أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - اللغة والحط من شأن الأنثى والأنوثة والأنثوي في الثقافة المعاصرة














المزيد.....

اللغة والحط من شأن الأنثى والأنوثة والأنثوي في الثقافة المعاصرة


عائشة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3696 - 2012 / 4 / 12 - 12:30
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


نشأنا على صور ثقافية (عبارات، ومواقف، وتشبيهات .. إلخ) تفرق بين الذكوري والأنثوي، تعلي من قيمة الأول على حساب الآخر، وتسربت إلينا تلك الأفكار ببطء حتى أصبحت من دعائم وركائز تفكيرنا وحديثنا، وغدونا نحن الإناث أكثر الناس إيمانًا بتلك الصور. فإذا أردنا أن نزكي فعل شخص ما قلنا بالعامية المصرية: "راجل" أي رجل، حتى أننا أصبحنا نقول: "لا، راجل يابت" بمعنى أحسنتِ التصرف فكنت كرجل فيما أقدمت عليه!
والصور التي تعلى من شأن الذكوري -وتحط من شأن الأنثوي - أكثر من أن يحصيها إنسان، فمخرجات الثقافة (من الأغاني، والأفلام، والإعلانات، إلخ) زاخرة بها، وسوف أتناول هنا مثالين فقط للتدليل على الفكرة. فبعد الثورة المصرية بدا للعيان التجريف السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي قام به النظام البائد بأسلوب ممنهج على مدى عقود. وتمثلت نتائج ذلك سياسيًا في غياب قيادات فاعلة يمكن أن تقود المرحلة الانتقالية، فلجأ المجلس العسكري إلي أحد رؤساء وزراء المخلوع ليأتي به على رأس السلطة التنفيذية بحجة أنه كان مغضوبًا عليه فيما قبل. كما تمثل في الأسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية، حيث قامت الثورة وترشح للانتخابات الرئاسية الأولى بعدها من ضمن من ترشح: نائب المخلوع، ورئيس وزرائه، ووزير خارجيته، وكأنما الثورة لم تقم !! وهكذا جرى البحث عن قائد - حيث لم تفرز الثورة قيادات تذكر - واتسعت دائرة البحث حتى نادى بها أحد المغنين قائلا: "مطلوب دكر!" هكذا ببساطة، فهو بالطبع لن يغني "مطلوب أنثى" لأن من المتعارف عليه أنهما ليسا سواء، بل أن أحدهما يفوق الآخر بسنين ضوئية.
وحتى إن قامت إحدى السيدات بعمل "محمود" ينسب هذا العمل للذكورة، وإن اقترن بعمل "مشين" قام به أحد من الرجال أو عدد منهم. كما في الصورة التي انتشرت على موقع الفيسبوك للتواصل الاجتماعي والتي تقارن بين فعل سيدة محجبة من حي العباسية قدمت الماء والغذاء لزوار البابا حين وفاته الشهر الماضي، وبين نواب في البرلمان رفضوا الوقوف دقيقة حداد على روحه. فبغض النظر عن الجدل السياسي، والديني حول هذه القضية والمواقف التي تفرعت منها، أَنظر إلى التعليق على الصورة وأَري كم يحط من شأن الأنثى، والأنوثة، والأنثوي في ثقافتنا ويعلي من شأن الذكر، والذكورة، والمذكر. فماذا كتب المعلق؟ تحت صورة السيدة كتب: "فيه عندنا ستات وقت الجد وقفت وقفة رجالة" وهو تعبير يوحي بندرة تلك السيدات اللواتي يقمن بأعمال غير اعتيادية وظهورهن في الأوقات الحرجة فقط. كما أنه يصرح بأن تصرفاتهن جديرة بالرجال، فالشهامة والكرم هي من شيم الرجال. وتحت صورة نواب البرلمان كتب:"وفي عندنا رجالة وقت الجد قعدوا قعدة ستات". أي كان عليهم أن يتصرفوا كرجال، ولكنهم لم يفعلوا.
ومن الواضح أن المعلق كان يهدف إلى الاستهزاء بهؤلاء الرجال، فزج بالنساء في ذلك الحديث. فالثقافة الشائعة إذا أرادت أن تهين الرجال شبهتهم بالنساء، وإذا أرادت أن تهين النساء شبهتهن بالنساء أيضًا وذلك باستخدام الألفاظ البذيئة. فكما نوه عالم الاجتماع الفرنسي بيار بوردوا في كتابه "الهيمنة الذكورية" تنقسم مفردات اللغة إلى شطرين متقابلين: الأرض والسماء، السيئ والجيد، الداخل والخارج، والرجل والمرأة. ولقد انفرد الذكور من بين تلك الأزواج من المتقابلات بالمفردات الحسنة، وتركوا للإناث ما هو أدنى مكانة وأقل شأنًا. فكيف لنا أن نفكك الارتباط الكائن في صلب اللغة؟ في الواقع انتشرت مثل تلك الصور انتشارًا بتنا لا نلتفت معه إلى البدائل الممكنة: فماذا عن تشبيه فعل المرأة بالفعل "الإنساني" ونفي تلك الصفة عن الفعل الآخر؟ لماذا يجب على النساء أن يتحملن تبعات الأفعال السيئة؟ ولماذا لا نبحث عن تعبيرات أقل إهانة للنساء، وأكثر احترامًا لهن؟ فإذًا كنا بحق نسعى إلى مساواة كاملة وحقيقية للمرأة في جميع المجالات فعلينا أن نلتفت إلى الألفاظ والتعبيرات الشائعة التي تحط من قدر المرأة وشأنها، ونعمل على تحليلها، وتبيان خطئها وخطورتها على ما نحن بصدده. ثم علينا العمل على نشر ثقافة مضادة تعلي من شأن الأنثى والأنوثة والأنثوي.




#عائشة_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمل المرأة ليس ترفًا
- برنامج -دائرة الستة أشخاص-: للحد من العنف المجتمعي
- عفت عبدالكريم والرسائل الملتبسة في مسرحية مدرسة المشاعبين
- الإعلان وتكريس المفاهيم التقليدية
- النظام الأبوي والدولة الجديدة


المزيد.....




- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...
- فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح ...
- السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب ...
- تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
- -دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة ...
- مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - اللغة والحط من شأن الأنثى والأنوثة والأنثوي في الثقافة المعاصرة