|
قمة (قمة ام حسين)
بشرى الهلالي
الحوار المتمدن-العدد: 3682 - 2012 / 3 / 29 - 15:20
المحور:
كتابات ساخرة
قمة (ام حسين)
بشرى الهلالي
في ظل العطلة الطويلة التي كانت اولى أهم منجزات القمة العربية، والتي كانت نعمة على بعض المترفين ممن (شخطوا) سياراتهم الحديثة في رحلة استجمام لاسبوع في ربوع ربيع كردستان، بينما فرضت علينا نحن المتعبين اقامة اجبارية.. في ظل هذه المتناقضات التي اصبحت جزءا من طبيعة البلد وتكوينه وسياسته، لم يتبق غير (ام حسين) بائعة الخضر العجوز التي لم تتوقف عن عرض ماتبقى لديها من خضر (بايتة) منذ ثلاثة أيام في (بسطيتها) الارضية على الرصيف المجاور لبيتها المتهالك. وضمن الحركة الموضعية في محلتنا التي يمنع الخروج والدخول اليها رغم عدم وجود (حظر تجول) معلن، لم أجد سوى (ام حسين) لشراء الطماطة التي اصبحت ملكة الاسعار وتفوقت على جمال خدود التفاح حتى بعد ان سال دم حمرتها وتجعدت بشرتها لتراكمها في بيوت من خزنها من الباعة الاذكياء اياما وليالي. وامام سخطي، تمتمت ام حسين بكلمات الحمد والشكر على (قسمتنا) وبدعواتها ان تكون هذه القمة (فال خير) يحقق كل ماينتظره العراقيين، مالذي ستحققه القمة ياخالة لك؟ كشفت ابتسامتها عن ماتبقى من اسنانها النخرة ونظرت الي نظرة عتب، (انتم مثقفين يمه وتعرفون كلشي)، مالذي نعرفه ياخالة؟ لم يعد التكهن سهلا، فاعتى المحللين السياسيين والخبراء سيقف حائرا امام (اشكالية) المحاصصة وجمود حقيبة وزارة الدفاع والداخلية، وفحوى تهمة (4 ارهاب)، وهروب السجناء، وتحول (المتدين) الى ارهابي والارهابي الى وطني، ومزور شهادة الى مسؤول والسجان الى مناضل في ساحة التحرير والسجين الى سجان. ازاحت ام حسين عن عينها مايشبه الغمة، ونظرت الي بعتب (يمه انتي اليوم حلمانة حلم موزين.. زلمنا رايدلهم عونه والعرب الجايين راح يحلونا كل مشاكلنا).. فليحلوا مشاكلهم اولا.. بعضهم يتعكز على انتخابات لم تحل عقدتها بعد.. وبعضهم منشغل باختراع اقوى انواع الوسائل الحديدية والعسكرية التي يمكن ان تساهم في تثبيت كرسيه.. والبعض يلملم جراح ربيعه العربي الذي يخيم عليه غروب (المتأسلمين والاسلاميين)، وماتبقى فهو يترفع عن الحضور (خشية ان يخيب امل أمثالك) لانه يدرك ان مقررات القمة جاهزة ومطبوعة ولن تساهم في حقن دماء السوريين او تخفيف حنق الكويتين امام رقة قلوب الجيران وتنازلاتهم.. او هدم المستوطنات التي تمعن اسرائيل في بعثرتها في الجسد الفلسطيني.. هي ليست سوى دعاية اعلامية لقدرة العراق على الوقوف ثانية وفتح (مضايفه) امام الوفود ولو كلفه ذلك مليار و250 الف دولار؟ شهقت ام حسين امام ضخامة الرقم رغم انها اكدت انها لاتعرف كيف تعده او كم يبلغ.. (يعني بيها خسارة يمه؟) .. الخسارة والربح متساويان ياخالة في اعرافهم فهي اموال دولة.. ويجب ان تنجح القمة حتى لو توقفت ارزاق الفقراء من الذين يطعمون عوائلهم (باليومية) وحتى لو قطعت الطرق والمواصلات ووسائل الاتصال، فلم يتبق سوى الهواء الذي نتجرأ على تنفسه بكل مايلوثه من دخان المولدات ونحن نطل برؤوسنا عبر الباب الخارجي املا في ان نلمح ظل سيارة تعبر جسر الصرافية لتكسر الجمود الذي خيم على شوارعنا التي اضطر اصحابها المتعبين الى الانسحاب منها ليتركوها نهبا لمواكب المسؤولين تصول وتجول دون مضايقة اصحاب (السايبا). تململت ام حسين (فالرطينة) التي اثقلت سمعها لم تغير ماسمعته بالامس في نشرة الاخبار عن عودة العراق الى (حظيرة) الدول العربية.. والتي ينتج عنها مقررات رسمتها مخيلة ام حسين اهمها بناء مساكن متوسطة الكلفة لكل عراقي يسكن بالايجار او (التجاوز او الحواسم)، توظيف كل الشباب ومن ضمنهم ابنها الذي اكمل معهد المعلمين منذ ثلاث سنوات ليعمل في معمل طابوق الكورة، تزويد البلد بالكهرباء ل 24 ساعة وتخفيف الطسات الجدية والمفتعلة والتي تتسبب في فساد بعض الخضر في (ستوتة) ام حسين، وتحسين طعم ماء دجلة الذي استبدله المترفين بقناني الماء المعدني الذي لاتقوى هي وامثالها على شراءه، وحصولها على (كشك) لبيع خضرها. بعد كل هذه المنجزات ياخالة، اليس من الافضل لك ان تتقاعدي وتقضي ماتبقى لك من العمر بين احفادك؟ (اي والله يمه، اهل القمة راح يودونا للحج مو؟).. سيفعلون ياخالة وربما سيتفقون على استبدال تصدير الارهاب بتصدير الازواج لارامل العراق.. ضحكت ام حسين (يمه راحت علينا، بس بتي ارملة استشهد رجلها من راح مشي للحسين السنة المضت). [email protected]
#بشرى_الهلالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|