سامان كريم
الحوار المتمدن-العدد: 3693 - 2012 / 4 / 9 - 18:19
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في الاونة الاخيرة وخصوصا بعد طلب المالكي تسليم الهاشمي الى بغداد بغية محاكمته وبالتحديد بعد تصريحات مسعود البارزاني بمناسبة عيد نوروز ضد المالكي واتهام الأخير بالتفرد بالسلطة, نرى في الأفق حملة سياسية واسعة للعديد من الكتاب التابعين وغير التابعين لكتلة دولة القانون... ضد "الكرد" والحركة القومية الكردية وليس على "مسعود البارزاني" كفرد، كانما "الكرد" جسد واحد وروح واحدة خالٍ من التكوينات الاجتماعية والطبقية التي تشكل بنية المجتمعات والقوميات في جميع بقاع العالم. كأنما القومية الكردية التي يقودها البارزاني هي روح الناطقين باللغة الكردية قاطبة, كانما هي روح ازلية طبيعية تتساوى فيها القومية كحركة طبقية برجوازية مع المجتمع وتطلعات الانسان برمتها. انها حملة قومية معاكسة, المراد منها تشديد الصراع القومي من قبل احد اطراف الاسلام السياسي الذي يقود بغداد في هذه المرحلة.
نحن نرى ونسمع ونقرأ مقالات وتصريحات عديدة من قبل مختلف كتاب ومستشاري المالكي وأعضاء كتلة دولة القانون في البرلمان العراقي، ويذكروننا بتلك المفاهيم العتيقة التي عانت الجماهير على اثر تطبيقها في العراق ويلات ومأسي كبيرة. حيث نذكر عددا منهم فقط ومنهم سيد احمد العباسي ومقاله تحت عنوان "قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين" وهويقول "ونحن لانتكلم جزافا عن الاكراد حتى لايتهمونا بالباطل فنحن اصحاب الدليل" وتصريحات الامين العام لإئتلاف ابناء العراق الشيخ عباس المحمداوي "ليس صعبا على العشائر العراقية اعادة الأكراد الى الجبال " ومقالات كثيرة اخرى ضد قادة الحركة القومية الكردية وبالتحديد البارزاني ومنها مقال "التفجيرات الارهابية وتصريحات برزاني محاولة لاجهاض جنين القمة العربية في بغداد" بقلم محي المسعودي و"نعم نحن فاشلون يا سيد برزاني" بقلم محمد فوزي و" أوراق طاهر الحبوش تفضح مسعود برزاني" بقلم فراس الغضبان الحمداني...... وكلها في الموقع الإلكتروني لحزب الدعوة او كتلة دولة القانون (عراق القانون).
الذي يخصنا ليست الحركة القومية الكردية واحزابها وليس البارزاني ولا الانتقادات ضد البرزاني لانه شريك مع المالكي في الفساد وتفجير الازمات القومية وادارة الحكم, انهما من عائلة برجوازية واحدة, على رغم اختلافاتهما العميقة. الذي يهمنا ونركز عليه هو تلك المفاهيم القومية "الكرد" و"العرب" كأن الناطقين باللغة العربية والكردية روحان متناقضان لا يلتقيان أبداً, كانهما كتلتان مختلفتان باللون والطعم والرائحة ونحن في العراق فقط لدينا "الانسان القومي" دون "الانسان الطبيعي" او "الانسان العامل" كانه لدينا كتلة كردية قومية متجانسة بذاتها وكتلة عربية قومية متجانسة بذاتها ايضا. هذه المفاهيم قديمة قدم الحركة القومية العربية في العراق, والتي اوصلتها الى الدستور والقوانين في عام 1958 كأول دستور لجمهورية العراق. على رغم تعفن هذه المفاهيم وقدمها, تظهر لنا اليوم بحلتها الجديدة وعلى لسان حركة اسلامية بقادتها وكوادرها "حزب الدعوة" وكتلتها "كتلة دولة القانون" حيث تحول خطاب هذا الحزب وكتلته الى خطاب قومي بمعنى الكلمة, كأنه يهدف الى تمثيل هذه الحركة عوضا عن قادتها وحركتها الرئيسة. فلابد من اساس سياسي لهذا الظهور الاسلامي بحلته القومية, علينا ان نفتش هذا الظرف السياسي الجديد، لكن قبل ذلك من الافضل ان نفتش عن تلك المفاهيم وماتحتويه بغية توضيح وتشريح هذه المفاهيم وإسقاطهما فكريا ونظريا, ليتسنى لنا ان نواجهها على صعيد سياسي واجتماعي بقوة ووضوح اكثر.
"العرب" و"الكرد", مفاهيم وهمية مصطنعة
"العرب والكرد" مفهومان مشتركان في محتوياتهما وتوجهاتهما النظرية والسياسية ومنطلقاتهما الفكرية. التعريف الاكثر شمولية لهذين المفهومين, هو تعريف الـ "انا" ازاء او مقابل "الاخر" او مقابل "انا الاخر" ليتسنى لها ان تعرف نفسها وفق هوية معينة وهي هوية قومية سواء كانت هوية كردية اوعربية او اية قومية اخرى. المشكلة والتناقض يبدأ مع هذه الهوية وهذا التعريف لذات المجتمع او لذات لغة معينة او الناطقين بها. من هو الـ "انا"؟!
الـ"انا" وفق نظريات قومية, وانا استخدمه فقط من زاوية الـ"انا" القومية وليس الأنوات الاخرى. هو الـ"انا" وفق اللغة والتاريخ والارض او حتى العرق او الدم، انصهرت فيه مسبقا كافة المصالح المادية والحياتية والمعاشية لافراد. ان انصهار كل هذه المسائل الحياتية والمادية يشكل المحتوى الرئيس لهذه الـ"انا" وهذه الاطروحة. ان نظرة سريعة لهذه الـ"انا" تدلنا على ان هذا المفهوم يحمل في طياته تناقضات واوهام وخرافات مصطنعة ومكتسبة بقوة الحركات الاجتماعية, اي ان المفهوم ليس بامكانه ان يرتقى الى مقولات تاريخية متماسمكة ناهيك عن مقدسة.
اذا ننظر الى اللغة نرى انها لا ترتقى الى تعريف كيان ما او مجتمع ما وفق الـ"انا" المتجانسة. ننظر الى اللغة الانكليزية نراى انها لديها "أنوات" كثيرة ولاتشكل بمجملها الـ"انا" الواحدة بل عدة "أنوات" مختلفة حيث لدينا الـ"انا" البريطانية والـ"انا" النيوزلندية والـ"انا" الامريكية والـ"انا" الاسترالية والـ"انا"... اذن للغة واحدة لدينا أنوات عديدة في العالم, وعلى النقيض هناك الـ"انا" التي انصهرت فيها لغات مختلفة تحت قبة "انا الامة" مثل ما لدينا في سويسرا وبلجيكا واسرائيل وامريكا و ... حيث لدينا لغات مختلفة في اطار بلد واحد التي تشكل بمجملها الـ"انا الموحدة". الامة السويسرية التي تشكل الـ"انا" على رغم وجود اربعة لغات رسمية في داخل اطار منظمومة الـ"انا" السويسرية. اللغة الفرنسية والالمانية والإيطالية والرومانية. إذن اللغة لا تعطينا مكونات علمية لبناء الـ"انا" تجاه الاخرين.
الارض, الارض نفسها معرضة دائماً للزيادة او النقصان وفق توازنات القوى الدولية او الاقليمية, هذا من جانب ومن جانب اخر ان حدود الارض او حدود الدول في العالم كلها حدود مصطنعة وفق القوة. اين حدود اراضي الامبراطورية العثمانية او الرومانية او الساسانية؟ لم يبقى منها اثر. تم وضع تلك الحدود وفق توازنات القوى خلال حقبة تاريخ تشكيل او بناء الامم مثلا في اوروبا, وضعت حدود العراق الحالي وفق اتفاقية سايكس بيكو والمعاهدات التي تلتها, وهذه الحدود تختلف كليا عن حدود بلاد الرافدين. وحدود بلاد الشام تختلف عن البلاد التي جمعت كل من سوريا الحالية ولبنان وفلسطين واسرائيل والاردن والاسكندرونة وقلقيلية.... حتى الارض الثابتة الحالية اي حدود الدول الحالية او الموجودة لا تشكل مكونات او مقومات علمية لتشكيل الـ"انا" المتجانسة. اين الارض الامريكية؟ هي دولة جديدة مقارنة ببلدان كثيرة في العالم, ان الـ"انا" الامريكية هي الـ"انا" الجديدة شكلت او بنيت وفق القوة خلال حقبة تاريخية معينة, وتكاملت عبر التاريخ وليس بجرعة واحدة. إسرائيل والـ"انا" القومية - اليهودية تشكلت بعد ان استحوذت على الارض, اي تشكلت الـ"انا" اليهودية بدون ارض مشتركة عبر تشكيل الدولة الاسرائيلية. ولدينا ايضا الارض المشتركة واللغة المشتركة ولكن بدون ان تشكل بمجملها الـ"انا" المتجانسة الواحدة مثلا في امريكا الجنوبية "اللاتينية" لدينا اللغة الاسبانية المشتركة بين اكثرية مجتمعاتها ولدينا ارض مشتركة قبل تشكيل البلدان المختلفة فيها, ولكن لدينا "الأنوات" المختلفة اي البلدان المختلفة, ولدينا ايضا البلدان العربية بالارض واللغة المشتركة وخصوصا في الجانبين الشرقي والغربي اي جانب القارة الاسيوية والافريقية... لدينا ارض مشتركة ولغة مشتركة والدين المشترك الذي فرض بقوة الفتوحات الاسلامية والتاريخ المشترك عبر الامبراطورية الاسلامية ولكن لدينا " الأنوات" مختلفة ودول قطرية مختلفة... وكل من يعرف التاريخ المعاصر يعرف ان حدود تلك البلدان العربية وخصوصا في جزئها الشرقي هي حدود مصطنعة وفق مصالح البلدان الراسمالية الكبرى عالميا, تجزئة بلاد الشام الى دويلات عدة، تجزئة الجزيرة العربية الى دويلات عدة, بناء دول جديدة فيها مثل الاردن والكويت, ولدينا الان دولة السودان مختلفة عما كانت عليه قبل سنة, حيث تشكلت على ارضها الدولة الجديدة, وهكذا نرى يوغسلافيا القديمة وصربيا الجديدة... اذن الارض واللغة المشتركة والتاريخ المشترك لا يشكلوا معاً اية مقومات علمية لبناء الـ"انا" اتجاة "الأنوات" الاخرى. ولكن كل هذه الامور تشكل جانب من الموضوع والاطروحة الفكرية, حيث يعاد صياغتها وتولديها وفق المراحل التاريخية المحددة. وفي عالمنا المعاصر, حيث بسطت الراسمالية نفوذها على مجمل كوكبنا نظماً واخلاقا وسياسة وتقليداً.
اما بالنسبة للتاريخ المشترك, فهو اطروحة مضللة ومخادعة، ان التاريخ من اساسه هو تاريخ الطبقات, هو صراع بين الطبقات بين الاسياد والعبيد بين طبقة الاقطاع والفلاحين واخيرا بين العامل والرأسمال. ان التاريخ المشترك الذي اصبح مقومة رئيسة لتعريف القوميات وتمييزها عن الاخرى, هو اساسا متناقض، لان في ذات التاريخ هذا نرى حركات احتجاجية وانتفاضات وثورات عديدة.... ثورة الزنج او الزنوج في البصرة وثورة القرامطة ضد الخلافة الاسلامية العباسية في ذات التاريخ الاسلامي الذي اصبح فيما بعد تاريخا مشتركا للقومية العربية.... ان التاريخ المشترك للانا العربي هو ليس تاريخا مشتركا للفلاحين والعمال الناطقين باللغة العربية, ان تاريخهما مختلف تماما... ان الثورة المصرية والتونسية هي ثورة ضد تاريخ الحركة القومية العربية حيث انتفضت الجماهير والعمال في البلدين ضد الحركة القومية العربية الحاكمة وسلطتها, اذن ان للعمال والكادحين تأريخ اخر ومغاير مع تاريخ الطبقات الحاكمة. ان الاكثرية القصوى من المفكرين العرب في عصر الحداثة الفكرية والثقافية الى عصر ما بعد الحداثة اي مرحلتنا الراهنة اخطئوا في تصوراتهم لفصل الـ"انا" العربي عن باقى المجتمعات العالمية، وبهذا تقوقعوا في الاطار القومي والاسلامي وحشروا أنفسهم في هذا االاطار الضيق. وفي اطار التاريخ المشترك البريطاني نحن نرى الاف الاحتجاجات العمالية ونرى روبن هوك قائد فلاحي ونرى ونرى... وهي كلها ثورات واحتجاجات تقصم ظهر هذا التاريخ المشترك وتوقعه ارضا.
في التحليل الاخير ان الـ"انا" مفهوم سياسي تماماً, وهذا اهم بالنسبة للطبقة الحاكمة. عليه ان الطبقة الراسمالية الحاكمة في كل البلدان تستخدم وتروج للـ"انا" التي تراها مناسبةً لتسيير امورها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وضمان بقاء طبقة الراسمال على السلطة السياسية واعادة توليد بقائها. من هنا إن الـ"انا" تشكل حجر زاوية قوي ومهم لبقاء الرأسمال كطبقة على راس هرم السلطة. ان كل الحركات البرجوازية من القومية والاسلامية والديمقراطية والاصلاحية والليبرالية... تحتاج الى الـ"انا" الخاصة بها وهذه الـ"انا" هي "انا" سياسية بمعنى الكلمة لانصهار مصالح طبقية مختلفة في بوتقة الـ"انا" المصطنعة. سواء كانت هذه الـ"انا" هي "انا" القومية او الدينية او الطائفية او الوطنية....
ان صناعة الـ"انا" ونحن نتحدث عن الـ"انا" القومية وكل الحركات البرجوازية التي بالضرورة تتطلب صناعتها واعادة تولديها كضرورة طبقية لا بد منها, تعني ان الانسان وموقعه في المجتمع وتطلعاته لا تساوي شيئا بالنسبة للبرجوازية ومفكريها, تعني ان الانسان المنسلخ من القومية والدين والطائفة (وهو انسان طبيعي) ليس له مكان داخل الأطر الفكرية والسياسية لهذه الحركات كلها. وخصوصا نحن نتحدث عن الحركة القومية العربية. ان هذه الحركة بمشاربها المختلفة التي لا تحصى وقواها واحزابها ومفكريها, لا يشكل الانسان بالنسبة لهم شيئاَ بل كل ما لديهم هو "العرب" والعربي حسب هذا التعريف منسلخ من إنسانيته, والعامل منسلخ من طبقته, ليتسنى لطبقة الرأسمال الحاكمة ان تستغله الى ابعد الحدود. ان الثورات في العالم العربي من ناحية عمقها الفكري وخصوصا الثورة في مصر وتونس تمثل ضربة قوية لهذه البينة الفكرية للقومية العربية وضربة للـ"انا" العربي و"العرب" بصورة عامة التي تحاول الحكومات الجديدة في تونس والعسكريين والاخوان المسلمين في مصر اعادة صياغتها وتوليدها. ان اصالة الانسان متناقضة مع تلك "الأنوات" كلها وخصوصا مع الـ"انا" القومية.
الـ"انا" ومدلولاتها الطبقية والسياسية
الـ"انا" التي يستخدمها كتاب واعضاء وبرلمانيي ومستشاري كتلة القانون واعضاء وبرلمانيي ومستشاري البارزاني, "أنا العرب" و"انا الكرد" على التوالي. الـ"انا" يستخدم كمفهوم جامع يتضمن في محتواه كل فرد من الافراد الناطقين باللغة العربية والكردية. حسب مفهوم الـ"انا" هذا فان العرب يمثلون كتلة متجانسة وغير متناقضة في مضمونها وهكذا الكرد. ولكن بنظرة سريعة الى هذا المفهوم, نرى انه مفهوم كاذب ومخادع وتضليلي ووهمي الى درجة تفقأ العين وتدعو للإشمئزاز. بإلقائنا نظرة سريعة على الواقع الموضوعي للـ"أناوين" الكردي والعربي نرى انهما ينشطران الى قسمين واقعيين وموضعيين نتلمسمها حين نفتح عيوننا... ينشطران الى الطبقة العاملة وطبقة الراسمال, ينشطران الى طبقة الراسمال العربي والكردي والطبقة العاملة في كردستان والعراق... مصلحتان واقعيتان مختلفتان ومتضادان بقوة.
نرى العامل في كردستان والعامل في جنوب ووسط العراق يواجهان المعاناة نفسها (أذا نطرح منها العبوات الناسفة والتفجيرات، حيث لا توجد في كردستان العراق الا قليلا) المعاناة نفسها, قلة الاجور, الخوف من الطرد من العمل، عدم وجود ضمانات اجتماعية مترسخة, البطالة وعدم وجود ضمان البطالة, عدم وجود ضمان صحي, عدم وجود الحريات السياسية ومنها حرية الاضراب والتنظيم العمالي, الخصخصة والتمويل الذاتي, حيث تم اكمال الخصصة في كردستان على غفلة من العمال... عدم وجود قانون عمالي يضمن حقوق العمال من ضمان حرية الاضراب والتنظيم من جانب وتحديد الحد الادنى للاجور من قبل ممثلي العمال، عقود مؤقتة, خصومات من الارباح السنوية.. هذا ناهيك عن رداءة النظام التعليمي والصحي والجامعي, ناهيك عن غلاء المعيشة, وانقطاع التيار الكهربائي والفساد الحكومي بوجهيه الاداري والمالي وفساد الشركات الاجنبية الكبرى في القطاع النفطي والأسمنت والكهرباء... هذه هي المعاناة المشتركة للطبقة العاملة في العراق من أقصاه الى اقصاه.... انها معاناة طبقية واقعية يتلمسها كل طفل من اطفال هذه الطبقة.
من جانب اخر هناك مصالح طبقية مشتركة بين الراسمأل الكردي والعربي.. حيث ان الدستور والقوانين هما دستورهما وقوانينهما عبر قانونين للاستثمار وعبر خطة التنمية الوطنية وعبر الحد الادنى من الاجور والعمل الماجور اصلا, حيث تم تقسيم ثروات البلاد وفق المحاصصة والتوافق بين الحركات القومية الكردية والعربية والاسلامية, هما مشتركان في عملية الخصخصة ومشتركان في عدم توفير التيار الكهربائي والمحروقات الكافية للمواطنين، ومشتركان في تفعيل الازمات والصراعات القومية والطائفية والارهابية لتفرقة المواطنين على اساس الهويات القومية والدينية والطائفية... ان طبقة الراسمال وهي منقسمة ومختلفة فيما بينها ولكن مختلفة في تقسيم الثروة والاستحواذ على الاراضي وابار النفط ولكنها طبقة متفقة كل الاتفاق حول تركيع الطبقة العاملة وفق ما شرحناها اعلاه.
اذن ان اطلاق الـ"انا" العربي من قبل اولئك الكتاب والاعضاء في كتلة دولة القانون، وكل مفكر او باحث قومي عربي, او الاسلاميين الذين تقومموا.. هو اساسا لاخفاء وستر معاناة العمال والطبقة العاملة والاكثرية القصوى من الجماهير الناطقة باللغة العربية، وهذا ما يفعله قادة ومثقفي الحركة القومية الكردية واحزابها... لاخفاء تلك المعاناة والصراع الطبقي برمته, وبالتالي تصوير كل الافراد الناطقين باللغة العربية كانهم كتلة متجانسة، بوجه الـ"انا" الاخرى اي "الكرد" وعكسه صحيح تماما. ان طبقة الراسمال وعبر حركاتها البرجوازية المختلفة في اي بلد كان، تحاول احتواء الصراع الطبقي عبر صناعة الهويات الكاذبة المختلفة. كما في العراق اليوم تحاول البرجوازية القومية والاسلامية احتواء هذا الصراع عبر الهوية القومية والطائفية والدينية المنتشرة في العراق... من جانب وعدم التورع في استخدام القوة المفرطة ضد العمال ونضالهم اذا تطلب الامر ذلك. ان الـ"انا" هذه, هي اخفاء للهوية الطبقية الواقعية والملموسة, لتحل محلها بفعل القوة والافكار السائدة الهويات الكاذبة, ليتسنى لطبقة الراسمال عبر حركاتها البرجوازية المختلفة التي تمثلها في مراحل مختلفة وفي بلدان مختلفة, تجييشها ودفعها كوقود في صراعها وحربها مع "انا الاخرين", من جانب ومن جانب اخر ان هذا الامر وبغض النظر عن صراع مع الـ"انا الاخر" تمييع الطبقات في اطار القومية او الامة او الوطن اوالدين اوالطائفة بحيث تجعل القومية, احزابها وقادتها من ذاتها كوكيل عن كل الافراد الناطقين باللغة العربية او الكردية او الفرنسية او التركية... ان التاريخ هو تاريخ النضال الطبقي وتاريخ اليوم هو تاريخ النضال بين العامل والراسمال وهو اساس وقانون محرك لتاريخنا المعاصر مهما كان تجلياته واشكاله التي يتمظهر فيها.
ان رد فعل العامل وطبقته يجب ان يكون ردأ طبقيا واعيأ, وهذا الرد بطبيعة الحال هو احلال الهوية الطبقية محل كل الهويات الكاذبة والمخادعة للبرجوازيات المختلفة انفة الذكر لكي يتنسى لها ان تتوحد بوجه الراسمال مهما كان تمظهره وشكل حكمه، كي يتسنى لها ان تواجهه بقوة ذاتها المنظمة والمتحزبة.
واخيرا يجب ان نفتش في المعاني السياسية وفي الظرف السياسي الحالي في العراق، حتى نوضح لماذا هذا التصعيد للنعرات القومية في هذه المرحلة؟ لماذا بدأت هذه التراشقات القومية والنعرات القومية من قبل حزب الدعوة وكتلة دولة القانون؟
مستجدات الوضع السياسي في العراق
لا اتحدث عن البارزاني كشخصية قومية للحركة القومية الكردية واحد قادتها، لان هذه الحركة ونعراتها القومية المعروفة للجميع لا يتطلب ذكرها. اما حزب الدعوة الاسلامية، هو حزب اسلامي نهجا وفكرا وتقليدا...عليه يجب ان نفتش في المستجدات السياسية في العراق وفي المرحلة الراهنة بالتحديد، عن تحول خطاب قادة وكتاب هذا الحزب الى القومية. ان المرحلة السياسية الراهنة تشير الى انهيار كامل للعملية السياسية التي بدأت مع الاحتلال بشخص بول بريمر. تلك العملية التي قصمت ظهر المجتمع في العراق, وقسمته الى مكونات طائفية وعشائرية والقومية التي كانت موجودة اصلاً. تلك العملية بنيت على اساس مشاركة طائفية قومية وفق محاصصة سياسية وبالتالي اقتصادية, وهي توافقية حسب مبدأ التوافق بين الاحزاب والحركات السياسية البرجوازية القومية والاسلامية المشاركة في الحكم والبرلمان.
تم إسقاط الدولة بجراحة قيصرية من قبل الاحتلال, ولكن لم يتم بناءها مرة ثانية. ان الدولة تبنى, ووفق بناءها يتم اعادة انتاجها عبر الدستور والقوانين والمؤسسات السياسية والادارية والعسكرية... بينما تمت العملية في العراق بصوره معاكسة حيث وضعت القوانين والدستور والمؤسسات وخصوصا العسكرية والامنية وبعد ذلك بدأت القوى البرجوازية القومية والاسلامية صراعها لبناء دولتها. لم يتم لحد الان بناء هذه الدولة نظراً لإختلاف الرؤية الفكرية والسياسية للقوى التي شاركت في بناء الدولة, وللتجاذبات الدولية الاقليمية التي تؤثر بشكل كبير على العراق, خصوصا ان عملية بناء الدولة في العراق في تجري في اتون صراع ضاري بين الدول الامبريالية الكبرى على مناطق الثروة والنفوذ في العالم على اثر تراجع الدور الامريكي على الصعيد العالمي، وهذا الصراع بدوره شكل في منطقتنا محورين مختلفين, المحور التركي- السعودي ومعه اكثرية الدول العربية, وتقف ورائه امريكا بالتحديد والغرب بصورة عامة, والمحور الايراني- السوري ويقف ورائه مجموعة بريكس وبالتحديد روسيا والصين. ومن الطبيعي ان لكل القوى البرجوازية الحاكمة في العراق امتداداتها الاقليمية وبالتالي الدعم والمساندة وفق سياسة الدول الكبرى عبر المحورين. ان الصراع الرئيسي بين القوى السياسية صراع على السلطة السياسية اي حسم السلطة السياسية لصالح احد الحركات السياسية وبالتالي تحديد طابع الدولة وفق هذا الحسم. "دولة العروبة" او "العراق جزء من الامة العربية" هي ايقونة قديمة للحركة القومية العربية التي قادها حزب البعث وسقطت بفعل الاحتلال. "دولة اسلامية" واقصد هوية الدولة وطابعها, التي تسعى له القوى الاسلامية بمختلف مشاربها ومرجعياتها, و"دولة اتحادية" التي تهدف اليها الحركة القومية الكردية.... لم يتم بناء اي طابع من هذه الهويات للدولة بشكل راسخ, بل تم تمرير الدولة واعادة صياغتها وفق التوافق والمحاصصة حول كل صغيرة وكبيرة.... كدولة في مرحلة انتقالية اما مصيرها فهو غير معلوم ومرهون بعدة عوامل اهمها العوامل الخارجية.
ان كتلة دولة القانون بقيادة حزب الدعوة وشخص المالكي, حاولت ومنذ اكثر من ثلاثة سنوات وقبل الانتخابات الاخيرة بفترة غير قليلة ازاحت التيار القومي العروبي الذي تشكل في خضم الاوضاع السياسية في اتئلاف العراقية. وهو تيار غير متجانس ويفتقد لشخصية قيادية تمكنه من قيادة حركته وإئتلافه. تم إزاحته رويدا رويدا عبر ممارسة القمع من جانب والكمائن السياسية المختلفة ناهيك عن الاوضاع الثورية في العالم العربي التي قصمت ظهر الحركة القومية العربية من جانب اخر... حيث تم ازاحت مؤسسة مجلس السياسات الاستراتيجية وتم احتواء كل المناصب الامنية وتم اتهام الهاشمي والعيساوي بالارهاب (بغض النظر عن صحة هذه الاتهامات او عدمها) وإبعاد المطلك عن موقعه بصورة فعلية. ناهيك عن جمع كل المؤسسات التي يراد منها ان تكون مستقلة!! تحت سلطة رئاسة الوزراء مثل البنك المركزي ومفوضية النزاهة واحتواء ضباط "الكرد" في الجيش بحيث ليس لهم قوة ولا نفوذ ووصل الحد الى ان يعلن البارزاني ان رئيس اركان الجيش هو في موقع "فائض." ووقف العمل بالدستور الذي اقروا عليه بأنفسم وبصورة مشتركة، حيث رفض المالكي الموافقة على تشكيل اية فدراليات في محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار.. ناهيك عن المشاكل العالقة التي لم يتم حسمها بين قوى الحركة القومية الكردية بشخص الحزبين الحاكمين في كردستان وكتلة دولة القانون التي يراسها المالكي حيث هناك المادة 140 التي لم تطبق لحد الان, وقانون النفط والغاز وقضية البشمركة، وازمة الميزانية المتكررة... على اية حال تحاول كتلة دولة القانون التي يقودها حزب الدعوة الاسلامي ان تفرض نفسها وتحسم امر السلطة السياسية... هذه المحالاوت التي ذكرناها هي كلها محاولات لحسم ملف الدولة لصالحها وبالتالي طبع الدولة بطابع معين هو طابع قومي-إسلامي.
ان النعرات القومية العربية واستخدام مفاهيم العروبة من قبل مفكري وكتاب واعضاء برلمان كتلة دولة القانون, المراد منها اظهار كتلة القانون ككتلة فصلت نفسها عن الاسلام السياسي الشيعي الطائفي وهكذا يظهر المالكي عبر اطروحته دولة مركزية قوية, وحتى ظهور المالكي في اجتماعات مجلس الوزراء العرب الذي انعقد في 28 من اذار واجتماعات وزراء المال والتجارة... وخصوصا خطابه السياسي في اجتماع وزراء الخارجية يمثل هذه التوجه حيث مفردات "الامة العربية" و"الارث العربي" و"قيادة العراق للامة العربية" تمثل هذا التوجه العروبي بعيدا عن اطاره الفكري الاسلامي بصورة عامة...
لماذا اختار المالكي وكتلته وحزبه هذا التوجه؟! وهل هذا هو خيار للمالكي او لابد له ان يختار, اذا اراد ان يمثل نفسه كقائد تجاوز "الطائفية" اي كممثل للبرجوازية العربية في العراق؟! ان توجه المالكي العلني او المصرح به هو توجه عام مثل كافة الحركات الاجتماعية التي تلوح باسماء الشعب والامة والعراق... الخ, وهنا ان شخص المالكي وكتلته يدعون هذا التوجه اي التوجه القومي الاسلامي بالمواطنة, او دولة المواطن. فما هو المحتوى الواقعي الذي يبتغي المالكي ان يرسخه؟! ان المواطن هنا ليس دولة المواطنة بمعنى المفهوم المالوف عالميا للمواطن. اي المواطن بغض النظر عن الهوية القومية والدينية والطائفية, مواطن الدولة له حقوقه وعليه واجباته, هذا "المواطن" الذي له هذا الحق اي حق المواطنة المتساوية مع الجميع ليس مفهوم المالكي ولا مفهوم الحركات البرجوازية الاخرى في العراق. ان هذا "المواطن" الذي له حق المواطنة المتساوية يتطلب في العراق جملة اعمال وسياسات ليس بامكان الحركات القومية والاسلامية ان توفرها وتطبقها, مثل فصل الدين والقومية عن الدولة. اي دولة لا قومية ولا دينية. لان بدون هذا الفصل في العراق وهو مركب من القوميات والاديان والطوائف, ليس بالامكان الاقرار على "حق المواطنة المتساوية لجميع العراقيين", عليه فالحركة الاسلامية والقومية ليس بامكانها ان تفصل نفسها عن جسدها وكيانها. فلابد ان هناك سياسة ما وراء الاكمة؟!
المواطن الذي يقصده المالكي وكتلته وكتابه هو "مواطن عربي في العراق" وهذا ما نتلمسه في توجه سياسي اتجاه الحركة القومية الكردية حيث "الاكراد" والاكراد هنا تصبح " الانا الاخر" بمواجهة الـ"انا" العربي في العراق, حتى يتسنى له ان يطرح نفسه وحزبه وكتلته كحزب عربي اسلامي. ان هذه السياسة التي يدشنها المالكي وكتلته هي سياسة "ما فوق الطائفية" وسحب البساط من تحت اقدام التيار القومي العروبي المتثمل في ائتلاف العراقية وفعلا بدأت هذه السياسة تعطي ثمار ما لصالح المالكي في شق صف ائتلاف العراقية وفروعه في المحافظات، وانفصال العراقية البيضاء عن القائمة الرئيسة, ناهيك عن استخدامه للعصى والفساد السياسي. ولكن المالكي يعرف جيدا ان بدون الحركة القومية العربية من الصعب ادارة العراق بصورة مستديمة وامنة, عليه يحاول كسر ظهر هذه الحركة كما تم لحد الان ومن ثم ترويضها لصالح سياساته وادارته للدولة. انه صراع بين الحركتين السياسيتين البرجوازيتين لاخلاف بينهما حول المحتوى الطبقي للدولة وصيانة الملكية الخاصة واستغلال العامل وكبح جماح الحريات السياسية والفردية والمدنية وحق المراة كإنسانة كاملة وحقوق الشباب ولكن لكل منهما اهداف وسياسات مختلفة كما شرحنا في مقالاتنا السابقة حول الوضع السياسي في العراق التي نشرت تحت عنوان "العملية السياسية الراهنة" و"الحركات البرجوازية في العراق!" في ثلاثة اجزاء مختلفة.
يضاف الى ذلك نقل الطرفان الحركة القومية الكردية بقيادة البارزاني وحزب الدعوة بقيادة المالكي الى الميدان "الاقتصادي" حيث ان هذا الميدان هو سياسي باميتاز, اذا نخرج من عنوانه. تم قطع صادرات النفط من قبل"حكومة الاقليم وهو اسم مؤسساتي للاحزاب السياسية في كردستان" وردت الحكومة المركزية عبر الشهرستاني نائب رئيس الوزراء لشؤن الطاقة ووزير النفط في مؤتمر صحفي مشترك حيث اتهم "حكومة الاقليم" بالفساد و"القجغجية" عبر تهريب النفط الى ايران. وهنا يحاول المالكي ان يظهر بمظهر رجل الدولة الاولي والأمين لصيانتها ووصيانة ثرواتها عبر مفاهيم "ان النفط هو ثروة لكل العراقيين" ولكن هو يحاول جمع "الناطقين العرب" او حسب الهوية القومية العربية جمع "العرب" بوجه "الكرد", وذلك لسحب البساط من تحت اقدام الحركة القومية العربية وكياناتها السياسية المختلفة, وتأليب الراي العام "العربي" في العراق ضد "الكرد" وضد الحركة القومية الكردية. من هنا يظهر المالكي وكتلته وسياسته كمدافع عن أبن جلدته القومي وقائد بوجه الذين ينهبون "ثروات العراقيين" انه يهدف الى اظهار وإبراز نفسه كقائد للعراقيين ولكن هدفه لهذا الابراز هو جلب وجمع "العرب" حوله وليس الاكراد لانه يعرف ليس له وجود في كردستان, ولكن يعرف ان الحركة القومية العربية في مأزق كبير، الهاشمي يتجول وليس في موقعه والمطلك ليس في موقعه ولا علاوي و.... والبعث كحزب قومي منظم في المنفي او قيادته في المنفى, عليه يريد المالكي وحزبه ان يدفع بسياساته الى النهاية مع الحركة القومية العربية, تحجيمها وبالتالي ترويضها لصالحه وحركته. ان النعرات القومية الاخيرة تهدف الى أكمال هذه السياسة وبالتالي حسم السلطة لصالحها.
ليس بامكان المالكي ادارة العراق بدون تغيرات في هويته الاسلامية, سياساته وتقاليده الاجتماعية, وهي تغيرات حصلت عبر اعادة جزء من الهوية العروبية تقاليدها و افكارها و مفاهيمها, التي كانت سائدة في العالم العربي لفترة طويلة من الزمن, ولها جذور تاريخية عميقة مقارنة بالاسلام السياسي, وبالتالي إعادة قراءته وفق مستجدات سياسية راهنة. من هنا نجد صعود النعرات القومية العربية وإستخدام تلك المفاهيم العتيقة المتعفنة من قبل حاشيته. من هنا نراه يقف بقوة ضد فدرلة المحافظات ونراه يقف بقوة ضد تطبيق المادة 140 وقانون النفط والغاز, ومن هنا ايضا نراه يظهر بمظر قائد عربي وليس اسلامي في اجتماعات القمة العربية المختلفة, ظهوره وكتلته كمدافع صلب عن "وحدة العراق".. عليه ان هذه النعرات لها انعكاساتها السياسية على الارض ايضا وظهرت بوادرها الاولى عبر رجوع مشعان الجبوري المتهم بالارهاب وقضايا الفساد المتكررة وقتل الابرياء, ولو انه رقم رخيص جدا في الحركة القومية العربية الا ان رجوعه يوضح ان المالكي وكتلته وحزبه وحركته ماضية في ضرب القائمة العراقية الى الاخير من جانب ومن جانب اخر يحاول تصفية اموره مع تلك الرموز القومية الرخيصة سواء كان من البعث العراقي الجالس في سوريا او غيره من الشخصيات القومية العربية, او اعادة الضباط الكبار من الجيش العراقي القديم الى صفوف الجيش الحالي.
بهذا يهدف المالكي الى تتويج نفسه كقائد عربي يمثل "العرب في العراق" بغض النظر عن طائفته. حتى يتسنى له ان يثبت اقدامه وحكمه ودولته القوية ومن ثم مواجهة الـ"انا الاخر" للـ"انا" الكردي. ولكن هذه المواجهة هي برنامج مستقبلي للمالكي عليه ان يصفي حسابه مع الحركة القومية العربية في البداية ويحسم امره مع هذه الحركة وقواها سواء عبر ترويضهم او قمعهم او مصالحتهم. ونرى كل هذه السياسيات والممارسات بصورة متوازية، حيث يقمع ويتهم ويصالح ويروض...
على رغم تقدم المالكي وحزبه وكتلته لحسم السلطة لصالحه, وسحب البساط من تحت اقدام الحركة القومية العربية وقياداتها في شخص القائمة العراقية والوجوه العشائرية, هناك محور اخر وبراي اهم في هذه المرحلة, وهو العامل الخارجي وسياسة المحاور في المنطقة الذي بات جليا وواضحاً الان, وخصوصا بعد تعميق الازمة في سوريا الذي برزت كتتويج للصراعات والخلافات السابقة لشق مجلس الامن والقوى الكبرى العالمية, الانشقاق عميق بين القوى الكبري العالمية الصين وروسيا من جانب امريكا والغرب من جانب اخر, الذي بدوره الى ادى استطفاف المحاور واحد ازاء الاخرى, وايضا كتتويج لخلافات وصراعات سابقة على مجمل الاحداث والتطورات في المنطقة حيث بات واضحا, ان المحور التركي السعودي القطري, بمباركة امريكية وغربية لديها سياسات واضحة تجاه الوضع السوري والصراع الداخلي في العراق والمحور الايراني السوري ومعهما حزب الله... حيث ان القائمة العراقية مع المحور التركي السعودي وحزب الدعوة وكتلة القانون مع المحور الثاني.. تظهر وتبرز سياسات المحورين في العراق على مجمل الاوضاع في المنطقة وعلى الوضع الداخلي في العراق.. وبات واضحا ان الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البارزاني مع محور التركي السعودي والقائمة العراقية وبالتالي امريكي – غربي, اما بخصوص الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة الطالباني لحد الان لم يحسم امره او على الاقل ليس واضحا مثل الحزب الديمقراطي المتحالف معه باتفاقية الاستراتيجية. اذن ان الصراع بين الحركة القومية العربية وقيادتها والاسلام السياسي بقيادة حزب الدعوة الذي تمكن من سحب البساط من تحت اقدام الحركة القومية العربية في شكل القائمة العراقية, مرهونة الى درجة كبيرة بحسم الصراع الدولي او سياسية المحورين في المنطقة ومدى قدرة هذا المحور او ذاك لحسم ادارة المنطقة وسلطتها ونفودها بوجه المحور الاخر. يجب التاكيد على نقطة وهي ان تبنى هذه الكتلة البرجوازية او غيرها في العراق لسياسة احد المحورين ليس تمر في كل المنعطفات وكل المسائل والشؤون الصغيرة والكبيرة بصورة متجانسة ومتناسقة بل يجب ان نركز على القضايا المصيرية سواء كان داخليا في العراق او على صعيد المنطقة مثل قضية سورية والموقف السياسي تجاها... اذن الصراع مستمر على جبهات عدة عراقياً على حسم السلطة وخارجياً على الدفع باتجاه تقوية سياسية هذه المحور او ذاك لدى الاطراف المتصارعة في العراق.
لابد من مواجهة تكرار تاريخ العراق الحديث. هذه المرة التاريخ يراد له ان يكرر الماساة نفسها في حلتها الجديدة. الوقوف بوجه التكرار هذا، والرد الثوري عليه هو بتوحيد صفوف العمال وقادتهم في صف طبقي عظيم بوجه البرجوازية الحاكمة العربية والكردية، سواء قومية او اسلامية. ان احلال الهوية الطبقية محل الهوية العربية والكردية والطائفية والدينية هو رد ثوري لتلك الممارسات والسياسيات الرجعية التي يمارسها قادة الحركات البرجوازية من البارزاني الى المالكي لتعميق الفجوة بين افراد المجتمع العراقي وفق سياسة النعرات القومية والقومية المعاكسة, من جانب, ومن جانب اخر, ان الحركات النضالية الاخرى التي تهدف الى تحقيق اهدافها السياسية والاجتماعية والمدنية مثل الحركات الطلابية والشبابية والنسوية والجماهيرية الإحتجاجية عليها الإستقراء الدقيق لهذه الاوضاع وإستقراء تاريخ العراق الذي يتكرر فيه هذه الصراعات, وبالتالي فصل نضالها عن الحركات القومية والاسلامية في العراق وكردستان، وتسلح نفسها سياسا وفكريا وتنظيم ذاتها على هذا الاساس . ان هذه الوقفة الثورية هي ممارسة ثورية واقعية لسحب البساط من تحت اقدام الحركات البرجوازية في العراق كله. 5نيسان 2012
#سامان_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟