|
عواصف تخلع النوافذ بعد الأبواب
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 3693 - 2012 / 4 / 9 - 00:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كتب مروان صباح / يبدو مرض التصفيق الذي لصق بالعرب في العقود الأخيرة واعتبر عالمياً امتيازا مسجلاً بهم قد تسلل خارج جغرافيتهم ليصيب بعدوته شعوب لم تكن تمارس هذه العادة من قبل إلا أنها في المرحلة المتقدمة باتت تتكرر بشكل فج ومؤذي بحيث الخبرة الناقصة والتقليد الأعمى حولتهما إلى حفل تنكري بهلواني من الدرجة الأولى ، فمن الكونغرس الأمريكي الذي شهد تصفيق من اجل التصفيق دون أن يعطي المصفق فرصة لنفسه بأن يفهم جمل الخطاب وبين تصفيق آت من تجمع رجال الأعمال اليهودي بالايباك أمام جرد حساب طويل يذكر المتناسيين بحتمية لا بد منها رد الجميل كمكافأة الرئيس أوباما لمسلسل بات أشبه بالبورصة لمن يقدم الغطاء والتجميل لدولة إسرائيل . الملفت للانتباه وبشكل ساطع لتلك الديمقراطية العرجاء التي بات أمرها ينفضح بعد أن أتاحت الشعوب لنفسها ممارسة هذه العملية عن قرب والتمعن بها بحيث تختزل أيضاً في الولايات المتحدة لكن بطريقة أصعب واعقد مما يتصور البعض لأنها تتلاعب على أوتار دقيقة داخل تركيبة الإنسان وهي دغدغته للوصول إلى مقعد الإمبراطورية التي لم تكتمل بعد أطرافها وبين تجديد بولاية أخرى ينعم بأربع سنوات إضافية في مربع البيت الأبيض ، المسألة تكمن بأن الكفاءة والجدارة تبدوان غائبتين عن الحراك الانتخابي لدى المواطن الأمريكي الذي بدوره أعتمد كلياً على قنوات إعلامية يتغذى منها دون أن يسمح للعقل بالتدخل كي يميز الأفكار من الحقائق التي تمرر بهدف إقناعه بالتوجه إلى صناديق الاقتراع مُحّمل بقناعات راسخة بأن ما لديه هو الأفضل ، لقد قدم الرئيس اوباما قائمة ضخمة من الإنجازات التي حققتها إدارته بتوفير حماية لدولة إسرائيل وأعضاءها من ملاحقات قانونية لارتكابهم جرائم في حق الأبرياء خلال السنوات القليلة أو تجميد تلك الوعود التي قد أطلقها من جامعة القاهرة بخصوص تحقيق الحلم الفلسطيني في إقامة دولتهم القابلة للحياة أو الحد من تهويد القدس والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والأهم من هذا وذاك لقد اتخذت إدارته قرار دولي في مراقبة المياه الإقليمية من وإلى شواطئ غزة بهدف الحيلولة من وصول أي قطعة تسليح تهدد في المستقبل أمن حدود دولة إسرائيل الجنوبية ، نعتقد بأن الرئيس اوباما لم يأتي بجديد أو يمتاز عن من سبقوه إلا ربما بشيء وحيد قد تفرد به عندما قال لو فتحتوا قلبي لتمكنتوا معرفة أين تركته محاولاً أن يكون يهودياً أكثر من اليهود أنفسهم . لا بد أن نتضامن مع من صفقوا حتى تورمت أيديهم عند سماعهم خطاب الرئيس اوباما الذي ألقاه في جامعة القاهرة واعداً الأمة العربية الإسلامية بإنهاء أعقد قضية والتي تمثل لهما بالقضية المركزية من خلال تمكين الفلسطينيين بإقامة دولتهم على أراضيهم المحتلة والتي تتطلب منهم العودة إلى تلك الأيام وسحب جميع التصفيقات والهتافات التي شهدتها جدران القاعة في حينها بينما كان ومازال وسيستمر بالتصريحات والوعود والنوايا الأمريكية لا تتجاوز السقف الإسرائيلي في الرؤية الشاملة للحل أو التسوية التي تنحصر في المفهوم الأعمق للفكر الصهيوني المتمثل في دولة فلسطينية لكل الفلسطينيين المتواجدين في العالم جغرافيتها قطاع غزة مع بعض التعديلات التي يمكن لها أن تتمدد شيئاً في عمق البحر كجزيرة صغيرة أو بإنفتاح داخل سيناء مع ضوابط صارمة تتدخل بها العولمة من جهة ومعايير أمنية من الأخرى ومن هذه المنطلقات تأتي الحملة الاستيطانية الشرسة المتعاظمة الشأن والتي لا تعرف إنقطاع مصحوبة بضغوط إسرائيلية كي توجه أولويات الإدارة الأمريكية لإدراج الملف النووي الإيراني وصرفها كلياً عن فكرة الدولة الفلسطينية أو إعادة المفاوضات مرتبطة بمدة زمنية ضمن تعهدات دولية تؤدي في النهاية إلى حل الدولتين ، فيما يكرس هذا المفهوم من خلال خطوة مهمة قامت بها الحكومة الإسرائيلية في عهد شارون بإنسحاب 2005م من قطاع غزة وإجبار المستوطنين بالتخلي عن مواقعهم رغم أنها كانت مدفوعة الثمن بحيث من كان هناك تحول إلى مستوطنات جديدة أقيمت على تلال الضفة الغربية والتي أدت إلى مضاعفة الجهود في أدراك اللعبة مبكراً ووضع نقاط الحسم على حروف الفعل وإعلان الاتفاقيات جميعها في غرفة التجميد . المسألة ليست زلات لسان بقدر ما هي مواقف بل نهج متبع تتشابك وتتداخل فيه عناصر التوازن المحيطة إقليمياً ودولياً التي يتراجع فيها الدعم المطلوب لأهل الضفة الغربية بما فيهم على الأخص أهلنا في القدس بحيث يمارس في حقهم وحق مدينتهم إقصاء يشمل جميع مناحي الحياة ومن هنا لا بد من تحولات جذرية تتماشى مع الواقع المؤلم التي باتت جميع ظهورهم مستديرة دون أن تتعاون مع متغيرات ديمغرافية متسلحة بالقوة العلمية والإنتاجية ناهيك عن قوة السلاح التي تتفوق من حيث التطور والكم بينما العرب يراوحون أمام مبادراتهم وتحركاتهم التي لا تتخطى دائرة أمنياتهم ، ما نراه من إدارة ووسائل تجريف الذات الإنسانية وتغريبها بعد إفراغها من مضمونها الحضاري بهدف تقبل الأعاصير المثقلة بالسموم تتطلب بتحديد ممن يتواجد على الأرض أن يعيد النظر بجميع المحطات التي مرت بها القضية الفلسطينية وإلى ما أفاضت إليه تلك الاتفاقيات المجمدة بحيث أصبحت بأشبه التحف القديمة للعرض فقط مما يدعو إلى إيجاد حلول سريعة لإحياء الإقتصاد الوطني الذي يصيب المواطن بشكل مباشر والبحث عن إعتماد على الذات وتحويلها إلى عمل جمعي تستفيد منه الجماعة. إخراج القضية من قالبها الضيق التي وضعها المجتمع الدولي بأنها مجرد قضية إنسانية بعيدة عن الحقوق الوطنية بحيث العالم يعيش حالياً حالة من الصحوة عنوانها إدراكه مدى العبء المهول بعد تحريك المياه الراكدة التي فجرت المكبوتات عنها لفترة طويلة من الزمن مما يستدعي من مواطنيه الضفة الغربية أن يتصدوا إلى تلك المراوغات قبل أن تتحول إلى عواصف عاتية شبيهة بالماضي التي خلعت غابات الأجداد من الجذور ولم تسلم منها هذه المرة النوافذ بعد الأبواب . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتحر الحب
-
الجميع متهمين على أن تثبت براءتهم
-
بافلوفية
-
أحياء لكنهم شهداء
-
بين الأشباه والسعاديين
-
أصوات بُحّت لفرط الصراخ
-
منطقة الصفر
-
الأردن لا يخذل من قدم وكرس حياته له
-
لطخت النوافذ الأنيقة لشدة الدم
-
مهما علا كعبه ستنتقل الدولة من حكم العائلة إلى الشعب
-
أنوف متدربة على الاشتمام
-
الإبادة من أجل الإغاثة
-
أعمدت الكهرباء تحولت إلى مشانق إعدام
-
الطغاة لا يتعلمون
-
صراع ليس على الماضي بل على الحاضر أيضاً
-
كلمات مكتوبة بحبر الألم
-
منطقة غارقة في حوض من البترول
-
هي الرقصة الأخيرة من فرط الألم
-
نوافذ لا تقوى على صد العواصف
-
شخابيط كَشَفَتْ المستور
المزيد.....
-
محمد رمضان يثير الجدل مجددا بفيديو ساخر.. -رمضان أحلى-
-
نتنياهو يغادر إلى واشنطن ومكتبه يوضح الهدف من الزيارة
-
بوتين: ترامب سيعيد النظام بسرعة كبيرة والنخب الأوروبية سترضخ
...
-
الشرطة البريطانية تعتقل رجلا حرق القرآن في بث مباشر غداة مقت
...
-
ترامب وزوجته ونائبه -يرثون- حسابات أسلافهم على السوشيال ميدي
...
-
مكالمة السيسي وترامب في الإعلام المصري: -التوتر يتراجع ودعوا
...
-
اتفاق مصري جيبوتي على استعادة الأمن وحركة الملاحة في باب الم
...
-
لبنانيون يحاولون العودة إلى بلداتهم رغم وجود الجيش الإسرائيل
...
-
بوتين: ترامب سيعيد النظام بسرعة كبيرة والنخب الأوروبية سترضخ
...
-
إسرائيل تستأنف الإثنين المفاوضات مع حماس بشأن المرحلة الثاني
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|