أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي المسكيني - السلفي والمسرح: معركة رُعاة ؟ أسئلة للتفكير














المزيد.....

السلفي والمسرح: معركة رُعاة ؟ أسئلة للتفكير


فتحي المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3683 - 2012 / 3 / 30 - 00:03
المحور: الادب والفن
    



السّرحُ هو المال يُسام في المرعى. ومن هنا تأتّى المال السارح. والمسرح هو مرعى السّرح. وهو الموضع الذي تسرح فيه الماشية. ويُقال ولدته سُرُحا أي بيسر وسهولة. وتسريح المرأة تطليقها. وتسريح الشعر تخليصه بعضه من بعض. ورجل منسرح متجرّد أو قليل الثياب.
أسئلة للتفكير:
1- إلى أيّ حدّ نسي العرب كون المسرح لفظا كان يعني في أصله مكان مرعى الماشية ولا علاقة له بالفعل (دراما باليوناني تعني "الفعل") البشري ؟
2- هل ثمّة حيوانية في المسرح ؟ "حَيْونة" (animalisation) معيّنة ، ضرورية، غير مقصودة للجمهور ؟ هل الجمهور ضرب من الحيوان الكبير ؟ اختزال الجمهور في العيون، في كمّ هائل من العيون التي تنظر، أليس يحتوي على درجة معينة من الحيونة البصرية على الأقل ؟ كيف يمكن تحويل الناس إلى جمهور ؟ إلى عيون قادرة على اختزال الحضور في مجرد النظر ؟
3- لا تخلو الثقافة العربية الإسلامية من عناصر مسرحية مثل الأفعال أو الوقائع والممثلين أو الأبطال والجمهور أو المتفرجين وأماكن المشهد أو أشكال الركح، ولكن خاصة عنصر القصّة . لكنّ وجود العرب كان دوما قصة بالأساس: كل ما عاشوه كان مؤسسا على سردية معيّنة أكثر منه مؤسسا على فعل تاريخي أو مشهد عظيم. علينا أن نسأل: لماذا لا يمكن للمسرح أن يكون مجرد أدب أو قصص ؟ المسرح أكثر من الأدب أو القصص لكنه أقل من التاريخ. السؤال: إلى أيّ مدى يمكننا أن نفصل بين مجتمعات المسرح، أو مجتمعات المشهد والفرجة أو ما سماه ددجاني فاتّيمو "المجتمع الشفاف"، وبين مجتمعات القصص والحكاية والأمثال والسرد ؟ مجتمعات تمثّل ومجتمعات تحكي . كيف يمكن للمسرحي اليوم أن يقف بشكل مناسب بين أن يشهد وأن يقول ؟
4- السؤال كان قد اصطدم به ابن رشد منه قبل: كيف نترجم "تراجيديا" إلى العربية ؟ - مع الأسف أنّ ابن رشد قد هوّن الأمر واكتفى بمهنة الشارح، وقرأ "تراجيديا" عند اليونان بوصفها ضربا من "الهجاء" عند العرب. ولكن المسرحي مطالب بأن يهجو من ؟ مسرح الهجاء إذن كان مزدهرا عند العرب. لكنّ الأمر أعقد من ذلك.
5- كل مسرح هو مسرح جمهور أو مجتمع معين. في تونس اليوم مثلا: نحن نتكلم مجموعة من اللغات (الدارجة، العربية الفصحى، الفرنسية، الانجليزية العالمية...). وفي الحقيقة ظهر جيل جديد لا يتكلم لغة واحدة، وليس لديه قدرة على الانسجام اللغوي. لنقل: ظهر جيل مترجم بشكل معمّم. أي يتكلم جملة من اللغات دون أن يسكن لغة بعينها. لكن هذا هو المشكل: هل يجب الاستغناء على اللغة الأبجدية في المسرح ؟ وماذا يكون مسرح الإشارات ؟ كما نقول لغة الإشارات بالنسبة إلى أصدقائنا الصم .
6- مجازات المسرح عندنا:
أ- المرعى: ماذا نرعى في المسرح ؟ هيدغر جعل الفيلسوف هو "راعي الوجود"؛ من هو راعي المشهد ؟ أم هو قدر المسرح اليوم: أنّه ورشة للترجمة الحيوانية للجمهور ؟ مساعدته على رعاية نفسه بوصفه يحتاج أصلا إلى الراعي ؟ وينبغي تأمين المرعى والراعي من دون جرح مشاعر الشخص الإنساني فيه، أي ذلك الشخص الذي يظن منذ زمن بعيد أنّه لم يعد يحتاج إلى رعاة ؟ هل المسرح في سرّه طريقة رائعة وخفية في "سرْح" الماشية الإنسانية أي الخروج بها إلى المرعى وإطلاقها كي تبحث عن قوتها ؟ هل المسرح تقنية إعادة البشر إلى قدرته القديمة والبدائية على المرعى أو الرعي أو "السُروح" أي الانطلاق بعيدا عن الرباط والمنزل والجدار والسلطة والقيد ؟ هل المسرح هو ترك الحيوان يوجد ؟ تركه يرعى نفسه بانفعالاته الخاصة دون ادّعاء أيّ "تطهير" أخلاقي لأخطائه أو لغضبه ؟
ب- المسرح في أصله مكان الحيوان السائب أو الذي يُراد حراسته أو قيادته: حيوان محتاج بطبعه إلى راع، وبالتالي: هل يمكن احترام الجمهور وعدم تحويله إلى رعيّة ؟
ج- المسرح مكان تسريح شيء ما: مخاض ما، كثافة ما، تعقّد ما، انفعالات ما، سجن ما. العرب يسرّحون السجين والمرأة والشعر المتجعّد.
د- المسرح مكان عراء أو عري ما: الرجل المنسرح هو الرجل العاري أو المتجرد أو قليل الثياب، في لبسة المتفضّل كما يقول الشعر الجاهلي. ماذا نعرّي في المسرح ؟ هل تكلم لغات عديدة في نفس الوقت هو هروب من الكلام المباح أو الصريح ؟
7- في الآونة الأخيرة قام "شبّان سلفيون" – وهذه التسمية تحتمل تناقضا ما- برجم رجال المسرح –شيبا وشبابا- بالبيض لأنّهم "وثنيون" ( ! )- أليسوا يمارسون مسرح العرائس في ساحة عامة ؟ أم أنّ الأمر في جذوره العميقة يعود إلى معركة بين الرعاة ؟ على الأقلّ بين صنفين من الرعاة : رعاة الحيوان ؟ ورعاة الإنسان ؟ رعاة السماء ؟ ورعاة الأرض ؟ هل كان "السلف الصالح" معاديا للمسرح ؟ ألم يكن السلف راعيا بالدرجة الأولى ؟ متشبّها في ذلك بحرفة الأنبياء الأكثر نبلا في العصور القديمة: الانتقال من رعاية الحيوان إلى رعاية البشر ؟ تشبّها برعاية العالم ؟ - يبدو أنّ الثقافة التوحيدية تعيش اليوم معركة داخلية، ويظنّ المتعجّل أنّ الخصام السلفي مع الحداثة هو خصام مع عدوّ أجنبي والحال أنّها خصومة داخلية في صلب نفس النموذج الروحي: إلى أيّ مدى لا يزال من الممكن أن نربّي الحيوان البشري بوصفه قابلا للإخراج من حظيرة الحيوان إلى ساحة الإنسانية كوحدة أخلاقية تزعم أنّ كلّ عالم الحيوانية هو مسخّر لها من قبل خالق حكيم ؟ لم تضف الحداثة أيّ حدس أخلاقي جديد للمدوّنة التوحيدية. ولذلك فالخصومة الأخلاقية معها هي خصومة داخلية مع أنفسنا القديمة، ليس أكثر.



#فتحي_المسكيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الضمير...أو كيف صار للإنسان ذاكرة ؟
- الفلسفة -سؤال موجَّه لما لا يتكلّم-
- ما هذا الذي هو نحن ؟ ...في السؤال عن لحم الكينونة
- تعليقات مؤقتة على مستقبل -العقل العربي-. في ذكرى الجابري
- في براءة الفلسفة وصلاح منتحليها
- كل أغنيات الوطن جميلة...ولكن أين الدولة ؟
- حواسّ جديدة لعشتار - قصيد
- نيتشه وتأويلية الاقتدار ...تمارين في الثورة
- مقاطع من سيرة إله قديم...عاد من السفر
- فلانتينا....بكلّ أعياد الوطن
- وجه الجامعة...من وراء نقاب
- براقع العقل
- صلاة الجوع
- انتخابات على الهوية...أم الدروس غير المنتظرة للديمقراطية ؟
- في مصير الحاكم الهووي
- الإساءة إلى الذات الإلهية
- في أخلاق العبيد ´- فريدريك نيتشه
- بيوغرافيا البؤس
- بيان الشهداء قصيد
- هوية الثورة (1)


المزيد.....




- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...
- فيلم -فانون- :هل قاطعته دور السينما لأنه يتناول الاستعمار ال ...
- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي المسكيني - السلفي والمسرح: معركة رُعاة ؟ أسئلة للتفكير