أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير عادل - مقولة الإلحاد في مفهوم السلطة والمعارضة















المزيد.....

مقولة الإلحاد في مفهوم السلطة والمعارضة


سمير عادل

الحوار المتمدن-العدد: 213 - 2002 / 8 / 8 - 01:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يبدو ان الحملة الايمانية لصدام حسين وافرازاتها تشبه مرض جنون البقر ولكنها لا تصيب المواشي والبشر وتعبر البلدان بل هي ذو طابع محلي تصيب احزاب معارضة محصورة في جغرافية العراق . فلم ينجح صدام حسين عن طريق "حملته الإيمانية" التي أطلقها قبل سنوات ببث الرعب في صفوف المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق فحسب ،بل اجتاحت تلك الحملة "الصدور المؤمنة" في الحزب الشيوعي العراقي!.
فأذا كان الاول أي المجلس الاعلى وخوفا من سحب البساط من تحت أقدامه، أطلق زعيمه محمد باقر الحكيم في زيارته الأخيرة للكويت تصريحات حول عدم جواز قطع رؤوس بائعات الجسد الذي قام به المجرمون من فدائي صدام قبل اشهر بل وعلى حد تعبير الحكيم يجب رجمهن بالحجارة كما نص عليه الشرع الاسلامي،أما الثاني وعلى لسان حميد مجيد موسى سكرتير اللجة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ردا على تهجمات صدام حسين على الشيوعية، أطلق على كلمة الإلحاد " يجري باستمرار اتهام الحزب الشيوعي العراقي علنا في وسائل الاعلام وعلى لسان الدكتاتور بشتى التهم البذيئة كالخيانة الوطنية والإلحاد .."الزمان اللندنية في شهر شباط عام2000 .
ورب سائل يسأل لماذا يتطرق صدام حسين الى موضوعة الإلحاد في كل فرصة ؟ولماذا يرد حميد مجيد موسى على هذه المسألة بكل غضب وهذه الحدية في الوقت الذي يئن فيه الإنسان العراقي من وطأة الجوع والحرمان والاستبداد السياسي ،وان هذه القضايا هي الأجدر بمناقشتها؟ .قبل كل شيء ان صدام حسين يدرك جيدا بأن المجتمع العراقي مجتمع علماني ومدني ومن قرأ واطلع على ادبيات البعث في السبعينات من القرن العشرين سيتذكر بأن حزب البعث العربي كان يعرّف نفسه بأنه حزبا علمانيا ،والغرض من ذلك التعريف هو التكييف والانسجام مع المجتمع العراقي وتطلعاته الحضارية التي كانت تواكب العصر في تلك المرحلة . وان صدام حسين يعرف ايضا وبشكل جيد ان الحملة الايمانية التي اطلقها لا يمكن ان تصمد امام أي انعطاف بسيط في الحياة السياسية للمجتمع المذكور .أي بعبارة اخرى حين يحاول اليوم من خلال تلك الحملة السيطرة على الانفلات الثوري للجماهير في العراق وحرف توقعاتها النضالية وبث التشويش والاوهام عن سبب مأساتها للحيلولة دون دك اسس نظامه السياسي والاجتماعي ،يدرك في نفس الوقت ان نجاحات حملته الايمانية مؤقتة ومرهونة بالاوضاع التي خلقها الحصار الاقتصادي.
ومن افرازات الحملة الايمانية ،نجد تأثيراتها على الاحزاب الاخرى من المعارضة العراقية مثل الحزب الشيوعي العراقي الذي من المفترض من خلال العنوان او الاسم الذي يحمله"الحزب الشيوعي" والذي من المفترض ايضا ان يدل على علمانيته وان يتصدى للحملة الايمانية لصدام لا ان ينخرط في الحملة!.وقبل ان اناقش موضوعة الالحاد اود ان اسلط الضوء على "لماذا يرد حميد مجيد موسى على تصريحات صدام حسين" . الجانب الاول للمسألة بأن الحزب الشيوعي العراقي يحاول ان يفصل نفسه عن التاريخ العلماني والتحرري للمجتمع العراقي اداركا منه بأن ذلك التاريخ هو لعنة تلاحق الحزب الشيوعي وفرض عليه فرضا دون ان يجد قدرة للتخلص منه .وفي الحقيقة ان كان فرض عليه ذلك التاريخ او هو الذي الحق نفسه به فأن مشكلة الحزب الشيوعي العراقي تكمن في كيفية انقاذ نفسه من ذلك التاريخ باستثناء "تاريخ نضاله ضد الاستعمار او تاريخ الحركة التحررية في العراق ضد الاستعمار". وهذا دائما ما يحاول ان يبينه قادة الحزب الشيوعي العراقي سواء في المقابلة المذكورة لحميد مجيد او مقالات ومقابلات وتصريحات عبد الرزاق الصافي عضو المكتب السياسي للحزب او المشاركة اعلاميا وسياسيا في الاحتفالات التأبينية لاعدام محمد باقر الصدر وغيره من الشخصيات الاسلامية. اما الجانب الثاني للقضية فهو ان الحزب الشيوعي العراقي يحاول ان يبرز نفسه سياسيا مقابل حزب البعث والمجلس الاعلى كتيار ثالث توفيقي يجمع بين الافكار الوسطية الفضفاضة التي لا يمكن ان تسجل عليه اية زلة فكرية او سياسية يحاكم عليه من قبل التيارات الرجعية في المجتمع العراقي .وكان واضحا من خلال أقوال حميد مجيد هو المحاولة للتنويه بأن الحزب الشيوعي العراقي هو المقصود من خلال تهجمات صدام حسين على الشيوعية . وفي الحقيقة هذه محاولة سياسية او لنقل مناورة من قبل حميد مجيد لا اكثر في تفسير اقوال صدام حسين او الاعلام الذي قصده لاغراض سياسية وضحناه .اما الشيء الذي لم يكن يقصده ابدا ويأتي في المطاف الاخير في تصورات صدام حسين ان يكون المقصود هو الحزب الشيوعي العراقي. لانه ببساطة ان مشكلة صدام حسين ليس من ان الحزب الشيوعي العراقي يمكن ان يكون بديلا لسلطة البعث ، فله تجربة واسعة وكبيرة مع الحزب الشيوعي العراقي ولم يستطع الحزب المذكور ان يحقق شيء لا في اعوام 1959 ولا في عقد السبعينات ايام مجد المعسكر الشرقي وايام كانت تعرّف الاحزاب الشيوعية "المدرسة السوفيتية" في خانة الحركات التحررية في المجتمعات الانسانية . بل ان مشكلة صدام حسين مع تاريخ الحركة الشيوعية والتحررية في المجتمع العراقي التي يحاول الحزب الشيوعي العراقي ان ينفك منه كما قلنا قبل قليل.
ان قضية الالحاد والدفاع عنها ليست مرتبطة بالإلحاد بل هي مرتبطة بمفهوم الحرية وفلسفة تثبيتها في المجتمع العراقي .و الدفاع عن الحرية بأوسع معانيها هي القضية الاصلية والجوهرية في موضوعة الالحاد والتي ترتبط بإفساح المجال لفكر الانسان في العراق ان يحلق مثلما يحلو له دون ان يكون له موانع او رقابة معنوية ومادية تحاسبه شرط ان لا يكون ذلك الفكر منافيا للنزعة الانسانية وماهية فلسفة الوجود الانساني مثل "التيارات العنصرية والنازية والفاشية". وكم من التهم الصقت بالمعارضين للتقاليد والقوانين وفلسفة وجود الانظمة الاستبدادية والتي اودت الى قطع اعناقهم تحت يافطة "الزندقة،الالحاد،الهرطقة..الخ" عبر التاريخ البشري . فليس عبثا اذن ان شرع اول قانون للالحاد بعد انتصار الثورة الفرنسية عام 1789حيث نفي العديد ولوحق الكثير من المفكرين والكتاب البرجوازيين بسب اطلاق تهمة الالحاد من قبل الكنيسة القروسطية عليهم قبل تلك الثورة . وما ان بدأت الثورة تتراجع وتتنصل عن المبادئ التي جاءت تحت رايتها (حرية، إخاء، مساواة) وكي تضع اللجام امام المد الثوري للجماهير التي حملت تلك الثورة على اكتافها فأن اول ما عمله بونابرت بعد وصوله الى السلطة الغاء قانون الالحاد واعاد الضريبة على الورق والخمور.
ان وصف الالحاد بصفة بذيئة من قبل حميد مجيد موسى يضع قضية الديمقراطية التي تنادي بها سائر الاحزاب وقوى المعارضة العراقية"الدينية،والقومية"في اشكالية كبيرة،بالرغم من ان موضوعة الديمقراطية في اعراف تلك الاحزاب مبهمة وغير معرفة وتستخدم كسلاح فقط ضد نظام صدام حسين ودمويته.ان القضية لا تنحصر بتملق حميد مجيد موسى للاسلاميين حول مسالة الالحاد وطاطأة الرأس لهم بل تتجاوز الى حد المفاهيم والافكار التي تبناها الحزب الشيوعي العراقي بعد انهيار الكتلة الشرقية منها موضوعة الديمقراطية كأحدى المفاهيم الاساسية في الحزب خاصة بعد ان تعالت اصوات انتصار الديمقراطية في تلك الحقبة التي انتصبت قامتها على بحر من الدماء ونظام مزهو بأكاليل من جماجم آلاف من البشر اولهم كانوا العراقيين متوجا بالتاج الامريكي .
ففي مناقشات مجلس قيادة الثورة العراقي بين عامين 89 و90 حول التعددية الحزبية في العراق كان يطرح دائما من قبل صدام حسين وعلي حسن المجيد وعزت الدوري منع النشاط العلني للاحزاب "الملحدة" . ان الفارق بين مفهوم حزب البعث حول مقولة الالحاد ومحاربته في المجتمع العراقي وبين الحزب الشيوعي العراقي لنفس المقولة هو ان الاول يدرك ان نشر الفكر الإلحادي يعني اطلاق جميع الحريات ويعني ايضا هتك المقدسات والمحرمات ويعني ايضا ان الدولة الاستبدادية والانظمة الفاشية ستجرد قبل كل شيء من اكثر أسلحتها الفتاكة في تثبيت سلطتها الا وهو الدين والقومية ، التي طالما كانت أداة تخدير للجماهير ومادة في دفعها الى أتون محرقتها ،اما بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي فيعني الانسجام مع الطابع الرجعي الذي اضفاه صدام حسين على المجتمع العراقي والاهم من ذلك ايجاد مواقع بين التيارات والقوى الرجعية التي تنافس صدام حسين على نفس الخطى في قيادة المجتمع العراقي .
في المحصلة الأخيرة ان مقولة الديمقراطية التي تنادي بها احزاب المعارضة العراقية لا يمكن ان تفسر او ان تحل محل مقولة الحرية . وان الحرية هي التي سلبت من الانسان العراقي وعاشت جميع الحكومات العراقية واحزابها المعارضة منذ العهد الملكي الى يومنا هذا على ذلك الاستلاب .




#سمير_عادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفارقات عنصرية
- ماذا حدث في مؤتمر دربان ؟


المزيد.....




- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير عادل - مقولة الإلحاد في مفهوم السلطة والمعارضة