أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جواد بشارة - الإتحاد الأوروبي وإشكالية التضامن مع الولايات المتحدة الأميركية















المزيد.....

الإتحاد الأوروبي وإشكالية التضامن مع الولايات المتحدة الأميركية


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 250 - 2002 / 9 / 18 - 04:51
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


 باريس

يشهد الاتحاد الأوروبي انقساماً واضحاً بين مختلف دوله حالياً بشأن سبل إبداء تضامن فعلي وتام مع الولايات المتحدة الأميركية من جهة ، وبشأن وضع استراتيجية أمنية وسياسية وديبلوماسية مشتركة لمواجهة مخاطر العنف السياسي والإرهاب  فوق الأراضي الأوروبية بإختلاف مسبباته سواء كان العنف الأصولي أو ذلك الناجم عن حركات وتيارات أوروبية محددة مثل الحركات الإنفصالية أو الإستقلالية أو الجريمة المنظمة .

وتجتهد الدوائر الأوروبية ولكن بصعوبة واضحة من أجل التوصل إلى صيغة اتفاق الحد الأدنى بين دولها في وقت تصاعدت فيه الضغوط الأميركية على الأوروبيين ليعلنوا تضامناً فعلياً وتاماً مع واشنطن في أي من خياراتها الحالية والمتجهة إلى تصعيد المواجهة في منطقة الشرق الأوسط ودول  آسيا الإسلامية تحت حجة مكافحة الإرهاب .

وعند عودة وفد أوروبي رفيع المستوى إلى بروكسل قادماً من الولايات المتحدة الأميركية بعد سلسلة من اللقاءات مع عدد من المسؤولين الأميركيين ،

والذي كان مكوناً من وزير خارجية بلجيكا لوي ميشال ومنسق الخارجية الأوروبية خافير سولانا وعضو المفوضية الأوروبية المكلف بالعلاقات الخارجية كريس باتان ، لم يكن سعيداً أو متفائلاً.ولم يحض الوفد الأوروبي رغم تمثيله رسمياً للاتحاد الأوروبي بأي لقاء مع الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش مما أثار تحفظاً وعدم إرتياح أوروبي واضح من ذلك.

وتواجه دول الاتحاد الأوروبي في الواقع في إدارة علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية إنقسامات داخلية بالدرجة الأولى حيث تحركت كل دولة على حدة لتأكيد وقوفها مع واشنطن وتخلت عن آليات العمل المشتركة بشكل واضح ورغم تعدد الإجتماعات واللقاءات الأوروبية.

وتقول المصادر البلجيكية أنه يوجد إستياء واضح من محاولة كل من ألمانيا وبريطانيا الواضحة لجر الدول الأوروبية إلى إلتزام عسكري وأمني خطير مع الولايات المتحدة تحت حجة مكافحة الإرهاب في حين أن واشنطن لم تقدم أية أدلة إلى الأوروبيين حول سير التحقيقات لديها وتبدو مهتمة بإدارة مستقلة للأزمة حتى الآن .

ويخيم  شعور من الإحباط لدى المسؤولين الإتحاديين في بروكسل بسبب إمتناع بوش وإلى الآن عن الإتصال برئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي فوراً  بعد وقوع الاعتداءات الانتحارية على نيويورك وواشنطن ،كما أنه لم يتصل بالرئيس الدوري للاتحاد الأوروبي  البلجيكي / غي فورخهساتد / ، سوى يوم الخميس 20 سبتمبر أي  بعد مرور عشرة أيام كاملة على اعتداءات نيويورك وواشنطن .

وتركز الولايات المتحدة في تعاملها مع الأطراف الأوروبية على كون أوروبا هي جزء من الناتو وليس كيان سياسي مندمج.

والحال إن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير يبدو حالياً الأكثر ارتباطاً بالإدارة الأميركية والمسؤول الأوروبي الذي يدفع نحو إبداء تضامن وتحالف مطلق مع الولايات المتحدة الأميركية وهو ماترفضه العديد من الأوساط الأوروبية .

وقد إستاء الأوروبيون بشكل خاص من قرار الأمين العام للأمم المتحدة بتأجيل إنعقاد الدورة العامة للمنظمة المقرر ليوم الإثنين المقبل ورضخ  لمطالب الحكومة الأميركية في هذا الإطار  مما يفقد الديبلوماسية الأوروبية منبر  للمناورة  وهامشاً للتحرك هي في أشد الحاجة إليه . وتخشى الدوائر الأوروبية حالياً ليس فقط من المضاعفات الأمنية والإقتصادية لخلط عدد من الأوراق الإقليمية وإعادة رسم الخارطة الإستراتيجية في العالم لصالح الولايات المتحدة الأميركية ومؤسساتها وشركاتها على حساب الأوروبيين وخاصة في منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى التي تشكل مراكز الطاقة الأساسية لأوروبا .

ويرى المحللون الأوروبيون إن الإنقسامات تبدو جلية وواضحة حالياً داخل الإدارة الأميركية بين التيار المتشدد الذي يقوده نائب الرئيس ديك شيني ويدعمه  الرجل الثاني في البنتاغون فوزلفيتز  الداعي لتنفيذ ضربات مكثفة وسريعة ضد معاقل الإرهاب ، وبين التيار الذي يقوده وزير الخارجية كولن باول  والداعي لإدارة منظمة وبعيدة المدى للأزمة والحصول على أكبر قدر من التنسيق الإقليمي والدولي .

كما توجد خشية من أن يتم زعزعة سريعة لعدد من الدول  وخاصة القريبة من أوروبا وتحديداً في الشرق الأوسط والخليج  ومنطقة المتوسط ، إذا ما قررت واشنطن توجيه ضربات مختلفة لأطراف متعددة وعدم الإقتصار على ضرب خلايا ومعسكرات الإرهاب في أفغانستان حيث أن ضرب العراق أو جماعات إسلامية في لبنان أو دول أخرى قد يخلق معادلة جديدة تخرج عن إطار مناهضة مجموعة  " القاعدة " التي يتزعمها أسامة بن لادن .

وقد شعر المسؤولون الأوربيون بانزعاج واضح من ركون الرئيس الأميركي جورج بوش إلى استعمال عبارة " الحرب الصليبية " لتبرير جزء من تحركه الحالي .

ويتمثل الموقف الأوروبي حالياً في إبداء تضامن علني وواضح مع الولايات المتحدة الأميركية ولكن مع الاحتفاظ بهامش للمناورة باعتبار أن مكافحة الإرهاب بشكل فعلي تستوجب جملة من الخطوات  التي تتخطى المعادلة العسكرية ومنها بحث مسببات العنف ، ووضع آلية لإدارة جديدة للعلاقات  الدولية تأخذ بعين الإعتبار إحتواء الصراع العربي ـ الإسرائيلي ، وحل القضية الفلسطينية ، ومساعدة دول المنطقة إقتصادياً ، إلى جانب إتخاذ إجراءات أمنية فعلية، وتبادل المعلومات في مجال الاستخبارات بشكل فعال ، وتجنب  بأي ثمن أن تكون المواجهة ذات طابع ديني أو عرقي .

وكشفت الاتصالات والتحركات الأوروبية المبذولة حتى الآن ليس فقط وجود خلافات في التقييم بين أوروبا والولايات المتحدة الأميركية ، فحسب ، بل  وكذلك بين الدول الأوروبية نفسها .

ويتوقع أن يقوم رؤوساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الذين إجتمعوا يوم الجمعة في بروكسل بتقييم خطاب الرئيس الأميركي الأخير والشروط التي رسمها لنظام طالبان ، كما أنهم سيحددون إطار تنسيقهم القضائي والأمني ، ولكنهم لن يتفقوا  على الصيغة الفعلية للمساهمة الأوروبية في أي عمل عسكري .

وتريد دول مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا ودول الشمال معرفة الاستراتيجية الحقيقية لإدارة بوش قبل الدخول معها في أية مواجهات عسكرية فيما تقود بريطانيا لأسباب تاريخية  التيار المؤيد باتباع تضامن مطلق تجاه واشنطن ، أما ألمانيا  فإن خيارها يبدو استراتيجياً بحتاً حيث أنها ، ومثلما فعلت إبان حرب الكوسوفو ، تريد توظيف أية أزمة دولية للتخلص من ماضيها والتمتع بحرية تحرك أمني وعسكري حرمت منه حتى الآن .

كما يواجه المسؤولون الأوروبيون حالياً ، وإلى جانب التداعيات الدولية لأية تحركات عسكرية قد تنشب ، مخاوف على صعيد التعايش الداخلي في مجتمعاتهم حيث يعيش ملايين المسلمين فوق جميع الأراضي الأوروبية بدون إستثناء ، وإن أية مبادرات غير محسوبة قد تخل بالأمن الداخلي لدولهم .

وأخيراً فإن الدول الأوروبية التي تعاني من حالة إنكماش اقتصادي فعلية حالياً تخشى بشكل كبير من أن تتسبب أية مواجهات تقودها فيها الولايات المتحدة الأميركية إلى انهيار جديد للوضع الاقتصادي نتيجة تقلص النشاط وعمليات التسريح المعلنة وارتفاع أسعار الطاقة وزيادة التضخم وكل ما يحمله ذلك من آثار اجتماعية وسياسية في المستقبل.

وأمام هذه المعطيات فإن أوروبا تسعى إلى تجنب الحديث بآي ثمن عن الحرب والعمليات العسكرية ولا تريد في المرحلة الحالية تركيز تعاونها مع الولايات المتحدة الأميركية  على  البحث عن مرتكبي الاعتداءات والدفع نحو محاكمتهم من جهة ، ومن جهة أخرى حول عدد محدد من العناصر ومنها التعاون الأمني وتبادل المعلومات وسلامة الطيران والملاحة والتعاون القضائي ومكافحة غسل وتبييض الأموال والتحكم في مصادر تمويل الإرهاب .

 

 

 



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرنسا ومعضلة التواد الإسلامي على أراضيها بعد أحداث 11 أيلول ...
- تقرير عن النفوذ الفرنسي في أفريقيا
- الحادي عشر من سبتمبر / أيلول 2001 لماذا سمحوا لقراصنة الجو ...
- " إختيار كبش الفداء " أضواء جديدة على كتاب "بروتوكولات حكم ...
- مشاريع التسلح العراقية: واقعها ومخاطرها
- د. نصر حامد أبو زيد ومسألة التأويل وفلسفته
- أبعاد الحملة الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية
- العراق: لعبة القط والفار في تهريب النفط العراقي
- حقيقة الحوار بين الأديان
- حرب المخابرات لن تقع؟
- الإسلام في مرآة الإعلام الغربي الإسلام الأصولي والإسلام العص ...
- اليورانيوم المنضب ّ: الحرب غير المرئية
- النظام السياسي الإسرائيلي
- هل بدأ العد التنازلي لمصير نظام صدام حسين في العراق فعلاً ؟
- زمن المرارة بين واشنطن والرياض
- الإسلام والأصولية التاريخية
- الشرق الأوسط بين طموحات الأمريكيين وعجز الأوروبيين واستسلام ...
- الانتفاضة الفلسطينية في مرآة الإعلام الإسرائيلي
- الحق القديم : وثائق حقوق الإنسان في الثقافة الإسلامية
- منى أيوب :- الحقيقة : سيرة ذاتية


المزيد.....




- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
- عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط ...
- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جواد بشارة - الإتحاد الأوروبي وإشكالية التضامن مع الولايات المتحدة الأميركية