البدانة هي العدو الدائم

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3687 - 2012 / 4 / 3 - 22:56
المحور: كتابات ساخرة
    

لكل مخلوق عدو طبيعي كالفأر والقط والأسد والضبع والقائمة تطول,ولكل صاحب مهنة عدو دائم وطبيعي جدا, ولكل ديانة من الديانات الأرضية ديانة أخرى عدوة لها وهذا العداء بين الديانات ليس طبيعيا في شيء وإنما هو مُفتعل من أفعال البشر ولم يأته الله أو لم يخلقه الله,وعدو نجوم السينما التخمة الزائدة وليس اليهود.

"مارلون براندو" الممثل الأمريكي الشهير أحد أهم نجوم هوليود في الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم ظلم نفسه بالشوكولاته وظلم اليهود بالعنصرية وظن عليهم بالعداوة والبغضاء,لمع نجمه في بداية حياته كشاب نحيف ورشيق الحركة,ولكنه أصيب ب(عقدة الشراهة)وسرعان ما تعرض إلى ارتفاع حاد بالوزن بعد أن اعتلى نجمه كشخصية خفيفة الحركة,وحين رفضه منتجي ومخرجي أفلام هوليود بإعطائه أدوارا جديدة تمثيلية بسبب زيادة وزنه وتراجع حركاته وخفتها أمام الكمرة, اتهَم اليهود بالوقوف خلف كل تلك الممانعات بسبب مواقفه الإنسانية تجاه الهنود الحمر والقضايا الإنسانية,وحين ضاقت به مصانع السينما اتهم اليهود بالسيطرة على العالم الأمريكي كله تماما كالفيلم الكرتوني(إبرينكي وابرين)-الجرذين- بحلمهما بالسيطرة على العالم كله وتساءل قائلا:كيف بالشعب اليهودي الذي يمثل نسبة 2,5%من الشعب الأمريكي أن يحكم الحياة العامة والسياسية الأمريكية مع المؤسسات الثقافية الخاصة بصناعة السينما والكِتاب!عانى كثيرا (مارلون براندو) في حياته وفُجعَ أشد أنواع الفجيعة بإبنتيه فانتحرت ابنته (شايان)وهي بمقتبل العمر ,وواجهت ابنته الثانية(كريستيان) محاكمة قانونية بتهمة قتل خطيبها وهذه الأخرى قد انتحرت لهذه الأسباب أما بالنسبة لنجمنا المحبوب(مارلون براندو) فعاش حياة كلها بؤس وحزن رغم أنه نجم عالمي كبير,وهنا حقيقة مفادها أن النجوم لا يعيشون كما نتصورهم نحن وكأنهم في رخاء شديد غير أن الحقيقة تقول غير ذلك فمعظم النجوم من سينمائيين أو مفكرين أغلبهم يعيشون حياة قاسية ولا يتمتعون بالراحة النفسية, والحقيقة الأخرى هو أن الناس العاديين هم من يعيشون في رخاء دائمٍ وسعادة دائمة بدون أي قلق أو توترات عصبية, وقد كُتب على(مارلون براندو) أن يواجه البدانة كعدو لدود ودائم لكل النجوم,ومات في مؤسسة اجتماعية لرعاية العجزة سنة 2004م مثله مثل أي فقير أو متشرد بعد أن أفل نجمه بسبب البدانة والتخمة التي قضت على حياته بالكامل.

وبرغم كل تحذيرات الأطباء وخبراء التغذية له غير أنه تم القبض عليه عدة مرات وهو يخفي تحت وسادته بعضا من الشوكولاته ليأكلها كلما شعر بالجوع الحار وهو يفتك به,وهنا نجد صلب الموضوع وندخل به حيث لم يكن اليهود أعداء له كما كان يتوقع بل كانت البدانة والجوع الحار وعقدة الشراهة هم الأعداء الدائمون له ولغيره من نجوم السينما والثقافة,وأظن على الصعيد العربي بأن سعاد حسني رحمها الله واجهت هذه المشكلة وصديق عمرها(صلاح جاهين) واجه مثل هذه المشكلة.

حاز ماولون براندو على جائزة الأوسكار أكثر من مرة عن فلمه (العراب) كزعيم مافيا الذي رفضه المخرج ليلعب به دور العراب أكثر من مرة بسبب زيادة في وزنه ولكنه أصر على لعب الدور وقام بتمويل كل ابروفات الفيلم على نفقته الخاصة والتي بلغت 400ألف دولار ونجح الفيلم نجاحا باهرا واسترد ماله بسرعة غير أنه لم يكن باستطاعته أن يسترد وزنه القديم الخفيف واللطيف.

إن كل مثقف وكل نجم يواجه صعوبات في حياته فورا يتهم الماسونية والصهيونية واليهود بأنهم يقفون ضده,على كل الأصعدة,ويقال بأن التهام الطعام والشراهة به مثله مثل الشراهة في ممارسة الجنس أي أن الإنسان يندفع إليها اندفاعا ليزيل الهم والغم من داخله فيزداد وزنه كما حصل مع الملك(هنري تيدور الثامن) حيث اتجه إلى الجنس وإلى التهام الطعام,وبهذا تصبح البدانة هي العدو الطبيعي للمشاهير وللشهيرات,وبسبب الحزن والألم يرتفع وزن الإنسان,وهنالك الأسباب النفسية التي تزيد من وزن الإنسان بسبب مكافحة الملل كما يكافح المزارعون الحشرات وكما يكافح الأطباء الجراثيم,ويصبح الملل مثله مثل الجراثيم يكافحه الإنسان بالتهام كميات كبيرة من الطعام,وأنا شخصيا مررت بهذه التجربة والآن أستعيد وزني الطبيعي تدريجيا,ونصبح أمام مقولة العبقري الكبير غوته القائلة (الإنسان هو ما يأكله) حين تصبح الحضارة عبارة عن (حضارة طعامية) إذ يبدأ الاهتمام بطريقة إعداد الطعام وطريقة تحضيره أكثر من طريقة تناوله,ونحن العرب بشكلٍ عام نهتم بأكل الطعام بشكل مكثف عندما نحزن وعندما نفرح,وبالتالي الإنسان يأكل من أجل أن يعيش ولا يعيش من أجل أن يأكل,وحين يريد الإنسان أن يعبر عن احترامه لصديقه فإنه يلجأ إلى إعداد وجبة طعام له كبيرة ومثيرة,والمرأة التي تعبر لطفلها عن حنانها تجدها تسدُ فمه بالطعام,وعلى فكرة كانت زيادة الكرش وانتفاخه عند أغلب الشعوب القديمة تُعتبرُ وجاهة وقيمة اجتماعية,أما اليوم فإنها مرض لا بد من التخلص منه.

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات