رسمية محيبس
الحوار المتمدن-العدد: 3679 - 2012 / 3 / 26 - 10:53
المحور:
الادب والفن
بصرة بلا محمود عبد الوهاب
في كل مرة نحط الرحال في ربوع البصرة أحس بسلام عجيب وانا ارى طائرها الواقف على شجرة قرب شط العرب هذا الطائر العجيب يحوم كروح حول القادمين الى أرض المربد ابتسامته تفتح الباب وتقول ادخلوا وتضع بيد كل قادم من فج بعيد زهرة لها عطر خاص ها نحن نهبط نحو بصرة السياب نلتقي بأبناء الفراهيدي وعيوننا معلقة على باب زجاجي علّ ذلك الطائر يدلف بجناحين نديين لكن يبدو انه آثر العزلة رغم ان ابتسالمته لم تزل ماثلة في االمكان،في الشارع ،في أزقة البصرة
لا أعرف عمر محمود عبد الوهاب بالضبط ولعله تخطى الستين او تقدم بخطى متثاقلة نحو السبعين لكن روحه الشابة لم تدلف كهوف الشيخوخة وظلت تطوف في أفق بصري يظلله النخيل ويحنو عليه الماء والشباب والابتسامة
هذا الزائر يختلف عن غيره من زوار صباحات البصرة فهو حين يبدأ نهاره يضع نظارتيه ويرتدي قميصه الأبيض على قلب أشد بياضا من الثلج وأكثر دفئا من جمر شتاء البصرة يطوف كالسحابة على حدائق العشار وبساتين أبي الخصيب وقد يمر على مقهى يزدحم بأدباء البصرة ينزوي في ركن هادىء مع توئمه الروحي محمد خضير يسبح معه في امواج ضوئية عبر المستقبل ثم تبتلعهما ظلمة الأزقة
ليقيم له شاليه الجمال مهرجانا تتألق عبره روحه الشاعرة التي تجتذبها تلك السحب الماطرة
محمود القلب المكتنز بالأمل والحب والرؤى مازال يكتب باصرار ويستدرج كائناته ليدخلها الى كهف سعادته ويمارس معها لعبة الحلم الذي لا يكبرلماذا أقفرت البصرة منك وكيف تنام دون أن يعود ابنها الهائم في أماسي الخصب
محمود شمعة تطفو على الماء شمعة الغائب
ماء شط العرب يصغي بحذر عله يلمح ظلك عابرا دروب النخيل مجتازا حدود القلب الذي يغني هذا الغناء الحزين
ها هي سفينتنا ترسو في ميناء روحك البصرية دون ان يستقبلها بحارة قلبك ايها الماكث فينا ِلا ماء لدينا لنغسل عنك هذا الغبار ونسقي ما غرست من احلام صغيرة أيها القلب المخلوق من ماء وعسل وحناء يا روعه الحكايات البصرية ودفء الأماسي يا نوخذة الحب وراعي سرب الأماني أيها العابر الفردوس
كن كما أنت وديعا كجناح يمامة ومبتسما ومضيئا
أيها الملاك لا تبخل بإبتسامة ولا تتأخر عن المجيء
نلمح ظلك يطوف كالشمعة على الظلال
الشوق يعانقك
والدرب يبكي مفتقدا رقتك وترف يديك
#رسمية_محيبس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟