|
رأي في ميثاق جماعة الإخوان المسلمين الجديد في سوريا
نارت اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 3680 - 2012 / 3 / 27 - 23:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنت أعتقد أن الإخوان المسلمين والسلفيين في مصر وبعد أن يوصلوا المجتمع المصري إلى القاع فإن مصر وبحركة ارتدادية سوف تنهض من جديد وترفع معها بقية المجتمعات العربية مثلما قادت مصر النهضة العربية السابقة والتي بدأت بإصلاحات محمد علي باشا مرورآ بالإصلاح الإسلامي في نهاية القرن التاسع عشر. لكن يبدو أن الإصلاح هذه المرة قادم من سوريا وحتى قبل أن يصل المجتمع إلى القاع، لا تغضبوا مني يا أصدقائي المصريين فليس المهم من يبدأ، بل المهم أن يبدأ أحدنا بأسرع وقت. يبدو أن الجناح السوري للإخوان المسلمين هو الذي سيكون الرافعة، فبعد إصدارهم لمشروع (عهد وميثاق جماعة الإخوان المسلمين في سوريا) والذي ينص على (إقامة دولة مدنية ديموقراطية تعددية تداولية وفق أحدث ما وصل إليه الفكر الإنساني الحديث) وينص أيضآ على ( دولة مواطنة يتساوى فيها المواطنون جميعآ على اختلاف أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم واتجاهاتهم، كما يتساوى فيها الرجال والنساء في الكرامة الإنسانية والأهلية وتتمتع المرأة بحقوقها كاملة) وشرح رياض الشقفة في مؤتمره الصحفي أن الميثاق يعني حق أي مواطن بالوصول إلى الرئاسة حتى لو كان إمرأة أو مسيحي. برأيي هذه ثورة أعمق من الإصلاح البروتستانتي الذي حدث للكنيسة المسيحية في القرن السادس عشر على يد مارتن لوثر الذي ألغى صكوك الغفران وحدّ من سلطة البابا. المرأة إذن حسب الميثاق الجديد لم تعد ضلعآ قاصرآ ولا حتى ضلعآ كاملآ، لم تعد المرأة نتوءآ عظميآ ولا زائدة دودية، استوعب الإسلاميون أخيرآ أن الرجل هو الذي خرج من رحم المرأة. صارت المرأة في ميثاقهم الجديد شقيقة الرجل ومثيلته في الحقوق والأهلية والكرامة الإنسانية ويمكن حتى أن تصبح رئيسة الجمهورية. كذلك أبناء الطوائف غير المسلمة لم يعودوا رعايا أجانب في وطنهم، لم يعودوا ذميين يقتاتون على عطايا المسلمين، بل صاروا مواطنين أعزاء مكرمين لهم كامل الحقوق. قبل الإسلاميون أخيرآ بمبدأ تداول السلطة، وأن الشعب هو مصدرها، وهو الذي يختار ممثليه، قبل الإسلاميون أخيرآ بالدعوة لبناء دولة القانون والحريات حسب أحدث ما وصل إليه الفكر الإنساني وليس حسب مقاس أبو هريرة وابن تيمية. اقتنع الإسلاميون أخيرآ بأنهم لن يستطيعوا مناطحة الدنيا. هل هي نهاية الإسلام القهري الوسواسي الارتيابي الذي كان يرتاب حتى من ظله؟ إسلام الفرق والأحزاب والشعب والحروب والاقتتال؟ إسلام الجهاد والمجاهدين الانتحاريين التكفيريين؟ هل سنشهد أخيرآ إسلامآ يتصالح مع نفسه ومع جيرانه ويمد يده لغيره ويشتري تذكرة ليركب قطار الحضارة الإنسانية الواسع؟ هل بدأ الإسلاميون يطبقون قول الرسول: رحم الله إمرآ عرف قدر نفسه؟ هل عرفوا أخيرآ قدر أنفسهم ونزلوا من عليائهم ومن سمائهم السابعة إلى الأرض، إلى الحقيقة وإلى حقائق العلم والعصر؟ هل اقتنعوا أخيرآ أنهم لن يستطيعوا بعد الآن تسويق نصوص تحط من شأن المرأة وأخرى تدعو لقتال المخالفين؟ لقد انهزم الإسلاميون أمام الحضارة الإنسانية، انهزموا أمام شرائع حقوق الإنسان الأرضية، انهزموا أمام النموذج الديموقراطي الحضاري الذي بناه الإنسان بفكره وعقله وتضحياته واستفادته من تجاربه وأخطائه، بعيدآ عن النصوص السماوية العجاف. حاول الإسلاميون مرارآ تطويع نصوصهم، حاولوا لي عنقها لتتماشى مع حقائق العلم والعصر، حاولوا المراوغة والالتفاف ولكنهم فشلوا وانكشفوا، ما كانوا ينجحون فيه في السابق، فشلوا فيه اليوم في عصر الفيسبوك وثورة الانترنت والاتصالات، ضاق العالم ذرعآ بهم وبمصائبهم على أنفسهم وعلى غيرهم، اقتنع الإسلاميون أخيرآ أن الإصلاح لن يتم بعمليات الترقيع والتجميل ولا حتى بالبوتوكس والسيليكون. اقتنعوا أخيرآ أنه لا حل إلاّ بإلقاء بعض الحمولة من النصوص (المقدسة) التي ما كان أحد يجرؤ على المساس بها، رموا خلف ظهرهم القاعدة الشرعية التي تقول: لاجدال في النص أنا سعيد لأنني مقتنع ان الإسلاميين لن يصلحهم أحد إذا لم يصلحوا هم ما بأنفسهم، لن يصلحوا بالزعق فيهم وباحتقارهم، لن يصلحوا بتهميشهم وإلغائهم والقفز عليهم وهم الأغلبية في مجتمعاتنا، فهم أيضآ يحتاجون لاستيعاب كل مرحلة من مراحل التطور الإنساني، يحتاجون أن يدرسوا الأمر ويأخذوا عينات ويجرون التحاليل عليها قبل أن يتأكدوا هم بأنفسهم من النتائج. هذه هي البداية، سيكررون الأمر لاحقآ وسيرمون بحمولة جديدة عند كل منعطف من منعطفات الحضارة الإنسانية، وعند كل اختبار جديد وستكون المرات القادمة أسهل، حتى لن يبقى في النهاية شيء في جعبتهم إلا الإسم. اقتنع الإسلاميون أخيرآ أن الشيخ مهما طالت لحيته وتفرقت في أرجاء الدنيا، ومهما قصر ثوبه، ومهما اكفهر وجهه فإنه لن يقنع بعد اليوم طفلآ رضيعآ بأن أمه ناقصة عقل وهو كامل الأوصاف. هل اقترب اليوم الذي نشاهد فيه شرطة الآداب تلاحق شيوخ الفضائيات القادمين من مجاهل التاريخ لتقبض عليهم وتودعهم في مراكز إعادة التأهيل العقلي والنفسي؟ من كان منا يتوقع هذا الذي يحدث في الوطن العربي؟ زوال الأنظمة الاستبدادية، وترويض الإسلام !! رجاءآ لا تنعتوني بالرجل الحالم، حتى لو كان ما يحدث حلمآ فهو حلم لذيذ.
#نارت_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكوميديا الإلهية
-
همسات في عيد الحب
-
قصة حب في زمن الثورة
-
هيثم مناع، ضرره صار أكثر من نفعه
-
رياح التغيير
-
السيد وليد مهدي ونظريته الكونية الجديدة
-
رد على مقال الأستاذ وليد مهدي: سورية قاعدة للجهاد الأمريكي ا
...
-
حزب سوريا الجديدة
-
المعطوبون من الناس
-
استبداد الحكام واستبداد السماء
-
رسالة وداع
-
هذا ما جنيناه من الحكم الوراثي
-
أراغون ومحور الشر
-
مزّقي ياابنة الشام الحجابا
-
نريد سورية حديقة أزهار
-
الجمهورية السورية
-
قلق ما بعد الثورة
-
كيف يكره إنسان شعبه؟
-
شكرآ لكم أيها الحكام المجرمون
-
مغالطات الدكتورة وفاء سلطان
المزيد.....
-
هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب
-
الاحتلال يسلم عددا من الاسرى المحررين قرارات بالابعاد عن الم
...
-
هآرتس: الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب أسسها إيهود باراك
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|