خالد سليمان القرعان
الحوار المتمدن-العدد: 1083 - 2005 / 1 / 19 - 11:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتآمرون على الإسلام ، وكأنه هوية مجردة ، أو بلا روح ، كما يصوره أرباب الأنظمة العربية لأئمة الكفر ؛ أو انه جزء لا يتجزأ من أذيالهم المذيلة ، في الدوائر الأمنية والمؤسسات المدنية ، وتناسوا أن روح أمة الاسلام هو : القران الكريم ؛ في كل زمان ومكان على الارض الاسلامية
هكذا يصوره كل من يتغذى من أنظمة الكفر الغربية وغيرها ( الولايات المتحدة الأمريكية والادارة البريطانية ) ، وكل من اصبح عبدا طائعا للدولة العبرية ، من اجل الدولار الأمريكي ، ومن اجل شهوته ، ويخطط من اجل الاستقرار لنفسه وعائلته ( وهم لا يعلمون ( هؤلاء الأذيال العبيد ) ، بأنهم حتى لو خططوا من اجل أهليهم ، وأبناءهم وعشيرتهم ، لعشرات السنين القادمة ، فأن هناك ، ما يمكن لهم ، أن يذهبوا بأوهام الاستقرار ، والأموال ، والسياسة والاقتصاد ، والديمقراطية المبتذلة بجرة قلم ( المقصود بهم أرباب الأنظمة العربية ) ، عندما يحين أمر المؤامرة وعدتها على الإسلام ، وعلى ارض الإسلام ، من داخل الأنظمة التي يخيل لها أنها تحكم الأرض العربية ؛ كون الدور الذي يلعبه هؤلاء ، هو من اجل تلك اللحظة ، التي يمكن من خلالها القضاء على الأمة العربية والإسلامية ( بتصورهم ) ، والقضاء على كل ما يتداخل والمعايير ، أو الأهداف المصيرية ، لدى أمة الإسلام أو وجودها
لا تختلف كثيرا البنية الاستراتيجية ، التي تجتمع فيها منظومة إقليم الشرق الأوسط الحديث ؛ المتمثلة بالدولة العبرية ، وباقي بلدان الشرق الاوسط ؛ اتجاه مصالحها : فيما يحدث من تطورات على أرض العراق والخليج العربي ، بعد دخول الولايات المتحدة ، إلى المنطقة الشرقية من العالم العربي الإسلامي بصفة عامة ، حيث تشكلت أغلب هذه الدول على حساب عدم استقرار العراق بالاصل ، في مراحل متعاقبة من تطورها ؛ أي منذ انهيار نظام فيصل الملكي ، حتى ظهور وحكم النظام الشيوعي ، في عهد عبد الكريم قاسم ونظام البعث الاشتراكي في الحقبة الأخيرة ؛
هذه الحقب التاريخية ؛ هي المراحل التكوينية للدولة العبرية وباقي أنظمة البلدان العربية ، بما فيها نشوء دول وأنظمة الخليج العربي ، من السعودية والكويت ، وحتى ساحل البحر الأحمر ، وصولا إلى سواحل عمان ؛ وفيما لو تتبعنا نشوء ونهضة هذه البلدان ، لأدركنا حقيقة التماثل التكويني في نشوءها ، في الوقت الذي كان فيه العراق ؛ خاضعا لمرحلة التكوين الداخلي الأولى ؛ أبان حكم الملك فيصل بمساعدة بريطانيا ؛ وحتى المرحلة التكوينية الأخيرة ، في ظل نظام صدام حسين ؛ وكون التاريخ أعاد نفسه ، على حساب المتغيرات الشرق أوسطية ، فلا يختلف الأمر كثيرا ، من اجل تجسيد هذه الأنظمة جبروتها ، على حساب الشعوب العربية والإسلامية ، في كل مكان من الأرض العربية ، حتى لو كلف الثمن من أجل بقاءها واستمرارها ، رقاب الإنسانية العربية والإسلامية جميعها ؛ خاصة بعد التداخل الأمريكي الحديث ، على الأرض الإسلامية ، وبعد تصاعد التطورات العالمية ، فيما ينظر بولادة الإرهاب العربي الاسلامي ، كنتيجة خاطئة ، بسبب دعم الأنظمة الغربية المتمثلة بالإدارة الأمريكية ؛ والإدارة البريطانية وأحلافها ، لهذه الأنظمة العربية المارقة ، والذي يرتكز وجودها على وجود هذا الدعم .
الدولة العبرية بدورها ؛ فهي لا تستطيع تجذ ير وتجسيد مفاهيمها الاقتصادية والأمنية على أرض العراق ، دون استمرار الفوضى الأمنية العارمة بين الفئات المختلفة ودون استمرار مجلس الحكم الانتقالي المؤقت ، وهذه هي أفضلياتها الاعتيادية الرابحة دائما ؛ إضافة إلى اختراقاتها المطلقة الاقتصادية والأمنية
فكينونتها الافتراضية ، لا تستند أو تعتمد على الإدارة الأمريكية ؛ كعادة أنظمة الحكم العربية ، وهذه الفرضيات تركتها منذ القدم ، فلها من التجارب ما يطيف به النظام العربي ، بجميع محتوياته وحكامه ؛ منذ التجربة الأولى وحربه في لبنان ، أو ومصر وسوريا ، وحربه مع أبناء العشائر الأردنية الأخيرة عام 1967 م ، المعروفة بحرب الكرامة ؛ بحيث استطاعت ( الدولة العبرية ) من تمرير أذيالها الاقتصادية والأمنية من خلال هذه الأنظمة حتى الآن ، عندما استغلت الأوضاع الأمنية الغير مستقرة ، وحين مساعدتها على تكوين هذه الأنظمة وهذه الحكومات ، وفرضها بالقوة الداخلة على شعوب الشرق الأوسط عامة والأمة الإسلامية جمعاء ، ودول الطوق خاصة ، من اجل الحفاظ على أمنها بمساعدة هذه الحكومات وهذه الأنظمة ؛ بيد أنه يمكن دمج المصالح الافتراضية للدولة العبرية الحديثة والدول العربية الحليفة لها ، والتي لا تختلف الطموحات بينها مجتمعة ، بعد أن استحقت معاهدات السلام الأمنية والحكومية فيما بينها على :
- الحد من ، ومحاربة ظهور التيارات الإسلامية المعتدلة منها ، والمتشددة ( تنظيم القاعدة وغيره ) ؛ حيث تأزم الأوضاع الأمنية والاقتصادية في شبه الجزيرة العربية ، سوف يفعل من زيادة التنسيق والترابط بين الأمة العربية الإسلامية ، والتيارات الاسلامية المتشددة ، في جميع دول ومناطق الشرق الأوسط ، ويشكل مستقبلا خطيرا على دول وأنظمة الطوق المجاورة للعراق ، إضافة إلى الأخطار الحتمية ؛ التي ستتأثر بها الدولة العبرية صاحبة الرهان والاعتبار الخاسر الأول في منظومة الشرق الأوسط الحديث ، حيث ارتكز مؤتمر دول الجوار في عمان مؤخرا على هذه المعطيات .
- حسابات تصب في ضعف وتنامي تناقص الدور الإقليمي للدول المجاورة للعراق ؛ خاصة في منظومة إقليم الشرق الأوسط الحديث ، في حال توازن القوى وتنامي العلاقات العراقية الخليجية من جهة والعلاقات العراقية العبرية من جهة اخرى تعنى بها دول الجوار العربية للدولة العراقية المفترضة ، والتي ستطغى بمتغيراتها الاستراتيجية في مصلحة الدولة العبرية المفترضة في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي ؛ مما يعرض ذلك دول الشرق الاوسط مثل سوريا والاردن ولبنان وحتى مصر الى الذوبان وتصبح انظمتها السياسية معرضة للخطر الامني المباشر اكثر مما عليه الان اخطارها الاقتصادية .
- الخوف من تفشي ظاهرة التجارة الحرة بين القطاعات الخاصة العراقية ودول الجوار ؛ والذي سيفعل ذلك من دور تنامي هذه القطاعات ، على حساب القطاعات الأخرى الحكومية في منطقة الشرق الاوسط ؛ حيث تعتبر هذه القطاعات ( القطاع العام ) ، بقواها البشرية من أحد مقومات بقاء واستمرار الانظمة العربية السياسية بالموالاة والخدمة والاستمرار
- الامتداد البشري والمالي والاقتصادي ، للمنظمات الفكرية والثقافية والدينية والأهلية والعشائرية ، فيما بين العراق الحر المفترض ، وسكان دول الطوق المفترضة ، وتنامي ظاهرة ما تسميه هذه الحكومات ، بالإرهاب الإسلامي لدى هذه الأنظمة العربية ؛ باعتبار الصحوة الإسلامية : الخطر الوحيد الذي يهدد بقاء واستمرار هذه الانظمة .
- ما ستحول إليه هذه الأنظمة من تغييرات سياسية وأمنية من خلال ضعف موارد المياه الرئيسية والتي تعتمدها دول اقليم الشرق الاوسط ؛ في حال الاتفاق على ترسيم وجدولة مصادر المياه ، ما بين العراق وسوريا وتركيا من جهة ؛ والدولة العبرية من جهة اخرى ( مياه دجلة والفرات إضافة إلى الآبار الجوفية ومصادرها ) ، والتي ستصبح من خلالها باقي دويلات أقليم الشرق الأوسط ؛ منطقة مفرغة من المياه ، حيث سيهدد شح المياه ومصادرها الاستقرار الأمني فيما بينها .
- الخوف من هجرات الأيدي العاملة الشرق اوسطية إلى العراق الجديد ؛ حبث السياسة الأمنية لهذه الدول ؛ تسعى دائما إلى الإبقاء على تنامي وتفشي عاملي الفقر والبطالة بين القطاعات الأهلية والعشائرية ، والقطاعات الخاصة
- الخوف من سيطرة الصناعات العراقية المستقبلية والمواد الخام وسيطرتها ، على أسواق الشرق الأوسط والخليج بشكل عام ، مما سيضعف ذلك من استمرار ووجود الأنظمة العربية المستبدة واقتصادياتها .
بعض الأسباب الرئيسية المؤثرة على وجود الدولة العبرية ورغبتها في تصعيد الأزمات الاستراتيجية في منطقة العراق خاصة ، والخليج العربي بشكل عام ؛ الخوف من فرضية التشكيل العربي الجديد بمساعدة الاتحاد الأوروبي ومصالحة الاستراتيجية في شبه الجزيرة العربية ، مما سيؤثر ذلك في إخلال التوازن العسكري والتسليحي ( غير التقليدي ) ، في منطقة الشرق الأوسط والذي ستكون الخاسرة فيه بشكل مباشر الدولة العبرية .
#خالد_سليمان_القرعان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟