أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حتاته - الجيتو الاسلامى واشكالية الجبر والاختيار 1/2















المزيد.....

الجيتو الاسلامى واشكالية الجبر والاختيار 1/2


هشام حتاته

الحوار المتمدن-العدد: 3684 - 2012 / 3 / 31 - 12:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ البواكير الاولى للفكر الانسانى شعر الانسان بالعواصف والزلازل والبراكين من حولة ، ولما لم يتعرف هذا العقل البدائى المحدود على الاسباب فقد اعتقد انه اسير لقوى خفية تحرك كل مظاهر الطبيعه من حوله سواء بالخير او الشر، فراح يتقرب اليها بالعبادات ويقدم لها القرابين ، اما اتقاءا لشرها اوجلب رضاها . وحتى ظهور الاديان الابراهيمة الثلاثة لم يكن العلم قد وصل الى الاساب التى نعرفها الآن ، فتم تكريس نفس المنظومة ولكن مع استبدال الآلهة باله واحد ( رب السماء ) مع اختلاف اوصافة فى الديانات الثلاثة وزيادة صلاحياته فى الدستور الاسلامى لتكون صلاحيات كاملة ومطلقة فاصبح ( كلى القدرة – كلى المعرفة ) ليتم سحب كل صلاحيات البشر وقدرتهم على صياغة تاريخهم وارزاقهم ( ارجو من القارئ العزيز ان يقرأ مقالتنا السابقة : تكريس مقهوم العبودية فى الفكر الاسلامى ، وذلك لارتباطها بموضوع هذا المقال ) وهو المبدا التى قامت عليه الدولة الاموية لتبريرحكمها وتبرير احكامها فـ : كلّ مقدر ومكتوب ) . )
ولكن قامت الدعوة العباسية المناوئة على نصرة اهل البيت وحقهم فى الولاية معتمدين على العنصر الفارسى وكان قائد جيوشهم ابو مسلم الخراسانى وان كانوا فيما بعد حولوها من آل بيت على بن ابى طالب لآل بيت العباس ابن عمه ،وبدءوا فى التنظير الدينى لخلافتهم ، وكما كانت فى عهدهم بداية التشريعات الاسلامية ووضع علوم واحكام القرآن واستخراج الاحكام منها ، كان للعنصر الفارسى تأثيرة فى نقل حضارتهم التى دمر العرب فيها البنيان ولم يستطيعوا ان يدمروا الانسان ( وان كنت اعتقد شخصيا ان الفرس هم من قاموا بالثورة على الامويين وكان بنى العباس مجرد واجهة فرضتها الضرورة لانتسابهم الى النبى محمد ، وهذا موضوع آخر قد اكتبه يوما ) ، ومع الفلسفة الفارسية انتقلت الفلسفات الاخرى من اليونانية والهندية ، وتم انشاء مكتبة بغداد والتى امتلأت بهذه الترجمات ، والتى اصبحت متاحه امام قراء هذا العصر، واصبحت الفلسفة هى ( علم الكلام ) وكان لها تأثيرها الواضح على الحياة الفكرية لكل من اطلع عليها .
ومن هنا بدات جماعة المعتزلة فى بدايات عصر الخليفة الامين ( وقد سميت بالمعتزلة لان زعيمها واصل بن عطاء انسحب من مجلس شيخه ابو الحسن البصرى فى مجلسه العلمى ، فقال الاخير : اعتزلنا واصل ) وقد اطلق عليها اسماء اخرى مختلفة منها القدرية والعدلية واهل العدل والايمان . حتى جاء الخليفة العالم المأمون( 193-198 هـ ) معتنقا فكرهم ونشره وولاهم المناصب العليا فى الدولة ، وخالفهم بن حنبل لما بين يديه من ظاهر النصوص القرآنية التى تخالف مايتنادون به والتى عرفت بمحنة خلق القرآن ، وكان من اهم افكار المعتزلة :
- العقل : اعتمدت المعتزلة على العقل في تأسيس عقائدهم وقدموه على النقل، وقالوا بأنّ العقل والفطرة السليمة قادران على تمييز الحلال من الحرام بشكل تلقائي
- العدل: ويعنون به قياس أحكام الله على ما يقتضيه العقل والحكمة، وبناء على ذلك نفوا أمورا وأوجبوا أخرى، فنفوا أن يكون الله خالقا لأفعال عباده، وقالوا: إن العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم إن خيرا وإن شرا .
- نفيهم رؤية الله عز وجل: حيث أجمعت المعتزلة على أن الله لا يرى بالأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة
- قولهم بأن القرآن مخلوق: وقالوا إن الله كلم موسى بكلام أحدثه في الشجر( وكانت هذه اول اشارة الى العلاقة الجدلية بين النص والواقع الذى انتجه ، فكيف يكون القرآن ازليا فى لوح محفوظ منذ وجود الله وفى نفس الوقت ينزل حسب الظرف الارضى حسب ماعرف باسباب النزول - وتتناقض احكامه واياته من فترة الى اخرى حسب علم الناسخ والمنسوخ )
ومن اشهرالمعتزلة الجاحظ والمأمون ونجم الدين الرازى وابن الراوندى الذى وصل بتعمقه الفلسفى فيما بعد الى رفضه للتدين بشكل عام .
وامتد السجال الفكرى بين اهل العقل ( المعتزلة ) واهل النقل من (ابن حنبل ) ومن سار على خطاه فيما بعد واشتهر علم الكلام وانتقل من العلماء بين الفريقين الى العامة وكان من الطبيعى ان تنقسم الامه بين نقل موثق دينيا وعقل موثق فلسفيا يتعارض مع نصوص قرآنية قطعية النصوص والدلالة . حتى جاء الخليفة القادر( 381- 422 هـ ) واصدر فى العام 408 هـ ماسمى بالوثيقة القادرية او الاعتقاد القادرى وحددتْ المعتقدات التي يجب على المسلمين اعتقادها وعلى رأسها منع الاجتهاد ومنع الفكر المعتزلى من التداول واستتابة فقهاء المعتزلة تحت سيف القتل والتنكيل . ، ومنع اية معتقدات أخرى غير ماتم تثبيته بصفته التفسير الاوحد والتنظير الاوحد للقرآن .
ومن الاندلس جاء بن رشد فى القرن الثانى عشر الميلادى ليعيد للعقل مكانته مرة اخرى فى الفكر الاسلامى وقال باتحاد الارادتين ( الارادة الالهية والارادة البشرية ) حتى يتحقق الفعل ، وهو قول يحمل من التلفيق اكثر ممايحمل التوفيق ، ولكنه كان المتاح فى عقول المستنيرين فى هذا الزمان ، ورغم هذا تعرض له الغزالى بكتابه تهافت الفلاسفة ، ليرد عليه بن رشد بكتابه تهافت التهافت . وبطرد بن رشد ومنع كتبه من التداول يعود الفكر الاسلامى الى المربع رقم صفر .
ومع مطلع القرن الثالث عشر الميلادى يأتى بن تيمية بمنظومته الفكرية الدينية التى تؤسس مرة اخرى للنقل على حساب العقل ومع منحه لقب ( شيخ الاسلام ) تصبح تنظيراته واراءة الخاصة هى الاسلام ، ، ومن جزيرة العرب المتصحرة فكريا وحضاريا يأتينا مع القرن الثامن عشرمحمد بن عبد الوهاب ليعيد من جديد افكار بن حنبل وابن تيمية وبفعل البترودولار يغزو هذا الفكر عقول بسطاء المسلمين ويصل حتى الى عقول علماء الدين ليقول للعقل وداعا ، ويغرق العالم الاسلامى من بعدها وحتى اليوم فى ظلام النقل والترديد والحفظ والتلقين .
وفى ظل جبرية مطلقة وعبودية مطلقة يتم تكريسها فى اللاشعور الجمعى لامة المسلمين تصبح هذه الامة فاقدة القدرة على التفكير والابداع ، وتصبح مجرد مسرح عرائس تحركة خيوط تمسك بها القوى العليا ، ونصبر على الحاكم وان طغى فهو امر الله او حتى يأتى امر الله ، واجرى يابن آدم جرى الوحوش .... غير رزقك لن تحوز .... !! ( ويلاحظ ان لحظتى الضوء الوحيدتين فى الفكر الاسلامى جاءت الاولى من فارس والثانية من الاندلس ، وان اطفاء هاتين الشعلتين كانت بفضل من ينتسبون الى الجنس العربى ( ابن حنبل ، الغزالى ، ابن تيمية ، بن عبدالوهاب .... الخ )
من هنا يتضح ان اشكالية الجبر والاختيار موجودة منذ بداية الفكر الانسانى لم يستطيع الدين تقديم اجابات شافية ويضع خطوطا فاصلة بين الارادة الالهية والارادة البشرية حتى ان اأمة المسلمين الاوائل لم يستطيعوا الاجابة على هذا التساؤل ، فعندما سألوا الامام ابو حنيفة عن قضية الحبر والاختيار قال (انه باب مغلق مفتاحه مفقود ) ، وسألوا الامام الشافعى فقال ( من قال بالجبر فقد عظم الله ، ومن قال بالاختيار فقد نزه الله ) وهى اجابه توفيقية لم تضع خطوطا فاصلة بين الارادتين ولكنها وضعت الله بين تعظيم وتنزية ولم تتعرض للبشر فى شئ .
فى الوقت التى ينزوى فيه العرب بعد ان تكالب خلفائهم على الملذات وملك اليمين والاستغراق فى المتعة الى خارج حدود اللامعقول تبدأ اوروبا باحتضان فلسفة ابن رشد والبناء عليها بالاضافة الى الفلسفة اليونانية ليبدأ اول مسمار فى نعش تحكم رجال الدين ، وبعد اختراع الآلة البخارية وبداية الثورة الصناعية توالت الاكتشافات العلمية ، أهلت بواكير النهضة الأوربية لتنتقل أوروبا من عصر رجال الدين إلي عصر العلم والعقل وبدأت قفزات رائعة إلي الإمام في كل الميادين ، وبدا الفكر الحديث مع فلاسفة اوروبا يقول كلاما آخر منتقلا من الفكر الخرافى الى الفكر النقدى الاستدلالى المنطقى ومنها ان التاريخ يصنعه البشر ولاتصنعه الآلهة وان الانسان حر الارادة ، فهو صانع تاريخة وصانع حضارته وانه فى البدء كان الانسان وفى النهاية سيكون الانسان ، وبهذا الفكر وصل العالم الغربى وكل من اعتنق الفكر العلمانى ومجموعة القيم الليبرالية من دول العالم المختلفة ( روسيا - اليابان – كوريا .... ) قفزوا بالبشرية قفزات هائلة فى كل الميادين .
اما نحن ( خير امة اخرجت للناس ) مازلنا ندرس لتلاميذنا ويأزر ليل نهار على المنابر شيوخنا بكيفية الاستجمار بالحجر بعد قضاء الحاجة فى الخلاء ... وفقه العبيد ... وعتق الرقبة ... والتداوى ببول الابل .... !!! فمازلنا نعيش فى الجيتو الذى سبقنا اليه اليهود والذى سنتعرض له فى الجزء الثانى لهذه المقالة .



#هشام_حتاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - براءة من الله لبديع واخوانه المؤمنين من الذين عاهدتم من ال ...
- تكريس مفهوم العبودية فى الاسلام
- المثلية الجنسية فى جزيرة العرب 2/2
- المثلية الجنسية فى جزيرة العرب 1/2
- الحياة الجنسية للنبى محمد من خلال آيات القرآن
- التحليل النفسى لزواج النبى محمد من عائشة
- تبخيس المرأة فى الفكر البدوى وارتباطه بالتعويض النفسى عن الع ...
- جمعية تبادل الزوجات بين الخلفاء الراشدين وكبار الصحابة..!!
- مابعد النقد : (7) تطوير الخطاب الدينى
- نقد الفكر الدينى : (6) اشكالية علوم القرآن واستخراج الاحكام
- المجلس العسكرى والاسلاميين : انقسام مصر بعد اقتسامها
- مبروك للاخوان والسلفيين امارة المحروسة
- خطأ ثوار التحرير .. وخطيئة المجلس العسكرى
- نقد الفكر الدينى : (5) العلاقة الجدلية بين النص والواقع 5/5
- نقد الفكر الدينى : (5) العلاقة الجدلية بين النص والواقع 4/5
- نقد الفكر الدينى (5) العلاقة الجدلية بين النص والواقع 3/5
- السعودية : الشقيقة الكبرى لمصر ....!!
- احداث ماسبيرو .. وتحديد الولاءات
- من البكباشى عبدالناصر الى اللواء الفنجرى - ياقلب ماتحزن - .. ...
- نقد الفكر الدينى : (5) العلاقة الجدلية بين النص والواقع 2/5


المزيد.....




- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حتاته - الجيتو الاسلامى واشكالية الجبر والاختيار 1/2