ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3707 - 2012 / 4 / 24 - 18:57
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
اللاشيء مرة أخرى ..
أنا لم أدعو اللاشيء إلى موائدي .. لم أوجه إليه أية دعوة صباحية كانت أم مسائية .. هو من طرق الباب ثم جلس دون استئذان إلى مائدة ذلك الصباح ..
أنا لم أحدثه ..
هو يقول أن قلبي حدثه .. وأن عيناي أسرَّت إليه .. وأن ابتسامتي التي أجهل زمان ومكان مولدها أغدقت عليه الفرح والأمل والحياة .. وأنه كان كل ليلة يرسم ضحكاتي على وسادة عمره .. وكان يذيب صوتي في فنجان قهوته ..
لذا أنا لم أشعر في الغربة معه ..
صوتي كان يخرج من أعماقه ويحدثني بكل ما أشتهي ..
كلي كنت أخرج من أعماقه ..
كنتُ أراني كل الوقت داخله .. كان يخيل إليَّ أنني أخرج مع كل زفير منه .. وأعود إليه مجدداً مع أول عملية شهيق ..
كنت متغلغلة في أعماقه حد الامتزاج .. حتى بات من الصعب جداً أن أعرف أهذا أنا .. أم هو اللاشيء ؟
اليوم يجلس اللاشيء قبالتي .. لكنه غريب عني ..
هل تغير اللاشيء ..
أم أنه أنا لم أعد أنا .. أنا لست أنا ؟
لم أعد أراني أنتشر على وسادة عمره وأذوب في فنجان قهوته .. ولم أعد أتأرجح كغيمة حبلى بالمطر في أثير شهيقه وزفيره ..
لكنه يجلس على موائد قلبي ..
لماذا ؟
هنا يبقى يراوح مكانه السؤال ..
لماذا يجلس اللاشيء على موائد قلبي ويحدثني بعينيه ويقدم إليَّ قهوته ويصرُّ على أنه يشربها فقط من عينيِّ ..
لماذا يجلس اللاشيء قبالتي طالما الأفق أمامه ممتداً .. واسعاً .. جلياً .. ومزدهراً ..
لماذا يبحر في فنجان قهوتي وهو يعرف كيف يبحر في الأفق القريب وكيف يواعد الشمس من خلفي وكيف يمد كفيّه لمصافحة القمر بحرارة وكيف يهمس لعصفورة الجوار أنه يعشق تغريدها على شرفات الفجر وما بعد الفجر ..
فلماذا يجلس اللاشيء على مائدتي ..
ولماذا ينتظر مني أن أقول له أنني لا أزال متغلغلة فيه ..
ولا يمكنني من أنفاسه أن أنسحب ؟
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟