أحمد زكارنه
الحوار المتمدن-العدد: 3689 - 2012 / 4 / 5 - 10:45
المحور:
القضية الفلسطينية
مصطلح «الحرية» ليس مجرد مفردة نتفق أو نختلف على تفسيرها، فالحرية وبخلاف ما يروج لمعناها باعتبارها فعلاً مطلقاً، هي بالأصل قيمة انسانية من أهم مبرراتها فعل المسؤولية لا الفوضى، والفرق بين المسؤولية والفوضى هو ذاته الفرق بين الحلال البين والحرام البين ولا متشابهات بينهما الا بفعل فاعل.
مؤخراً شهدت الساحة الفلسطينية، حالة من الجدل الواسع حول الخط الرفيع الفاصل بين حرية الرأي ومجانية الأحكام المطلقة، ما يشير الى أننا نعيش حالة من تفسخ المفاهيم كنتاج طبيعي للتطور التكنولوجي الذي اختلطت في سياقه المعالم الثقافية، لتفقد جميع الاشياء خصوصيتها وبالتالي تمييزها.
ما يحزن في هذا المشهد ان بعض أعضاء الجسم الصحفي انبرى يدافع دفاعا مستميتاً عن حرية صحفية لم تتحقق معالم مهنيتها الأساسية في سياق احكام مفترضة اطلقت بلا دلائل واضحة في ذات القضية التي اجتمعوا في وقفة احتجاجية عليها، فضلاً عن عدم اختصاص الصحفي في اطلاق الاحكام في قضايا تحمل أبعاداً وطنية تمس الحقوق الخاصة والعامة في آن، وانما الدور المنوط حسب القواعد المهنية يشير بوضوح الى حق الصحفي المهني في الاشارة الى قضايا الفساد استناداً على دلائل ومعطيات دون استعراض لأسماء شخوص لم تثبت ادانتهم بعد.
ان ممارسة العمل الصحفي المهني والحر في آن، هي محاولة لا شك واضحة ومباشرة للوصول الى الحقيقة، عبر تفكيك كل لبس قد يغطي على فساد هنا أو هناك، ولكنها في الوقت ذاته، ولكي تبقى ممارسة مميزة ومحافظة على هيبتها بحسب القواعد المهنية، لا يمكن أن تعطينا حق « شيطنة» الآخر أو ادانته دون دلائل مادية واضحة.
وأنا هنا اتحدث عن الصحافة الاستقصائية المرتبطة بالحدث ومشروطة بحجمه، ولا اتحدث عن مقال الرأي، كون مقالات الرأي مادة أخرى تبنى عادة على قواعد مختلفة، لسنا في مجال الحديث عنها في هذه المساحة.
ختاماً من الضروري القول: انني هنا لست في معرض الدفاع عن شبهة فساد هنا أو هناك، وانما في صلب الدفاع عن هيبة العمل الصحفي الحر والمهني بعيداً عن مجانية الحرية التي لا تغني ولا تسمن عن حق أو حقيقة.
#أحمد_زكارنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟