لبننة الوضع المصري

مجدي جورج

الحوار المتمدن-العدد: 3690 - 2012 / 4 / 6 - 18:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لبننة الوضع المصري
منذ ستينات القرن الماضي وربما قبلهاوللان  تدخلت وتداخلت كثير جدا من اجهزة المخابرات العربية والإقليمية والدولية في الوضع اللبناني . فانتقلت الكثير من الصراعات الي هذا البلد الجميل ودمرته فإسرائيل تدخلت ضد الاختراق السوري  ، والبعثيين العراقيين تدخلوا ضد البعثيين السوريين بعد الانشقاق البعثي ، واجهزة المخابرات الغربية ضد اجهزة مخابرات الكتلة الشيوعية سابقا ، وال سعود تدخلوا وأشتروا ولاءات الكثيرين بأموال البترودولار لتحجيم الدور المصري بقيادة عبد الناصر حتي انهم اشتروا ولاءات بعض النواب كي يمنعوا انتخاب رئيس قومي عربي نكاية في عبد الناصر .
وياليت الامر اقتصر علي هذه الاستباحة المخابراتية فقط ولكن للاسف كان من نتيجة هذه التدخلات ان  تشكلت ونمت وقويت ميليشيات بتمويل من هذا الطرف او ذاك ، وكانت هذه الميليشيات  تابعة لبعض الاحزاب والقوي التابعة بطبيعتها للطوائف المختلفة ، ليس هذا فقط بل نتج عن هذا حرب ضروس بين هذه الميليشيات  الطائفية استمرت لحوالي ستة عشر عاما مما نتج عنه تدخلات من جيوش دول مجاورة وغير مجاورة كالجيشين الاسرائيلي والسوري وحتي الجيش الامريكي ممثلا بقوة المارينز الامريكية  التي لم تخرج الا بعد تفجير ثكناتها علي الشواطئ اللبنانية ، والآن  يقال ان هناك عناصر من فيلق القدس الايراني  متواجدة بلبنان .
 فإذا تأملنا حالنا بعد ثورة يناير العظيمة  وتاملنا المشاهد التالية نجد اننا للاسف لو لم ننتبه لحالنا ولو لم تكن هناك دولة قوية تأخذ كل الامور مأخذ الجدية فان حالنا من الممكن ان يتطور للأسوأ ونصل الي ما يشبه الحالة اللبنانية  .
والآن تعالوا ننظر الي اكثر من مشهد يثير مخاوفي : 
اولا مشهد الطائرة الاسرائيلية التي انقذت طقم السفارة الاسرائيلية التي هاجمها المتظاهرين بالقاهرة والذي لم نعرف تفاصيله للان .
ثانيا مشهد اخراج الرعايا الأمريكيين المتهمين في قضايا منظمات المجتمع المدني ومن صاحب قرار إخراجهم ومافيا عن الخطة التي كانت معدة لاختطافهم  من علي سطح السفارة الامريكية بالقاهرة .
ثالثا زيارة اسماعيل بن هنية رئيس حكومة حماس بغزة للأزهر في حضور زعماء الاخوان المسلمين وقوله هو وهؤلاء الزعماء بان تحرير القدس يبدأ من القاهرة بما يعني ذلك من محاولة لتوريط مصر في نزاع وحرب مع اسرائيل والقوي الكبري بالعالم . مع ربط هذا بما حدث في الآونة الاخيرة من اطلاق صواريخ علي مدينة إيلات الاسرائيلية من جهة شبه جزيرة سيناء مع تهديد نتنياهو ووزير دفاعه بالرد بالقوة علي اي اعتداء علي اسرائيل مع ربط كل ذلك بحالة الانفلات الامني الرهيبة التي تعاني منها سيناء .
رابعا مشهد بوسترات ابو اسماعيل التي غطت جدران القاهرة والأقاليم لدرجة ان الشعب المصري لم يجد ما يعلق به علي هذا الامر الا بالتنكيت فقالوا (( في مصر الدين لله والوطن للجميع والكراسي للكتاتني والشوارع لبوسترات ابو اسماعيل )) ، طبعا كل هذه التكاليف قيل ان ورائها مملكة ال سعود التي تحاول اجهاض الثورة المصرية باي وسيلة وتريد دولة سلفية تسير علي نفس المنهج السعودي ولا تهتم الا بشكليات الدين من لباس واطلاق لحي وحدود دون الاهتمام بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات بين افراد المجتمع مع ربط هذا بالشح والتقتير بل والامتناع السعودي عن مساعدة الحكومة المصرية بعد وعود كثيرة بالمساعدة  كانوا قد اطلقوها بعد الثورة   .
خامسا مشهد ترشح خيرت الشاطر عن الاخوان للرئاسيات القادمة بعد طول تمنع من الجماعة مع ربط هذا بتواجد الشيخ القرضاوي القطب الاخواني المعروف بقطر وما قيل عن زيارة حديثة جدا الشاطر الي قطر وربط كل هذا بما قيل عن رفض المجلس العسكري الحاكم لمشروع قطري  يتكلف 30 مليار دولتر وبتعلق باستغلال قناة السويس كي تصبح من اوائل الموانئ الخدمية  علي مستوي العالم ، ولذا قرر القطريين بالمشاركة مع الاخوان الدفع بالشاطر كي يحقق أحلامهم ومصالحهم ومصالح بعض القوي الإقليمية والغربية .
سادسا مشهد تهديد احمد ابو بركة  عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة الزراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين بان اعضاء المجلس العسكري سيلاقوا نفس مصير القذافي اذا حادوا  عن الصواب ( والصواب لدي الاخوان هو تحقيق مصالحهم)  ، فلا يمكن للإخوان اطلاق تهديد هكذا الا لو كانوا يملكوا من الميليشيات والقوات والأسلحة التي تحقق لهم الوقوف في وجه العسكر وكلنا نذكر الاستعراض العسكري الذي اجرته ميليشيات الاخوان في جامعة الازهر قبل ثورة يناير واستعراضاتهم شبه العسكرية قبل ثورة يوليو 1952 . طبعا مع ربط هذا بان السلفيين يملكون خبرة كافية في القتال داخل مصر وخارجها واقصد بهم السلفية الجهادية الممثلة في البرلمان تحت راية حزب البناء والتنمية الزراع السياسي للجماعة الاسلامية فهؤلاء لديهم خبرة قتالية كبيرة منذ ثمانينات وتسعينات القرن الماضي عندما حملوا السلاح في وجه مبارك وعندما شاركوا في القتال بافغانستان وفي غيرها   .
سابعا واخيرا المشهد الخاص بما نجم عن انتخاب الجمعية التاسيسية التي قسمت الاحزاب والقوي السياسية المصرية لفريقين فريق اسلامي استئثاري اقصائي وفريق اخر مدني يريد كتابة دستور بالمشاركة وليس بالمغالبة فهذا شبيه بالمشهد اللباني الذي تصطف فيه القوي السياسية تحت رايتين هما راية 8 إزار والأخري راية 14 آذار .
طبعا من الممكن ان يقول القارئ ان هناك فارق كبير بين الحالتين المصرية واللبنانية ففي لبنان تتواجد اكثر من 16 طائفة ولكن مصر لا تعرف هذه التشرزمات وهذه الطوائف ، كما ان جيشنا قوي ولن يسمح بوجود ميليشيات كما الحال في لبنان ، وهذا كله صحيح ولكن ما يحدث الان يقول الا اننا لسنا بعيدين وياليتني اكون متشائم اكثر من اللازم ويكون هذا الامر بعيد كل البعد عن مصر .
مجدي جورج
[email protected]

#مجدي_جورج (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات