أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - بسمة البوعبيدي تكشف الجغرافيا السرية للمرأة التونسية














المزيد.....

بسمة البوعبيدي تكشف الجغرافيا السرية للمرأة التونسية


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3699 - 2012 / 4 / 15 - 13:59
المحور: الادب والفن
    


بسمة البوعبيدي تكشف الجغرافيا السرية للمرأة التونسية
إنها لمتعة حقيقية أن يقضي المرء جزءا من وقته مع كاتبة تحسن حرفة الكتابة ، و تأتي بالجمال مضاعفا في نصوصها الإبداعية.. لقد جمعتني بالكاتبة التونسية لحظات جميلة في ورشة القصة القصيرة ضمن فعاليات المهرجان الوطني للأدب والفنون بالجريد ، و تجدد اللقاء عبر الإبداع ، أقصد إبداع الكاتبة بسمة البوعبيدي حينما عكفت على قراءة روايتها "موسم التأنيث" ، و قد استبدت بي أجواء هذه الرواية ، التي تكشف من خلالها الكاتبة خبايا المرأة التونسية في الجنوب ، من خلال التوغل عميقا في أسرارها ، و حياتها الخفية ، مسلطة الأضواء على اللحظات الحميمة ، فتنقلها بصوت السارد حينا و من خلال عيون الشخصيات ذكورا و إناثا حينا آخر ، و من ذلك ما جاء في الرواية بعين صبي ، يتلصص على عروس تعدها جدته للزواج ، فيتماهى مع الحدث ، من خلال أحلام اليقظة ليرى نفسه عريسا لمريم الشهية، بعد أن تحضرها له الجدة الخبيرة في هذه الأمور تقول لساردة : " فيراها مستلقية ، و هي تغطي وجهها بكلتا يديها ، و جدته تضع قطعة من عجينها العجيب بين فخذيها ، تبسطها و تجذبها فتنتفض الصبية بين اليدين اللتين نضبتا من ماء الشباب و لين الأنوثة من زمن بعيد ، فجفتا و تغضنت جلدتها ، فتئن المسكينة بينهما حينا و تند عنها بين الحين و الحين صرخة كتومة ، يتمنى عند سماعها لو أن باستطاعته إنقاذ صاحبتها من بين اليدين الجافتين المتغضنتين .
و لكن في الليل و حين يضع رأسه على مخدته يرى مريم عروسا بين يدي جدته تعدها له".
و تستمر الكاتبة في لعبة الكشف محاولة أن تبرز بلغة شفافة ، تناسب إلى حد كبير أجواء الرواية العابقة بأنفاسها الأنثوية ، فتقول " قالت لها إحدى رفيقاتها يوما و هما تستحمان في العين ، و تنعمان بمائها، الظلل ، حين أبدت لها تبرمها من اقتراب فصل الخريف ،موسم التمرو قرف موسم التمر، قالت لها و هي تقرصها من ردفيها و قد التصق بهما الثوب يفضح حلمتيها، و الردفان متكوران ، و النهدان نافران " أليس الفضل في كل الذي أرى لحجين التمر؟ و لا تأكلي و تنكري؟ و أضافت مقهقهة : يخيل إلي أن زوج المستقبل سيكون سعيد الحظ إذا عصر هذين النهدين ، فهما سيقطران عسل التمر مصفى و سيشرب منهما حتى يسكر" ص
69.
و حين تتجاوز الفتاة خجلها ، و تسأل عمتها عن سبب إعراضها عن الزواج ، تجيب العمة " كان يأتيني كل ليلة ينساب في أحلامي.. يغطي جسدي بضوء النجوم ، ثم يتركني للرجفة و يمضي.."ابتلعت ريقها ، ثم استأنفت قائلة :
- ثم عاد إلى بلده البعيد .
عادت تدندن : "صب الرشاش سرد بحتوقي.. حمة ما جاش ضاقت خنوقي ".
هذه الأجواء الأنثوية الأثيرة ، تبدع الكاتبة بسمة البوعبيدي في وصفها بكثير من الألق ، فالمرأة في هذه الرواية متنوعة و متعددة ، لكنها تشترك في التوق و الشغف بشتى أنواعه ، كما أنها أقصد المرأة تتحرك في زمان و مكان يلائم طبيعتها، و كأنه جزء منها ، فلنتأمل الساردة و هي تتحدث عن الخريف ، فتقول "للخريف في بلد الفردوس طعم مختلف، طعم الحياة ، تبعث في اللاشيء فيكون.. للخريف في بلد الفردوس ريح أخرى.. ريح هاربة من الجنة ، ريح تلون الأشياء .. تلون الأنفس.. تلون الألوان...
"
و ليس هذا الفردوس سوى الواحة المتخمة بجريدها ، حيث تجري أحداث الرواية ، و من نسغها ترتشف الشخصيات مبرر وجودها ، مما يعنى أن المكان و الزمان عند البوعبيدي يتلونان بلون الذات ، أقصد ذوات الشخصيات.
هذا الاحتفاء العاطفي بالزمان و المكان داخل المتن الروائي يمنحه ملمحا محليا بارزا ، يجعله أقرب إلى نفس القارئ ، فيشعر بأمن حكايات الشخوص هي نفسها حكايته ، فلا يمكن إلا أن يتفاعل معها و يعشقها.
إن "موسم التأنيث " للكاتبة التونسية بسمة البوعبيدي رواية جميلة ، و باذخة بأجوائها و شخصياتها و اهتمامها بالزمان و المكان ، و الأهم من ذلك توظيفها للغة سردية راقية ، اتخذت لنفسها طريقا وسطا ما بين وظيفتها السردية ، التي أبدعت فيها الكاتبة و روح الشعر التي تخللتها ، ولعل هذا ما أهل الرواية لتقديم نموذج ناجح لحساسية روائية نسائية ، تستحق أكثر من وقفة و تأمل.



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طريق العودة
- سمفونية الفنون في مهرجان الجريد
- في أحضان توزر مدينة أبي القاسم الشابي
- الطريق إلى توزر..مدينة أبي القاسم الشابي
- تونس..الإنسان والأدب والثورة
- سطوة الزمن في ديوان الشاعر التونسي محمد عمار شعابنية -ثلاثون ...
- استدعاء الشخصية الأدبية في -شوارد- للشاعر التونسي محمد بوحوش
- -طيف اللقاء- للشاعرة التونسية نجاة المازني أو عندما تشبه الش ...
- لغتيري للمغربية : رواية -ابن السماء - معنية ببنية العقل الخر ...
- العوفي و لغتيري يتحدثان لجريدة التجديد عن علاقة الأدب بالسيا ...
- الكتاب الشباب درع الاتحاد الواقي
- اندغام الذات في الطبيعة في -ابتهالات في العشق- للشاعر نورالد ...
- جمالية الحوار في - مطعم اللحم الآدمي - للقاص المغربي الحسن ب ...
- بلاغة الارتياب في -شبه لي- للشاعرالسوري سامي أحمد.
- غواية الرجل و فتنته في -رعشات- للقاصة سناء بلحور
- الاحتفاء بالتفاصيل في المجموعة القصصية -مملكة القطار- للقاص ...
- شطحات صوفية في -طيف نبي- للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس ...
- الفصل الأول من رواية -ابن السماء- لمصطفى لغتيري.
- حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه
- بلاغة الصورة الشعرية في عتبات العناوين عند الشاعرة رشيدة بوز ...


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - بسمة البوعبيدي تكشف الجغرافيا السرية للمرأة التونسية