سلام كاظم فرج
الحوار المتمدن-العدد: 3707 - 2012 / 4 / 24 - 03:07
المحور:
الادب والفن
الشاعر عبد الستار نور علي
والتجريب بأعلى سقوفه ( النقد بمحاذاة النص)
سلام كاظم فرج..
في منتصف عام 2003 اقترحت على الاخوة في منتدى أدباء المسيب..تأسيس تقليد دوري لعرض نصوص شعرية مثيرة للجدل وتناولها بالنقد البناء الرصين خارج منظومة الإطراء التقليدي او القدح التقليدي..واقترحت ان نخصص امسية في بداية كل شهر نطلق عليها النقد بمحاذاة النص.. استمر هذا التقليد لفترة قصيرة.. لكنه انتج بضعة محاولات نقدية لبعض النصوص التجريبية.. وقد أبدع الاستاذ صباح محسن جاسم رغم ظروفه الصعبة في تحريض ادباء القضاء على التفاعل الايجابي مع الفكرة فكتب نقدا عن نصي الموسوم.ب(ضياءات موغلة في القدم..)..و نصي (تناص مع ذوي الشعور السود).. وكتبت نقدا عن قصيدة أبحث عن مأوى لظلي للشاعر توفيق حنون المعموري.. ونشرت بعض محاولاتنا في الصحف المحلية..واردنا لمشروع النقد بمحاذاة النص ان يزدهر.. لكن تذبذب الوضع الامني حال دون استمرار نشاط المنتدى إضافة الى عدم توفر الدعم المادي في الحصول على بناية لمنتدانا أحبط حماسنا.. من هذا المنطلق وجدت في نص الشاعر الاستاذ عبد الستار نور علي المنشور بمحاذاة مقالتي هذه فرصة لإحياء تلك الفترة...آمل ان تجد صدى طيبا لدى صديقي واستاذي الشاعر الكبير نور علي والاخوة والأخوات..............
.......................
................
يثيرنص الشاعر الاستاذ عبد الستار نور علي(كشف حساب غير متأخر)جملة من الاسئلة حول القصيدة المعاصرة .. لعل اهم تلك الاسئلة.. هل هنالك حدود للتجريب يقف عندها الشاعر كي لايخرج نصه من دائرة الشعر الى دوائر أخرى تحتاج الى مسميات جديدة؟ .
وأذا كان عنترة الشاعر الجاهلي قد قال .. (هل غادر الشعراء من متردم....)ناعيا المواضيع المتاحة للشعراء معلنا أن لم يبق للشعراء ما يقولوه..لأنهم لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة الا وغادروها..وإذا كان إزرا باوند قد أفنى عمره وهو يجرب ويدعو تلامذته للتجريب ونضو ثياب السائد مهما كانت جدته وأتخذ من التجريب منهجا وسبيلا ورسالة فأن الشاعر الاستاذ عبد الستارفي نصه هذا يتمردعلى كل الاساليب السائدة بما فيها التجريبية!!وهو الشاعر الذي عرفناه ملتزما بقصائد العمود.. وهو الناقد المهم الذي قرأنا له دراسات رصينة عن القصيدة الكلاسيكية الفخمة وجزالتها عند الجواهري والسماوي يحيى..وهو الملم بكل ما أبدعت العرب من شعر على مدى قرون منذ ان بدأ المهلهل أخو تغلب شقيق كليب يهلهل الشعر وليس انتهاء بآخر ابتكارات حسب الشيخ جعفر فيما سمي بالقصيدة المدورة.. لكننا نرى الاستاذ عبد الستار وقد مل كل قديم سائد وكأنه يلبي دعوة الزهاوي جميل صدقي..
سئمت كل قديم عرفته في حياتي
إن كان عندك من جديد فهات..
القصيدة العربية من ناحية البناء مرت بتطورات كثيرة فبعد ان التزمت نظام البحور من وزن وقافية وحرف روي ونظام الشطر والعجز.. انتقلت على يد بدر ونازك ورفاقهما منتصف القرن الماضي الى ماسمي بالشعر الحرمعتمدة تنويع الاوزان والقوافي في النص الواحدفيما سمي ايضا بشعر التفعيلة..ثم برزت قصيدة النثر التي تعتمد الموسيقى الداخلية للنص واعتماد الجملة الشعرية والصورة الشعرية دون الالتزام بوزن او قافية.. بل اعتبر الوزن والقافية أحدى نقاط ضعف النص!. وأختلفت التسميات لمثل تلك النصوص فمنهم من اطلق عليها اسم النثر المركز كما فعل احد روادها الشاعر حسين مردان.. الا ان الاسم الذي اكتسب شيوعا وقبولا قصيدة النثر..ثما مالبث ان ظهر ماسمي بالنص المفتوح العصي على التجنيس..
ونص شاعرنا عبد الستار نور علي يركز على منظومة افكاروكما بين في بعض مداخلاته على النص انه اعتمد تراكمات فكرية ومعرفية ومسيرة تأمل وتجارب عديدة.. لكنه هنا وفي هذا النص ينسف كل ماتعارف عليه الشعراء من وزن وقافية وتفعيلة بل بالموسيقى الداخلية للنص
وهو هنا يستفز المتلقي بطرح اسئلة اخرى خارج حدود النص ويدعوه لمزيد من نزع الاقنعة حيث لاقناع بياتي (نسبة الى عبد الوهاب البياتي).. ولا وحدة موضوع..بل أشطر قائمة بذاتها مستفزة مستفزة (بفتح الفاء وكسرها)..
هنا وجدت استاذنا عبد الستار يفرط في التجريب حتى يقترب من المعادلات الرياضية والفيزيائية..
هي دعوة للاخوة النقاد والاخوات الناقدات وللشعراء والشواعر المهتمين بالشأن الابداعي ومنهم استاذنا الشاعر عبد الستار نور علي لتناول النص اولا وإغناء البحث في الحدود المتاحة للشاعر لممارسة التجريب...
........
..............
لنقرأ نص الشاعر الاستاذ عبد الستار نور علي
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تجريب: كشف حساب غير متأخر
عبد الستار نورعلي
أربعون + خمسة =
كتب ، أقلام ، أوراق ، أنامل =
عينان ، صدر ، أضلاع ، قلب =
الكرة الأرضية + كلمات حارقة/ محترقة + صداع + آلام + غربة + احديداب =
كيفَ احتملتَ كلَّ هذا الدُوارْ
والتعبَ المُرَّ وضيقَ الحصارْ ؟
صخرة بحجم الكون ، صعود نزول =
سفح ، غابة ، أشجار متشابكة ، أشواك
طرق ملتوية ، وحل ، جليد ، فيضانات ، انفجارات
هل أيقظكَ العرّاف ؟
نومٌ عميق ، غصن زيتون ، حمامةٌ =
“الكلمة الطيبةُ صدقةٌ؟” =
اتقِ شرَّ مَنْ أحسنتَ اليه !
ما الذي تبغي اليهِ
أيها العابرُ فوقَ العربهْ
=
جوع ، حرمان ، أحذية ضيقة ، خيلٌ متعبة
ليل طويل ، ستائر رمادية ، شمعةٌ محترقةٌ
كأس فارغةٌ ، مائدةٌ خاويةٌ ، كراسٍ بلا اقدام ، بلا ظهر
أوراق مرمية على قارعةِ الطريق ، صدر ضاق على التاريخ
بركان يغلي
عينان متعبتان ، أنامل دامية، كرسي متصدّع لابتوب بحجم الكفّ =
في انتظار جودو
هل تجيد الجودو والكاراتيه؟
جودو وكاراتيه=
بلطجة ، كرسي ، تاج مزيَّف ن لسان ذلاق صحف يومية ، فضائيات عربية
هو =
عينان صافيتان ، قلب ينبض بالدم ، أقلام رصاص صوت نقيّ ، يد متعبة =
الطيبة سلاح الضعفاء
نزع فلان ثوبهُ =
تصفيق حادّ ، فضائيات ، مسارح ، دولارات
هل تستطيع أن تنزع ثوبك؟
عيب !!!
عيب =
إعراض، كواليس ، رغيف يابس ، صمت مطبق ، موت في رداء حياة
هل جرّبتَ الفاليوم ؟
الفاليوم =
خدرٌ صناعيّ ، نومة أهل الكهف ، سكون ، موت في رداء موت
اربعون + خمسة + وجه ثابت + أوراق خضر + يد بيضاء +
ثياب غير منزوعة + يقظة + نوم منْ غير فاليوم + الكلمة الطيبة صدقة
=
جدار برلين ، صمت الغابات ، شوارع خلفية ، نجيب سرور
إنذار:
هل ستتوقف العربة عند الخامسة والأربعين؟
إنْ كان لا يدري =
مصيبة
وإنْ كانَ يدري =
المصيبة العظمى *
دمٌ يجري + قلب ينبض + سطور بيض + كون مضطرب =
تجليات ، حياة ، كشوف ، تحديات ، استمرار
فوق التلة ثلج يلمع تحت الشمس
أناس يتزحلقون في عزّ الظهيرة
هو لايجيد التزحلق
هناك بالجوار تحت الأشجار أناس يشوون لحم دجاجٍ
هل تأكلُ لحمَ الأسد؟
“اقرأ باسم ربّك الذي خلق”
لا يوجد كهف ولا عنكبوت هنا
غابات كثيفة ، جليد ، أرانب برية
لا أحد يصطاد الأرانبَ هنا
هل تأكل لحمَ الأرنب؟
سؤال وجيه ، لا أعني وجيه عباس
ما الذي ذكّرك بوجيه عباس ؟!
لا تدري !
باقلاء بالدهن الحرّ ؟
الحدود السبعينية تقترب ، Stop! ، اشارة حمراء
هل أنت نادم؟
ربما
إنه يومٌ لا ينفع فيهِ الندم
ارمِ طموحَكَ واغفُ بالإصرارِ
الدهرُ للطبّالِ والزمّارِ
مزامير الصحف اليومية ، مزامير شعراء السلطان
هو لايعني مزامير داوود:
اغرسْ نفسَكَ عند مجاري الماء
ورقٌ لا يذبلُ ، ثمرٌ يُفلحُ
واملأ كأسَكَ بنبيذِ النافذةِ ، مُشرَعةً
اكشفْ عورةَ مَنْ في الساحةِ رقّاصاً ، ثمناً بخساً
اكشفْ ما تحتَ ستارِ العورةِ في حقلِ الباطنِ ، ما في جدار الظاهرِ
هدموا جدارَ برلين
ثمّ ماذا؟ وشنو يعني؟ هل أكلوا الكيكةَ؟
افتحْ
أنْ تفتحَ بابَ العشق الغافي تحت الجلدِ
أن تفتحَ عينَ النائمِ =
عيون ، قضبان ، تعذيب ، ذبح ، تفجير
مصنع السيارات المفخخةِ في بيت الرئيس القائد
حتى آخر رمق ….
* اشارة الى قول الشاعر:
إنْ كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ
إنْ كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ
الجمعة 23 ابريل 2010
#سلام_كاظم_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟