|
التنمر أو الاستئساد وكيفية التعامل مع هذه الظاهرة تربويا
سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)
الحوار المتمدن-العدد: 3696 - 2012 / 4 / 12 - 19:15
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
التنمر أو الاستئساد وكيفية التعامل مع هذه الظاهرة تربويا أصبح التنمر اليوم مشكلة شائعة و خطيرة في المدارس، وتؤكد الأبحاث مدى الآثار السلبية التي تبقى في ذاكرة الطفل وتؤثر في صحته النفسية على المدى البعيد، نتيجة تعرضه للتنمر، وتشير الأرقام إلى تعرض نصف الأطفال في مرحلة ما من حياتهم المدرسية للتنمر، وغالباً ما يخفي الأطفال عن الأهل معاناتهم بسبب شعورهم بالخجل، فهم لا يريدون أن يوصفوا بالضعف، ولمساعدة الطفل على مواجهة التنمر في مدرسته، فعلى الأهل أن يدركوا طبيعة المشكلة لينجحوا في مواجهتها وحلها. أن الأمريكان غالبا ما يغضون الطرف عن التنمر بوصفه واحدا من طقوس الطفولة، فإن ظاهرة التنمر bullying في المدارس قد أضحت مسألة يعترف بأنها شكل من أشكال العدوانية، التي قد تؤدي إلى عواقب نفسية بعيدة المدى ـ لكلا الجانبين: الضحية والمعتدي. واستجابة لهذه المسألة فقد أعادت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال AAP النظر في وثائقها الموضوعة حول عنف الشباب، بحيث شملت ولأول مرة، معلومات عن كيفية التعرف على التنمر وكيفية التعامل معه.
كيف تعرف أن طفلك يتعرض للتنمر * التنمّر يتخذ أشكالا متعددة. إذ قد يكون ناعما ونفسيا (مثل نشر الشائعات حول شخص ما، أو استبعاده)، وقد يكون لفظيا (توجيه التهديدات لشخص ما أو تحقيره)، أو جسديا (ضرب شخص ما بالحائط). ومع انتشار وسائط الإعلام الإلكترونية فإن أنواعا جديدة من أعمال الترهيب أخذت تنتشر أيضا، وهي تندرج ضمن «التنمر الإلكتروني». ومهما كان شكل التنمر فإنه يشتمل على عدد من الخصائص الجوهرية: فهو موجه لإلحاق الأذى بشخص آخر، ويظهر عادة بشكل متكرر، ويحدث بين شخص قوي يهاجم شخصا آخر أضعف منه (سواء من الناحية البدنية أو النفسية أو كليهما). ويكون التنمر بين الذكور عادة جسديا (مثل صفع شخص آخر)، أما بين الإناث فإنه ينحى باتجاه الأفعال غير المباشرة (مثل نشر الشائعات. وقد أجريت أغلب الأبحاث على التنمر في استراليا، وفي أوروبا أيضا التي تراوحت فيها معدلات أعمال التنمر المتكررة بين نسبة 2 في المائة بين الشباب في أيرلندا إلى 19 في المائة في مالطة. وأفادت دراسة مثلت فيها مختلف الفئات في الولايات المتحدة أجريت على 15 ألفا و686 من الطلاب الدارسين في صفوف السنوات من 6 إلى 10، بأن 9 في المائة منهم قاموا بأعمال التنمر ضد الطلاب الآخرين مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، بينما وقع 8 في المائة من الطلاب ضحايا لأعمال التنمر المتكررة. وكان معدل حمل السلاح من قبل ضحايا التنمر الأسبوعي أعلى بـ1.5 مرة مقارنة بالطلاب الآخرين، في حين زاد معدل حمل السلاح إلى 2.6 مرة لدى القائمين بأعمال التنمر أنفسهم. ولعل ابرز اشكال التنمر هي: - الضرب، او اللكم، او الركل. - تخريب ممتلكات الطفل. - إطلاق لقب على سـبيل السخرية والاستهزاء. - الإغاظة. - التعنيف. - التمييز العرقي. - نشر شـائعات خبيثة. - الإقصاء عن المجموعات او النشاطات. - تهديدات بالبريد الالكتروني. - التحرش بواسطة الهاتف.
كما أصبح التنمر الجنسي منتشـراً بين طلاب المدارس، وقد يشـمل: - نكات او تعليقات جنسـية. - إطلاق تسـميات جنسـية. - نشر شائعات جنسـية. - ملامسـة الطلاب بطرق جنسـية غير مناسـبة. - محاولة خلع الملابس.
اماكن حدوث التنمر: يحدث التنمر في جميع مرافق المدرسة مثل: الصفوف، الحمامات، الممرات، الكافيتيريا، الملاعب، حافلة المدرسـة، او أثناء المشي من او إلى المدرسـة، ويتزايد في هذه الأيام عبر الانترنـت، فيسـتعمل الطلاب صفحات خاصة على الانترنت او البريد الإلكتروني او غرف الدردشة لنشر الإشاعات والصور المسـيئة للتهديد والتخويف. ويقع الأولاد والبنات ضحية التنمر بنفس النسبة، ويتعرض الأطفال الأصغر سناً للتنمر، أكثر من الأطفال الأكبر سناً.
أسباب التنمر: وقد حددت الأبحاث أسباباً تجعل بعض الأطفال أكثر عرضة للتنمر من غيرهم، فالمتنمرون يبحثون عن الأهداف السهلة، وخصوصا الأطفال السلبيين والضعفاء، مثلا: - ليس لديهم قدرات بشكل واضح. -المنعزلين اجتماعيا. - أصحاب البنية الجسمية الضعيفة. -لا يمارسون الرياضة. - يبكون بسهولة ويسهل استفزازهم. - لا يشعرون بالطمأنينة او خجولين. - يتعلقون بالكبار أكثر من أنداهم. ومن ناحية أخرى، وفي حالات نادرة يمكن أن يستهدف المتنمرون الأطفال العدوانيين والاستفزازيين، ويمكن أن يشمل: - الأطفال الذين لديهم مشاكل في التركيز في المدرسة - مفرطي الحركة - غير ناضجين - الذين ينفجرون عاطفيا بسرعة او لديهم عادات مزعجة. - غير محبوبين من الأطفال الآخرين او البالغين. - سريعي الاستثارة ويحاولون الرد على الإهانة.
عواقب التنمر للتنمر تأثيرات صحية واجتماعية ودراسية ونفسية خطيرة على الأطفال، مثل: - ارتفاع نسب تعرضهم للاكتئاب، والقلق، والانتحار، واضطرابات نفسية أخرى. - محاولة حمل أسلحة إلى المدرسة بهدف الدفاع عن النفس. - التغيب عن المدرسة بسبب الشعور بعدم الأمان. - ضعف التحصيل الدراسي بسبب القلق والخوف. - ضعف التقدير الذاتي، وارتفاع نسب الإصابة بالاكتئاب، وأنواع أخرى من الاضطرابات العقلية في سن الرشد. - عدم القدرة على السيطرة على النفس أثناء الغضب، او سلوك تدمير الذات. - احتمال الإصابة ببعض الأعراض المرضية المجهولة الأسباب: كالصداع، والآم المعدة.
كيف نمنع التنمر؟ وهناك عدة طرق لمنع التنمر، ومنها الإجراءات التالية: اسأل الطفل سؤالاً مباشراً حول تعرضه للتنمر. تحدث مع الطفل عن أصحابه، ومرافقيه في الملعب وحافلة المدرسة. علّم الطفل الثقة بالنفس، والمرونة، وكيف يطور مهاراته الاجتماعية ليقلل من كونه هدفاً سهلاً للمتنمرين. ساعده الطفل على الاشتراك بنشاطات المدرسة لمساعدته على زيادة تقديره لذاته مثل: الرياضة، او الموسيقى. تواصل مع إدارة المدرسة والمرشد التربوي لحصر المشكلة وحلها. وإذا تعرض طفلك للتنمر؛ قيم الوضع بسرعة وبهدوء، اجمع المعلومات عن الوضع، واتخذ الإجراء المناسب، فالأطفال يحتاجون لمعرفة انك تأخذ الأمور على محمل الجد، وستساعد في الحد من معاناتهم بعمل ما يلي: - شجع الطفل على التحدث عن معاناته، وكن ودوداً، ولا تظهر الأسى فتزيد الأمور سوءا. - اشعر الطفل بأنه غير مسؤول وغير ملام لتعرضه للتنمر، ولا تفترض أن طفلك فعل شيئا ليثير او يزيد التنمر المدرسي ضده، فالمتنمر عادة يختار ضحيته عشوائيا. - ادعم مشاعر طفلك، فبدلاً من إهمال قلقه، او إخباره بأن الأمور ستحل في النهاية، عبر له عن تفهمك واهتمامك بقولك: أتفهم انك تمر بأوقات صعبة، ولكن دعنا نحاول معالجة الأمر معاً. - اسأل الطفل إن كان لديه أفكاراً حول طريقة وقف هذا التنمر. - لا تشجع الانتقام. - علم الطفل مهارات الأمان عندما يتعرض للتنمر، بما في ذلك اللجوء إلى طلب المساعدة من المعنيين مثل: المدير والمرشد التربوي، وكيف يكون حازماً، واستعمال المرح والأساليب الدبلوماسية المناسبة للتخلص من الأوضاع الحرجة، مثل الموافقة على التهكم ومسايرته. - استعن بإدارة المدرسة، او بالأخصائيين من اجل طفلك إذا أصبح الخوف والقلق ظاهراً بشكل كبير. - اجمع اكبر قدر من المعلومات الممكنة، واطلب من الطفل وصف كيفية وأين يتم التنمر، ومن تورط فيه واسأل الطفل إن كان الأطفال الآخرين او البالغين قد شهدوا الحوادث. - تحدث إلى معلمي الطفل والمدراء لإيجاد حلول سريعة، ولا تتصل بأهل المتنمر بنفسك، دع للمدرسة تتولى هذا الشأن الحساس. - إذا تعرض الطفل إلى الاعتداء الجسدي، او بالتهديد بالأذى، فيجب إعلام المسؤولين في المدرسة لتحديد إمكانية تدخل الجهات الأمنية. -علم طفلك مهارات معالجة التنمر، وكيف يواجهها، بتعليمه المرونة وكيفية تحمل الأوقات الصعبة، وفيما يلي ما يمكن تعليمه للطفل: - لا تستجب للمتنمر، فهم يستسلمون عندما لا يجدون اهتماما. -لا تبادر بالشجار والقتال. - تدرب على ما ستقوله للمتنمر مثل: أريدك أن توقف هذا العمل فوراً. - اظهر الثقة بالنفس، وتكلم ورأسك مرفوع للأعلى. - لازم صديقاً قوياً ومحترماً، في حافلة المدرسة، والكافيتيريا، بين الحصص، وفي الطريق من والى المدرسة. - تحدث إلى البالغين: كالوالدين، والمعلمين، والمدير، والمرشدين التربويين، للمساعدة على التخلص من التنمر. - احرص على التواصل مع الزملاء الودودين والداعمين لك، والذين سيشملونك بنشاطاتهم. وأخيرا، لا تتوقع أن يعالج طفلك التنمر بنفسه، فالتدخل المبكر لحل المشكلة يمنع المشاكل الدائمة، مثل: الاكتئاب، والقلق، وانخفاض تقدير الطفل لذاته. واعلم أن لكمة على العين، او أنفاً نازفاً قد يشفى بسرعة، إلا أن الجروح النفسية والعاطفية الناتجة عن التنمر ستستمر مدى الحياة.
#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)
Sawsan_Shakir_Majeed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعرف على معايير ضمان جودة واعتماد كليات التربية والتربية الا
...
-
ما الفرق بين سلوك التصلب والتطرف في الشخصية
-
أفكار لتطوير التعليم العالي في الوطن العربي
-
دور المؤسسات التربوية والإعلامية في تنمية التربية البيئية
-
الاضطرابات النفسية – الجسمية التي يعاني منها المسنون
-
الضوضاء وتاثيرها على الحالة الفسيولوجية والنفسية والاداء للأ
...
-
الشخصية النرجسية وابرز خصائصها
-
الشخصية الانبساطية واهم خصائصها النفسية
-
الشخصية الانطوائية وابرز انماطها وخصائصها
-
الشخصية الكاريزمية وابرز خصائصها
-
تعرف على ابرز صفات وخصائص أبنائنا الموهوبين والمتفوقين .
-
كيف يمكن تقويم القدرات التعليمية للأطفال
-
متلازمة داون والخلل الكروموسومي
-
التفكير الابداعي واساليب تعلمه وتطويره
-
التفكير الناقد واساليب تنميته
-
هل ان أنماط التفكير تختلف من أنسان لأخر؟.
-
هل ان النسيان نعمة ام نقمة؟
-
الوثائق المطلوب توفيرها للحصول على شهادة الاعتماد الاكاديمي
-
معايير تقويم الكتاب الجامعي
-
التطور التاريخي لحركة معايير التعليم كأساس لأصلاح الانظمة ال
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|