مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1088 - 2005 / 1 / 24 - 12:20
المحور:
الادب والفن
كانت الطبيعة مسترخية منذ أسبوع تحت الثلوج .. التي أثقلت هامات الشجر .. , وسقوف المنازل الطينية .. وأسطحة البيوت الأأسمنتية .
الكل يجرف .. ويحدل .. وينظف هذا الثقل المائي المتجمد بلونه الأبيض , ولوحته الشتائية النقية .
ألوان الطهر .. والسلام .. تنشر أثوابها الشتائية السميكة .. على بلدتي الجميلة الحلوة كالعروس - فتزيدها بهاء وجمالا .. وروعة .
ملعب المدرسة - شوارع القرية .. وطرقاتها عاصية على المارة .. والسيارات .
كثبان .. وكتل من الثلج تسد الطرقات , ومنافذ البيوت - السكون مسيطر .. ومخيم .. , والحركة جامدة .. باردة , أو بالأحرى مؤجلة .
التوقف .. والهدوء ممنوع في القرية -
التوقف يعني موتها ..
يعني .. إعتقالها ..!
إنه .. مهرجان الثلج القروي .
أطفال يحفرون مغاورا ثلجية .. أمام بيوتهم .. بأناملهم الصغيرة , وأطفال .. يصنعون رجل الثلج , وبعضهم الاّخر .. يلقي جسمه على الثلج باسطا يديه ليشكل ويحفر مجسمه هناك باستسلام للأرض والسماء .
شباب ورجال .. يحملون الرفوش ليزيلوا الثلج ويفتحوا منافذا أمام بيوتهم .. ليتصلوا بالاّخرين .
بعضهم يمشي فوق التلال الثلجية , وأقدام تغور بالثلج . شابات ونساء .. يحملن الجرار إلى عيون الماء .. يغامرن , ويتحدين الصقيع والثلج الكثيف بنشاط .. وحب , متدثرين بالملبوسات الصوفية ,, من صنع محلي يدوي أو اّلي ,, .
كان الجو صحوا صباح ذلك اليوم , مع بعض الغيوم المتناثرة .. ودرجات الحرارة لا نكترث بها .
هرع الناس على الأساطيح .. ليزيلوا الثلج بأدواتهم الخشبية المحلية ,, زحف ,, يجرفون .. ويلعبون .. ويتراشقون بكتل الثلج .. مع الجيران .. والمارة .
المرح .. والمرح والسمر يخيم على البلدة كلها كأنها في عرس شعبي ولا أجمل .,. كأنها طيور أفلتت من أقفاصها للمدى .. والحرية .. والطبيعة .!
كان الدفْ .. والحرارة .. والفرح - يغلي في عروقنا .. وحركاتنا .. وألعابنا .
وفي نهاية المهرجان الثلجي هذا .. شربنا شراب ,, السويق ,, اللذيذ .
ها هي أمي تطل .
ها هي أمي .. تنتصب بقامتها الرشيقة .. وابتسامتها الوديعة .. ,
حاملة كاسات الشراب الطيبة , صنع يديها ( الدبس مع الليمون والثلج المزرزر النظيف كالخرز الأبيض ) السويق - .
تقدم لكل فرد كان معنا وشاركنا العمل .. واللعب على سطح منزلنا الإسمنتي .. وسوره الجميل ..!
إنها أيام لا تنسى .. عندما ترسم الطبيعة لوحتها بلون الطهارة .. اللوحة البيضاء .. يوم الرياضة الجماعية الريفية .
يتكرر .. ويتكرر في كل شتاء .. وشتاء .
,, سقا الله تلك الأيام ,, ..!
إنه الريف
إنه الفرح .. الفرح
منبع الخير .. والمحبة
وزوادة الأيام
منبع الخير
وخميرة الحياة
الفوّارة جمالا .. وبركة ..!
- 1996 -
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟