أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - غازات الحكومة ..هديّة للشهداء














المزيد.....

غازات الحكومة ..هديّة للشهداء


أم الزين بنشيخة المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3703 - 2012 / 4 / 20 - 22:25
المحور: كتابات ساخرة
    


غازات الحكومة ..هديّة للشهداء ..
أم الزين بن شيخة ..
لوحة سريالية لم يحدث لرسّام أن تخيلها ..و ألوان الرمادي بكل لطائفه و أطيافه تتلوى في سماء المدينة ..رقصة للغازات البرازيلية لا تتقنها راقصات البطن الشرقي و لا راقصات الثور الاسباني ..ركح للتمثيل التركي خانق للحريات مسيل لدموع الفتيان و الفتيات..حتّى أشجار الشارع الرئيسي بكت يومها من هجرة العصافير لها ..يوم تذهل المدينة عن أهلها يومها تجد الثورة نفسها وحيدة وجها لوجه أمام قنابل الغازية المسيلة للدموع و للجراح و لأرواح الشهداء ..احتفال وثني مريع و قرابين استقبلت بها الحكومة المؤقتة أرواحا عائدة لتوّها من دماء الثورة..اختنق الجميع على ضفاف الشارع الكبير و سقطت الثورة مغشيا عليها ..لا شيء بقي واقفا ..و لا أحد كان مطمئنّا الى عيد الشهداء ..و انقلب العيد الى حلبة للعدو الريفي ..و ترى الجميع يفرّون بجلودهم و الغازات تلاحقهم من كل صوب و حدب ..و تخال نفسك في حصار غزّة ..و تنسى أنّ ههنا شعب ..بل حشرات مقلقة و ذباب و براغيث مزعجة علينا مطاردتها و خنقها ..و تنسى أنّك جئت هنا لاحياء ذكرى الشهداء ..لا أحد تذكّرهم بما يليق بهم ..لأنّ الجميع كانوا حينئذ مشاريع شهداء ..أو شهداء مع تأجيل التنفيذ ..مع العلم أن لا أحد منهم كان يتمنى نفسه شهيدا ..لأنّ هذه الرتبة صارت محلّ تجاذبات حزبية و محلّ ريبية ميتافيزيقية حتى أفلاطون غير قادر على الحسم في شأنها ..خرجوا و بعضهم يصطحب أبنائه الصغار ..كانوا يخالون أنفسهم أبناء دولة ديمقراطية ..خاب أمل الكبار و ذُعر الصغار و ارتسمت في أذهانهم صورة قبيحة عن المستقبل ..
خرجوا يستعيدون أرواحهم الضائعة في كواليس الأحزاب ..و يبحثون عن حلم جديد ..فاستقبلوهم بالعصيّ و الهراوت و القنابل المسيلة لدموع الشهداء و هادمة اللذات و الثورات ..و حين أمسكت احدى القنابل بيدي و قرأت هويتها و تاريخها أدركت و أنا أتقاسم مع أصدقائي حالة اختناق حكومي ، أنّ مستقبل الأمن بخير مادامت ترسانة القمع جاءت الينا لتوّها وفق مقاييس انسانية و اتفاقيات كونية ..الى حدّ أنّنا صدّرنا الثورة الى الغرب فمنحتنا في مقابل ذلك وسائل قمع مابعد ثورية ديمقراطية لتضمن العدالة الانتقالية ..غازات سماوية لا تصلّي .بل قد تكون كافرة أصلا ، جلبوها خصّيصا من بلاد السافرات و الحداثيات لضمان أمن حقوق الانسان ..لكنّهم خنقوا الانسان و لم يتبقّ غير الحقوق بلا هويّة معلقة بين قنابل الغاز و مزايدات الأحزاب البنفسجية و "ماتراك" وزارة الداخلية ..قُبلات غازية على جبين كل شهيد و سماوات تسّاقط اختناقا ..و الضباب يلفّ المدينة و السياسات و الجيوب الفارغة ..و الشارع يبكي من فرط التداول على أرضه ..و حالة من الغثيان الكوني ..أبناء السماء جاؤوا يجرحون السماء ..و أبناء الأرض سقطوا أرضا ..من يبكي من ؟ هرب الجلاّد أم عاد الجلاّد ..من يشتكي لمن ؟ مسرحية بكائية و ضحك هستيري و عدمية يائسة من وسائلها الفاشلة سلفا في المصالحة بين أهل السلف و أهل الخلف ؟ يا بلادا لا بلاد لها ؟ و يا شعبا يُمنع من أن يكون شعبا يأتي متى ينبغي له ان يأتي و في الشارع الذي وُلد فيه بوصفه شعبا؟ مات الشهيد ثانية بيننا ..فهل تصدّق أنّه أقسم ألاّ يموت هذه المرّة من أجلنا ..لأنّنا لسنا في حجم دمائه ؟لا شيء تغيّر غير ازدهار عدد الجياع..و احتراق ما تبقى من القلوب اليائسة ..لكن ما همّ الجياع و السياسة ؟



#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عذرا أيّها النهار ...
- الفنّ و الحدث :مقاربة تأويلية
- نجم و أغنية
- قرابين الجحيم
- كوميديا أبكت الجميع
- أخاديد .
- أيّها الحارق غرقا ..
- جرحى السماء ..
- رفقا بالمفاهيم ..
- لا طعم للموت
- نحن لسنا رُعاعا لأحد
- كي أنسى أسئلتي
- جماليات التلقّي
- تجاعيد ...
- أنت الأبد الضاحك من الآيات...
- جرحى الثورة ...تُعنفهم وزارة حقوق الانسان ؟؟؟
- هل سيظلّ الماضي يُحاصرنا ؟؟..
- مدينة بلا أسئلة
- الصفر أشدّ بأسا من كلّ الأعداد الزوجية
- كي يقاوم ..


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - غازات الحكومة ..هديّة للشهداء