل. أي إننا نختلف عن غيرنا بأننا طالبنا بإسقاط النظام وحدّدنا أيضًا وصْفَنا للنظام المأمول. وعلى مَن لا يقتنعُ بهذا أن يقولَ لنا كيف تمْكن إقامةُ نظامٍ وطنيٍّ ديمقراطيٍّ، برلمانيٍّ وتعدّديٍّ، من دون إسقاط هذا النظام (رغم أنّنا امتثلنا لاحقًا لمطلبِ إبراز هذا الشعار بالتعبير الحرفيِّ الذي أراده الشارعُ الثائر)؟
يمكن القولُ إننا لم نوفّقْ منذ اللحظةِ الأولى في ترجمة الفكرة الصحيحة للتغيير الذي نريد إلى شعارٍ شعبيٍّ بسيطٍ وواضحٍ يناسب مزاجَ الحالة الثوريّةِ التي يعيشها المجتمع، ألا وهو شعار «إسقاط النظام» ــ وهذا ما استغلّه خصومُنا السياسيّون بتجاهلٍ تامٍّ لمصلحة الثورةِ والشعب. لكننا تجاوزنا هذا الخطأ بعد ثلاثة أشهر من تأسيس الهيئة، وبعد أن دفعنا ثمنه غاليًا.

* ما هي العواملُ التي أدّت إلى تشكيل «هيئة التنسيق الوطنيّة»؟ وما هي التيّارات المشاركة؟

ــ** منذ سنواتٍ طويلةٍ، وحلمُ إنشاء تحالفٍ سياسيٍّ واسعٍ للتغيير الديمقراطيِّ يراود قلوبَ الناشطين والجمهور السياسيّ السوريّ نتيجةً للإحساس بعجزِ أيِّ حزبٍ بمفرده، أو بعجز أيّ تحالفٍ محدودٍ، عن تحقيق التغيير الديمقراطيِّ المنشود وإطاحة الديكتاتوريّة على امتداد العقود الماضية.
وقد جرت محاولةٌ أولى في هذا السياق في العام 2005 بتأسيس «إعلان دمشق للتغيير الديمقراطيّ» بين أحزابٍ كثيرةٍ وشخصيّاتٍ متنوّعةِ المشارب فعلاً، لكنّ هذه المحاولة فشلتْ خلال عامين لأسبابٍ لسنا في صدد الحديث عنها هنا.
وجرت محاولاتٌ لاحقةٌ لتأسيس تحالفٍ من هذا القبيل في العام 2009، لم تكلّلْ بالنجاح لافتقاد قوّة الدفع السياسيِّ اللازمة.
وعندما اندلعت الانتفاضةُ في آذار 2010 توفّرتْ قوّةُ الدفع المطلوبة، وتمَّ تأسيسُ «هيئة التنسيق الوطنيّة» في 30 حزيران 2011 بعد حواراتٍ صعبةٍ وواسعةٍ استغرقتْ ثلاثة أشهرٍ، شاركتْ فيها قوى وشخصيّاتٌ من كلِّ الاتّجاهات الفكريّة والإيديولوجيّة الموجودة في البلاد، القوميّةِ واليساريّةِ والليبراليّة والإسلاميّةِ المستنيرة، عربيّةً وكرديّةً وآشوريّةً ، ومن كلِّ ألوان الطيف السوريِّ الاجتماعيِّ والدينيّ.
كان الدافعُ الأساس الذي حرّك الجميعَ هو تشكيل إطارٍ سياسيٍّ واسعٍ يعبّر بحقٍّ عن الطيف السياسيِّ السوريِّ، ويعمل على تحقيق التغيير الوطنيّ الديمقراطيّ بقوّة الشعب السوريِّ وثورته أساسًا، ويصون البلدَ من أخطار التدخّلِ العسكريّ الخارجيّ، والطائفيّة، وأخطارِ عسكرة الثورة والحرب الأهليّة. والتزمت المبادرة لإنشاءِ هذا التحالف برفض إقصاء أيِّ طرفٍ أو اتّجاهٍ سياسيٍّ، إلاّ مَن يقصي نفسَه، وبالعمل على تحقيق التغيير الديمقراطيِّ بالكيفيّة التي تضمنُ وحدةَ الشعب وسيادةَ البلاد ونقلَها في المحصّلة إلى وضعٍ تاريخيٍّ أفضل، لا بالسعي إلى تحقيق التغيير بصرفِ النظر عن وسائله وقواه وعن البديل الذي سيقومُ على أنقاض النظام.
من هنا بدأ التمايزُ السياسيُّ والبرنامجيّ يتبلور: فقد وُجِد من يدعو إلى التغيير بقوّةِ التدخّل العسكريِّ الخارجيِّ على الطريقة الليبيّة، وبصرف النظرِ عن البديل الذي سيحلُّ محلَّ السلطة القائمة، بحجّةِ أنه لا يوجد ما هو أسوأُ من السلطة القائمة، وأنّ أيَّ بديلٍ هو بالضرورة أقلُّ سوءًا منها، وبصرف النظر أيضًا عن أخطار العسكرة والحرب الأهليّة التي قد تُدفع نحوها قوًى بعينها (من داخل البلاد وخارجها) ــ وهو ما رفضته وترفضه قوى «الهيئة» وشخصيّاتُها بصورةٍ مبدئيّةٍ حازمة.
بالنتيجة، أعلنت «الهيئة» عن قيامها في 30/6/2011، وطرحتْ وثيقتها التأسيسيّة، وحرصتْ على إشراك قوى جديدةٍ من الحراك في بنيتها وهيئاتها. انضمَّ إلى الهيئة خلال ثلاثة أشهرٍ من تأسيسها خمسةَ عشرَ حزبًا وتيّارًا سياسيّاً، هي الغالبيّة العظمى من الأحزاب والمجموعات السياسيّةِ الموجودة في الخريطة السياسيّة السوريّة (أحزاب قوميّة عربيّة وقوميّة كرديّة وسريانيّة، وأحزاب وقوى يساريّة وماركسيّة معارضة متعدّدة، وشخصيات تعبّرُ عن اتّجاهاتٍ إسلاميّةٍ مســـــتنيرةٍ ، وشــــخصيات اجتماعيـّـة واقتصاديّة ليبراليّة، ونخبة من أبرز الشخصيّات العامّة في البلاد من مثقّفين وصحفيين وكتّابٍ وغيرهم).

*يبقى النفسُ اليساريّ حاضرًا في حديثك، وهنا يحضرنا سؤال: من موقعك القياديِّ في حزب العمل الشيوعيّ في سورية، كيف ترون في الحزب موقفَ القوى اليساريّة في المنطقة، وعلى الصعيد العالميِّ، من الانتفاضةِ السوريّة؟

ــ ** كان اليسارُ الحقيقيُّ في المنطقة والعالم مع الشعب السوريِّ ومصالحه على طول الخطّ. المشكلة كانت دائمًا لدى الأحزاب الستالينيّة أو التابعة للسوفييت، إذ كانت تُولي مواقف النظام من الصراعات الدوليّة الوزنَ الأهمَّ، بينما تقضي المبدئيّة اليساريّة بإيلاء الأولويّة في تحديد الموقفِ من الدول والأحزاب انطلاقًا من سياساتها تجاه شعوبها. لنا قراءتنا النقديّة تاريخيّاً من هذا التشوّه «اليساريّ،» ونعتبره من أسباب الهزيمة التي لحقتْ باليسار العالميِّ الذي كان متحقّقاً (النموذج السوفييتيّ)، بينما يراها غيرنا «واقعيّةً سياسيّةً» للأسف. حزبُ العمل ينتمي، من حيث النشأة، إلى اليسار الجديد الذي برز في نهاية الستينيّات من القرن الماضي، في لحظةٍ فارقةٍ في نهوض يسارٍ نقديٍّ للستالينيّة، مازلنا أمناء له وسنبقى.
الواقع أنّ النظام السوريّ كان على يسار الأنظمة العربيّة عمومًا في المسألة الوطنيّة (الموقف من قضيّة فلسطين والمشروع الصهيونيّ والمقاومة)، وفي بعض القضايا الاجتماعيّة. وكان موقعه هذا أحيانًا كثيرةً في ظواهر السياسات، لا في عمقها، وحرص ببراغماتيّةٍ عاليةٍ على أن يبقى في هذا الموقع من المشهد الرسميّ العربيّ ــ وهو ما استفاد منه كثيرًا عبر تاريخه. وحين انزاح المشهدُ العربيُّ كلُّه باتّجاه اليمين، انزاح معه بلا تأخّر، ولكنه حرص على أن يبقى على يساره في الوقت نفسه، وبذل جهودًا شبهَ مستمّرةٍ في إقامة علاقاتٍ جيّدةٍ مع أنظمةٍ وقوى يساريّةٍ في أمريكا اللاتينيّة مثلاً، ومع الصين وغيرها في آسيا، وأحسن استغلالَ هذه العلاقات عندما كان يحتاجها، ليهملَها عندما تخفُّ حاجتُه إليها. .
على أنّ هذا الوضع تغيّر بعد اندلاع الثورة الشعبيّة الراهنة ضدّ الديكتاتوريّة، ولاسيّما مع انكشاف ممارسات النظام الوحشيّة. وها هي سياساتُ النظام الداخليّة التي مارسها على امتداد عقودٍ في الخفاء، وغطّاها بسياسةٍ خارجيّةٍ أعجبتْ بعضَ اليساريين والوطنيين وخدعتْهم طويلاً عن حقيقته، ها هي تُفْقده أصدقاءه وحلفاءه واحدًا بعد الآخر، وتنقلهم إلى صفِّ المطالبين بضرورة أن يلبّي مطالبَ الشعب.
من الغريب حقّاً كيف يصمُّ النظام أذنيه عن كلِّ هذا، ويمضي في تصعيد القمع والوحشيّة، مشدّدًا الخناقَ على نفسه بيديه، حتى يكاد لا يترك لنفسه حليفًا أو صديقًا، متّهمًا العالمَ كلّه تقريبًا بالتآمر عليه، ومحرجًا أقربَ حلفائه إليه، وكأنه يدفعهم دفعًا إلى التخلّي عنه ونبذه!
*قمتم بإنشاءِ «هيئة التنسيق الوطنيّ» لتَلْحقكم الاتّهاماتُ منذ اللحظاتِ الأولى. قيل إنكم أنشأتم هيئةً للتفاوض مع النظام السوريِّ. وقيل إنّ موقفكم أقلُّ حزمًا من المطلوب في الشارع. إلى أيِّ مدًى تقارب هذه الاتّهامات حقيقةَ موقف الهيئة؟ وهل يشكّل «المجلس الوطنيُّ» ضمن هذا السياق النقيضَ الموضوعيَّ للنظام في تصلّبه من فكرة الحوار؟

ــ** كلّ هذه الاتّهامات جاءت من أطرافٍ سياسيّةٍ تتميّز تاريخيّاً باعتمادها مفاهيمَ التخوين والإقصاء في صراعها مع من تعتبره منافسًا سياسيّاً أو خصمًا لها، بل مع من يختلف معها من أنصارها أيضًا. مثلُ هذه الأساليب بخلفيّاتها الثقافيّةِ هي بعضُ ما يثور الشعبُ السوريُّ ضدّه اليوم، لأنها هي بالضبط أساليبُ النظام الاستبداديّ وثقافتُه. ومن المفهوم أنّ احتكارَ النظام للحياةِ السياسيّةِ والنشاطِ الإعلاميِّ والثقافيِّ على مدى عقودٍ ترك آثارًا قويّةً في وعي الجمهور وثقافته السياسيّة أيضًا. ومن الأكيد أنّ تجاوزَ ثقافة الاتّهام المجانيّ والتخوين والإقصاء يتطلّبُ عملاً جادّاً وطويلاً في حقولٍ كثيرة، لتصلَ الحياةُ السياسيّة في سورية إلى مستوى الثقافة والســلوك الديمقراطيِّ المنشود. هذا وقد قامت جهاتٌ إعلاميّةٌ وسياسيّةٌ، عربيّةٌ وأجنبيّةٌ، ذاتُ مصالحَ وأجنداتٍ معيّنة، بالمساهمة في ترويج تلك الاتّهامات على أوسع نطاقٍ، وحرصتْ على أن لا تتيحَ «للهيئة» فرصةً عادلةً ولو بالحدِّ الأدنى لمواجهة تلك الاتّهامات والردِّ عليها. ونحن نفهم تمامًا أنْ تحاربَنا جهاتٌ غير سوريّةٍ تريد أن تخْلف النظامَ الديكتاتوريّ، وقوًى تكون مرتهنةً لها وخادمةً لمصالحها، ولا تبالي كما يجب بالسيادة الوطنيّة ولا بمصالح الشعب والثورة، فمصالحها تقودها إلى ذلك. أما الأطراف السياسيّة السوريّة التي تحارب مَن يتميّز عنها بمثل هذه الأساليب، فنرى فيها جزءًا من ثقافة التخلّف والاستبداد، ومن الماضي الذي يجب أن ينطوي عاجلاً أو آجلاً، لا جزءًا من الثورة وقواها الحقيقيّة… بل هي في الحقيقة جزءٌ من قوى الثورة المضادّة، ومن طبيعة النظام نفسه رغم معارضتها له!
إنّ «هيئة التنسيق» هي النقيض الديمقراطيّ الحقيقيّ للنظام، في برنامجها وفي ثقافتها وفي ممارستها. لكنها، خلافًا لغيرها، وبقدر ما تتمسّك بأن يكونَ بديلُ النظام نظامًا ديمقراطيّاً حقيقيّاً يلبّي مطالبَ الشعب والثورة، فإنها ترفضُ أن ترهن نفسَها للخارج تحت أيِّ ذريعةٍ أو تنظير، وترفض بوعيٍ وإدراكٍ وحزمٍ أن تندرجَ في أيِّ سياقٍ للتغيير يهدِّدُ بوضع البلاد تحت الاحتلال الأجنبيِّ، أو برهن مستقبل الشعبِ السوريِّ لجهاتٍ خارجيّةٍ أيّاً تكن، أو بزجِّ البلادِ في حربٍ أهليّة. وهي ترفض بالتأكيد «مشاريعَ تغييرٍ» تقود فعليّاً إلى بديلٍ للنظام الديكتاتوريِّ الراهن لا يقلُّ عنه ديكتاتوريّةً، وربّما يتفوّق عليه، ولا يقلُّ عنه تخلّفًا، وربما يزيد عليه! ولأنّ «هيئةَ التنسيق» على هذا النحو، فإنها تحارَب وتحاصَر ولا تتوقّفُ محاولاتُ تشويهها والافتراءِ عليها من قبل كلِّ الذين يهتمّون بمصالحهم الأنانيّة فقط، على حساب مصالح الشعب السوريِّ وثورته ومستقبله الديمقراطيّ، وربّما على حساب وحدته المجتمعيّة وسيادته الوطنيّة وسلْمه الاجتماعيّ.
لقد تكفّلَ ثباتُ مواقف «الهيئة» على مرِّ الشهور في فضح كذبِ تلك الاتّهامات وزيفها. فها هو النظامُ يدعو منذ أشهرٍ إلى «الحوار،» لكنّ «الهيئة» تَرفض وتكرّرُ مطالبَها: بوقف القتل، وسحْبِ الجيش، ولجْمِ أجهزة الأمن، وإطلاقِ سراح المعتقلين، وإحالةِ المسؤولين عمّا ارتُكِبَ من جرائمَ وفسادٍ إلى المحاكم. وكلُّ هذا لتوفير مناخٍ يسمح بالحديث عن عمليّةٍ سياسيّةٍ لمعالجة الوضع تلبّي مطالبَ الشعب المشروعة، وتؤدّي إلى استبدال النظام الديكتاتوريّ بنظام ديمقراطيٍّ تعدّديٍّ برلمانيٍّ. وها هي أصواتٌ وقوًى دوليّةٌ وإقليميّةٌ تنضمُّ إلى الدعوة إلى «الحوار،» فلا تسمع من «الهيئة» إلا الإجاباتِ نفسها. فأين هي تلك الاتّهامات من حقيقة ممارسات «الهيئة» وطروحاتها، إذًا؟
هذا في حين أنّ سياسات النظام، وسياسات معارضيه الذين هم من جنسه حقّاً، تدفع البلادَ أكثرَ فأكثرَ نحو أخطار التدخّل العسكريِّ الخارجيِّ، وأخطارِ الحرب الأهليّة، وأخطارِ تفتّت وحدة المجتمع والصراعات الطائفيّة. فأين هذا من مزاعم السعي إلى نظامٍ ديمقراطيٍّ، ومن رفضٍ للتدخّل العسكريِّ الخارجيِّ، ومن رفضٍ للطائفيّة والعسكرة، ممّا يزعمه مهاجمو «الهيئة»؟
ليس «الحوارُ» في حدِّ ذاته قضيّةً يمكن اتّخاذُ موقفٍ مبدئيٍّ منها؛ فهو مجرّدُ واحدٍ من أساليب العمل والنضال، يمكن استخدامُه لخدمة أهدافِ الثورة أو عدم استخدامه، تبعًا لميزان القوى ولحاجاتِ اللحظة السياسيّة في مرحلةٍ معيّنة. وأنت تستطيعُ أن تجلسَ إلى طاولة الحوار مع عدوٍّ أو خصم، وتظلُّ جذريّاً ومتمسّكًا بأهدافك وعاملاً لتحقيقها، ويمكن أن تستسلمَ وترفعَ الرايةَ البيضاء في أرض المعركة أيضًا من دون أيِّ حوار. جرى كلُّ هذا في التاريخ في أماكنَ كثيرةٍ من العالم. فرفضُ الحوار أو قبوله ليس مقياسًا لجذريّتك، ولا دليلاً على قوّتك أو ضعفك. المقياسُ والدليل هو ما تفعله وما تتّخذه من مواقفَ على طاولةِ الحوار أو بعيدًا عنها، بحيث تخدم أهدافَكَ على أفضل شـــكلٍ ممكنٍ.
أمّا القول إنّ «المجلسَ الوطنيَّ السوريَّ» هو النقيض الموضوعيُّ للنظام، فردّي عليه هو أنه لا يمكن الحديثُ عنه وكأنه كتلةٌ متجانسةٌ لأنه أبعدُ ما يكون عن ذلك. في «المجلس» شخصيّاتٌ وقوًى تريد نظامًا ديمقراطيّاً ليبراليّاً؛ وفيه قوًى أبعدُ ما تكون عن مثل هذه الإرادة: بعضُها إسلاميٌّ أصوليٌّ متشدّد، وبعضُها طائفيٌّ صريح، وثمّة أشخاصٌ يصعب تصنيفُهم ومعرفةُ ما يريدونه سوى مصالحهم الشخصيّة الضيّقة، وثمّة من هو غيرُ هذا وذاك. وسلوكُ «المجلس» بمحصّلة قواه لا يدلّ حتى اليوم على أنه يجسّدُ نموذجًا ديمقراطيّاً صالحًا، لا في الفكر ولا في الممارسة. بل ثمّة خشيةٌ حقيقيّةٌ من أن تكون القوى المهيمنةُ في هذا المجلس من طبيعةٍ لا ترى في الديمقراطيّة سوى شعارٍ يجب استغلالُه للوصول إلى السلطة، ليجري بعد ذلك اعتمادُ نموذج حكمٍ لا علاقة له بالديمقراطيّةِ من قريبٍ أو من بعيدٍ، نموذجٍ قد يكون مجرّدَ طبعةٍ جديدةٍ من كتاب الاستبداد، مكتوبةٍ بحبرٍ مختلفٍ ولونٍ مختلفٍ، ولكن بمحتوى استبداديٍّ أكيد. على ضوء هذا لا أرى على أيِّ أساسٍ يمكن الزعمُ أنّ «المجلس» نقيضٌ موضوعيٌّ للنظام.
* يتمُّ التشكيكُ في تمثيل «الهيئة» للشارع المنتفض. كيف تنظرون لموضوعِ التمثيل؟ هل يعبّر عن وجهة نظرٍ حقيقيّةٍ؟ أيُّ حراكٍ شعبيٍّ يحتاج إلى نُخبٍ تتقدّمه، فما رأيكم بظاهرةِ اللحاق بالشارع سياسيّاً وأخلاقيّاً؟

ــ ** عندما تنزل الجماهيرُ إلى الشوارع والساحات تكون الحالةُ هي الديمقراطيّة المباشرة، لأنّ الجمهور يعبّر عن نفسه بنفسه من دون أيِّ توكيلٍ أو تفويضٍ لأحد كي يمثّله أو يتحدّث باسمه. لذا من الصحيحِ القول إنّ «الهيئة» لا تمثّلُ الشارع، ولكنْ بالقدر نفسه يصحُّ القولُ ذاتُه عن «المجلس الوطنيِّ» وأيّ نخبةٍ سياسيّةٍ أخرى. حكايةُ التمثيل المتداولة منذ فترةٍ هي لعبةٌ إعلاميّة ــ سياسيّة، لها غاياتٌ معيّنة. وعندما يقول جمهورٌ متظاهرٌ إنّ فلانًا «يمثّلني،» فالمعنى الحقيقيّ للعبارة هو أنني في هذه اللحظةِ أعلّق آمالي على فلانٍ، وأنه يعجبني. عبارةُ «يمثّلني» هنا لا تعني أنّ الجمهورَ يفوِّض هذا الطرفَ التحدّثَ باسمه والتصرّفَ وفق ما يراه مناسبًا لتحقيق مصالح الجمهور، كما هو الحال مثلاً في تمثيلِ قيادة حزبٍ لأعضاء ذلك الحزب وطروحاته، أو في تمثيل النائب البرلمانيّ لمنتخبيه الذين صوّتوا له بناءً على برنامجٍ محدّدٍ طرحه عليهم وقبلوه، وبناءً على إعجابٍ واختيارٍ يخوّلانه صلاحيّاتٍ محدّدةً بالقانون. ثمّة «عقدٌ» بين الحزبيين وقيادة حزبهم، وبين النائبِ البرلمانيّ وناخبيه، يخوّل هذه الجهات صفةَ الممثِّل ويحدّد صلاحيّاتِه ومدّتَها. أما الجمهورُ الثائر فلا عقْدَ بينه وبين مَن يدّعون تمثيلَه، وهو يسحبُ ثقتَه وإعجابَه وصفةَ التمثيل عن أيِّ شخصٍ أو جهةٍ بالسرعة أو السهولة نفسها التي يمنحها بها. هذه هي طبيعةُ الديمقراطيّةِ المباشرة وآليّاتها.
بالطبع تعمل القوى والأحزابُ والشخصيّات السياسيّة على كسبِ ودِّ الجمهور وثقته ورضاه، بطرقٍ مبدئيّةٍ أو غير مبدئيّةٍ، قد لا يكونُ التملّقُ والتدليسُ والخداعُ غريبًا عنها بالنسبة إلى كثيرين , ويراهنون على سلامةِ مواقفهم وانسجامها الفعليّ مع مصالح الجمهور وحاجاته، وعلى الثقةِ بأنّ هذا الجمهورَ سيكتشف مصداقيّتهم وسيكسبون احترامَه وثقتَه الحقيقيّة عندها، ليصيروا بعد هذا ممثّلين موثوقين له ولمصالحه. في هذه الحال تكون معركةُ النضال لكسب ثقةِ الجمهور معركةً طويلةَ النفس، أهمُّ أسلحتها هي الصدقيّةُ والاستمرارُ والإخلاصُ للشعبِ والنجاحُ في التواصل معه وتوضيح الحقائق له. وعلى هذا نراهنُ في «هيئة التنسيق.»
أمّا مسألةُ اللحاق بالشارع، والقول إننا «نريدُ ما يريده الشارعُ ونقولُ ما يقوله،» فهي ظاهرةٌ تعبّر عن مزيجٍ من الرغبةِ في تملّق الشارع، وعن تخلّي النخبة السياسيّة التي تقول هذا عن دورها ومسؤوليّتها في قيادة الشارع وتوجيهه (ربّما لعجزها) طمعًا في شعبيّةٍ لحظيّةٍ، قد تحقّقها وقد لا تحقّقها. هذه شعبويّةٌ مبتذلةٌ في الموقفِ والخطاب، لا علاقةَ لها بالسلوك المسؤولِ المفترض بالنخبة!
دمشق , نيسان 2012





ً أيام الثورة الخليجية .. :

حيِِ على الجهاد
* محمد الحموي *



لا نتحدث هنا عن الحركات الثورية التي انبثقت من رحم الحركة القومية والحركة اليسارية في الستينات والسبعينات في الخليج العربي. لا نتكلم عن ثوار ظفار وصلالة والبحرين. أولئك مضى زمانهم على الأقل لأنهم كانوا يطمحون إلى الاستقلال الوطني والعدالة الاجتماعية والاندماج في الوطن العربي الأوســع . أولئك مضى زمانهم , على الأقل لأنهم كانوا يسعون إلى التخلص من القواعد البريطانية ثم الأمريكية ويناضلون لبناء دول حديثة ديمقراطية ويرون في الكيان الصهيوني الغاصب عدواً قومياً. رموز هؤلاء مثل غيفارا وفانون وبن بلة وناصر وحبش أصبحوا شيئاً من ماض يجب ألا يعـــود وأصبحت لـــغة هؤلاء خشــبية وذهنيتــهم متحجرة وأحلامهم طوبى.
نتحدث هنـــا عن الثوريـــــة الخليجية الجديدة وشرارتاها قناتي "الجزيرة" و"العربية" اللتين ستشعلان الحريق الثوري في السهل العربي الجاف، وأيقونتاها "حمد" و"أبو متعب". الثورية الخليجية الجديدة أكثر جذرية من القديمة ولكنها بحاجة إلى بعض التوضيح لمن لا يرى ما وراء الظاهر.
أيديولوجيا الثورية الخليجية هي الأصولية الإسلامية بعامة والوهابية بخاصة على اعتبار أن هذه الأيديولوجيا هي الأقدر على بناء الأنظمة الاجتماعية والسياسية الحديثة المنسجمة والمتماسكة القادرة على المساهمة في مسيرة التقدم الإنساني بالقياس على المثال الأفغاني.
التكتيك الثوري للثورية الخليجية هو التركيز على التناقض الرئيسي مع المخالفين من أهل الفرق الضالة لتدميرهم وتنجية الفرقة الناجية طبعاً وإعمال السيف بمن هم خارج رحاب الدين القويم ولا بأس بتهجيرهم من دار الإسلام إلى دار الحرب والكفر إن كان المسعى هو البرهان العملي القاطع على السماحة والوسطية. أما التناقض الثانوي مع أبناء العمومة الإبراهميين في "إسرائيل" فله موعده المحدد بدقة ونقصد بذلك مشارف يوم القيامة حين يهبط السيد المسيح إيذاناً ببدء الجهاد ضد اليهود. والنموذج الناصع على ذلك الشيخ عبد الله عزام الذي لم يطلق طلقة واحدة في فلسطين ثم غادرها إلى أفغانستان حيث الجهاد الأكبر.
الأداة الثورية للثورية الخليجية منظمة طليعية من المجاهدين ذوي الميزان الأخلاقي الدقيق والالتزام الحديدي بالتحالف مع المركز الثوري العالمي في واشنطن، رغم بعض الخلافات معها في فقه الثورة بين فسطاط بن لادن وفسطاط بوش الابن. من الأمثلة على المنظمة الطليعية منظمة القاعدة وحركة طالبان. ومن نماذج الكوادر الثورية المجاهد عبد الكريم بلحاج الذي لم يسرق أموال المنظمة كما يدعي البعض بل استدانها عارية إلى حين ميسرة وكذلك مهدي حاراتي الذي تمتد غزواته المباركة من أفغانستان إلى بنغازي إلى ريف ادلب ويتهمه أعداء الدين الحنيف بالارتزاق زوراً وبهتاناً.
الدعاوة الثورية كوكبة من القنوات السماوية على رأسها "الجزيرة" و"العربية" و"صفا" ... وما إلى ذلك. تقوم هذه الكوكبة السماوية بتوعية جماهير الثورة بمخاطر الهلال الشيعي والنووي الإيراني وتكشف فضائح الرافضة وخصوصاً في زواج المتعة وما أدراك ما زواج المتعة. مع إزالة الأوهام التي راكمها القوميون واليساريون الكفرة عن الخطر الصهيوني وغير ذلك من الأضاليل. أضف إلى ذلك المساهمة في لفظ بعض أجزاء البلاد التي تشوب صفاء العقيدة وبذلك نحفظ بيضة الدين. فالحدود الحالية بين دولنا رسمها الكفار ومن أعلى مراتب الجهاد تحطيم هذه الحدود شريطة أن يكون التحطيم إلى الداخل لا إلى الخارج. ولا يعتد هنا بأقوال المنافقين أن في ذلك تقسيم للأوطان.
المجتمع المنشود في الثورية الخليجية مجتمع يسوده التآخي والمحبة على قاعدة الليبرالية الاقتصادية، فلا حسد لمن آتاهم الله من رزقه، وعلى الأخلاق الحميدة التي يسهر عليها رجال يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحضون على طاعة أولي الأمر ومحاربة الأفكار الهدامة من أصناف الكفر الصريح كالقومية والاشتراكية والحرية والديمقراطية والعلمانية. والسمة الأهم في مجتمع الثورة إعلاء شأن المرأة وإبعادها عن كل ما يمس رفعتها من الموبقات كالسفر بدون محرم وقيادة السيارة واستلام الهوية الشخصية أو جواز السفر شخصياً والاحتكاك بالأدب والفن والتعليم وغيرها من الموبقات الوافدة علينا بهدف الحط من شأن المرأة المسلمة. ولا بأس بشيء من الحزم اللطيف في تقويم النساء كالجلد والرجم لما بهن من نقص في العقل والدين.
رموز وأيقونات الثورية الخليجية قادة عمالقة يتحلون بإنكار الذات ويؤثرون إخوانهم في الثورة على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة فترى الفدائي الجليل "حمد" يوزع أمواله يمنة ويسرة في سبيل الثورة غير آبه بإشاعات الحاسدين عن الرشاوي وشراء الذمم ولا بمقولة أن الجود يفقر. ومن الصفات المحمودة في رموز الثورة النشاط وسرعة البديهة وصفاء الذهن وسلامة العبارة كما تتجلى بأسطع صورها لدى المفدى "أبو متعب" الذي يرهقه السهر على سلامة الحرمين فيترك أثراً يكاد لا يذكر على حيويته الثورية وفصاحته اللغوية.
ذلك غيض من فيض مناقب الثورية الخليجية ومحاسنها أردنا منه درء الفتنة وإظهار المخفي وإعلام الجاهل وترغيب المتردد، والنفط والغاز من وراء القصد.





دور اليسار السوري في النهوض الشعبي

• معتز حيسو – ت2 2011 *





العامة والمركبة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كنا نتوقع ومنذ عدة سنوات حدوث تغيّراً في الواقع السياسي السوري نتيجة لجملة من المتغيرات الاجتماعية التي ارتبطت بالمستويين السياسي والاقتصادي، لكن ما كنا نتوقعه لم يكن بالمستوى والشكل الذي يحدث في اللحظة الراهنة.
لكن ما كنا متأكدين منه، هو أن الأزمة العامة والمركبة التي يعاني منها المجتمع السوري سوف تفضي إلى تحركات شعبية لم نكن في حينها قادرين على تحديد شكلها أو مستواها ، لكن وبحكم واقع القوى السياسية المأزومة، كنا نؤكد بأن هذه القوى ستكون في مؤخرة الحراك الشعبي الذي توقعنا حدوثه،وكنا نؤكد بأن الحراك المتوقع سيفرز من رحمه قادته الميدانيين. وبحكم التناقض الاجتماعي والفوات السياسي فإن القيادات السياسية الجديدة لن تكون على درجة عالية من الحنكة والمرونة والقدرة السياسية التي تؤهلها لقيادة المرحلة الجديدة، مما يعني بأن المرحلة الانتقالية سوف يسودها التعقيد والتناقض والضبابية، وهذا يزيد من تعقيد الأوضاع، وعدم وضوح مآلات التغيير وتحديداً على المستويين السياسي والاجتماعي ... لكن ما يزيد من تعقد الأوضاع في اللحظة الراهنة،هو تقاطع وتداخل السياسات والمصالح الدولية والإقليمية مع الحراك الشعبي وعليه،وتتوضح حالات التقاطع والتراكب والتوظيف بشكل واضح كلما استطال عمر الانتفاضة السورية، ذلك بفعل الصراع والتنافس على منطقة الشرق الأوسط التي يعاد العمل على توضيبها نظراً لأهميتها الجيو سياسية في سياق إعادة توضيب كامل المنطقة العربية وفقاً لمصالح الغرب الرأسمالي , ويتجلى نتيجة لهذه السياســـات تشدد المواقف الدولية بخصوص الشرق الأوسط وذلك لأكثر من سبب، وهذا ينعكس على تزايد حدة التعقيد السياسي والاجتماعي في الداخل السوري، الذي تتزايد في سياقه حدة الأزمة الاقتصادية التي تنعكس تجلياتها على بنية ومؤسسات الدولة وعلى كافة الفئات الاجتماعية التي عانت وتعاني الفقر والبطالة نتيجة للسياسات الاقتصادية التي اشتغلت على تحرير الاقتصاد في سياق تطبيق وصفات السوق الحر تحت مسمى اقتصاد السوق الاجتماعي..، إضافة إلى تمسك القيادة السياسية بالحل الأمني لتجاوز أزمتها المستعصية، وهذا يتقاطع مع الأزمة التي تعاني منها قوى اليسار خصوصاً والعلمانية عموماً، دون أن ننسى الدور الذي تلعبه التيارات السلفية والإسلام السياسي. لذا فإنه من الصعوبة بمكان توقع سيناريوهات تُخرج المجتمع السوري من حالته الراهنة، رغم تمسكنا بأن المخرج الوحيد الذي يضمن تماسك المجتمع السوري من التفتت والدخول في نفق التناقضات ذات البعد الأهلي والطائفي يكمن في الحل السياسي الذي يشكل الحوار السياسي بين كافة القوى السياسية والمدنية مدخله الأساس. لكن هذا المدخل يتراجع أمام تزايد حدة الأوضاع الأمنية والاجتماعية تعقيداً.
إن النظام السياسي الشمولي الذي قاد البلاد من منظور الاحتكار السياسي والهيمنة الأمنية والتحكم بالموارد الاقتصادية وتجفيف التربة السياسية... ساهم في إلغاء دور القوى السياسية المعارضة في المجتمع يسارية كانت أو غير يسارية، وهذا يدلل على أسباب غياب دور هذه القوى في الانتفاضة الشــــعبية ، الذي يتقاطع مع تخلى النقابات والمنظمات الشعبية عن دورها التاريخي في الدفاع عن مصالح الفئات الاجتماعية المهمّشة والمفقّرة،بحكم التحاقها بالحكومة منذ سنوات معتبرة بذلك أنها وهي يمثلان فريقاً واحداً، في لحظة تناسى فيه قادة الإتحاد العام لنقابات العمال..، بأن دورهم الحقيقي هو في مواجهة السياسات الرسمية وتحديداً عندما تتناقض هذه سياسات مع مصالح المواطن، وأتى هذا التحول بعد تحويلها إلى نقابات سياسية، لكن المفارقة اللافتة هي المحافظة على هذا التزاوج،في وقت تتخلى فيه الدولة عن دورها الاجتماعي وتذهب بعيداً في تطبيق وصفة اقتصاد السوق الحر، دون ربطه بالليبرالية السياسية. إن ربط النقابات بالحكومة أنهى الدور النضالي للنقابات، وجرد العمال والفلاحين من سلاحهم السياسي في ظل تنامي قوة خصمهم الطبقي.
ــ فيما يخص القوى السياسية اليسارية والعلمانية، فإنها إضافة لكونها منقسمة على ذاتها بفعل التحاق بعضها بالنظام السياسي القائد للدولة والمجتمع،فإنها تعاني من الضعف والتشتت والنخبوية وانعدام القدرة التمثيلية للفئات الشعبية المُضَطهدة، هذا إضافة إلى أنها تعاني من التماهي مع التناقضات والسلبيات التي يعاني منها النظام السياسي الحاكم نفسه. والأكثر من ذلك تأثيراً على دورها السياسي،هو فقدانها للجذر الاجتماعي الذي هو من سيحوّل قوة الفكر السياسي لقوة مادية تغييريه، وهنا الطامة الكبرى. لذا يمكننا القول بأن الأحزاب التي انضمت إلى (الجبهة الوطنية التقدمية) والنقابات والمنظمات الشعبية .. إضافة إلى أنها تخلّت عن دورها التاريخي في الدفاع عن مصالح الفئات الفقيرة والمهمشة، فإنها تموضعت سياسياً في الحقل السياسي والاجتماعي والطبقي النقيض،وهذا ليس تحولاً في دورها بل نتيجة منطقية وموضوعية للموقع الطبقي الذي تموضعت فيه تاريخياً. بمعنى آخر، إن بقاء بعض القوى السياسية( اليسارية) بكنف النظام السائد حتى اللحظة ، إضافـــة إلى كونها تعاني مع باقي القوى السياسية جملة من التناقضات الذاتية، فإن هذا يجعلها غير قادرة على التأثير في الحراك الشعبي،لكن هذا يجب ألا يُنسينا دور المثقفين والناشطين وبعض الأطراف السياسية،في مجريات اللحظة الراهنة، ومع هذا نؤكد على أن المنتفضين وتحديداً السلميين،هم من يجب أن يحدد شكل وآليات الفعاليات الميدانية،مع المحافظة على التنسيق مع بعض الرموز السياسية والثقافية القريبة من الحراك الميداني. ويجب التنويه بأن الضغوط الأمنية التي تُمارس بحق المحتجين والسياسيين والمثقفين والناشطين..وأحزاب المعارضة السياسية الوطنية في الداخل، ساهمت في تقييد وتحجيم الحراك السياسي الوطني السلمي، وساهمت أيضاً في التفاف الشارع المنتفض حول المعارضة الخارجية..،لكن يجب أن نذكّر بأن المعارضة الخارجية وبحكم توجهاتها السياسية الراهنة فإن تأثيرها ينحصر على فئات محدودة،والسبب يكمن في جملة من الأسباب يعرفها جميع ممن في الداخل السوري.
ــ إن تأكيدنا على سلبية انعكاس التناقضات الذاتية للقوى اليسارية على دورها في الانتفاضة الشعبية، لا يعفينا من التأكيد على أن القمع والعنف الذي مورس بحق هذه القوى وبحق غالبية الكتّاب والمثقفين والناشطين المستقلين ... كان له الدور الأبرز في عدم تمكّن قوى اليسار من ممارسة دورها الحقيقي في النهوض الشعبي الذي يحمل بعض ملامح التغيير القادم. وهنا يجب التأكيد بأنه يجب على القوى السياسية اليسارية وتحديداً الأكثر جذرية منها، التعبير عن نبض الشارع والعمل على إنجاز مشروع سياسي متكامل يساهم في التغيير الوطني الديمقراطي السلمي، وبذات الوقت يعبّر عن ملامح المرحلة المقبلة. ‎
-------------------------
إن النهوض الشعبي في أشكاله ومضامينه الحالية انطلق من رحم المجتمع ومن تناقضاته التي أوصلت المواطن العربي لطريق مسدود نتيجة للسياســـات الأمنية التي كرســها النظام السـياسـي المسيطر،والتي أسست لدولة أمنية أبعد ما تكون عن الدولة السياسية، ومن الواضح بأن الثورات العربية قامت بمشاركة شعبية عامة وشاملة عمادها الأساس الشباب، بذلك لم تعتمد على القوى السياسية، ولم تنتظر منها المساهمة في الحراك الشعبي، لكن وبحكم أزمة القوى السياسية المعارضة، فإننا نقّدر صعوبة أن تشكّل هذه القوى إطاراً سياسياً يمكن أن يكون بديلاً حقيقياً عن النظام السياسي السائد. لذلك يمكننا التأكيد بأن أشكال الثورات العربية أعطت دروساً هامة للقوى السياسية، وأهمها إن المواطن العربي انتفض لحظة وصول حدة التناقض الطبقي إلى مستوى الانفجار، دون أن ينتظر إعلان الثورة من القوى السياسية. وهذا يؤكد بأن التحولات الثورية التي تجتاح المنطقة العربية تتعمق بمفاعيل قوى اجتماعية لا ترتبط بأيٍ من القوى السياسية،وتحديداً ذات العمق الأيديولوجي المتعفن الذي لا يرى ولا يريد أن يرى اللحظة الثورية إلا من منظوره الأيديولوجي الضيق، وقد حذر ماركس وأنجلس من أن كثيراً من القوى السياسية يمكن أن تفّوت اللحظة الثورية بسبب عدم إدراكها لنضوج الظروف الذاتية والموضوعية، وهذا ما يحصل الآن. بمعنى أن من التقط اللحظة الثورية هو الشعب وليس الأحزاب السياسية التي تهرول حتى اللحظة خلف الشعب المنتفض. إن عجز هذه القوى في التعبير عن حوامل النهوض الشعبي وأهدافه الحقيقية، يستوجب منها أن تعيد النظر في نظرياتها السياسية والأيديولوجية، لأن الشعب العربي يضع الآن مقاييس ومعايير ثورية جديدة لا تنطبق مع الأيديولوجيات الكلاسيكية السائدة، وحتى لو كان ما يعمل على تجذيره المواطن العربي يقارب ما تنطوي عليه نظريات الأحزاب السياسية الموجودة، لكنّ عجز هذه الأحزاب جعلها تقف خلف الحراك الشعبي. ورغم أهمية دور القوى السياسية في تأطير وتوجيه الحراك الشعبي، لكن الشعب الذي انتفض لتحقيق أهداف ثورته السياسية والاجتماعية والاقتصادية لم يعد يثق بهذه الأحزاب وبدورها في قيادة ثورته، كما لم يعد يثق بقدرة الأنظمة السياسية المسيطرة على القيام بأي خطوة إصلاحية، لأن الإصلاح بالنسبة لهذه الأنظمة يعني نهايتها.
لهذا نرى أن من الضروري بمكان أن تبادر القوى اليسارية وباقي القوى السياسية العلمانية إلى إعادة صياغة بنيتها الداخلية نقدياً،وعلى أسس سياسية ونظرية جديدة تتناسب مع مضامين النهوض الشعبي، وتعبّر بذات اللحظة عن توجهاته.وإلا فإن الشعب سيرمي بهذه القوى خارج التاريخ.أي يجب أن تعيد هذه القوى صياغة ذاتها وفق معايير سياسية ونظرية تعبّر بشكل حقيقي وموضوعي عن المهمات التي يطرحها الشارع العربي المنتفض.ولن يكون لهذه القوى دوراً في الخارطة السياسية المستقبلية دون أن يكون لها دور حقيقي وفاعل في اللحظة الراهنة، وإن لم تبادر القوى اليسارية والعلمانية لقيادة المرحلة،فإن قوى الإسلام السياسي سيتحكمون بموجة التغيير،وسيكون لهم الحظ الأوفر في المرحلة المقبلة.وحينها يمكن أن تتجدد المواجهات بين شعب يرفض منذ اللحظة الأولى لانتفاضته الإسلام السياسي،وبين القوى الإسلامية،وأيضاً بين القوى العلمانية واليسارية، وبين الإسلام السياسي الذي يرى إن اللحظة الراهنة هي اللحظة المناسبة لصياغة شكل الدولة من منظور إسلامي بشكل يتناقض مع أبسط المقدمات الديمقراطية التي يجب أن تشكل المدخل لبناء النظام السياسي المقبل، وأيضاً لتكون أساساً لبناء دولة المواطنة،وهذا ما يتجلى ظاهرياً حتى اللحظة من خلال محاولات الإسلام السياسي للتحكم في سياق و مآلات النهوض الشعبي تحت سلطة العسكر والبوليس(مصر، ليبيا..) ويتقاطع هذا مع ميول دولية لإعادة تشكيل وتوضيب المنطقة العربية وتحديداً الشرق أوسطية على أسس دينية ومذهبية وعشائرية وإثنية..بنفس الوقت الذي تحاول فيه ذات الأطراف بالتنسيق مع أصحاب القرار في الداخل على إلغاء دور الدولة التنموي وفرض أشكال اقتصادية تقوم على تحرير الاقتصاد واعتماد اقتصاد ســــوق حر يقوم على تمكين البرجوازية الريعية الطفيلية التجارية غير المنتجة والتابعة للمراكز الرأسمالية العالمية.
ــ إن بنية الأحزاب السياسية اليسارية والعلمانية بشكل عام،تعاني من التناقض والضعف والتشتت..، لذا فمن الممكن أن يكون الشكل المناسب للممارسة السياسية حالياً هو بناء تجمعات سياسية،تيارات،تحالفات، تكتلات..إن هذه الأشكال من الممارسة السياسية يمكن أن تعبّر عن التنوع الذي يضمن حرية التفكير السياسي.ولضمان عدم تمزق وتشظي هذه التجمعات في لحظات معينة من الممكن أن تتشكّل من قوى سياسية متقاربة نظرياً وسياسياً. ونعلم بأن كثيراً من التجارب السياسية التي تشكلت على قاعدة تجميع خليط سياسي متناقض لم تحقق الأهداف التي قامت من أجلها،بل تفجرت في لحظات سياسية معينة.والسبب في ذلك يعود إلى أن التشكيلات ذات البنية السياسية الهلامية،غير قادرة وتحديداً في اللحظة الراهنة على الحسم السياسي.لكن هذا يجب ألا يقود إلى محاربة التنوع داخل التجمعات السياسية. لذا من الضروري أن تتأسس التجمعات السياسية حالياً على برنامج سياسي واضح ومهمات سياسية محددة، يتوافق عليها جميع المشاركين، مع الحفاظ على البرامج الخاصة لكل الأحزاب السياسية المشاركة.
من جانب آخر، يجب التركيز على الكتل البشرية المستقلة التي لم تلتحق حتى اللحظة بأي حزب سياسي، وهذه الكتل تمارس نشاطها السياسي في سياق النهوض الشعبي بعيداً عن الأحزاب السياسية،وهذا يستدعي تكتّل المستقلين في تيارات وتجمعات تضمن استقلاليتهم السياسية، وتضمن حرية التعبير على قاعدة التنوع.وللعلم فإن المستقلين يشكّلون حتى اللحظة الكتلة الوازنة، ويمتلكون القدرة على تغليب أياً من الأطراف السياسية.ونؤكد في هذا السياق على أن المستقلين يشكلون أحد مصادر القوة الحقيقية للقوى السياسية،وبنفس الوقت الحاضنة الاجتماعية. إن الواقع السياسي يفترض مقاربة القوى السياسية للمستقلين،والعمل على تأطيرهم ،ونعلم مدى صعوبة هذا العمل.لكنه يشكّل امتحاناً للممارسة السياسية الناجحة،وبذات اللحظة فإن العمل على هذا المستوى،يحقق توازن في المعادلة السياسية حالياً وفي المستقبل القريب.
ــ إن النهوض الشعبي كشف عن قدرة الشباب وإمكانياتهم السياسية والتنظيمية، ورفع الغطاء عن تناقضات القوى السياسية، والضعف والترهل الذي تعاني منه بسبب عدم مشاركة الشباب فيها، ويتحمل نسبياً المسؤولية عن هذا الجانب القوى السياسية. لذا من الصواب طرح ضرورة العمل على قبول القوى السياسية لمشاركة الشباب في قيادة العمل السياسي، قبل الكلام عن قبولهم كقيادات للحملات الانتخابية لأنهم يشكلون صلة الوصل مع القاع الاجتماعي.
وللعلم فإن فتح أبواب الأحزاب اليسارية للشباب يشكّل اختباراً حقيقياً للبنية السياسية والفكرية و النظرية للقوى السياسية القائمة حتى اللحظة على النخبوية وتضخم الأنا الشخصية للقيادات الهرمة، وعلى غياب الحياة الديمقراطية في أوساطها. وهنا نتساءل: كيف لقوى سياسية يسارية تفتقد للديمقراطية داخل بنيتها السياسية أن تقّدم نفسها على أنها البديل الديمقراطي والإنساني. لذا فإن اللحظة الراهنة تشكّل اختباراًَ حقيقياً لقدرة قوى اليسار والعلمانية على إجراء هدمٍ ديمقراطيٍ في بنيانها السياسي والفكري.لذا فإن دخول الشباب على ميدان الحياة السياسية يعني تغيير المناخ السياسي السائد. وهذا يعني بأن القوى السياسية اليسارية الكلاسيكية أمام اختبارٍ صعب وحقيقي فإما أن تهدًم ذاتها ديمقراطياً،وبهذا التحول تكون أبوابها مفتوحة للشباب الذي يريد بناء تجربته السياسية بعيداً عن الأشكال السياسية والأيديولوجية القديمة.وإما فإن الانقراض البيولوجي ينتظرها.وهذا يعني بأن شباب الثورة سيقومون بنقض كافة القوى السياسية المتعفنة وليس نقدها.وهنا يجب أن نطرح التساؤل التالي:هل يقبل الشباب الثائر العمل السياسي في هذه القوى.أم أنهم سيبنون ذاتهم السياسية والفكرية في بنى سياسية جديدة بعيدة كل البعد عن القوى السياسية الكلاسيكية وتناقضاتها الهدامة لأي ممارسة ديمقراطية.؟؟؟؟
ــ أما بخصوص كيفية تنشيط وتعزيز دور المرأة داخل الأحزاب اليسارية وعلى الصعيد الاجتماعي. فإننا نعلم بأن قضية المرأة و اجتذابها للحقل السياسي،يشكل هاجساً للقوى السياسية، لكن من الواضح بأن المرأة ما زالت تنأى بنفسها عن الممارســـة السياســـية الحقيقية . دون أن يعني هذا نسيان التضحيات التي قدمتها المرأة على مذبح الحرية أمام أنظمة القمع. لكن بالشكل العام وحتى اللحظة ورغم كل محاولات القوى اليسارية لجذب المرأة إلى حقل السياسية فإن المنظومة القيمية والسياسية السائدة على المستوى الاجتماعي تحد من إمكانية عمل المرأة في القضايا العامة ومنها الممارسة السياسية. ونعلم كما يعلم الجميع كيف ساهمت بعض الأطراف الأمنية في تشويه سمعة الأحزاب الشيوعية على المستوى الأخلاقي، مما أوجد حاجزاً أخلاقياً ودينياً واجتماعياً،من الصعب على المرأة أن تتخطاه،وتجاوزه يعني بأنها ستتحول بالمنظور الاجتماعي إلى امرأة عديمة الدين والأخلاق.وعلى قاعدة انعدام الديمقراطية والحريات الأساسية، فإن شرط حرية الرجل يشكل أساس حرية المرأة. أي أن المناخ الاجتماعي والسياسي العام يشكل الأساس الموضوعي للممارسة السياسية بالنسبة للمرأة. مما يعني بأن المجتمعات الشرقية الاستبدادية القائمة على عقل تكفيري إقصائي أحادي ذكوري متخلف يشل حرية المرأة،ويمنعها من ممارسة حقها السياسي. لذا فإن تحوّل المجتمعات الشرقية إلى مجتمعات ديمقراطية،يشكّل المناخ المناسب لممارسة المرأة لحقوقها السياسية والاجتماعية.ولعلمنا بأن الأحزاب السياسية اليسارية لم تقطع مع العقل الشرقي الذكوري المستبد والمتخلف، فإنها تشكّل محرقة للمرأة. لذا نشدد على ضرورة أن تقوم قوى اليسار بنقد تجربتها السياسية والنظرية على أسس وقواعد معرفية ديمقراطية وعلمانية حقيقية تكون قادرة ليس فقط على تمثيل المرأة والدفاع عنها، بل لتكون قادرة على أن تشكّل الحاضنة الحقيقية للمرأة، التي من خلالها تكون صنواً حقيقياً للرجل وليست تابعة له، وعلى هذا الأساس تكون قادرة على الدفاع عن حقوقها. لكن يجب التأكيد على ضرورة التجديد الثقافي الذي يجب أن يقوم على قاعدة النقض المعرفي لثقافة الاستبداد الشرقي في أشكالها ومضامينها كافة.
ــ إن النهوض الشعبي بسمته الديمقراطية السلمية يفتقد نسبياً إلى الدور الفاعل لقوى اليسار والعلمانية. وهذا ما يزيد من خشية المواطن العربي من تهديم الأنظمة العربية الديكتاتورية وبناء أنظمة إسلامية لا تمتلك القدرة الفكرية والسياسية لبناء تجربة ديمقراطية تعبّر عن أهداف الانتفاضات العربية.لذا فإننا نرجح بأن الثورة الديمقراطية الحقيقية لن تكون إلا بعد تجاوز أنظمة الاستبداد. ولهذا فإننا نؤكد بأن التغيير الوطني الديمقراطي السلمي يشكل البوابة الحقيقية للانتقال إلى أنظمة ديمقراطية.ويجب التنويه بأن الأغلبية الإسلامية لم تشكل حتى اللحظة أغلبية سياسية،وهذا يمكن أن يشكّل مدخلاً للبناء الديمقراطي الذي لا يقوم على الأغلبية الدينية. ومع هذا يجب الاعتراف بأن التنوع الذي تزخر به المجتمعات العربية يمكن أن يشكّل أساساً لبناء مجتمعٍ ديمقراطي،لكنّ هذا يفترض التحوّل في بنية الوعي العربي من وعي إقصائي تكفيري إلى وعي ديمقراطي يعترف بأن التنوع والتعدد يشكّل ضرورة حتمية لبناء المجتمع الديمقراطي.ونشدد على أن التحولات الثورية الراهنة ستساهم في تمكين اليسار الديمقراطي اجتماعياً.إن هذا التحول يشكّل الأساس الموضوعي الذي يحد من الدور السلبي لقوى الإسلام السياسي التي ما زالت تستند في بنيتها الفكرية على مفاهيم التكفير ورفض الاختلاف والتنوع على قاعدة امتلاك الحقيقة المطلقة، مما يعني الرفض لأبسط المعايير الديمقراطية.
ــ أما ثورة الاتصالات والمعلومات، فإنها تضع على كاهل القوى السياسية والمدنية مسؤولية تجاوز أشكال العمل السياسي القديمة. أي يجب على القوى السياسية توظيف ثورة الاتصال والمعلومات في آليات عملها السياسي. وجميعنا بات يدرك قدرة الشباب على الاستفادة من التقانة المعلوماتية في مواقع التواصل الاجتماعي الذي كان لها الدور الأبرز في نجاح عمليات التخطيط و التنسيق بين قيادات الثورات العربية. لذا يجب التأكيد على أن دخول الشباب إلى حقل الممارسة السياسية سوف يرفد الأحزاب السياسية بطاقات جبارة يمكنها أن تُحدث تحولاً كبير في مفاهيم وآليات الممارسة السياسية التقليدية، إن لم نقل إنه سوف يُحدث انقلاباً جذرياً في آليات العمل السياسي.







معارضة اسطنبول دفعت الشارع إلى ... الحائط

* محمد سيد رصاص *
نشرت في جريدة الأخبار العدد 1677 الخميس 5نيسان 2012 *




الحراك الشعبي السوري كلاً من السلطة والمعارضة في زاوية ضيقة: السلطة التي ظنَت أنّ صمت المجتمع السوري عن السياسة، البادئ إثر انتصارها في أحداث حزيران 1979ــ شباط1982، سيدوم إلى الأبد، والمعارضة التي كان ناشطوها في العمل السري لثلاثة عقود، وهم لا يتجاوزون بضعة آلاف، يعيشون مع صمت المجتمع عن السياسة وضعية السمك خارج الماء. أدى هذا إلى وضع السلطة أمام قوام حراك معارض هو في وضعية عفوية يدخل أفراده لأول مرة إلى السياسة. كان ذلك بالنسبة إليها مثل فيضان مفاجئ لسيل لا يعرف محتواه ولا مساره، بخلاف المعارضين السابقين الذين حفظت الأجهزة الأمنية كلّ شاردة وواردة عنهم، وإلى وضع المعارضين أمام حراك اجتماعي، بالنسبة إليهم وإلى السلطة، هو جديد ومجهول المعالم.
كان هذا متوقعاً بالنسبة إلى أغلب المعارضين الذين تعَوّدوا عملاً سرياً تحوّلت فيه السياسة إلى شيء أقرب فيه إلى «نظرية الفن للفن»، يشتغلون فيه لأنفسهم أو بعضهم ضد بعض، وغالباً كان ما يجري في المحيط الاجتماعي هو بمرتبة ثانوية عندهم. في الوقت نفسه، كان أغلب المعارضين، من ماركسيين وعروبيين، هم متخرّجو مدارس حزبية كانت تؤمن، في فترات «المد الثوري» في الخمسينيات والستينيات، وقبل أن تأخذ القوى الاجتماعية لأحزابهم في التراجع والانفضاض عن القوى المنظِّمة، بنظرية الطليعة الثورية التي تقول بأنّ مهمة الأحزاب هي تصدير الوعي الســـياســي في مرحلة الجزر السياسي منذ السبعينيات، بدأت تطفو على السطح نظريات جديدة لم تتبلور إلا مع انهيار الاتحاد السوفياتي في نهاية 1991، وأصبح بعدها الكثير من الماركسيين السابقين (والمتحوّلين إلى الليبرالية وإلى تيميم وجوههم نحو قبلة جديدة في واشنطن بدلاً من الكرملين السوفياتي) يقولون بـ«تنوير الجماهير»، مفترضين، في إضمار فكري، أنّها في «الظلام» وأنّها «أغنام» تحتاج إلى «راع». وكان ذلك يترافق على الأغلب، في الأحاديث الشفوية وقليلاً في المكتوب، مع عبارات تطلق على أفراد المجتمع مثل «الرعاع» و«الدهماء» و«أسرى الظلاميين»، فيما، بالتوازي مع هذا، كانت كلمات «الثورة» و«الجماهير» و«الشارع» و«الشعب» تقابل بالسخرية والاستهزاء من قبل أغلب المشتغلين في العمل السياسي المعارض أو من طرف المثقفين والكتّاب والصحافيين المعارضين المستقلين. انقلبت الآية في مرحلة ما بعد 18 آذار 2011 في سوريا: أصبحت أيقونات مقدسة عند هؤلاء مقولات مثل «الثورة» و«الشعب يريد» و«الشارع المتحرك»، من دون شرح أو تسويغ لها ولا لتخليهم عن مقولاتهم السابقة. مقولات يتعاملون معها، وبالتأكيد مع مقولاتهم الجديدة، تماماً مثل القميص الذي يلبس ويخلع. وقد بات الأمر عند هؤلاء بحيث أصبحت السياسة والسياسيون والأحزاب تقاس بتلك المقولات، كأنّها مساطر لتحديد من هو «مع الحراك» ومن «ضده». زاد الطين بلَةً انضمام فئات واسعة إلى العمل السياسي، ممن لا يملكون من حرفة السياسة شيئاً، وبعضهم، بالقياس إلى المعارضين القدماء، أصبحوا أقوى في الشــــارع المتحرك من القادة، ومعظم هؤلاء أصبحوا يقودون التنسيقيات منذ حزيران الماضي. بالنسبة إلى هؤلاء، السياسة ليست «فن الممكن وإدارة للممكنات لتحقيق ما تريد من برامج وأهداف»، بل تسيطر عليهم نزعة إرادوية يظنون من خلالها أنّك تستطيع في السياسة أن تضع في الشعارات والأجندات السياسية كل ما تريد، بمعزل ورغماً عن التوازنات والممكنات. من هنا بدأوا بين نيسان وحزيران 2011 يتحدثون عن برامج إصلاحية. وعندما واجههم النظام بالعنف استداروا نحو شعار «إسقاط النظام». ولمّا شعروا بالعجز عن تحقيق هذا الهدف، اتجهوا منذ آب، واقتداءً بالنموذج الليبي، نحو طلب «التدخل الخارجي»، وما تفرّع عنه من شعارات ومطالب مثل «حماية المدنيين»، و«الحظر الجوي»، و«المناطق الآمنة»، و«التدخل العسكري الفوري». وكأن القوى الدولية والإقليمية التي يطلبون منها ذلك هي مثل العامل في المقهى الذي تحدد له طلبك من قهوة أو شاي. ولما اكتشفوا أنّ الموضوع أبعد من ذلك وأكثر تعقيداً، ويتعلق بحسابات تجعل الموضوع السوري مختلفاً عن الليبي، رأينا شعارات «ليس لنا غيرك يا الله».
معظم هؤلاء أصبحوا في 2 تشرين الأول في مجلس إسطنبول الذي تألّف يومذاك. هذا المجلس يضم هؤلاء، مع معارضين قدماء منظّمين في «جماعة الإخوان المسلمين» و«حزب الشعب»، زائداً مستقلين من رجال أعمال وأكاديميين انضموا إلى السياسة حديثاً، وبدون خبرة سياسية سابقة. تلك العقلية الموجودة عند المنضمّين الجدد للسياسة هي المسيطرة على ذلك المجلس، كما يظهر من خلال نصف سنة من عمره. ويبدو أنّ النزعة الثأرية، الموجودة عند الإخوان المسلمين وعند الأستاذ رياض الترك، هي التي تتيح المجال للشعارات القصوى. وفي الوقت نفسه، يرى هؤلاء في طرح شعارات، يعرفون من خلال خبراتهم السياسية عدم إمكان تحقيقها، فرصة لكسب الشارع واستمالته و«ملاقاته»، ولكن من دون أن يضعوا أي حسابات. وظهر ذلك خلال الأشهر الستة الماضية، إذ قاد المجلس في إسطنبول الشارع المتحرك (من دون الشارع المعارض الصامت، وذاك المتردد)، وجعله يرتطم بالحائط. حائط التوازنات الداخلية والإقليمية والدولية، وهو ما ازداد سوءاً مع طرح العسكرة للحراك من دون أي اعتبار أو تعلم من تجربة 1979ـــ 1982التي كان فيها العنف المعارض عند الإخوان المسلمين هو الطريق السالك إلى انتصار السلطة الأمني ــ العسكري. في منتصف تشرين الثاني الماضي، وفي شقة في القاهرة، كان ينزل فيها وفد «هيئة التنسيق الوطنية»، طُرح سؤال وُجّه إلى السيدة بسمة قضماني، لما أتت لتعتذر من وفد «الهيئة» الذي تعرّض له بالضرب أنصار مجلس إسطنبول أمام مقر الجامعة العربية، وهو: «لماذا تطرحون شعارات تعرفون عدم إمكان تحقيقها؟». فأجابت: «لأنّنا نريد كسب الشارع». فعلاً، استطاع مجلس إسطنبول من خلال ذلك كسب الشارع، ولكن بعد ستة أشهر قاد الحراك الشعبي السوري إلى الطريق المسدود، وإلى انقلاب التوازنات ضده منذ أحداث بابا عمرو أواخر شباط الماضي، وهو ما ترجم في البيان الرئاسي لمجلس الأمن وخطة كوفي أنان التي فيها عودة إلى مبادرة الجامعة العربية التي أقرّت في 2 تشرين الثاني الماضي، وليس نسخة يوم 22 كانون الثاني الماضي، التي فيها «السيناريو اليمني».
قبل أشهر، وفي حديث لكاتب هذه السطور مع عضو (أو عضوة في مكتب تنفيذي لتكتل معارض سوري)، قال الأخير (أو الأخيرة) العبارة الآتية: «في الثورات ما في سياسة». ماذا كان محل لينين من الإعراب في ثورة «أكتوبر 1917»، أو اليعاقبة في الثورة الفرنسية، أو البيوريتان في ثورة البرلمان الإنكليزي ضد الملك بين عامي 1642 ــ 1649 إذاً؟


زيارة إيجابية وبناءة :
لوفد هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في سوريا إلى موسكو











يوم الأربعاء 18/4/2012 وفد هيئة التنسيق الوطنية موسكو بعد مباحثات بناءة وقيمة ومثمرة استمرت ثلاثة أيام.
تكون وفد الهيئة من الأستاذ حسن عبد العظيم المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية والدكتور عارف دليلة نائب المنسق العام والدكتور هيثم مناع نائب المنسق العام والأستاذ صالح مسلم محمد نائب المنسق العام والأستاذ طارق أبو الحسن عضو المكتب التنفيذي والدكتور عبد العزيز الخير رئيس مكتب العلاقات الخارجية والدكتور عادل اسماعيل مسؤول هيئة التنسيق الوطنية في موسكو.
بدأ الوفد اجتماعاته بلقاء السيد ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية والممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط يوم الإثنين تبع ذلك اللقاء بالسيد ألكسي بوشكوف رئيس العلاقات الخارجية في الدوما الروسية بعد ظهر اليوم نفسه. وفي صباح الثلاثاء عقد الوفد مؤتمرا صحفيا في مقر وكالة أنترفاكس الروسية وبعد الظهر التقى السيد وزير الخارجية السيد سيرغي لافروف بحضور نائب الوزير السيد بوغدانوف ومندوب روسيا في الأمم المتحدة ولفيف من المختصين في وزارة الخارجية. وفي صباح الإربعاء التقى الوفد في مجلس الإتحاد السيد ميخائيل مارغيلوف رئيس مكتب العلاقات الخارجية وعشرة من أعضاء مجلس الشيوخ الروسي.
كانت اللقاءات مع المسؤولين الروس فرصة هامة لتبادل وجهات النظر حول الأوضاع في سورية، وقد سجل الطرفان وجود قضايا توافق وتفاهم أساسية بينهما خاصة فيما يتعلق برفض التدخل العسكري الأجنبي ومحورة الصراع على سورية على حساب نضال الشعب السوري من أجل التغيير الديمقراطي وحرص الطرفين على عدم فشل مساعي الحل السياسي والإنتقال السلمي للديمقراطية رغم وجود معارضين متسترين أو واضحين لإيجاد حل سياسي سلمي يبعد أهوال العنف والصراعات الأهلية والإقليمية ويفتح الطريق للخيارات السياسية. وجرى النقاش مفصلا حول خطة عمل كوفي عنان ووسائل إنجاحها على الأصعدة الدولية والعربية والسورية. كذلك السيناريوهات المحتملة للخروج من حالة الإنسداد السياسي الحالي. وقد تقدم وفد هيئة التنسيق الوطنية بتصوراته للخطوات العملية الضرورية لترجمة وقف إطلاق النار وإبعاد شبح العنف سواء تعلق الأمر بالعلاقة بين أطراف المعارضة على اختلافها أو في العلاقة بين المعارضة الوطنية الديمقراطية والدولة.
تناولت النقاشات مواضيع مركزية مثل أهمية ثبات وقف إطلاق النار وعدم جدوى الإجراءات المعلنة من طرف واحد أو أية إجراءات أحادية من أي طرف كان في هذه المرحلة التي تحتاج توافقا وطنيا كبيرا على خطوات التغيير والإنتقال. كذلك ضرورة وجود أرضية مشتركة وطنية ديمقراطية ومدنية قوية تجمع أطراف المعارضة في أية عملية تفاوض محتملة في المرحلة الثانية لخطة كوفي عنان.
وأظهرت المباحثات المشتركة اتفاق الطرفين على التأثيرات الكارثية والعقيمة لاستمرار الخيار الأمني العسكري ووهم إمكانية تحقيق كسب سياسي بالعنف، كذلك الإحتمالات القاتمة التي يحملها فشل خطة العمل العربية الأممية. وكان هناك توافق واضح على ضرورة أن تكون خريطة الطريق في المرحلة الإنتقالية من أجل سورية ديمقراطية مدنية من السوريين وللسوريين أولا. مع الحرص المبدئي على وحدة التراب الوطني السوري وتماسك الدولة أثناء عملية التخلص من الميراث التسلطي وتعبيراته المؤسسية.
واتفق الطرفان على متابعة التنسيق والحوار عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية القائمة بشكل مكثف وفاعل.
2012/04/18 وفد هيئة التنسيق الوطنية .



تجمع اليسار الماركسي " تيم "

تجمع لأحزاب وتنظيمات ماركسية . صدرت وثيقته الـتأسيسية في 20 نيسان2007.
يضم (تيم) في عضويته:
1- حزب العمل الشيوعي في سوريا .
2- الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي .
3- الحزب اليساري الكردي في سوريا .
4- هيئة الشيوعيين السوريين .
5- التجمع الماركسي – الديمقراطي في سوريا ( تمد ).

الموقع الفرعي في الحوار المتمدن:
htt://ww.ahewar.org/m.asp?i=1715



جديد موقع(هيئة التنسيق الوطنية)على الإنترنت:
www.syrianncb.org



#تجمع_اليسار_الماركسي_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيان الختامي لاجتماع المجلس المركزي
- البيان الرئاسي لمجلس الأمن خطوة متقدمة
- تعليق على دعوة إلى - مؤتمر المعارضة- في اسطنبول.
- طريق اليسار - العدد 34-آذار2012
- بيان حول مؤتمر تونس
- طريق اليسار - العدد 33- كانون ثاني 2012
- هيئة التنسيق الوطنية - بيان
- طريق اليسار - العدد 32 تشرين ثاني
- بيان إلى الرأي العام حول الاتفاق في الجامعة العربية
- وثائق الدورة الأولى للمجلس المركزي
- بيان أعمال المجلس المركزي (6تشرين أول2011)
- اعتقال نايف سلوم ومنصور الأتاسي
- طريق اليسار - العدد 31: سبتمبر/ أيلول 2011
- البيان الختامي - هيئة التنسيق الوطنية
- مشاريع وثائق المجلس الوطني الموسع - هيئة التنسيق الوطنية لقو ...
- بيان حول المجلس الوطني الانتقالي المؤقت
- بيان - هيئة التنسيق الوطنية
- طريق اليسار العدد 30: تموز/ يوليو 2011
- تحية إلى حماة وأهلها تحية إلى كل أبناء شعبنا المكافح
- خيارنا هو خيار الشعب السوري


المزيد.....




- تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س ...
- كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م ...
- أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
- ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو ...
- ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار ...
- بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
- -من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في ...
- مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس- ...
- حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال ...
- فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تجمع اليسار الماركسي في سورية - طريق اليسار - العدد 35 نيسان 2012