أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمر دخان - كم يدفعون لك؟














المزيد.....

كم يدفعون لك؟


عمر دخان

الحوار المتمدن-العدد: 3697 - 2012 / 4 / 13 - 02:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا السؤال يتم توجيهه لي في كل مرة أناقش فيها أحد العرب و أختلف معه في الرأي، حيث يفترض دائما لمجرد أنني أملك رأيي الشخصي و أرفض أن أكون مجرد نعجة في القطيع كما يفعل هو، يفترض أن هناك من يدفع لي لتكون لي آراء شخصية و مباديء مستقلة قد تتفق و قد لا تتفق مع التيار العام من الآراء السائدة في المجتمعات العربية.
هذا الإتهام، كما هي الإتهامات الجاهزة أخرى، يستخدم غالباً كوسيلة لمحاولة إخراس الطرف الآخر أو الإنقاص من شأنه و من قيمة رأيه على أساس أنه مدفوع له ليتحدث ذلك الحديث و ليس رأيه الشخصي، أو على الأقل لا يؤمن تماما بما يقول، و هو في حقيقة الحال أصبح إتهاماً مضحكاً في الفترة الآخيرة و ذلك لإهترائه من كثرة الإستعمال، مثله مثل تهمة "العميل" و "الزنديق" و غيرها من التهم التي تعبر عن ضحالة تفكير صاحبها دون أن يكون لها أي ضرر حقيقي أو معنوي للطرف الآخر.
هذا السؤال يدل في حقيقة الأمر على شخصية السائل، فهذا الإنسان الذي يعتقد أن الإنسان يجب أن يُدفع له من أجل أن يكون له صوت أو رأي مستقل هو في الحقيقة إنسان يحمل ضميراً قابلاً للبيع مقابل المادة، و لذلك فهو يفترض في داخله أن الجميع مثله، و لا يمكنه إستيعاب أم هضم فكرة أن هذا الإنسان توصل إلى هذا الرأي بعد إطلاع و مجهود شخصي كبيرين، بل هو يفترض ما يراه في نفسه من قابلية للبيع و الشراء، و لعله يسأل هذا السؤال لأنه فعلا يريد معرفة أسعار الضمائر الجاهزة للبيع لأنه يبحث عن سوق مناسبة يبيع فيها ضميرة الرخيص الثمن و القيمة.
معظم من يطرحون هذا السؤال يقومون بذلك أيضاً ليتهربوا به من الإجابة على أسئلة ما أفحموا بها، أو لمجرد أنهم لا يملكون الشجاعة الكافية لطرح الأفكار الجريئة التي طرحها الشخص الذي يقومون بإلقاء تلك "التهمة" عليه، و لذلك فهم يحاولون النيل من شخصه لأنه لا قدرة حقيقية لهم على مجابهة الأفكار التي يقوم بطرحها، و لا يملكون من الحجة شيئا، فيلجأون إلى التجريح في شخص المتحدث لا أفكاره، و هو أمر أراه بكثرة في العالم العربي، حيث يتركز النقاش حول شخصية المتحدث أكثر مما هو متركز حول أفكاره و طبيعتها.
للأسف مثل هذه التهم الجاهزة هي أحد الأدلة على أن ثقافة الحوار و تقبل الآخر في العالم العربي لا زالت بعيدة كل البعد عن أي نوع من أنواع التقدم الحضاري و الرقي الفكري و الذي يسمح للإنسان بتقبل الآخرين و أفكارهم دون أن يتهمهم في شخصهم أو في مصدر دخلهم، بل يكون الشيء المهم بالنسبة له هو أن يحترم أفكارهم كما يحترمون هم أفكاره و توجهاته.
بالطبع، الوصول إلى هذا الرقي الفكري و هذه الدرجة من إحترام الرأي المقابل سيكون صعبا على الكثيرين، و على وجه الخصوص الإسلامويين و أتباع الإسلام السياسي الذين هم أكثر من يستخدم مثل هذه التهم، على الرغم من أنه لا أحد يملك مصادر دخل مشبوهة أكثر من الجماعات الإسلاموية حول العالم، و التي لا تزال مصادر تمويل الكثير منها مجهولة إلى يومنا هذا، و كل من حاول التحقيق فيها سُل في وجهه سيف " ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته؟" تلك العبارة الغبية التي يستخدمونها في كل مكان و زمان، بمناسبة و بدون مناسبة لإخراس كل من إقترب من كشف حقيقتهم و حقيقة شريعة الغاب التي تُسير أطماعهم، تلك الأطماع التي لا سقف لها و لا قاع، و التي يعتقدون أنها موجودة أيضا في كل من يقف ضد شرورهم، و هذا ما يعيدنا إلى سبب إكثارهم في طرح ذلك السؤال الإتهامي "كم يدفعون لك؟" و لعل سؤالي لهم سيكون "من يدفع لكم؟" لأننا نعرف حقيقة المبالغ الخيالية التي يتحصلون عليها مقابل ضمائرهم و لكننا لا نعرف على وجه التحديد من أي دار أيتام سرقت أو من أي تبرعات مسجد نهبت!
العلمانية و الليبرالية التي بنيت على أسس العمل الجاد و حرية الفكر و إعمال العقل لا تسمح لمن يؤمن بها حقا أن يجعل من ضميره قابلاً للبيع، و ذلك لأنه لا سيطرة لها على عقول أتباعها أو من يحملون فكرها، بل هي تشجع العقل على أن يكون حراً بشكل مطلق، حرا من قيود المجتمع و الدين و الأهم من ذلك حراً من التبعية للمادة، و لهذا ترى المفكرين الليبراليين في العالم العربي لا يحققون الكثير من وراء نشاطهم – هذا إن حققوا شيئاً – و مع ذلك يستمرون في الكفاح من أجل تنوير العقل العربي، بينما على الجهة المقابلة، الإسلامويون و من ساندهم من المحافظين صباحاً – الليبراليين آخر الليل – يقمعون الفكر الحر في الإنسان منذ صغره، و ينشأ على ثقافة المقابل في كل شيء، فهو لا يقوم بشيء إلا بمقابل، سواء في الدنيا أو في الآخرة، كما أن المحافظين هم من أكثر الناس حرصا على إكتناز الأموال و السعي من أجل تحقيقها بأي وسيلة أو سبيل، و يكفيهم عاراً أنهم أفرغوا الدين من روحانيته و جعلوه سلعة تباع و تشترى، ذلك الدين الذي يدعون الحرص عليه، بينما هم في الحقيقة يرونه كنزاً لا يفنى من الدولارات و اليوروهات.



#عمر_دخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفاح تولوز و الدعم الوطني
- الحرب القانونية القذرة
- المشكلة
- التعليم في مقابل التلقين
- من كثر كلامه
- يساريون إسلامويون
- المفسدون في الأرض
- أتركوا العراق لأهله...يا عرب!
- حرام عليكم حلال علينا!
- المكتوب
- الوهم العربي
- الفرق بين الطفل الصيني و الطفل العربي
- أولاد الذوات
- حقوق المرأة بين الرجعية و الإنحلال
- تحليل بسيط لمقارنة سطحيه
- غباء مشفر
- في ذكرى الثلاثاء الأسود
- شعوب مُستَبِده
- الشقاء المقدس
- ليبيا الحره


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمر دخان - كم يدفعون لك؟