|
تونس..الإنسان والأدب والثورة
مصطفى لغتيري
الحوار المتمدن-العدد: 3696 - 2012 / 4 / 12 - 08:40
المحور:
الادب والفن
رحلــة
التـوق إلــى تــونـس
لتونس في القلب مكانة خاصة، دوما أغوتني بالصورة المتألقة، التي أكونها في الذهن والقلب، منذ زمن بعيد، عن ربوعها وناسها.. زاد من حدة هذه الغواية علاقة إنسانية بديعة ، نسجت خيوطها مع الناقد والشاعر التونسي عبد الدائم السلامي، الذي استقبلته مرارا في مدينة الدار البيضاء، وتنقلت معه وفي صحبته إلى بعض المدن المغربية وخاصة مدينة أصيلة في شمال المغرب، حيث كان ينتدب من طرف جريدة "العرب العالمية" ،التي له فيها عمود دائم ينفث في درره الإبداعية بكثير من الألق والعمق، لتغطية مهرجانها الأدبي ، وقد زادت علاقتي به ترسخا بعد أن كتب كتابا عن تجربتي القصصية في جنس القصة القصيرة جدا ، صحبة تجربة القاص المغربي عبد الله المتقي، اسم كتاب عبد الدائم " شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا، قصص عبد الله المتقي ومصطفى لغتيري نموذجا" ، وقد كان هذا الاحتفاء التونسي بالإبداع المغربي عميق الدلالة والأبعاد، إذ أنه يؤشر في أدنى مستويات التأويل عن العلاقة الأدبية والإنسانية بين أدباء المغرب العربي الكبير، ممثلا هنا في تونس والمغرب..لكل ذلك و لغيره لقي هذا الكتاب ، الذي كتب في تونس ونشر في المغرب برعاية من الصالون الأدبي المغربي، الذي كان لي شرف ترؤسه في تلك الأثناء ، عناية كبيرة من طرف المغاربة مبدعين ونقادا ،باعتباره أول كتاب ينكب تحليلا ونقدا على القصة المغربية القصيرة جدا من طرف ناقد غير مغربي، لذا كانت الكتب التي كتبت فيما بعد تحيل عليه دائما و تنصب عليه تحليلا و نقدا فيما يسمى نقد النقد ، فعل ذلك الدكتور جميل حمداوي و الناقدة سعاد مسكين و الناقد محمد يوب و غيرهم .
حين يحط عبد الدائم الرحال بين ظهرانينا يحدثني عن التشابه الكبير بين المغاربة والتونسيين، هذا التشابه يطول عادات الناس وسلوكهم واهتماماتهم. لكنني دوما ظللت متشبتا بصورة مختلفة عن تونس الخضراء،... شكلها على الخريطة كان دوما منبعا ثرا للحلم والخيال السادر في عمق غوايته، فيتأجج في النفس والقلب والذهن التوق إلى معانقة هذه التونس.
بعد الثورة زادت حدة الغواية وتعملق التوق حتى كاد يبتلعني، كنت أعرف أن النظام البائد يخنق الحريات، فكنت أخشى أن أتعرض هناك لموقف حرج، خاصة وأنني اعتدت التعبير عن رأيي بلا تردد أو مواربة، وقد لاحظ عبد الدائم وغيره من الأدباء الذين زاروني في المغرب، هامش حرية التعبير عندنا، حتى أن صديقي عبدالدائم قال لي يوما ما معناه أننا تنعم في فوضى الحرية. هذه العبارة قالها عندما اطلع على الصحف المغربية، و لاحظ كيف نتحدث في المقاهي عن أمور السياسة بلا تهيب أو خوف . الأمور نسبية طبعا وحريتنا المزعومة هي كذلك -بلاريب- نسبية إلى أبعد الحدود ..
حين نجحت الثورة وأزاحت النظام البوليسي، لم يبق لدي مبرر لتأجيل الزيارة، متعطشا كنت لمعرفة أحوال البلد والناس بعد هذه الأحداث المشهودة، التي عرفتها تونس، و التي أزهر فيها الربيع العربي، ومن هناك تضوع عبيره الأخاذ، لينتشر غير هياب ولا متردد إلى باقي البلدان العربية، في مصر وليبيا واليمن وسوريا، وقد أصطلينا نحن في المغرب ببعض رذاذه، لكن النظام كان ذكيا في استنشاق عبيره، فحصلنا على تغيير على المقاس، بفضل شباب عشرين فبراير ، الذين أجبروا النظام على التنازل على جزء من سلطته لصالح الشعب. إذن لم نخرج من الربيع بخفي حنين، فالانفتاح محسوب الخطوات للنظام المغربي على الأحزاب السياسية والنقابات، وإدماج المعارضة التاريخية في دواليب الحكم أفاده كثيرا، لكل ذلك وجد شباب حركة عشرين فبراير التي أشرعت أبواب الحلم على مصراعيه، أنفسهم وجيدين في الميدان، يحاربون على أكثر من واجهة،و يخاربون بأساليب قذرة ..وحدها أحزاب اليسار الجذري فتحت أحضانها لهم ومنحتهم مقراتها لرعاية الحلم فيها، فيما اختارت جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة النزول رفقة الشباب إلى الشارع ، لكنها لسبب غير واضح ، خاصة بعد وصول الإسلاميين إلى السلطة عدلت عن موقفها وعادت إلى " زاويتها" سالمة مطمئنة.
يكفي الحركة فخرا أنها حركت مياه بركتنا الأسنة، وأجبرت النظام على تغيير الدستور وإجراء انتخابات أكثر نزاهة من سابقاتها، أتاحت لحزب إسلامي لم يساند الحركة ، بل هاجمها، أن يصل إلى كراسي الحكم ليسير دفة البلاد بتشارك مع الملك ورجالاته. لقد استفاد الإسلاميون من جميع الثورات العربية لأنهم الأكثر تنظيما ومصداقية لدى شعوب، تعتقد أن الجانب العقائدي والأخلاقي كفيل بحل مشاكلها، من يدري قد يحدث ذلك،فلننتظر.. فهاهم قد وصلوا إلى السلطة في أكثر من بلد عربي والحبل على الجرار..
إزاء هذا الاكتساح الأخضر لازالت الفئة المثقفة العلمانية واليسارية خصوصا حذرة. تضع يدها على قلبها خوفا على الحريات الفرديةن و تهيبا من السقوط بين براثن دولة دينية تكرس للاستبداد الشرقي وتنقلب على الديموقراطية السياسية والاجتماعية التي اندلعت من أجلها الثورة ..ماذا يفعل المرء؟ ليس عليه سوى أن يتابع التطورات وينتظر...إنها الديموقراطية التي طالما طالب بها الجميع ويجب احترام نتائجها كيف ما كانت، حتى لو استفاد منها من يعتقد الناس أنه لا يؤمن بها. إذن فلينل هؤلاء المتحدثون باسم الدين فرصتهم. إنها مناسبة كبيرة لينزلوا بخطابهم وتصوراتهم إلى الواقع العنيد. ويؤنسنوا تطلعاتهم وأفكارهم، حتى يصبحوا أكثر تواضعا في طروحاتهم، وقد بدت تباشير هذا التحول تتجلى باستيحياء في كثير من سلوكاتهم منذ أيامهم الأولى على رأس السلطة.
اتصلت بصديقي عبد الدائم السلامي. الذي طالما حرضني على زيارة تونس، فأخبرته أن الفكرة قد نضجت في الذهن والقلب، قلت ذلك وفي البال أن أستثمر هذه الزيارة المرتقبة لكتابة شيء ما عن تونس، قد يتخذ شكل رواية، أو قصيدة أو مقالات، لكن بعد أن تحقق الأمر وجدت نفسي أميل نحو أدب الرحلة، لأن هذه "التونس" تستحق أن يوثقها المرء في كتاب.. أمهلني صديقي ثلاثة أيام ثم اتصل بي ليخبرني أن اتحاد كتاب تونس، فرع توزر يوجه لي الدعوة للمشاركة في المهرجان الوطني للأدب والفنون.. بعد يوم من ذلك توصلت بدعوة رسمية من الشاعرين شكري ميعادي ومحمد بوحوش، ومنذ تلك اللحظة بدأت التحضير الحقيقي للزيارة، خاصة بعد التشجيع والدعم الذي تلقيته من بعض الصديقات والأصدقاء المبدعين، ومنهم الأدبية العراقية رحاب حسين الصائع والقاصة الفلسطينية سمر حجازي، والقاصة المغربية السعدية باحدة، والناقدة المغربية سلمى براهمة والناقد محمد داني والشاعر نور الدين بلكودري وغيرهم، أقول ذلك لأنني كنت قد مررت في تلك الفترة بظروف صعبة ،على إثر اعتقال ابني سهيل لمدة يومين في ولاية الأمن بالدار البيضاء بتهم سورليالية.. هذا الاعتقال كان يدخل في إطار محدد، يتمثل في بث الرعب في شباب عشرين فبراير حتى يكفوا عن النزول إلى الشارع ، للمطالبة بإصلاحات سياسية حقيقية. وقد ساهمت أخت الناقدة سلمى ابراهمة المحامية سعاد ابراهمة بشكل فعال في إنهاء المهزلة، بعد أن لمست عن قرب الحب الكبير الذي غمرني به الأصدقاء الأدباء و في مقدمتهم الشاعر الجميل عبد العاطيجميل ، الذي حرض جميع الجمعيات الحقوقية ، و لم ينقصه سوى الاتصال بهيئة الأمم المتحدة ، الجمعية العامة طبعا ، لأن مجلس الامن عنيد بحق النقض الفيتو .
كنت أحتاج فقط لبعض الإجراءات البسيطة من قبيل الحصول على شهادة مغادرة التراب الوطني، لأن السفر إلى تونس لا يستوجب الحصول على تأشيرة، إنه بعض ما تحقق بفضل اتحاد المغرب العربي المتعثر، بسبب الظروف السياسية المتوترة بين المغرب والجزائر على الخصوص ،على خلفية الصراع حول الصحراء، التي لا زالت الجزائر تراهن على فصلها عن المغرب .. قد يتجاوز هذا الاتحاد المغاربي ظروفه الراهنة الصعبة في المستقبل القريب ليتحقق الحلم المغاربي المشروع والقابل للتحقق، خاصة بعد أن قالت بعض شعوبه كلمتها، وأضحت مقررة لمصيرها. إذا حدث ذلك ستتوطد العلاقات أكثر، وينعم الجميع بالتقدم المنشود و تفتح الحدود الوهمية لتصبح الشعوب أكثر تواصلا فيما بينها.
بذلت مجهودا استثنائيا للحصول على الوثيقة المطلوبة، وكانت الإدارة التي أشتغل تحت وصايتها متفهمة. فلم يستغرق الأمر سوى يوم واحد، زرت خلاله مندوبية التعليم في مدينة برشيد والأكاديمية في مدينة سطات، وقد تجند لتسهيل مهمتي أصدقائي الأدباء في المدينتين وخاصة " عصابة برشيد"، والمقصود تحديدا القاص ابراهيم أبويه والقاص محمد أكراد الورايني والقاص عبد الغني الصراد، والقاص كمال الصقلي الذي كان تدخله حاسما لتسريع مسطرة الحصول على الوثيقة بفضل وظيفته داخل المندوبية.
المفاجأة الجميلة التي حصلت بعد ذلك ،وهي مفارقة ساخرة تستحق أن تنتزع الضحك إلى حدود القهقهة ، أن السماح لي بالسفر لم يتطلب أبدا هذه الوثيقة، لم يسألني عنها أحد، فقط استفسرني شرطي الجمارك عن الغرض من السفر، فأخبرته بأنني مدعو لحضور ملتقى أدبي، فطلب مني باحترام أن أمضي في طريقي نحو قاعة "الإركاب" بعد أن سجلت أمتعتي في المكان المخصص لذلك.
بعد ساعة أو أكثر من الانتظار، ابتلعتني طائرة تابعة للخطوط التونسية، التي كانت ممتلئة عن آخرها بالمسافرين أغلبهم تونسيون، وبينهم الكثير من المغاربة المتجهين نحو ليبيا، بعد أن استقرت الأوضاع نسبيا هناك، إنهم عمال تركوا البلد بعد الأحداث الدامية التي دفع العقيد الديكتاتور شعبه إليها، بسبب تمسكه المرضي بالسلطة ، رغم ادعائه المتكرر بأنه ليس رئيسا ولا يملك أي منصب سياسي في البلد، فإذا به أكثر الرؤساء تمسكا بالكرسي الذي زلزله من تحته الثوار، عكس ديكتاتور تونس الذي أحسن فعلا بهروبه الجميل، فجنب البلاد كوارث لا يعلم أحد مداها ونتائجها، فاستحق نتيجة لذلك " زين الهاربين".
في رحاب تونس العاصمة
حطت بنا الطائرة في مطار تونس قرطاج على الساعة العاشرة والنصف ليلا. مرت الإجراءات بسلاسة، دخلت بهو المطار وتسلمت أمتعتي التي كانت عبارة عن حقيبتين كبيرتين ملئتا كتبا، لأنني كنت عازما على أن أقترح على منظمي المهرجان تنظيم معرض صغير للكتب المغربية، لهذه الغاية نقلت معي أكثر من مائة عنوان مغربي في القصة والرواية والشعر والنقد... وجدت صديقي عبد الدائم في انتظاري رفقة قريب له، شاب في السابعة عشرة من عمره يدعى "مناف" .. بعد العناق الحار و الترحيب غادرنا المطار لنتوجه إلى سيارة عبد الدائم التي كانت مركونة في موقف السيارات على مقربة من المطار، كنا بصدد إدخال الحقيبتين في صندوق السيارة الخلفي عندما فوجئنا بشرطي بزي مدني ينبثق بغتة أمامنا، دون مقدمات ..بكثير من الانفعال وجه كلامه لصديقي عبد الدائم:
-ماذا يفعل المغربي هنا؟
ببرود رد عليه صديقي:
-من أنت؟
أخبره بأنه شرطي وأكد كلامه بإخراج جهاز التواصل الهاتفي الخاص بالشرطة ، حقيقة صدمني الأمر، لأنني كنت أظن أن تونس تغيرت بتغير نظامها البوليسي البائد...بدأ الشرطي بشكل استفزازي يطرح بعض الأسئلة على عبد الدائم لا علاقة لها بالمغربي الذي أمامه . سأله عن أوراق السيارة، ووصل الضريبة على السيارة، وكأنه يبحث عن شيء غير محرج لتونس الجديدة كي يعرقل سفري، لكنه فجأة توصل بمكالمة طارئة ، فناول عبد الدائم أوراق سيارته ، وانسحب دون أن يعتذر لنا.
بأريحيته ولطفه المعتادين ،بدأ عبد الدائم يبحث عن مبررات لسلوك الشرطي وللحادثة المفاجئة ككل، واتفقنا على أن أوضاع البلد التي لم تستقر بعد هي السبب فيما حدث، واستنتجنا أن كثرة الكتب التي أحملها في الحقيبتين. أثارت الشكوك، لكن عندما تأكدت الشرطة بأنها مجرد كتب أدبية سمحت لنا بمواصلة طريقنا نحو بيت عبد الدائم. أقول ذلك لأنني وجدت أن بعض النسخ ناقصة، فاستغللنا ذلك لإطلاق بعض النكت واعتبرناه احتفاء للشرطة بالأدب، فأن تقرأ لك الشرطة كتبك فذلك قمة الاحتفاء والروعة.
لولا شيئان اثنان لا ثالث لهما، لما ظن المرء أنه في بلد مختلف عن بلده. انتشار رجال الأمن عبر الشوارع بشكل ملحوظ، وكثرة الأعلام الوطنية التونسية المرفرفة على المباني وفي الأزقة وفي أماكن لا يمكن توقعها. هذه الأعلام مزهوة بنفسها، محتفية بأحمرها الزاهي، الذي يتوسطه بياض، تتخلله نجمة حمراء وهلال يحيط بها. هل يحميها ؟ ربما...ممن ؟ لست أدري.
هذه الأجواء تبدو مبررة بحكم أجواء الثورة التي لا زالت بعض مظاهرها بادية للعيان كالاحتجاجات المتواصلة، واللافتات المطالبة بحقوق شتى وتلك المناهضة للغلاء، إحداها تطالب المواطنين بمقاطعة اللحوم الحمراء، لأن ثمنها أصبح مرتفعا جدا، والسخرية حاضرة كذلك في الكتابة على الجدران التي أضحت ظاهرة جديدة غزت تونس العاصمة وباقي المدن، قرأت في إحدى الكتابات "ثمة شعب قام بثورة لإسقاط نظام قديم. فأتى بنظام أقدم منه" إنها إشارة ذكية وساخرة لوصول الإسلاميين إلى السلطة عن طريق انتخابات قال فيها الشعب كلمته.
لأنني قدمت إلى تونس قبل يومين من انعقاد المهرجان في مدينة توزر قضيت ليلتي في بيت صديقي عبد الدائم السلامي، الذي حاول جاهدا وبكل ما يملك من نبل وطيبوبة أن يشعرني بأنني في بيتي، وقد تحقق لي وله ذلك بكثير من المحبة المتبادلة.
في صباح اليوم التالي، لم نضيع وقتنا كثيرا، تناولنا فطورنا في مقهى بشارع بورقيبة ، ثم قررنا أن نعطي أنفسنا للمدينة. وأنا أخطو خطواتي الأولى في دروب المدينة، كنت أنقب في ثناياها عما يستجيب لأفق انتظاري عن تونس العاصمة، بعد أن كنت قد شيدت لها في خيالي صورة ما، بيد أني كلما توغلت أكثر في شوارعها وأزقتها وأحيائها ، كنت أشعر وكأنني أبدا لم أغادر المغرب.
العمران متشابه بل متطابق في كثير من الأحيان، وكأنك تجوب أحد شوارع الرباط أو بعض أحياء الدار البيضاء، والمدينة العتيقة تمنحك الإحساس بأنك في أحضان مدينة الصويرة بمقاهيها ، التي تغزو الفضاءات العامة وتستبيح شوارعها... الناس كالناس...يتملكك الإحساس بأنك بين أهلك ما تزال، تشي بذلك ملامح الناس وسلوكاتهم وانغماسهم في الأحاديث بأصوات تعلن عن نفسها بلا تحفظ، حتى اللهجة التي تبدو أول الأمر مختلفة وغير مفهومة..سرعان ما تألفها الأذن وتصبح مستأنسة.. كما في المدن المغربية الباعة المتجولون ينتشرون في كل مكان يروجون لبضاعتهم بوسائل شتى، تكاد تكون متشابهة بين البلدين، والفقراء أنفسهم يذكرونك أنك في بلدين أخطآ طريقهما نحو الإنسان كهدف في ذاته ولذاته، وحين تبتلعك المدينة العتيقة في أحشائها ، تنفتح لك مدينة فاس بأزقتها الضيقة ودكاكينها التي تبدع في عرض بضائعها، واكتظاظ حركة مرور الناس في هذه الدروب، ثم تفاجأ على حين غرة بجامع الزيتونة، الجامع / الجامعة التي سارت بذكره الركبان، فيستحضر الذهن جامع القرويين في فاس ببهائه وعتاقته. لكلا الجامعين تاريخ موغل في القدم،ولكل منهما كانت تشد الرحال لاغتراف العلم والمعرفة، وقد لعبا دورا محوريا في الحفاظ على الهوية العربية للبلدين خلال الفترة الاستعمارية التي تكاد تكون متشابهة بين البلدين زمنا ومستعمرا، ففرنسا كانت صاحبة الحل والعقد في القطرين خلال الفترة المذكورة، رغم أن المغرب كانت إصابته بهذه البلوى مضاعفة، إذ أن إسبانيا قد فازت بنصيب منه بشمال البلاد وجنوبه، هذا التشابه ربما يجد رمزيته في تقاطع شارعي بورقيبة ومحمد الخامس في العاصمة..
استبدبي الفضول لأزور ضواحي المدينة، فاستجاب صديقي عبد الدائم بأريحته المعهودة. استقللنا سيارته وتوجهنا طرا نحو الضاحية الشمالية، وما إن ابتعدنا قليلا عن المباني حتى لاح لنا البحر يتمدد كبحيرة كبيرة، وحين ترمي ببصرك بعيدا تشعر وكأنك في أحضان مدينة أكادير أو مدينة طنجة، تتسللان إلى الذهن خلسة لتؤكدا لك بأنك أبدا لم تخط خطوة واحدة خارج الوطن. أنت هنا وهناك. لا فرق. فدع عنك أوهامك ومقارناتك وعش لحظتك، ارتشفها قطرة قطرة، فما العيب وما الغريب في أن تكون تونس مغربية؟
في طريقنا نحو الميناء في سيدي بوسعيد ، مررنا عبر طريق يضج بالآثار القديمة، التي استولت على أكثر أراضيها العائلة الحاكمة ،االمطاح بها من طرف الثورة. حدثني صديقي عبدالدائم عن "أميلكار" والد هنيعل وعن تاريخهماالمجيد ، الذي يمنح المكان مهابته وقداسته.
في أحضان سيدي بوسعيد، المنطقة التي اقتبست اسمها من الولي الصالح أبي سعيد الباجي، يمنحك البهاء نفسه، وتصبح للفظة "باهي" التي يرددها التونسيون كثيرا في حديثهم تعبيرا عن الاستحسان، معنى حقيقيا بل تصير "باهي بارشا" أي جميلا جدا، أو " زوينة بزاف" بلهجة المغاربة. هنا لونان مهيمنان، جميلان إلى حدود الفتنة، الأزرق والأبيض، الأزرق في الامتداد البحري اللامتناهي ، وفي السماء التي تتطوع لتكون سقفا حاميا للمدينة والناس، ثم ينتقل إلى الأبواب والنوافذ. هذا الأزرق يتماوج يتدرج في تفاصيله، إنه أزرق نرجسي معتز بنفسه، يمنح المكان بعدا متوسطيا لا يخفى على البصر. فيذكرك جماله الاستثنائي بمارسيليا والاسكندرية وأصيلة النائمة في أحضان المحيط، لكنها على مرمى بصر من المتوسط. أما البياض، فليس له هنا رمزية الخواء أو اللاشيء، إنه بياض دال وعميق، يخضب الجدران والمراكب المتراصة على رصيف الميناء. بياض يشع نقاء، وحيوية، يضيف للمكان نورا على نور، ويمنح الأزرق إطارا قويا ليتمرغ في أحضانه، ويعبر عن نفسه كلوحة زاهية باهية وفاتنة.
في المقهى أجالس صديقي الدائم عبد الدائم السلامي ، الذي يعشق المكان ويعتز به، وقد بدا ذلك على ملامحه السمراء التي شعت بالفرح وهو يحكي لي عن تاريخ المنطقة، التي استوطنها الإنسان منذ الزمن الغابر، وتعاقبت عليها حضارات إنسانية كبرى، استفاض في الحديث عن هنيبعل القائد والزعيم الشهير وعن أبيه أميلكار،الذي يتكرر اسمه على امتداد مباني المنطقة، تأكيدا لهوية المكان، وخوفا عليه من الضياع ، أو أن تمتد إليه الأيادي الغاشمة ،التي لا تحفل بذاكرة المكان، بل تسعى جاهدة إلى الاغتناء الفاحش بشتى الوسائل القذرة، بما فيها السطو على أرض، تعد ملكا جماعيا للشعب التونسي العظيم.
عرج بنا الحديث نحو الماضي القريب للمنطقة، هذا الماضي الذي يناضل التونسيون من أجل إلغائه من الذاكرة، لأنه يشكل وصمة عار على الأرض والناس والإنسانية جمعاء. تطرق الحديث إلى الطرابلسية، التي استولت في غفلة من الجميع على مساحات شاسعة على مشارف المتوسط، مساحات غنية بآثارها التاريخية، التي تكاد تنطق محدثة سامعيها عن ماضيها التليد..
حولت الطرابلسية المكان إلى قصور خاصة وبعائلتها، تمارس فيها وبها لعبة التباهي ، التي يتقنها محدثو النعمة، الذين فاجأهم الجاه والسلطة والثروة، فلم يحسنوا التعاطي معه، كان صديقي يتحدث وهو يشير بيده إلى الجبال التي تسيج المكان من حولنا ، محصنة الميناء في حضن هدوء ناعم.. على امتداد تلك الجبال تقبع مقاه مغرية احتفظت بطابع تقليدي أثير، ومنها مقهى العاليا، الذي يؤمه مشاهير العالم، ذكر منهم صديقي الرئيس الأمريكي الشهير نكسون، ولم يترك صديقي فرصة الحديث عن أمريكا تمر دون أن يلعن أمريكا الإمبريالية، أعرف موقف صديقي من أمريكا من خلال مقالاته الجميلة في جريدة العرب العالمية، التي يطل على العالم من خلال عموده بها، فيدبج أعمدة فاتنة وذكية، يتطرق فيها لمواضيع شتى، تنال فيما أمريكا والدول المتجبرة نصيبا من التقريع. بالطبع كان يعجبني ذلك غير أن لي وجهة نظر مختلفة، فلقد آمنت دائما بأن المشكل الحقيقي كامن في أنفسنا، في ذواتنا، والعوامل الخارجية ليست سوى عوامل ثانوية، والعلاقة بين الدول كانت ولا تزال مبنية على المصالح ومنطق الغلبة، ومن أباح نفسه للغير فلا يلوم غير نفسه.
"سيدي بوسعيد" محطة لاستجماع الأنفاس، وترتيب دواخل المرء بالهدوء والسكينة خاصة إذا كانت الرفقة تحفز على ذلك، لقد كان عبد الدائم وقريبه الشاب "مناف" القادم إلى تونس من مدينته البعيدة لقضاء عطلة الربيع، كما يتوقعها المرء، وكأن المكان لا يحلو في العين والقلب دون أن يؤثثاه بوجودهما الجمييل.
هناك تناولنا غداءها، الذي لا يستقيم له معنى ، دون أن يتبل ب "الهريسة" التي حذرني منها الأصدقاء في المغرب حتى لا أصاب بمغص في الأمعاء. أعرف أن لدي حساسية مفرطة تجاه المأكولات والمشروبات المثيرة للأمعاء . لكن ماذا سيحدث لو كسرت قاعدة الاحتراس، وتناولت هذه " الهريسة" حتى من باب الفضول.. فكرت قليلا وفي آخر المطاف غلبت كفة التعقل، ولم أفعل حفاظا على شيء مبهم لم تتحدد ملامحه في الذهن بوضوح.. أعرف أن خلطة الفلفل الأحمر هاته لن تسبب لي في كارثة، لكنني مع ذلك آثرت السلامة، حتى أفادي ما يمكنه أن يفسد رحلتي الأولى إلى تونس.
تناولنا غداءنا في المقهى المعادي للشاطي على مرمى بصر من القوارب واليخوت التي تتزاحم على الرصيف، وكأنها كائنات غريبة تغزو المكان، وتستعد لهجوم مفاجئ.. تصورتها في لحظات جراداا أبيض سيزحف في أي لحظة على العشب المترامي الأطراف على امتداد الشاطئ.. أعجبني التشبيه وتماهيت معه للحظات ، لكنني سرعان ما عدت بالذهن إلى لحظتي الآنية.
اقترح صديقي عبد الدائم أن نتوجه نحو مقهى العاليا. مقهى المشاهير الشهير استقللنا السيارة، خضنا في طرقات متعرجة، ثم ركنا السيارة في مكان محددة، ترجلنا ومضينا في طريقنا مبتهجين بجمال اللحظة، كان عبد الدائم يحدثني عن موسيقي فرنسي شهير عشق المكان وأسس فيه مركزا للموسيقى الأندلسية ..في طريقنا في اتجاه المقهى أثارت انتباهي الأقفاص التي يتفنن الصناع في صناعتها، بعد أن زينوها باللونين الأثيرين في المنطقة ، الأزرق والأبيض، ربما ليجعلوا إقامة العصافير بها أكثر شاعرية، هل يفيد ذلك؟، هل الجمال يعوض الحرية، ربما. من يدري؟
على امتداد الطريق المتعرج، والصاعد نحو الأعلى تثيرك الأبواب والنوافذ بلونها الأزرق والجدران بلونها الأبيض. هنا لا يمكنك إلا أن تستحضر مدينة شفشاون المغربية القابعة وسط الجبال، والتي تفتح لك صدرها البهي،حين تكون قادما من مدينة تطوان "حمامة الشمال" أو حمامة المتوسط.. التشابه هنا صارخ ومعبر، بل مربك كذلك ..
ولجنا المقهى والتقطنا صورا للذكرى، ثم غادرنا المكان على عجل، لنتابع سيرنا في اتجاه مقهى آخر على مشارف هاوية سحيقة، تطل على البحر، إنه مقهى "سيدي الشبعان" الذي يتميز بأجوائه الشعبية العربية، هناك شربنا قهوة بنكهة عربية.. المكان مكتظ جدا بالزوار رغم أن الوقت صباح...الشباب يرتشفون دخان" الشيشة" بكثير من الانتشاء، والأجانب يداعبون دهشتهم بالمكان ،وأنا أتكور في مقعدي أعب التفاصيل بقلب جذل، وعينين حالمتين، صديقي عبد الدائم وقريبه يحاولان أن يقدم لي المكان والأجواء كغنيمة حرب. يقسمان علي بأن لا أضع يدي في جيبي لأدفع ثمن أي شيء.. كان ذلك يحرجني بعض الشيء، لكن ماذا أفعل ؟ لن أقوى على جرح كبرياء الضيافة عند التوانسة. أعرف أنه لو فعل نفس الشيء معي حين يكون في ضيافتي في المغرب لغضبت.
مساء بعد أن حجزت تذكرة تضمن لي مقعدي في الحافلة المتجهة نحو مدينة توزر الجنوبية، الجنوب الغربي لتونس تحديدا، على مقربة من الحدود التونسية الجزائرية، توجهنا نحو حي المروج الذي تتناسل أرقامه، مروج رقم كذا ومروج رقم كذا. .بالمناسبة أسماء الأحياء في تونس جميلة وشاعرية. قصدنا مقهى شعبيا.. كان مكتظا بالرواد. هناك كان في انتظارنا صديق عبد الدائم السلامي وزميله في العمل الأستاذ صالح الغزي، الذي يشتغل مفتشا في التعليم الثانوي أو متفقدا كما يلو للتونسيين أن يعمدوا هذه المهنة.. تحلقنا هناك حول منضدة صغيرة... هرول النادل نحونا فطلبنا بعض ما يقدمه المقهى لزبنائه. اخترنا مشروبات تتلاءم مع ما اقتنيناه سابقا، أقصد" الملاوي" أو " المسمن" بلغة بعض المغاربة ،لأن البعض الآخر يسميها بنفس الاسم في تونس، اشتراه عبد الدائم محشوا ببعض ما يلزم حتى يكون أكثر لذة، ويضمن لنا بعض السعرات الحرارية التي نحتاجها لنواصل السمر والسهر، هنا سأكتشف أن الإخوة في تونس يطلقون على البيض اسم "العظمة" ..حاولت أن أجد تبريرا لهذا الاسم الغريب فلم أظفر بشيء، هل هو اللون أم الشكل أم أشياء أخرى؟ لست أدري..
في حضور متفقد أو مفتش، لا يهم الاسم، أو لنقل متفقدين ومدرس، لأن صديقي عبد الدائم يشتغل هو كذلك كمتفقد. إنه رجل متعدد، أديب وصحفي وتربوي...كان لزاما علينا والحال هاته أن ننغمس في الحديث عن التربية والتعليم، فأفضنا في الحديث عن ذلك بعد أن قدمت للأستاذ نسخة من روايتي "ابن السماء" ..
كان الأستاذ صالح يتحدث باستفاضة عن الميدان الذي يتشغل فيه ويحبه، وكان معنيا جدا بالمقارنة بين التجربة التونسية والتجربة المغربية في هذا المجال. ونظرا لما يتمتع به الرجل من حصافة ولطف ،يختزلان الكثير من أخلاق التونسيين، كان يتحدث بإعجاب عن التجربة المغربية، وعن تقدمها في مجال البحث التربوي. هذا الكرم الذي غمرني به الرجل جعلني أشعر بكثير من التواضع، خاصة حينما أخبرني بأسماء تربويتين مغاربة اطلع بعمق على أبحاثهم، فرددت عليه بأننا – نحن المغاربة – نعتز بالتجربة التربوية التونسية ونستفيد منها، بل نعتبرها رائد ة مغاربيا ، خاصة وأن تونس قطعت أشواطا في القضاء على معضلة الأمية ، التي ما زال المغرب يعاني منها بشكل كبير، إذ أن أكثر من أربعين في المائة من المغاربة لا يزالون يهيمون في ظلمات الأميبة المقيتة، وحتى لا نستمر في هذه اللعبة المكشوفة، فيرجع كل منا الفضل للآخر، قررنا بنوع من التواطؤ المفضوح أن نمسك العصا من الوسط، بشكل من التوافق، الذي نتقنه نحن المغاربة خاصة في المجال السياسي، فاتفقنا على أن التجربة المغربية متقدمة على مستوى الأبحاث النظرية بينما تتفوق التجربة التونسية على مستوى التطبيق الميداني والبعد البيداغوجي، ربما كنا قريبين من الحقيقة، لكن المهم أن كل منا رضي بهذه القسمة العادلة، وتجلى ذلك في البهجة التي ظهرت على ملامح كل منا، والأجواء الحميمية التي احتضنتنا في كنفها.
وبما أن الأدب هو مبرر حضوري إلى تونس، فقد عرج بنا الحديث نحوه، وأفضنا القول فيه ، خاصة وأن عبد الدائم كان قد حدث صديقه عني وعن قصصي في مناسبات سابقة. كان حديث الرجل عن الأدب شيقا، فيه الكثير من الفائدة والمتعة، ارتشفنا مشروباتنا على إيقاع الأدب. لكن السياسة سرعان ما جرتنا نحو وهادها. فلا بد للمرء في تونس الثورة أن يتحدث في السياسة، أحسست في حديث الرجل ببعض المرارة المشوبة بغير قليل من الأمل في المستقبل .. كنت على يقين بعد حديثي مع الرجل أن تونس تستحق الأفضل، وشعبها قادر على التحدي وكسب الرهان ، خاصة بوجود رجال ونساء من طينة صديقنا المتفقد الذي يشع طيبة ووطنية وحماسا.
#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سطوة الزمن في ديوان الشاعر التونسي محمد عمار شعابنية -ثلاثون
...
-
استدعاء الشخصية الأدبية في -شوارد- للشاعر التونسي محمد بوحوش
-
-طيف اللقاء- للشاعرة التونسية نجاة المازني أو عندما تشبه الش
...
-
لغتيري للمغربية : رواية -ابن السماء - معنية ببنية العقل الخر
...
-
العوفي و لغتيري يتحدثان لجريدة التجديد عن علاقة الأدب بالسيا
...
-
الكتاب الشباب درع الاتحاد الواقي
-
اندغام الذات في الطبيعة في -ابتهالات في العشق- للشاعر نورالد
...
-
جمالية الحوار في - مطعم اللحم الآدمي - للقاص المغربي الحسن ب
...
-
بلاغة الارتياب في -شبه لي- للشاعرالسوري سامي أحمد.
-
غواية الرجل و فتنته في -رعشات- للقاصة سناء بلحور
-
الاحتفاء بالتفاصيل في المجموعة القصصية -مملكة القطار- للقاص
...
-
شطحات صوفية في -طيف نبي- للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس
...
-
الفصل الأول من رواية -ابن السماء- لمصطفى لغتيري.
-
حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه
-
بلاغة الصورة الشعرية في عتبات العناوين عند الشاعرة رشيدة بوز
...
-
وحي ذاكرة الليل إصدار جدد للأديبة العراقية رحاب حسين الصائغ.
...
-
متعة أدب الرحلة في -من القلعة إلى جنوة- للكاتب المغربي شكيب
...
-
إصدار جديد للشاعرة رشيدة بوزفور ..تقديم مصطفى لغتيري
-
القصيدة العربية بين البعد الشفوي و الكتابي
-
شهادة مصطفى لغتيري ضمن ملف الرواية المغربية في مجلة سيسرا ال
...
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|