أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - قــبــل الاختِنــاق بدمعــة















المزيد.....

قــبــل الاختِنــاق بدمعــة


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 1085 - 2005 / 1 / 21 - 12:25
المحور: الادب والفن
    


قــبــل الاختِنــاق بدمعــة
(رسائلي إلى نجوى_1)

آه نجوى!
النافذة هنا مُشرّعة على ألم..
والريح تعصف بستائر الندم منذ رحيلــــه!
هنا أنـــا..
وحيدةٌ كما شجرة زيتون على سفح جبل..
أرتدي معطف الذكريات ولا أبحث عن مدفأة..
المطر خفيـــف ٌ.. مـُخيـــِف ْ..
وفي الغابة على مدى الحلم..
ألف ذئب ما زال يترّصد بسلة أزهاري
يتلهف ليعيثَ فيها نفاقاً !
وحدي هنا.. لا أنتظر أحدا..
لا أحد ينتظرني !
لا أحد يستحق الانتظار سواه..
له وحده
انحنتْ سيقان قمحي, التي ضجّت بسنابل الغرور دهرا!
حصدَ شوقي..
ناولني صليبـًا من خشب النسيان
وقال: اتبعيني.. فتبعته بفرح , دون أن أتلفت حولي ,
دون أن تشلّني صيحات الغربان على الطريق!
وتدحرجتُ خلفه ككرة ثلجية..
خطوة خطوة في درب الغيرة والحيرة.
تدحرجتُ .. تدحرجت .. وجمعتُ في طريقي كلّ قشّ الخصام.!
ثمّ سقطتُ في أتون الفُراق!
آه نجوى!
هل بقي في القلوب متّسع للحبّ ؟
أما استحالت زوارقنا, أوراقا تبحر في محيط القلق ؟!
أما استحالت عصافيرنا, حبرا لا تغرد إلا على ورق ؟
أيتها الصديقة الحنون,
هل تأتين كل فجر ..
لتضعي ولو وردة جافة واحدة على قبري
لعل مناقير الطيور تهبط.. تحملَها
فلا يبقى من الحلم إلا ذكريات
ذكريـــــــــــــات


***


قبلَ أن يُدركنــَا فـُراق
(رسائلي إلى نجوى-2)


آه نجوى !
هل أقصّ عليكِ أسراري من ياء اليباب
إلى ألف اللقاء الأوّل الشهيّ..
حينَ أدركَ أنـّهُ يعشقني...!
بدأ يُبعـِدُني عن منهل حنانه..
وهو ُيدركُ أننـّي..
كما الفراشة الصغيرة في مهبّ العاصفة.!
لا أقوى مقاومة جفاف النفي عن قلبه.
آه أيتها الصديقة الدافئة ..
الرّوح تهجر الجسد مرّة , وأنا هجرتني روحي ألف ألف مرّة منذ غيابه !
وحده .. كانَ قادرا أن يتمدّد ويتقلص
يثور وينحسر , كما البحر
داخل محارة حواسي!
مرّ بقلبي..
كما التاجر الأنيق.. فاشترى كل منتوجات كياني.. من حنان وحنين
غيرة وحيرة, جنون وظنون..
وحينَ منحته وسام الترقيـة..
تاهَ في سوق الغُربة!
دنوتُ منه ..
كما سنونوة يصطادها حب استطلاعها للحياة.!
إلى اسلاك قفص .
اقتحمتُ قلبه.. فأبْقَى نافذة مُشرعّة للرحيل..
لكنني رفضتُ أن يُقصيني عن وطن..
أعلنت انتمائي لدفئه.
دنوتُ من حنانه حتّى ثمالة الفرح ..
فراحَ يبتعدُ مرتعدًا..
كقطار سريع ٍ ينزلقُ على سكّة حديديّة مألوفة!
آه يا غالية ..
أخبريني بربّك ِما السبيل للّحاق ِ به؟!
أو.. أخبريه أن يتوقف حيث هو..على جسر الشوق..
لآتيه حوريّة ًبحلم ٍحريريّ.
آه يا عمري .. توّسلي إليهِ

أن يتوقفَ حيث هو.. لأدركَهُ قبل أن يُدركَنَا فُراقٌ.. فنندم..!
حيثُ لا ينفع ألم... ولا ندمْ!


***


يحبني..؟ لا يحبني ..! يحبني..!!
(رسائلي إلى نجوى_3)


آه ٍ نجوى ...!
من سواكِ شاهدَ حوريــّةً تغرق في بـــحـــر العمر !!
تتعلّق بقشّة صبر ..
ويمرّ بآخر خيوط الأمل مركبُ أحلام ٍ فردوسيّة, يعجّ بالملائكة, والأنغام السماويّة ..
فتتدلى يدان لتنتشلا الحوريّة من موجة قهر ..
وتوّقعا على وثيقة انتمائها لقلب
صار أوسع من وطن منذ قررتْ أن تمارس حق اللجوء إليه!
آه ٍ نجوى .. يا رفيقة الكتابة والكآبة ..!
يقولون: (الأقحوان لا ينمو إلا على الأرض.!)
لكنّني شاهدته بساتينا في عينيه..
فأثملني الشذى !
يقولون: (الكروان لا يحلّق فوق الشّمس..!)
وأنا شاهدته يرفرف فوق جبينه..
يغرد على أغصانه, فأثملني الصوت والصدى!
آه نجوى .. يا تربة أسراري ..!
منذ التقى واحدُنا نصفه الآخر والبشر يحيون الجفاف ونحن نحيا المطر..
نبني عُشّ أحلامنا كلّ فجر قشّة قشّة..
ونوقد كلّ القشّ مساءً لنحتمي بالدفء حين يجمعنا حضن واحد..
أوسع من رحم العاطفة!
آه ٍ يا غالية ..
لماذا ..
كلـّما قطفتُ في غيابه أقحوانة..
أعرّي بتلاتها بتلةً بتلة ..
أستطلع خفايا قلبــِه:
يــُحــِبــُّنــِي..!
لا يحبني..!
يحبني..!
تسقطُ كلّ ُ اللاءات
حتّى آخر بتلة!


***


الحبّ كالعمر لا يأتي إلا مرّة
(رسائلي إلى نجوى_4)


آه ٍ نجوى..!
في القلب أكثر من دمعة ..
وأنا عاجزةٌ عن السير عكس اتجاه القلب !
ألم يأتني كعندليب يتحـرّش ُ بشجرة..
فاحتويته بين أغصان حناني..!
وحلمتُ أن يحملنا الحُبّ على جناحيه إلى الذُروة..
دون أن نتقهقر كـ (سيزيف..!)
خلف صـُخـور خيباتنا..
لكـننـّا تقهقرنا..
مرّة ومرّة ..!
وها هو ..
يهددني بنزق طفوليّ بإجهاض جنين حبـّنا من رحم العاطفة..
وهو راغبٌ بلبــَن حنينــِي حتـّى الثمالة!
رجلُ البحر هو ..
يعيشُ المتناقضات داخله في حالة توازن خفيّ
تارةً يـُنعشنــِي بأمواج هادئة
وأخرى يـُغرقنــِي بثورة صاخبة!
معه تعلمت أن أقرأ نقاط الغيرة قبل حروف الحيرة!
فما بين اندلاع ثوراته الفُروسيّة وعودته الطفوليّة لحضن حنيني..
تضيقُ بي كلّ الآمال ..
فأحمل حلمي على كتفي وأسير حافية في صحارى قتلها العطش!
وكلـّما كسر لوحة من الوصايا العشر العالقة بين قلبينا..!
تنزفُ الذاكرة.. وينفرط عـِقدُ الثقة ..
وفجأة يعود حالمـًا نادمــًا يستجدي مطر الغفران.!
يمـدّ جذوره في تربتـي حتــّى آخر ذرّة دونما استئذان!
آه ٍ يا غالية ..
زهرة عباد الشمس أنا.. وهو شمسي!
له وحده تشرئـِب ُّ بتلاتي وذاتي ..
فهو الذي يمدّ أنوثتي بكلوروفيل الكبرياء!
آه ٍ نجوى ..
الحبّ كالعمر لا يأتي إلا ّ مـَرّة ..!
وأنا أحبـــّه ..حتــّى الرمق الأخير..
وأنا أحبـــّه .. حتــّى أقاصــِي المستحيل!


***


الآخرون هم الجحيم ..؟!
(رسائلي إلى نجوى_5 )


آه ٍ نجوى ..
كلّ الطرقات ِ التي كانت تُؤدّي إلى قلبي
نبذَتني!
وبقيتُ هنا.. وحدي ..
كصخرةٍ عاريــة في جوف بحر كفيف!
يضربُني بأمواج ِ العتاب تارةَ وبالجفاء أخرى..
ولا يستكين ..!
آه ٍ يا رفيقة أحلامي ..
ما زالت طواحينُ الغدر تدور وتدور..
وطيوري ترفرف حولها بصمت مشلول!
الريحُ عاتية..!
وما من إبحار سوى في محيط الحلم,
مرتعنا الأبدي للأمل..
وربـّما.. ربـّما.. للجنون !
مـُتعبة أنا يا غالية ..!
مـُتـْعـَبــَة ٌ من النظر في وجوه فقدت ملامحها
وصارت أشبه بأكواز الصـّبار !
متعبة من الصبر على أحلامي المجهضَة !
كلّ فجر أصنع من الأمل خمسة أرغفة..
وأهيمُ..أهيمُ في الطرقات بحثا عن تّنور حنان نقيّ!
أوّزعُ خطواتي هنا وهناك بعفويـّة ..
فتتلقفني حفرةُ خصام مُباغتة...
أهــوي .. أهــــوي .. ولا أفيقُ إلاّ
وقد أ ُجهـضَـتْ كلّ آمالي فوق أشواك الوجع.
آهٍ نجوى ..
من سواكِ يدركُ أنـّه أيقونة أحلامي ,
وأنـّي أحبـّه .
كما هو أحبـّه .
يجلدني بسياط العتاب... وأحبــّه !!
يُجافيني في اليوم ثلاث مرّات وأكثر ..
وأحبّه!
يُجهضني فوق منفى الفراق.. وأحبّه !!
ويأتيني بعد كلّ نوبة جنون
يقول: أحبــُّكِ يا صغيرتي..!
وأحبّه !! آه ٍ نجوى ..
أنا في طريقي إلى الجنون..
والجنون ضربٌ من ضروب الجحيم.
الآخرون ليسوا جحيما ..
نحن .. نحن من نصنع لنا الجحيم..!


***


يليق بي أن أفيضَ أنوثة
(رسائلي إلى نجوى_6)


آه ٍ نجوى ..
ها هو الطائر الدوريّ يُدركُ
أنـّه أينما هاجر سأكونُ لأجنحته سمــاءً ,
وأكونُ حضنـًا يستوعبُ نزقَ مزاجيتـِهِ.
ها هي النجوم ُ تعودُ لتزيـّنَ أوراقي..
ها هي سحبُ الوجوم تنقشع من آفاقي ..
آهٍ يا رفيقة أفراحي ..
في قلب العاصفة, رأيتُ النـّور !
عبرتِ الطيورُ وألقتْ أغصانَ الزيتون ِ الأخضر
على كتفي المثقل بأكفان همّ أسود, رفعتُ رأسي
إلى السماء, فأبصرتُ أجنحة ً بيضاء تُرفرفُ
على خلفية حمراء وسمعتُ صوتـًا كما التهاليل
يقول:
لا تخافي ! رحلَ الفارسُ لكنّ قلبَهُ معك ِ,
فانتظري عودته.
وانتظرتُ ...
ها قد عاد َ ليشيّدَ لي حصنـًا يطرح خارج أسواره
كلّ حطب الغيرة والحيرة والحزن المزمن ..
ها قد عدتُ لأشيّدَ له أسرارًا أسطوريـّة
في أقاصي القصيدة.
أتدرين يا رقيقة ..
الأصل في الأشياء السكون, ما لم تكُن هنالك قوّة !
وهو القوّةُ التي أيقظتني من سبات "أمرأة الكهف ".
أفلا يليق ُ بي أن أمتلئ دهرًا بالشوق فأفيضَ
أنوثة ً كي أسلّمَهُ مفاتيحَ أحلامي
بعدما عاد عاشقـًا مُتأملا غجريـّا حالمـًا
لكي نبدأ الحكاية


---------------
عن كتاب:" قبل الإختناق بدمعة" - 2003



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثة ُ وجوه ٍ وحكاية ** ومضة قصصيّة
- الضَّوْءُ الأحْمَر ** قصّة قصيرة
- حينَ تنامُ على حُلم ** قصّة قصيرة
- هذي جراحي فادخلوها آمنين ** شذرات
- أحلامٌ صغيرة ** قصة قصيرة
- ** ستعيدُكَ إليَّ الحكاية **
- عودة ُ النّورس ** قصّة قصيرة
- هواجسُ الميلاد
- وقد لا يأتي ..؟! ** قصة قصيرة**
- الحبرُ أبْقَى منَ الحبّ ** شذرات **
- سأحاولكَ مرّة أخرى
- ومضاتٌ وجعيّة
- قصة قصيرة - فَرَاشَة ٌ في زمن غائم
- إصــْرَار - قصة قصيرة
- أنا جنونك - قصة قصيرة
- جَمَرَات
- يحـِــقّ لي كلّ ما يحِــقّ لكم
- الفستان الأحمر - قصة قصيرة
- حـلمٌ آخـَر - ومضة قصصيّة
- أميرةُ حكاياتِهِ - قصة قصيرة


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - قــبــل الاختِنــاق بدمعــة