|
لماذا المنتدى الاجتماعي العربي الآن؟
البديل/ناشطو مناهضة العولمة في سورية
الحوار المتمدن-العدد: 1088 - 2005 / 1 / 24 - 07:42
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
رأي: مها جديد التي مثّلت البديل في مؤتمر القاهرة
يأخذ إعلان تأسيس المنتدى الاجتماعي العربي قي السادس من كانون الثاني 2005 في القاهرة أهمية كبيرة في هذا التوقيت بالذات و بحضور عددٍ كبير من ممثلي منظمات المجتمع المدني و الحركات الاجتماعية العربية تحت شعار: مجتمع عربي أفضل ممكن. و أعتقد أنه يمكن اعتبار عقد هذا المنتدى حدثاً ذو أهمية بالغة عربياً لاعتبارات عدّة أهمها: 1-انعقاده بحضور هذا الثقل الذي يعبر عن المجتمع المدني و الهيئات الأهلية بموارد ذاتية للمشاركين الذين تحملوا ثمن بطاقات سفرهم، بينما قام المشاركون المصريون تحديدا بتغطية نفقات إقامة خمسين مشاركاً عربياً في القاهرة،كما قاموا بتغطية النفقات الإدارية ،كلّ ذلك ساعد على أن يحافظ المنتدى على استقلالية أجندته وقراراته. أي أنه عقد بإمكانيات الفقراء الحريصين على إقامة المنتدى الاجتماعي العربي و تقديمه كنموذجٍ للاستقلال وعدم التفريط في أسس مقاومة العولمة الليبرالية(انظر مقالة مصطفى مجدي الجمال: تأملات في عملية بناء المنتدى الاجتماعي العربي). 2-كان المنتدى ساحةً للتلاقي و الوحدة مع الحفاظ على التنوع و الاختلاف،ودعوةً نحو صيغٍة تتسع للجميع،مفتوحةٍ للمساهمة والمشاركة طالما الهدف و التوجه مشترك و عريض وهو مقاومة قوى العولمة الليبرالية الجديدة في منطقتنا و العالم،خاصةً أنه أعلن نفسه كمكوّنٍِ من مكونات المنتدى العالمي يتفق معه على نقاطه و مبادئه العريضة ،ليس فرعًا تابعاً وإنما تربطه به علاقةٌ ندية دون مركزية ديمقراطية،وله أجندة محلية تنبع من هموم و مصالح عالمنا العربي. -3أعاد المؤتمر التأسيسي للمنتدى العربي الاعتبار للخيار الإقليمي العربي المطابق لحقائق الجغرافيا و التاريخ،وقطع الطريق على الخيارات الإقليمية المطروحة (من شرق أوسطية وأوروأوسطية) و المؤسسة على حقائق الجغرافيا الاقتصادية و التي تصب في جوهرها في تعزيز رؤية قوى العولمة للوطن العربي و تقسيمه إلى مشرقٍ تلعب فيه إسرائيل الدور الأكبر،وإلى مغرب،وخليج. 4- إن القوى المهيمنة على العولمة لا تقف متفرجة على حركة هذه المنتديات في مختلف الأقاليم،إنما تحاول ضبطها إما عن طريق خلق منتديات موازية تتبنى مواضيع و قضايا جزئية،أو تحاول مثلما يحدث الآن الترويج لمبادرات" الإصلاح الديمقراطي" القادمة من الخارج وذلك محاولة منها الاستيلاء على قضية الشعوب الأساسية التي تناضل من أجلها منذ أجيال عدة،ولكنها وجدت أنها عندما تريد تطبيق برامج الهيكلة و التكيف الاقتصادي لن تجد أفضل من هذه الأنظمة الشمولية الاستبدادية لتمرير هذه البرامج المكلفة اجتماعياًو فرضها على فقرائنا الذين سيزدادون فقراً و تهميشاً. وليس أدل على كلامنا هذا ما شاهدناه على الفضائيات من صور لبعض هؤلاء القادة(شرودر – بلير – شيراك –بيرلسكوني -و طبعاً ممثلي الحكومة الأميركية) مع العقيد القذافي الذي منحه جيش رجال الأعمال المرافق لهؤلاء القادة صك البراءة من الاستبداد والديكتاتورية بعد أن عقدوا الصفقات الاقتصادية الضخمة مع الحكومة الليبية ،وبيّضوا سجله الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان،خاصة بعدما تبرعت ليبيا بإقامة أكبر معسكر للمهاجرين غير الشرعيين إلى أوربا على أراضيها. و كذلك بالنسبة لتونس عندما بيّضوا سجلها الأسود في مجال انتهاك حقوق الإنسان،وباركوا الانتخابات الرئاسية التي أبقت على الرئيس بن علي للمرة الثالثة وبنسبة 94%. وكذلك اتبعوا نفس الأسلوب الانتهازي في مفاوضات الشراكة الأوربية السورية عندما استخدمت ورقة الديمقراطية وحقوق الإنسان كورقة ابتزاز لانتزاع التنازلات و المكاسب الاقتصادية. كما لا يخفى على أحد أن إعطاء الأولويات لمنتديات إقليمية غير عربية من شرق أوسطية وأورومتوسطية تخفي في طياتها إدراج المكونات المدنية الإسرائلية في المكوّن المدني العربي، وهو ما ترفضه الجماهيرالعربية العريضة. من كل ما سبق تبرز أهمية إعلان تأسيس المنتدى الاجتماعي في القاهرة،ولكن هل هذا كافٍ؟ هنا أقول إنها خطوةٌ كبيرةٌ في الاتجاه الصحيح،ولكنّها ليست كافية وبحاجة للتطوير،وحتى يبتعد هذا المنتدى عن النخبوية وينأى بنفسه عن أمراض الحركات السياسية فإنه مطالب بما يلي: 1-بذل الجهود الكبيرة لتوسيع إطاره عبر ضم المزيد من المنظمات و الحركات الاجتماعية العربية في محاولة لتوحيد جهود جميع المتضررين في مواجهة العولمة والتصدي لبرامجها في منطقتنا العربية حيث تتخذ العولمة شكلها الأكثر شراسة ألا وهو الاحتلال العسكري. حيث لوحظت المشاركة الضعيفة للحركات الاجتماعية العربية على حساب تواجد كبير للمنظمات غير الحكومية العربية. كما لوحظ مقاطعة الحركة المصرية لمناهضة العولمة،و غياب مشاركة الحركات الاجتماعية في تونس و المغرب،علماً أن تجربة المنتدى الاجتماعي المغربي هي من أهم التجارب العربية و أغناها،وتواجدها كان سيقدم إثراء و غنى لتجربة المنتدى الاجتماعي العربي. أما بالنسبة لغياب الحركات الاجتماعية في كل من فلسطين والعراق فيمكن تبريره بانشغالها بقضية الانتخابات ،وصعوبة التنقل في ظل الوضع الأمني في كلا البلدين. 2-العمل على نشر وعي و ثقافة مناهضة العولمة،والتنسيق مع الحركات الاجتماعية العالمية بهدف إنشاء رأي عام عالمي ضاغط و داعم لقضايانا العربية و خاصة في فلسطين والعراق،والعمل على تحويل العالم العربي من ضحية للعولمة إلى بؤرة للمقاومة. 3-دعم وتفعيل إنشاء منتديات قطرية محلية عن طريق التشجيع و التضامن و نشر الوعي،ولاسيما أنّ مفهوم عمل الحركات الاجتماعية مازال ضبابيا و تطغى عليه طريقة عمل الأحزاب السياسية. -4العمل على صياغة أجندة مشتركة تجمع بين الحركات الاجتماعية المختلفة من نسائية وفلاحية ونقابية وطلابية وبيئية. 5-التأكيد في كل مناسبة على طبيعة المنتدى من حيث كونه فضاءً واسعاً ومرناً يتّسع للجميع تحت شعار الوحدة في ظل التنوع. وأخيراً : للإجابة على سؤالٍ طرح عليّ عدة مرات ومن جهاتٍ مختلفة: هل كان هناك هيمنة من نوع ما لطرف ما؟ وبالطبع يقصد بها هيمنة (مصرية)، وهنا كلمة حقٍ تقال بأن جواً من الديمقراطية و الندية و التعامل بالمثل قد ساد جميع فعاليات المؤتمر،ويسجل للمساهمة المصرية احترافيتها التي طبعت أعمال المنتدى من تحضير و مداخلات و محاضرات قيّمة،ومساهمة مالية هي الأكبر إن لم تكن الأوحد،كانت كلها مبررات للطرف المصري لأن يهيمن ،ولكنها كلمة حق أنهم بذلوا جهداً جباراً وأبدوا سعة صدركبيرة وتحملوا ضعف المشاركة العربية وضعف الثقافة المناهضة للعولمة بين المشاركين العرب الذين غلب على تجاربهم العمل الحزبي،وضبابية المفاهيم. وكما بدأت أنهي: كان المؤتمر سابقةً في الوطن العربي أتمنى تكرارها و المشاركة فيها، عقد بمساهماتٍ ذاتية ودون تمويل... وأيضا تخيلوا: دون تصفيقٍ أو تمجيد نعم حدث هذا في الوطن العربي ،في القاهرة وبمناسبة إعلان تأسيس المنتدى الاجتماعي العربي
دمشق 16/1/2005
إعلان تأسيس المنتدى الاجتماعي العربي مجتمع عربي أفضل ممكن القاهرة 6 يناير (كانون الثاني) 2005 نعلن نحن ممثلي منظمات وحركات اجتماعية من البلدان العربية المجتمعين في القاهرة في الفترة 4 – 6 يناير 2005 إتفاقنا على تشكيل المنتدى الاجتماعي العربي ليكون إطارا لتجميع وترابط منظمات وحركات المجتمع المدني في نشاطها ضد هجمة الليبرالية الجديدة على الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعوب، وبشكل خاص أشكال عسكرة العولمة وسعيها لفرض هيمنة الامبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية المتحالفة مع الصهيونية العالمية على الوطن العربي، بكل ما يرتبط بسياسات الهيمنة تلك من احتلال واعتداءات إجرامية وجرائم حرب، وبشكل خاص في العراق وفلسطين، وتهديدات مباشرة أو غير مباشرة للشعوب العربية الأخرى. إن هذا الاعلان يأتي تتويجا لجهود عربية شارك فيها المؤسسون استمرت ثلاثة أعوام وتضمنت اجتماع القاهرة في 2003 وإعلان مومباي في إطار المنتدى الاجتماعي العالمي في يناير 2004 والذي تشكلت في إطاره اللجنة التحضيرية للمنتدى الاجتماعي العربي وتوسعت في مايو 2004 في القاهرة. وقد أقر المجتمعون في القاهرة لائحة مبادئ المنتدى الاجتماعي العربي والتي تتضمن الأسس الموجهة لنشاطه باعتباره ساحة مفتوحة لمجموعات وحركات المجتمع المدني العربي من أجل تحقيق الاصلاح السياسي والديمقراطي بإعتباره قاعدة أساسية لمناهضة الليبرالية الجديدة ولهيمنة الرأسمالية المتوحشة على العالم. وتضمنت لائحة المبادئ الأسس الضرورية لعمل المنتدى الاجتماعي العربي على أسس ديمقراطية تتوافق مع المبادئ المعمول بها في المنتدى الاجتماعي العالمي. ويعتبر المؤسسون أن إعلان المنتدى الاجتماعي العربي ضرورة تفرضها الظروف الموضوعية المتمثلة في هجمة الليبرالية الجديدة والامبريالية والصهيونية والتي اتخذت من المنطقة العربية بالذات ساحة أساسية لفرض مشروعها بالقوة العسكرية، في وقت ظهر فيه واضحا ضعف الأنظمة العربية الرسمية وعجزها عن التعامل مع هذه التحديات الخطيرة في ظل الاستبداد والفساد وغياب النظام الديمقراطي والارادة والمشاركة الشعبية للجماهير. وبالتالي فإن استنهاض دور الشعوب العربية في مواجهة الاعتداء على سيادتها، بما في ذلك مشاركة مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية الشعبية من الدفاع عن مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مواجهة هذا الهجوم يظل مهمة عاجلة. وإذا كان المنتدى الاجتماعي العربي يواجه بذلك مهاما ضخمة للغاية، فإننا تعتبر التأسيس هو دعوة مفتوحة لكل المنظمات المدنية والحركات الاجتماعية سواءا في البلدان المشاركة في التأسيس أو تلك التي لم تشترك بعد للمساهمة في المنتدى على قدم المساواة مع المؤسسين. كما أننا نعتبر أن هذا الاعلان هو إضافة لحركة المنتديات الاجتماعية وحلقة وصل بين المنتديين الاجتماعي الآسيوي والأفريقي، ورابطة ضرورية بين المناضلين العرب من أجل عمل عربي مشترك متضامن يأخذ بالاعتبار الخصوصية العربية والقضايا الخاصة بالعالم والشعوب العربية ضد الهيمنة الأمريكية والاستبداد الرأسمالي وبين كافة أحرار ومناضلي العالم ضد الليبرالية الجديدة.
ميثاق المنتدى الاجتماعي العربي توافق المجتمعون على إصدار البيان التالي القاهرة 4 – 6 يناير (كانون الثاني) 2005 تعاني الشعوب العربية معاناة كبيرة من إملاءات العولمة الليبرالية الجديدة التي سخرت المؤسسات المالية الدولية لفرض برامج التثبيت والتكيف الهيكلي التي استهدفت إزاحة الدول – القومية من الحياة الاقتصادية وإعفاءها من مسئولياتها الاجتماعية، وعرقلةعملية التنمية الوطنية لصالح فتح الأسواق العربية أمام السلع والخدمات ورؤوس الأموال القادمة من المراكز الرأسمالية الكبرى، وقد أفضى هذا إلى حدوث اختلالات هيكلية كبرى على كافة الأصعدة، مثل تفاقم الديون الاحتيالية، وتفكيك القاعدة الصناعية والزراعية والخدمية في البلدان العربية، واتساع البطالة والفقر والتضخم والفساد وحرمان الإنسان العربي من حقوقه الأساسية في التعليم والصحة والعمل والفرص الاقتصادية المتكافئة. ولم يكن غريباً أن تقف قوى العولمة الرأسمالية الجديدة من دول كبرى وشركات متعدية القوميات ومؤسسات مالية وتجارية دولية، داعمة بشكل مباشر وغير مباشر لنظم حكم قمعية وفاسدة باعتبارها القادرة على كبح الحركات الاجتماعية المناهضة للاستغلال الرأسمالي العالمي ولبرامج التكيف ذات التكاليف الاجتماعية الباهظة ولاستنزاف الثروات الطبيعية وتدمير البيئة لصالح تعظيم أرباح رأس المال، ولمحاولات طمس الهويات الثقافية الوطنية وفرض نظم إقليمية جديدة لا تعترف بحقائق الجغرافيا السياسية وتسعى إلى تطويع البلدان العربية في منظومة إعادة ترتيب الوطن العربي وفق احتياجات الامبريالية العالمية واستراتيجياتها العدوانية. وقد أصبح الوطن العربي في السنوات الأخيرة أرض اختبار ميداني ونقطة انطلاق لتمدد الإمبراطورية الأمريكية التي يحلم بها أصحاب الشركات الاحتكارية والعنصريون في تيار المحافظين الجدد بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءهم وتوابعهم وأدواتهم في المنطقة، وبخاصة الإستيطان والتوسع العنصري "إسرائيل"، وسماسرة النفوذ الإمبريالي من نخب عسكرية واقطاعية وسياسية ومالية، وحتى ثقافية معادية للشعب في البلدان العربية. غير أن البلدان العربية لا تتعرض فقط لأخطار خارجية، وإنما تواجه بالمثل مخاطر داخلية يؤججها ويستثمرها أولئك المهيمنون على مقاليد العولمة الراهنة. وفي مقدمتها تلك المشكلات الخاصة بالأقليات العرقية والقومية والدينية، حيث تحاول دوائر الرجعية العالمية استغلال تلك المشكلات لإبعاد جماعات بأكملها عن التمسك بالحل الديمقراطي في إطار النسيج المجتمعي الواحد، ومن ثم الاضرار بقضايا الأقليات ذاتها، وتعميق الانقسامات. ولا شك أن التأكيد على حقوق المواطنة وعدم التفرقة بين جماعة أو أخرى هو من أهم السبل الحفاظ على وحدة المجتمعات، ناهيك عن مقاومة هجمة العولمة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لجميع الطبقات والجماعات. كما أن غلق قنوات المشاركة السياسية في البلدان العربية واحتكار القلة لصنع السياسات واتخاذ القرارات، هو الذي يعوق تفعيل المشاركة الشعبية في مواجهة العولمة المتوحشة والهيمنة والإملاءات الخارجية، بل يدفع بعض القطاعات الواقعة في دائرة اليأس إلى توهم حلول آتية من الخارج رغم أنها ستكون بالتأكيد أكثر قسوة واستغلالا وتمزيقا لوحدة الأوطان. كما يبدو واضحا أن الفساد هو صنو الاستبداد، فكل منها سبب ونتيجة للآخر. وبالمثل لا يمكن ضرب الفساد دون تعميق الديمقراطية، ولن تنجز القوى الديمقراطية برامجها بدون أن تعمل على تفكيك شبكات الفساد التي استشرت أيضا على المستويات القاعدية، لتتحول إلى شبكات في الآن نفسه للولاء السياسي. لقد كانت أفضح صور النفاق الإمبريالي ممثلة في الدعاوي الجديدة المتمسحة في قيم الديمقراطية والإصلاح السياسي، وتتمسك باستخدام الوسائل العسكرية لتحقيق مآربها في فرض الاستغلال والاستنزاف والاستعلاء، فلا يكون من نتائج لهذا سوى المزيد من الخراب والقهر والإحباط وتفاقم مشاعر الكراهية والثأر والإرهاب الفردي والجماعي، فضلاً عن الإساءة البالغة لمشاريع التحديث والدمقرطة واحترام التنوع في بلادنا. هكذا تتلاقى نضالات الحركات الاجتماعية العربية على الأصعدة الوطنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية في منظومة واحدة آخذة في التماسك يوماً وراء آخر في وجه عولمة الليبرالية الجديدة والعدوان الصهيوني والاستبداد والفساد والظلامية. وعلى ضوء الهجمة الامبريالية النيوليبرالية الحالية على المنطقة العربية وتداعياتها على شعوب المنطقة عامة وعلى الفئات العريضة من المجتمع العربي بعماله وفلاحيه وشرائحه الوسطى والنساء والشباب، من المهم التأكيد على الملامح الأساسية لاستراتيجية المقاومة الشعبية والتي تتضمن: 1-أن التغيير الديمقراطي هو المدخل الوحيد اليوم لمواجهة التهديد الامبريالي لشعوب المنظقة. فقد عجزت أنظمة الحكم الشمولية عن توفير الحد الأدنى لإمكانية المواجهة. والغريب أن الأنظمة الحاكمة ما زالت رغم ذلك تستخدم حججا من نوع ضرورة حل مشاكل المنطقة قبل موافقتها على إصلاحات ديمقراطية حقيقية. في حين أنها في الواقع تبدي استعدادات واضحة لتنازلات في المصالح والأمن القومي مقابل استمرارية سلطتها السياسية. كما تمارس سياسة تحجيم الرفض الشعبي العربي للعدوان الأمريكي والاسرائيلي. والشعوب العربية هي المعنية بهذا التغيير الديمقراطي، وهي لا يمكن أن تثق بدعاوي الاصلاحات الديمقراطية الصادرة عن قوة دولية تمارس سياسة الهيمنة على المنطقة بالقوة العسكرية والاحتلال المباشر. ويتضمن التغيير الديمقراطي إلغاء القوانين الاستثنائية وتأكيد الحريات العامة، وتحرير الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني من القيود الحكومية وغيرها من المطالب الديمقراطية التي تستهدف تأكيد المشاركة الشعبية والوصول إلى التداول السلمي للسلطة في البلاد العربية عبر الانتخابات العامة وهو آداة لتمكين الشعوب العربية من مواجهة التهديد الخارجي لسيادتها الوطنية، كما هو آداة لتمكين كافة الشرائح الاجتماعية الشعبية من الدفاع عن مصالحها وحقوقها الاقتصادية والاجتماعية التي تتعرض لعدوان خطير من الهجمة الايديولوجية والسياسية والاقتصادية لليبرالية الجديدة. 2-إن المطلب الأول والأساسي اليوم هو إنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق، والاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية والجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية، وتظل مقاومة الاحتلال حقا مشروعا بكل أشكال المقاومة المتاحة. ويناصر المنتدى الاجتماعي العربي نضال الشعبين العراقي والفلسطيني عن طريق حشد التأييد الشعبي في البلاد العربية وكشف وفضح الممارسات الاجرامية الأمريكية الاسرائيلية، ومنها فضائح تعذيب الأسرى العراقيين ومجازر الابادة الجماعية والتدمير العشوائي للمدن واستهداف المستشفيات وأماكن العبادة والمدنيين بشكل قصدي مثلما تم في الفلوجة، وما يماتلها من الجرائم الاسرائيلية اليومية وخاصة في غزة ورفح، بالاضافة لجريمة مصادرة أراضي الفلسطينيين وتقسيمها إلى كانتونات بواسطة الجدار العنصري الفاصل الذي أدانه محكمة العدل الدولية والجمعية العامة ولكنه لا زال يحظى بحماية الولايات المتحدة الأمريكية ومنها قانون تعقب معاداة السامية الذي يمثل أعلى أشكال العنصرية والذي تتعدى مخاطره الوطن العربي لتشمل الانسانية كلها. ويسعى المنتدى الاجتماعي العربي بالتنسيق مع المنتدى الاجتماعي العالمي وكافة منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان في بلاد العالم إلى تنطيم محاكمة شعبية لمجرمي الحرب إن تعذر تقديمهم لمحكمة رسمية بسبب سحب الولايات المتحدة توقيعها للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية لتحصين جنودها من جرائم الحرب. 3-إن استراتيجيات الافقار والتبعية الاقتصادية التي تفرضها الليبرالية الجديدة على المنطقة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وباستخدام أدواتها من مؤسسات دولية كصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية هي استراتيجية عدوانية ضد الشعوب وضد الشرائح الاجتماعية الواسعة التي تتعرض للافقار والتهميش بما تتضمنه تلك الاستراتيجية من تحرير التجارة للمنافسة بين قوى اقتصادية غير متكافئة وتشجيع الاستثمارات الخارجية وحركة رؤوس الأموال بلا قيود أو ضوابط، وإضعاف وإلغاء دور الدولة حيث لا تعترف الليبرالية الجديدة إلا بحكومة عالمية واحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية، والخصخصة وتسريح العاملين، وزيادة الفوارق الاجتماعية، وإلغاء مجانية الخدمات المعترف بها منذ سنوات بعيدة كحقوق إنسانية إلخ... وبينما تصور تلك الديماجوجيا نفسها كالممكن الوحيد، فإن البديل التنموي الجاد الذي ينتمي لمصالح الشعوب يتضمن أولوية تعبئة مواردها المحلية، وبالحد من الاستهلاك الترفي والسفيه للشرائح المستفيدة من العولمة، وتوجيه الانتاج لخدمة الاحتياجات الأساسية للمواطنين، مع الاهتمام بتكامل هياكل الاقتصاد وليس تفكيكها وحمايتها عندما يقتضي الصالح الوطني وليس تضحية بها على مذبح المنافسة غير المتكافئة دائما أو الخصخصة الاجبارية في أحيان كثيرة. 4-إذا كان المشروع الأمريكي لليبرالية الجديدة (الأمركة) يسعى إلى تفكيك المنطقة وتفتيت دولها و"بلقنتها" كما نشاهد في العراق والسودان، فإنه يسعى من جهة أخرى لدمج تلك الكيانات المفتتة والمقسمة في عملية تكامل إقليمي ودولي أوسع تحت هيمنتها وهيمنة حليفتها الاستراتيجية إسرائيل. وهذا هو المغزى الفعلي لمشروعها الشرق الأوسط الكبير والمشروع المتوسطي والمتوسطية وليس أدل على طابع الهيمنة في هذا المشروع من دمجه في مخططات حلف شمال الأطلنطي (الناتو) علنا وذلك وفق ما تضمنه إعلان قمته الأخيرة في اسطنبول ويتمثل ذلك في الدمج القسري للكيان الصهيوني في إقتصاد المنطقة العربية عبر فرض اتفاقيات المناطق المؤهلة (الكويز) لاحكام سيطرة الكيان الصهيوني على الآداء الاقتصادي العربي. ويكشف ذلك عن أن المخطط الأمريكي هو مخطط لفرض توجهات على المنطقة قسرا مضادة لتكاملها وتطورها الحقيقي، مما يدفعنا لرفض كافة المؤسسات المنبثقة عن هذا المخطط وآخرها ما أعلن عن تشكيله بإسم "منتدى المستقبل". 5-إن مصالح الشعوب العربية وإن كانت تقتضى التكامل بينها في إطار تكامل أشمل لبلدان الجنوب بمعزل عن الهيمنة الامبريالية بل في مواجهة هذه الهيمنة ينبغي ألا تجعلنا نغفل أن السعي نحو الوحدة لا يعني إنكار التمايز أو عدم إعتراف بواقع التعدد الأثني والثقافي. إن هذا الاعتراف جزء رئيسي من أي برنامج ديمقراطي، وإذ كانت الولايات المتحدة تسعى لاستخدام هذه التمايزات لتضخيمها في إتجاه تفتيت الكيانات القائمة في الوطن العربي وأفريقيا وغيرها إضعافا للدول القومية فإن الحل الديمقراطي الوطني هو الاعتراف بالتعدد مع القبول للوحدة، مع تنمية متوازنة لمختلف مناطق الوطن. إن افتقاد هذه الشروط الموضوعية هو الذي يمكن للتدخل الخارجي وهذا هو درس أزمة دارفور الحالية في السودان. ولا يمكن درء المخاطر الخارجية المحدقة والتي قد تؤدي إلى التفتيت إلا باستيعاب ذلك الدرس. إن التصدي للأمركة اليبرالية الجديدة ممكن، والسياسات الفعلية البديلة لها موجودة من حيث الأساس، ولكنها تتطلب لبلورتها في الميادين المختلفة مشاركة واسعة للحركات الاجتماعية العربية ذاتها.
تأملات في عملية بناء المنتدى الاجتماعي العربي بقلم: مصطفى مجدي الجمّال* هذه وجهة نظر شخصية بالدرجة الأولى، يحاول كاتبها التفاعل مع الآخرين والمساعدة في التناول الواضح للمشكلات التى تكتنف عملية بناء المنتدى الاجتماعي العربي منذ ثلاث سنوات وأكثر. ورغم أن هذه المشكلات لاتختلف كثيرا عن مثيلاتها التي تواجه بناء سائر الكيانات العربية الأخرى، فإن معظم الأطراف العديدة التي تفاعلت في هذه العملية الصعبة كانت حريصة منذ البداية على مراعاة الحساسيات والمحاذير والاعتبارات المختلفة. ولكن المفارقة هذه المرة كانت أن الإفراط في هذه المراعاة قد تسبب – للأسف- في المزيد من التعطيل و الارتباكات. ولعل أولى المشكلات التي يمكن الإشارة إليها هي عدم اقتناع البعض من الأصل بأهمية وجود منتدى اجتماعي عربي، وبدعاوى مختلفة، مثل القول بأن المنتديات القارية (الآسيوي والأفريقي) فيها الكفاية، وهو مايعني نفي الواقع الإقليمي العربي من أساسه، رغم أنه حقيقة جغرافية وسياسية وثقافية وإنسانية... أكبر من أن تنكر. والمزعج حقا أن هذه الرؤية النافية للإطار الإقليمي العربي تتناغم تماما – رغم افتراض حسن النوايا بالطبع- مع المحاولات المستميتة من قوى العولمة العدوانية لتأكيد هذه الرؤية ذاتها ولمصلحة أطر إقليمية مستحدثة تقوم على أساس الجغرافيا الاقتصادية، والتي تستهدف بالأساس في منطقتنا الإدماج القسري لإسرائيل ودول جوار إقليمي أخرى في كيانات صممت خصيصا لتفتيت الوطن العربي، وفي حالتنا لإجهاض روح المقاومة للعولمة والعدوان والصهيونية داخل حركة المجتمع المدني العربي. والغريب، ولانقول المريب، أن بعض من يتشككون في جدوى أو استحقاق قيام منتدى اجتماعي عربي يوجهون جل جهودهم لأطر أوسطية أو متوسطية أو عربية- فرعية، ولايجدون أية مفارقة فيما يختارون. غيرأن الأمر المقلق بحق هو التمسك بالشكليات من جانب بعض الأطراف والتعلل بأن تسمية المنتدى "بالعربي" تنطوي من وجهة نظرهم على إجحاف أو إنكار ضمني للأقليات القومية والدينية والعرقية في الوطن العربي، وهو حديث فيه ظلم بين لأن القوى الأصيلة في مقاومتها للعولمة ليست بحاجة إلى إثبات نزوعها الديمقراطي الأصيل، وعلي العكس تماما من قوى العولمة النيوليبرالية التي تريد بث جرثومة التفكيك العرقي والطائفي في بلادنا العربية، والتي ستكون الأقليات نفسها بين أولى ضحاياها. نحن نعترف بالطبع بوجود مشكلات جسيمة في هذا الشأن، ومن ثم نرى أن توحيد وتنسيق نضالات مقاومي العولمة الراهنة وأدواتها الإقليمية والقطرية هو من أهم وسائل التصدى لعوامل الفرقة تلك على المستوى القطري قبل القومي. ومشكلة أخرى صادفتنا، وتنطوى على بعض الوجاهة، وتتمثل في التساؤل الذى أثير عن إمكانية وصحة إقامة منتدى اجتماعي عربي في ظل غياب وتعثر قيام منتديات قطرية. ومع ذلك فإن هذا النوع من التفكير قائم على منهجية "التمثيل" وهي منهجية مختلفة تماما عن روح فكرة المنتديات القائمة أصلا على الحيز المفتوح والفضفاض والمرن، فلا هياكل تراتبية أو التزامات تنظيمية تقليدية أو إعلانات وبرامج سياسية ملزمة. وفوق هذا وذاك تقوم المنتديات على فتح المجال أمام الجميع والامتناع الكامل عن الاستبعاد، اللهم سوى للقوى المنخرطة في العولمة أو المبررة لممارسات النهب والإفقار والدكتاتورية ونفي الآخر. كما أن رهن المنتدى الاجتماعي العربي بالمنتديات القطرية يتجاهل حقيقة تفاوت مستوى التطور الديمقراطي والتنظيمي بين البلدان العربية، في حين أنه من المتصور أن يلعب المنتدى الاجتماعي العربي نفسه دورا مباشر وضمنيا في المساعدة في تطوير حركة المنتديات القطرية وتبادل الخبرات- بما فيها خبرات بناء المنتدى- فيما بينها. وهكذا كنا أكثر تحيزا لوجهة النظر الجدلية في هذا الشأن ولم نركن للتفكير "الخطي" و"المثالي"، ومع ذلك بذلنا أقصى مافي طاقتنا للحوار مع هذه الرؤية، بل وأعطينا عملية البناء الوقت اللازم للنضوج. ومن المشكلات التي كان لابد وأن تواجهنا تلك المتصلة بعدم ترسخ مفهوم "المنتدى"- بالمعنى سابق ذكره- في الثقافة السياسية العربية. فالبعض تعامل معه –عمليا على الأقل- بروح تماثل عملية بناء التحالفات بين الأحزاب السياسية العربية، فكانت محاولات لتسييد منطلقات أيديولوجية أو مواقف سياسية خاصة وغير جامعة، وهو مايتناقض مع طبيعة المنتدى حيث لا أقلية ولا أغلبية، وإنما توافق ديمقراطي واسع الأفق. ولحسن الحظ أن هذا النزوع – والقائم أساسا على الالتباس في استيعاب المفاهيم الجديدة لحركة المنتديات الاجتماعية- لم يمكث بيننا طويلا. غير أن المزعج بحق هو رغبة بعض المنظمات والشبكات غير الحكومية في أن تبني المنتدى على ذات الطريقة غير المرضية التي يتم بها بناء بعض الشبكات غير الحكومية في الوطن العربي وأنحاء متفرقة في العالم. ويتمثل التناقض هنا في أن المنتديات الاجتماعية تهدف أساسا إلي توحيد الحركات الاجتماعية، وإفساح المجال أمامها للتعبير والتفاعل والتنسيق، ومن ثم فالمنتديات الاجتماعية ليست قاصرة علي المنظمات غير الحكومية، خاصة وأن الأخيرة تعاني غالبا في وطننا العربي من عدم القدرة بعد على تجاوز عيوب النشأة والنمو، سواء على مستوى الارتباط بالحركات الاجتماعية، أو الأجندة، أونقص الديمقراطية الداخلية، أو الارتباط "بالنخبة المدنية العالمية"، أو عدم القدرة على تعبئة الموارد المالية المستقلة، أوغلبة الطابع الاحترافي على التطوعي. ومن الأمور البديهية أنه لايمكن الحيلولة دون انتقال هذه العيوب إلى حركة المنتديات الاجتماعية سوى بوسيلتين على الأقل: أولاهما فتح حوار صريح ومتحضر ورفاقي حول المشكلات التي تواجه عملنا البنائي، وثانيتهما الانفتاح على الحركات الاجتماعية والجماهيرية. ومن المفهوم أن توسيع قاعدة المشاركة في نشاط المنتدى يساعد في الحيلولة دون نقل أمراض- أو طبائع- الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية إلى العمل الذي نقوم به. فمن الملائم أن يحتفظ كل كيان بالسمات المتسقة مع طبيعته والمساعدة في تطوره. وقد آن الأوان لكي نتخطى مفاهيم مؤسسات النيوليبرالية ذاتها للمجتمع المدني، والتي تختزله في المنظمات غير الحكومية الدفاعية، هادفة من وراء هذا إلى دق إسفين بين الحركات الاجتماعية الجديدة ذات الأهداف النوعية والعابرة لحدود الطبقات والبنى السياسية (حقوق الإنسان، البيئة، السلام، المرأة..) والحركات الاجتماعية "التقليدية" القائمة على الموقع الطبقي وتعمل في علاقة ما بالبنى السياسية (النقابات العمالية، الحركات الفلاحية والطلابية...). كما تسعى هذه المفاهيم إلى عزل قوى المجتمع المدني عما تسميه الفضاء أو "المملكة السياسية"، ناهيك بالطبع عن الفصل التعسفي بين الحريات السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحقوق الشعوب في الاستقلال والسيطرة على مقدراتها. وإذا نجحنا في حل هذا الإشكال فمن الممكن حينئذ أن تتخلص الحركات الاجتماعية "الجديدة" من طابعها النخبوى، ومن ثم تتنامى قدرتها على تجاوز الهامش الديمقراطي الضيق الذي يقيد حركتها، فضلا عن تبادل الخبرات والمعارف والمواقف التضامنية، واتساع الأجندة عن البنود النوعية الضيقة بعد اتضاح مدى تقارب وتشابك قضايا النضال الوطني والديمقراطي والاجتماعي والثقافي في هذه المرحلة من تاريخ البشرية والمجتمعات. ولم يعد من صالح حركة المنتديات الاجتماعية استدامة ذلك الفشل في صياغة أطر للتعاون والتفاعل مع حركة النقابات العمالية والمهنية وحركة الأحزاب السياسية المعارضة، وذلك على طريق التحرك نحو بناء حلف عالمي واسع في مواجهة التغول الإمبريالي الذي لم يسبق له مثيل. وإلى أن تحل هذه المسألة على مستوى المنتدى الاجتماعي العالمي، لايمكننا الانتظار طويلا، وكأن الزمن يعود بنا القهقري إلى أيام "الكومنترن"! بل إن طبيعة المنتدى الاجتماعي لا تقبل منا انتظار "القرارات" بقدر ماتوجب علينا اتخاذ المبادرات، وهي نفسها المبادرات التي يمكن أن تؤدي دورا تطويريا على المستوى العالمي. وتعتبر المشكلة المالية من أضخم التحديات التي تواجه حركة المنتديات الاجتماعية على كافة المستويات. وهي الحقيقة التي أدركتها جيدا قوى العولمة النيوليبرالية ذاتها. فأصبح تمويل تذاكر السفر وتكاليف الاجتماعات من أهم عناصر القوة التي تتشبث بها قوى احترافية سبق وأن نجحت في إلحاق الكثير من التخريب وتجفيف منابع مقاومة العولمة داخل عديد من المنظمات غيرالحكومية، حتى لقد أصبح البعض منها أداة فعالة في يديها! وفوق هذا أصبح القادرون على توفير تذاكر وبدلات السفر هم الأكثر قدرة على إرسال الوفود وتمويل الاجتماعات الإقليمية وإصدار النشرات. ونحن بالطبع ليس لدينا أى مانع في كل هذا، اللهم سوى التمسك بحق النقد. وإلى جانب هذا يجب أن نرفض بقوة محاولة التلويح "بشرعية" ما أو "بأوضاع تنظيمية" ما لهذا الشخص أو تلك الجماعة أو الشبكة انطلاقا من "جبروت" تذكرة السفر التى قد لا يعلم المسافر بها اسم أو كنه المنظمة الشمالية التي دفعت ثمنها. بل إن حركة المنتديات الاجتماعية لاتعرف من الأصل هذه التصورات الشوهاء للشرعية أو الأوضاع التنظيمية، فضلا عن التساؤل عن مدى ملاءمة هذه المفاهيم من الأصل لحركة المنتديات. وكان من المدهش لنا أن نفرا من الزملاء ممن وضعوا أيديهم في أيدي الآخرين منذ سنوات لبناء المنتدى الاجتماعي العربي قد أخذوا فجأة في وضع العراقيل أمام بناء المنتدى، وهو ما استلزم من كل الأطراف الأخرى التعامل بكل حكمة وسعة صدر، وجدير بنا أن ننقد أنفسنا هنا الآن لأننا لم نبادر بحسم أمرنا في حينه. كما لم يدر بخلدنا قط أن هذه المراوغات والالتفافات قد تزامنت بالضرورة مع نذر الحرب العدوانية الأمريكية على العراق، فنحن لسنا من هواة التفسير التآمري، وإن كنا لاننكره. أما بعدما وقعت الحرب بالفعل فقد انكشف المستور تماما، وتجلى مدى انصياع المراوغين للتعاون مع الاحتلال في العراق، وللتجاوب مع مبادرات الإصلاح الأمريكية والأوربية. وبالطبع هذا شأنهم واختيارهم، ولاحيلة لنا معه سوى الحوار الجاد الذي لايعرف المجاملات أو دفن الرؤوس في الرمال. غير أن التطور السلبي الذي حدث بعد هذا هو محاولة اختطاف المنتدى الاجتماعي العربي بقوة سلاح التذاكر، وعقد لقاءات محكومة في بعض البلدان العربية بين أفراد ومنظمات منضوية في شبكة عربية واحدة بعينها، وذلك في محاولة لكسب قصب السبق ووضع جميع المنظمات والحركات الاجتماعية الأخرى التي لم تدع بالطبع لهذه الاجتماعات المنتقاة بعناية، وضعها أمام الأمر الواقع. ويتم هذا بعيدا تماما عن اللجنة التحضيرية التي كان الداعي عضوا فيها ولم يعلن انسحابه منها، أى أنها محاولة لادعاء "شرعية" غير شرعية في مجال لايحتمل من الأصل هذا التصور الباطل للشرعية. ورغم هذا فنحن ماضون في طريقنا المعقد, وبإمكانيات الفقراء الحريصين على إقامة المنتدى الاجتماعي العربي كنموذج للاستقلال وعدم التفريط في أسس مقاومة العولمة النيوليبرالية. ولن ننغمس – بالمناسبة- في أية مهاترات أخرى، وبخاصة تلك الأقاويل السمجة التى تحاول إذكاء نزعات شعوبية مريضة داخل المجتمع المدني والحركات الاجتماعية العربية، من أجل مصالح لا نحب أن نصفها بأكثر من صغيرة. .... وبعد فقد حاولت قدر جهدى الكتابة بالصراحة التي تعالج ولا تؤذى، ويجب علينا جميعا أن ندفع ضريبة الحوار الديمقراطي كاملة، حتى يصح فينا القول بأننا نتعلم من تجاربنا. وها نحن أمام فرصة سانحة لإقامة منتدى اجتماعي عربي حقيقي، وهي الفرصة التي لن نضيعها هذه المرة. * باحث بمركز البحوث العربية والأفريقية- القاهرة، عضو سكرتارية المنتدى الاجتماعي المصري والعربي.
المنتدى الاجتماعي العالمي الخامس
يعقد في مدينة بورتو أليجري في البرازيل المنتدى الاجتماعي العالمي الخامس في الفترة بين 26/1/2005 و31/1/2005. وقد اتبع المنظمون هذه المرة منهجا جديدا في تنظيمه. فقد نُظم البرنامج وجميع وقائعه ونشاطاته من قبل المنظمات والهيئات والنشطاء المشاركين أنفسهم. وذلك في محاولة لتوسيع المشاركة وتحقيق التعددية في الحوارات والنشاطات والسعي لتطوير مساحات الالتقاء والعمل المشترك. وقد تم تنظيم مختلف الأنشطة والفعاليات المقترحة بناء على احدى عشرة موضوعا مقترحا تشمل الحقول المعرفية التالية: 1-الدفاع عن الأرض والمنافع العامة للشعوب كبديل عن برامج التكييف والتحكم العابرة للحدود القومية. 2- الفنون والإبداع: بناء وتفعيل مقاومة الشعوب الثقافية. 3-الاتصالات: العمل ضد السيطرة والاحتكار، الحقوق والبدائل. 4- الدفاع عن التنوع والتعددية والهويات المختلفة. 5-حقوق الإنسان والكرامة من أجل عالم يسوده العدل والمساواة. 6-السيادة الاقتصادية للشعوب في مواجهة الرأسمالية الليبرالية الجديدة. 7- الأخلاق والمعتقدات الدينية والدنيوية- مقاومات وتحديات من أجل عالم جديد. 8-الصراعات الاجتماعية والبدائل الديمقراطية في مواجهة السيطرة النيوليبرالية. 9-السلام و نزع التسلح والنضال ضد الحرب والتجارة الحرة والديون. 10- التفكير المستقل، وجعل المعرفة والتكنولوجيا ملكاً للمجتمع وفي خدمته. 11- باتجاه بناء نظام عالمي ديمقراطي. كما حددت خمسة محاور عامة: 1- التحرر الاجتماعي والأبعاد السياسية للصراعات. 2- النضال ضد الرأسمالية البطرياركية. 3- النضال ضد العنصرية وكافة أشكال الإقصاء الأخرى المعتمدة على كافة أشكال الأصولية. 4- الجنوسة 5- التنوع
الحرية لكل من
مهند الدبس ومحمد عرب
إن ميل الدولة للتخلي عن دورها الاجتماعي تفرض اعتقال ومحاكمة المحتجين على هذه الخطوة، حيث أن كل من زميلنا مهند الدبس، ومحمد عرب اللذين شاركا في احتجاجات الطلاب على المرسوم الخاص بتخلي الدولة عن التزامها في توظيف المهندسين المتخرجين، لازالا قيد الاعتقال ويحاكمان أمام محكمة أمن الدولة المرتبطة بالأحكام العرفية. ولقد جرى تأجيل جلسة الحكم التي عقدت في 26/12/2004 إلى 6/3/2005 لأسباب غير واضحة. وإذا كان إطلاق الاحتجاج الطلابي أمراً ضرورياً، خصوصا وأن التعليم يتراجع، ومجانيته تتلاشى، فإن التأكيد على ضرورة إطلاق المعتقلين أمر أكثر من ضروري فالمجتمع يحتاج إلى الاحتجاج ومناهضة الليبرالية الجديدة تفرض مقاومة كل الخطوات التي تفضي إلى تخلي الدولة عن دورها الاجتماعي
#البديل/ناشطو_مناهضة_العولمة_في_سورية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|