|
يوم الأرض الفلسطيني
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 3680 - 2012 / 3 / 27 - 16:16
المحور:
القضية الفلسطينية
يوم الأرض أشهر مركزية الأرض في الصراع، ولم ينقذ الأرض الفلسطينية يعود يوم الأرض للمرة السادسة والثلاثين والأرض الفلسطينية تتسرب من بين الأصابع الفلسطينية من خلال التوسع الاستيطاني وتهويد مدينة القدس بدعم حازم من جانب الإدارة الأميركية. وعلاوة على فعاليات يوم الأرض تتواصل فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة مظاهرات واعتصامات احتجاجية تفرقها قوات الاحتلال بالقوة. وهذا ما لفت انتباه المتضامنين الدوليين ، ومنهم هيئة محكمة راسل لمحكمة نظام الأبارتهايد في فلسطين كأحد تجليات النظام العنصري المدان دوليا. تمر الذكرى هذا العام بينما تدخل إسرائيل في صراع تحدي مع المجلس الأممي لحقوق الإنسان، ردا على قراره بتشكيل لجنة تنظر في حيثيات الاستيطان، لاسيما وهو يعتدي على ملكيات خاصة لمزارعين فلسطينيين. والقرار جوبه بمعارضة الولايات المتحدة التي لا تمتلك حق النقض في هذه الهيئة التابعة للأمم المتحدة. وكان المندوب الأميركي بالأمم المتحدة قد عارض، في نوفمبر/ تشرين ثاني 2011 قرار 156 دولة اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بصدد "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية". وقف مع الولايات المتحدة إسرائيل بالطبع وأربعة مندوبي دول اصطنعت لمثل هذه الموقف، قصد بمفهوم "الموارد " في القرار الأممي المياه والأرض ومحاصيل زراعية والتعويض عما ألحقته إسرائيل من تلف جراء ممارسات الاحتلال. طالب القرار إسرائيل كدولة احتلال التوقف عن تدمير الهياكل الأساسية الحيوية للشعب الفلسطيني، والكف عن اتخاذ أي إجراءات تضر بالبيئة، بما في ذلك إلقاء النفايات بجميع أنواعها في الأرض الفلسطينية المحتلة. وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تتوقف عمليات جيش الاحتلال لتدمير الزراعة ، خاصة أشجار الزيتون وتفرض العراقيل المادية والإجرائية أمام تطوير الإنتاج الزراعي والصناعي. ألحقت القيود العديدة المفروضة على الاقتصاد الفلسطيني وكذلك الحواجز الأمنية أضرارا مباشرة بعدد من الصناعات مثل الأغذية والتعدين والنسيج والأدوية . وفي تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد بالضفة الغربية لعام 2010 قُدر الضائع على الاقتصاد الفلسطيني بسبب القيود الاحتلالية بنسبة 84,9 بالمائة، أو ما قيمته1.389 بليون دولار. كان بالإمكان الاستغناء عن الدعم المقدم من الغرب لتعويض عُجوز الموازنات ، مع زيادة النفقات المالية على الخدمات الاجتماعية لو لم تغض الدول " الداعمة" البصر عن إجراءات إسرائيل لفرض القيود وأعمال التخريب. ومن قبل ، في 11 شباط 2011 انفرد المندوب الأميركي ضد أربعة عشر مندوبا في مجلس الأمن يعارض قرارا بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة ويعطل القرار بحق النقض. يحضر في هذا المقام قول الصحفي جوناثان كوك المقيم في إسرائيل أن إسرائيل لن تنصاع للضغوط ما لم تحاصرها دول المنطقة بمواقف حازمة ترفض نهج الاستيطان ومشروع إسرائيل العظمى. ولكننا نشهد في هذه الأيام بالذات، بدلا من الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في مناهضة إجراءات إسرائيل الرامية لاقتلاعه من وطنه التاريخي والاستحواذ على كامل فلسطين.. نشهد تعاون دول الجوار وأجهزتها الاستخبارية مع الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية والأميركية وممثلين لجعجع والحريري وبعض جماعات القاعدة وشركات أمن أمريكية مختصة بتنفيذ الاغتيالات لتدبير التفجيرات داخل سوريا!! دول الجوار والمواجهة تعزز التحالف مع إسرائيل والولايات المتحدة، وتنفق من الأموال النفطية بسخاء على العناصر الإرهابية وعمليتها التخريبية؛ والغاية إحكام السيطرة على المنطقة ومقدراتها الاستراتيجية، بما يستدعيه من تجزئة الدول القائمة. ضمن هذه الاستراتيجية تمضي إجراءات الاحتلال الإسرائيلي. لم تخف إسرائيل إصرارها على السير في النهج الحالي منذ الشروع في المفاوضات مع ممثلي السلطة الفلسطينية. اليمين الفاشي في إسرائيل بزعامة نتنياهو أقدم على جريمة اغتيال رابين لمجرد اعترافه بكيان فلسطيني، فقرر سلفا عقم المفاوضات. وتتكشف ملابسات الجريمة وأهدافها بمرور الوقت. ففي الذكرى الأخيرة للجريمة ألقت الصحفية نيهيميا شتراسلر في صحيفة هآرتس ضوءا على لغز الاغتيال، ورصدت انحراف السياسات الإسرائيلية نحو التطرف اليميني، الذي استحال فاشية، فأكدت أن الشين بيت ، "لو قام بواجبه كما يجب واعتقل القتلة الحقيقيين لكنا الآن نعيش في واقع مختلف تماماـ واقع أفضل بكثير". ولمزيد من خلط الوراق وتعقيد الأمور طرح نتنياهو منطقا سياسيا يمهد لقرار التحدي الراهن لمجلس حقوق الإنسان، ولمجمل قراراته ضمن توجه توسيع الاستيطان والتضييق على العرب في فلسطين. فهو يكرر بلا ملل مفهومه لدولة يهودية في فلسطين يتوجب على الفلسطينيين الاعتراف بها . وتشجع الفاشيون من حوله للدعوة إلى تهجير العرب من داخل إسرائيل وفي الأراضي المحتلة . التوجه يستقيم مع التفرد اليهودي كشعب مختار، و يتناقض مع القانون الدولي والاتفاقات التي أقرتها المنظومة الدولية. مستقويا بدعم إدارة اوباما الذي لم يخجل، وهو الاختصاصي بالقانون الدولي، من تأكيد " حق اليهود التاريخي في فلسطين"، انتحل نتنياهو، مفهوما لحقوق إسرائيلية تستند إلى تأويلات خرافية فندتها الحفريات الأركيولوجية في فلسطين، حيث أكدت ( الحفريات) أن حكايات التوراة بلا سند تاريخي ، وأنها مجرد تخيلات راودت المدونين لكتب التوراة في القرن الخامس او السادس قبل الميلاد، وحملت أفكار وتخيلات مرحلة تدوينها ، وليس تاريخ فلسطين في القرون السابقة عليها. فهي لا تمت بصلة إلى الحياة الاجتماعية التي تتحدث عنها أسفار التوراة. يصر نتنياهو واليمين الفاشي في الولايات المتحدة وإسرائيل على تقديم الخرافات لتقوم مقام التوافقات دولية؛ ويصر على اتهام كل من يعارض الحقوق المنتحلة بإضمار نوايا العدوان على إسرائيل، الأمر الذي يستوجب استباقه بعدوان وقائي . والمعروف أن وعد بلفور وقرار تقسيم فلسطين لم ينص أي منهما على ما يسوغ إقامة دولة يهودية ذات غالبية سكانية يهودية عبر التطهير العرقي؛ ولم يمنح امتيازات لليهود، تحرم منها المواطنين من غير اليهود قانونياً ومؤسساتياً. ورغم الجور الصارخ في قرار التقسيم فإنه لم يُقطع الشعب الفلسطيني، صاحب الوطن الأصيل، معازل مقطوعة على غرار بانتوستانات نظام الأبارتهايد المندثر في جنوب إفريقيا. عبرت حركة الاحتجاج التي شهدتها مدن مختلفة في إسرائيل في الصيف الماضي، عن سخط على السياسة الرأسمالية المفرطة في تنكرها لمصالح الجمهور لصالح التوسع الاستيطاني. لم تدرك تلك الحركة علاقة الأوضاع المزرية مع نهج الاستيطان والاحتلال، الذي تصر حكومات إسرائيل المتعاقبة على اتباعه. كان الحراك محدودا جدا وعجز عن إحداث الضغوط على حكومة اليمين الفاشي ، وبالتالي عجز عن استقطاب الجماهير العربية. فكما تنبأ يشيعياهو ليبوفيتش أفسد الاحتلال المجتمع الإسرائيلي. لكنه أبقى بين الرماد جمرة من الاستياء الشعبي يمكن للرياح أن تنفخ فيها . ولا تخفي دوائر اليمين الأميركي المشغولة بتنفيذ مشروع القرن الأميركي، انها تسخر الفاشية الإسرائيلية ومشروعها في فلسطين لأغراضها الرامية لتحقيق الهيمنة الكونية . وتستدعي تلك الأغراض ضرب التوجهات الديمقراطية العربية ووأد الثورات الشعبية ووضع العراقيل بوجه التنمية الاجتماعية في أي قطر عربي. وتشاركها إسرائيل مساعيها في هذا الصدد. مجمل القول أن سياسات مرحلة التوحش الرأسمالي الراهنة التي تتسع داخل الولايات المتحدة وغرب أوروبا، وانصياع حكومات عربية عديدة لتلك السياسات حفزت الأطماع الشرهة للتوسع الصهيوني لإنجاز مشروع إسرائيل دولة إقليمية مهيمنة على المنطقة. وهذا يلقي مهمات ملحة على حركة التحرر الديمقراطي العربية كي ترتفع إلى مستوى التحدي. الجماهير الفلسطينية لم يعد ينقذها من مصير أسود الاحتفال بيوم الأرض أو الاقتصار على فعاليات عفوية وموسمية. ولا يلبي حاجات التصدي للمشاريع الإسرائيلية ـ الأميركية خيار " انتفاضة ثالثة". منذ عقود والانتكاسات المتلاحقة للنضال الفلسطيني تنجم عن مشورات من الخارج تعتمد القياس على تجارب سابقة وتعجز عن الإلمام بملابسات الوضع الفلسطيني.هناك دعوات لحشد "متطوعين عرب ومسلمين" وإرسالهم إلى فلسطين.لكل شعب وقواه الوطنية عدو مباشر يشكل النضال ضده دعما للنضال الفلسطيني، وكل شعب مطالب بتصعيد النضال ضد مظاهر السيطرة الامبريالية على أرضه. وإسرائيل و احتلالها ليس العدو الوحيد لشعوب المنطقة؛ ومن ثم فليس مبررا استمرار القطيعة مع العمق الاستراتيجي العربي. والتضامن الكفاحي مع الشعب الفلسطيني تنظمه حركات وطنية ديمقراطية تناضل فوق أرضها ولتحرير أوطانها. النضال ضد الهيمنة الامبريالية نضال من أجل تحرير فلسطين. فلا مبرر للانقطاع ضيق الأفق عن الحملة الدولية التي تزداد اتساعا ضد العولمة ، وضد الاحتلال الإسرائيلي ونهج الأبارتهايد. التحدي الماثل أمام الديمقراطيين العرب، والفلسطينيين على وجه الخصوص،يحتم الإدراك بأن مشاريع إسرائيل مسنودة من قبل الامبريالية الأميركية واليمين العالمي، تتناقض معها وتتصارع حملات على صعيد العالم تنظمها حركات لم تنتظم بعد في جبهة موحدة، لكنها تدخل في إطار الحركة الدولية المناهضة للعولمة . المشاريع الامبريالية ـ الإسرائيلية يتصدى لها باقتدار جبهة عربية موحدة مسنودة دوليا ، تتوسل الحركة الشعبية الديمقراطية أسلوبا للنضال .
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جرائم الأبارتهايد تحت الأضواء الكاشفة
-
وضعية المرأة مرهونة بالتدافع الاجتماعي (يوم المرأة العالمي)
-
مغالطات ام جهل .. يا أبراهامي ؟!
-
مشروع نصر حامد أبوزيد
-
السلفية والعولمة
-
سلفية العصر الحديث
-
التكفير يقتحم المشهد الثقافي
-
اليسار وقضايا الفكر والثقافة التراث 2
-
اليسار وقضايا الفكر والثقافة
-
البعد القومي في مهام اليسار العربي ومركزه القضية الفلسطينية
-
التحول الديمقراطي.. أعطاب ذاتية
-
الحوار المتمدن في العاشرة من عمره المديد
-
مصر والثمار المرة للطغيان
-
أشباح تحوم في فضاء مصر
-
الخروج من متاهة التفاوض
-
ردع تدخلات الامبريالية أولا
-
بنية نظام الأبارتهايد الإسرائيلي وشروط تقويضه
-
غولدستون المغلوب على أمره
-
مأساة ليبيا بين آفات القذافي ونهم الاحتكارات النفطية ´- الحل
...
-
ليبيا بين الآفات النفسية والذهنية للقذافي وبين نهم الاحتكارا
...
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|