هل ان النسيان نعمة ام نقمة؟

سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)

الحوار المتمدن-العدد: 3687 - 2012 / 4 / 3 - 21:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

هل ان النسيان نعمة ام نقمة؟
صاغ علماء التفس عدة نظريات لتفسير ظاهرة النسيان ومنها:
اولا :نظرية الترك والضمور
تفترض هذه النظرية ان اثار الذاكرة اي ما يتركة التعلم من اثار فيها معرضة للاضمحلال والتلف بحيث انها تتلاشى مع مرور الزمن نتيجة عدم استعمالها .(ستيورد ,واخرون -1983)
وهذا يعني الفشل في استدعاء الذاكرة والذي يعود الى متغير الزمن الذي اسهم في فقدان الذاكرة , وبما ان هذه النظرية تؤكد على الزمن بيدا ان الزمن وحده غير كاف لتفسير النسيان, فالحوداث لا تتغير فقط, بل لا بد من معرفة ما يجري من عمليات اثناء مرور الوقت هذا ,والشيء ذاتة ينطبق على النسيان, فالنسيان لا يحدث بسبب مرور الوقت بل لابد من وجود بعض العمليات التي تجري بمرور الوقت أو تؤثر في المعلومة المخزونة في الذاكرة طويلة المدى.
ثانيا : نظرية التداخل
لاحظ الباحثين ان الاطفال يتذكرون جيدا ما يروى لهم من قصص قبل النوم في حين لايتذكرون ما يروى لهم من قصص اثناء النهار بصوره جيدة , وعللوا ذلك بان أوجه النشاط المتعاقبه التي يقوم بها الفرد او التي تعرض له اثناء النهار يتداخل بعضها ببعض فيؤدي هذا التداخل االى محو بعضها البعض, فهذه النظرية تشير الى ان قدرتنا على التذكر اي نوع من المعلومات تتداخل مع غيرها من المعلومات المخزونة في الذاكرة , فان ما تتعلمه في الحاضر يتاثر عكسيا بما تعلمناه في الماضي , كما ويتأثر كذلك بما سوف نتعلمه في المستقبل وان مختلف المعلومات تتنافس حتى ننتبه لها وتتصارع من اجل البقاء ولكنها لا تنجح جميعا في ذلك .
ولم تشير هذه النظرية الى اية اشارة الى الاستراتيجية المتبعة في معالجة المعلومات المرمزة وتخزينها واستدعائها سواء كانت المعلومات قديمة او حديثة , فالدلائل تشير في كثير من الحالات الى التعلم الجديد لا يحدث اية اثار سلبية في القدرة على استدعاء المعلومات المخزونة على نحو مسبق وبخاصة في القدرة على استدعاء المعلومات المخزونة على نحو مسبق وبخاصة في الحالات التي يتم بها معالجة المعلومات بطرق مناسبة اثناء تخزينها واستعادتها (تذكرها)
ثالثا : نظرية الكبت

يرى فرويد ( مؤسس مدرسة التحليل النفسي ) اننا ننسى عن طريق الكبت ما لا نريد ان نتذكره وما لانهتم به وما هو مرتبط بحالة وجدانية مؤلمة وهكذا تخزن خبرات الطفولة المؤلمة ويصعب بالتالي تذكرها والنسيان في هذه النظرية نسيانا لا شعوريا .
رابعا :نظرية تغير الاثر للجشتطالت
يشير علماء الجشتطالت في تفسيرهم لظاهرة النسيان الى ان عملية الادراك تنبثق من العمليات الفسيولوجية وتلخصها قوانين التنظيم الإدراكي التي غالبا ما تظهر في مبادئ الاغلاق
الذي يكمل فيها الفرد الخبرة او بشكل ناقص. ونقصد بتغير الاثر هذا اثر التذكر وتتضمن هذه النظرية اختفاء المعلومات المخزونة في الذاكرة بسبب عملية او اكثر من العمليات االفسيولوجية
ولتوضيح ذلك نشير الى ان نظرية الجشتطالت تعنى بالجوانب الكيفية للذاكرة اكثر من جوانبها الكمية اي تعنى بالتغيرات التي تطرأ على المعلومات المخزونة وبالإشكال التي قد تأخذها هذه المعلومات اكثر من عنايتها بكمية المعلومات التي فقدت او ضاعت من الذاكرة .
ان النسيان طبقا لنظرية الجشتطالت ليس عملية ضعف او زوال اثار التعلم , بل هو عملية تشويه او تعديل للمعلومات المخزونة يحدث مع مرور الوقت , وتنعكس التغيرات الديناميكية التي تطرأ على الذاكرة في نزعة الفرد الى تجاهل بعض تفصيلات الحوادث الماضية والتأكد على تفصيلات أخرى وكذلك في النزعة الى تنشيط بنية الذاكرة للتمكن من تذكر الحوادث بطريقة اكثر ملائمة وتنظيما وتنزع الذاكرة مع تقدم الزمن الى تعديل المعلومات المخزونة لتأخذ الشكل الافضل , فقد يغدو الشكل الدائري غير مغلق شكلا دائريا مغلقا عند تفكيره وتؤكد هذه النظرية على ظاهرة التنظيم وتشير الى فاعلية الذاكرة وأثرها في تنظيم المعلومات ومعالجتها بحيث تنظم في اشكال وبنى معينة الامر الذي يسهل تذكرها واستدعائها .
انواع النسيان
يحدد سانتروك نوعين من النسيان وهما :
1- فشل الاسترجاع : وتشير الى فشل الفرد في استدعاء معلومات من الذاكرة الطويلة المدى تم تعلمها سابقا مثل عدم تذكر مكان مفاتيح السيارة او اسم زميلك في الصف او كلمة السر لبطاقة الصرف الالي .
2- فشل الترميز: ويشير هذا النوع الى ان سبب النسيان يعود الى ضعف او غياب في ترميز معلومات استقبلها الفرد في السابق. اي ان المعلومات بسبب عوامل الانتباه او الحالة النفسية للفرد لم تصل الى الذاكرة الطويلة المدى ليتم استرجاعها الان .
العوامل المؤثرة في النسيان
تشير الدراسات العديدة التي أجريت على النسيان الى ان هناك عوامل عديدة تكمن وراء حدوث النسيان ومن ابرز هذه العوامل :
1- نوع المادة
فالماده سهلة التعلم تكون ايضا سهلة التذكر والمادة فقيرة المعنى وغير مترابطة تكون اكثر عرضة للنسيان .
2- التعلم الزائد .
اذ يؤدي التعلم الزائد الذي يتجاوز حد الإتقان الزائد للمادة الى تقوية الانطباعات في الذاكرة وبالتالي التذكر الجيد ويحدث النسيان اذا لم تتقن المادة المتعلمة .
3- الصدمة .
لما كانت استبقاء المعلومات وتخزينها يعتمد على عمل الدماغ فان اي شيء يحدث له قد يؤثر في هذه العملية فاذا تعرض شخص ما الى صدمة او ضربة شديدة في الدماغ نتيجة حادث ينتج عنه ارتجاج في المخ فان المصاب لا يتذكر شيئا مما حدث له في ذلك اليوم بعد ان يعود اليه وعيه .
4- العقاقير والكحول
وقد يحدث انطفاء في انطباعات الذاكرة وخاصة بالنسبة للانطباعات الأكثر حداثة في حالات التشبع الزائد للدماغ بالكحوليات والمخدرات او تسممه بالعقاقير. وقد يؤدي التعامل المستمر لهذه العقاقير الى إتلاف خلايا المخ مما قد يؤدي الى إضعاف الذاكرة وتدهورها .
5-الكف الرجعي
يحدث النسيان نتيجة وجود نشاط عقلي جديد يعقب تعلم الانطباعات الجديدة اذ يطلق على تأثير النشاط الجديد على الانطباعات المتعلمة من قبل مصطلح الكف الرجعي الذي يباشر تاثيره على التعلم السابق . في هذه الحالة يحدث تداخل للانطباعات الجديدة مع الانطباعات القديمة وتدخل الارتباطات الجديدة في صراع مع القديمة.
6-العوامل الدافعية والانفعالية
وتمثل عاملا مهما في فاعلية عمليات التذكر فالمادة التي تسبب إيلاما نفسيا للفرد تكون اكثر عرضة للأنطفاء والنسيان وهذه هي وجهة نظر الفرويدية ( مدرسة التحليل النفسي ) اما المدرسة السلوكية فتشير الى ان المادة التي يتبعها اثر باعث على الارتياح يمثل الى ان تحيا في الذاكرة فيستدعيها الفرد في مواقفه اللاحقة .
بعض الحقائق المتعلقة بالنسيان
اجرى علماء النفس كثير من البحوث والدراسات وتوصلت الى عدد من الحقائق حول النسيان ومن هذه الحقائق :-
1- المبادئ والاتجاهات والأفكار العامه وطرق التفكير أصعب على النسيان من الوقائع والمعلومات .
2- المعلومات والمحفوظات اللفظية اسرع في النسيان من المهارات الحركية او العادات .
3- يؤثر نوع النشاط الذي يمارسه الفرد بالحفظ على درجة النسيان .
4- يكون النسيان اسهل عند تعلم مادتين في وقت واحد .
5- يكون نسيان المادة ذات المعنى اكثر من المادة عديمة المعنى.
6- يختلف الافراد من حيث قدرتهم على الوعي ومن حيث النسيان.
7- يكون النسيان اسرع اول الامر اي بعد الحفظ ويفقد نصف ما يحفظ خلال العشر سنوات الاولى من حفظه.
8- العوامل المساعدة في معالجة النسيان
لأجل تقوية التذكر ومعالجة النسيان يمكن الأخذ بنظر الاعتبار العوامل المساعدة التالية :
1- معالجة تشتت الانتباه ومحاولة التركيز في الشيء او المعلومة المراد تعلمها وتذكرها فيما بعد.
2- استثارة الرغبة والاهتمام في الموضوع المراد تذكر معلوماته فالإنسان لا ينسى ما يهتم به.
3- الاهتمام بشروط التحصيل الجيد للمادة المراد تعلمها وتذكرها وذلك بتنظيمها بشكل جيد وواضح .
4- ان افضل انواع المعلومات التي تبقى في الذاكرة هي ما يتبع بالراحه وبعد النوم افضل انواع الراحة
5- محاولة استدعاء وتذكر المواد المهمة المراد بقائها في الذاكرة بين الحين والاخر
6- محاولة عدم تعلم مادتين متشابهتين في نفس الوقت
7- اذا كانت المادة المتعلمة طويلة فيجب تقسيمها الى اجزاء ليسهل فهمها

#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)       Sawsan_Shakir_Majeed#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات