إهداء مذاكرات المعتقل السابق

محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1082 - 2005 / 1 / 18 - 11:30
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    

أهدي ذاكراتي هذه لابنتي البكر وردة, ضحيّة الجلا د, ولابنائي الأربعة الآخرين(ريتا,فينوس,علي,جفرا) الذين حاول الجلا د قتلهم داخلي,هناك, في الأقبية, مستنفذا كل فنونه في التعذ يب على الجسد الأعزل محاولا كما ردّ د لي مرارا (سأقطع نسلك لكي لا تنجس الدم العلوي) وأبت الد نيا الحكيمة إلاّ أن تلقّنه د رسا ,فبعد انقضاء فترة الحجز لحريتي أنجبت خمسة أولاد( بينهم توأم) بينما الجلاّ د أبو العز مات د ون إنجاب.


أهدي ذاكراتي هذه لرفيقيّ الشهيدين, عبد الرزاق أبا زيد الذي لم يترك الموت لنا وقتا كافيا لنتعرف عليه بما يكفي فخطفه سريعا منا بعد عدة أيام من وصوله إلينا إثر إنتهاء الجلادين من تعذيبه في البحرة في كركوز الشيخ حسن, فلم يستطع جسده النحيل صبرا فغادرنا وحيدا قبل أن نتمكن معا نسج ذكريات مشتركة, و الشهيد رضا حداد الذي لفظ أنفاسه الأخيرة وهو يحلّفني ألاّ أنسى قاتله, ألاّ أنسى سنوات القهر, هناك, والأ أنسى جلاّ دينا , حيث سنوات عمرنا المنهوبة,و ذ كرياتنا,و صحبتنا.

أهدي ذاكراتي أيضاّ لكل الرفاق الذين رافقوني قي أقبية الرطوبة الصفراء, حيث تداولتنا سياط الجلادين. هناك, رياض وفائز وعمر,أبو عبد الله( مارديني) وأبو مروان( الزهر),أبو مالك( مصطفى حسين) , وأبوقحطان( المقداد),عدنان وفرحان,وحمزة وغياث و جلال وصفوان و عبد الحكيم, أبو طارق(محمد خير) وآرام , مزيد وابوشفيع(يوشع) و محمّد رصاص وعادل أحمد , وكلّ الرفاق الآخرين الذين شاركونا أماكن الإعتقال في أمن السرايا,فرع فلسطين, التحقيق العسكري, أمن الدولة في الحلبوني وكفر سوسة, الأمن السياسي في الفرع و الشيخ حسن , وسجن القلعة, وسجن عدرا. حيث سلبونا سنوات العمر, وخربوا حياتنا العائلية, و انتهكوا كل الأعراف و القوانين في اعتدائاتهم علينا ومعاملتهم لأُسَرنا أوقات الزيارات,وفي منعها أحيانا أخرى.
حسناَ أن تتحوّل بعض أقبيتهم لمواقع أثريّة وسياحية تزار, لكي تبقىذاكراتنا و قصاصاتنا, همساتنا, أهازيجنا, دبكاتنا وأغانينا, جلسات سمرنا, حلقات د رسنا, خناقاتنا واختلافاتنا,وعواطفنا المنفوثة في شعرنا و خواطرنا وقصصنا القصيرة, وكلّ ما أحزننا, وكل ما أفرحنا, وكل ما ساعدنا على قهر الجلاد وشد من عزيمتنا.
ليبقى كلّ شيء هناك, ربمّا يوم ما, قبل أن نموت, إلى الوطن عد نا, فنجول في الزوايا التي سكنّا, حيث تعاهد ناألاّ نضعف أو ننسى, أو نخون.


محمود

#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات