أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - ليس هناك شخص اسمه احمد زكي














المزيد.....

ليس هناك شخص اسمه احمد زكي


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1082 - 2005 / 1 / 18 - 10:59
المحور: الادب والفن
    


عندما يهدي بعض المعتمرين في العشر الأواخر من رمضان عمرتهم إلى النجم المصري الأسمر أحمد زكي فهذا أمر مدهش, لأنه من الطبيعي أن يهدي المرء عمرته لأحد يعرفه, أبيه المريض, أو أمه المتوفاة مثلاً, غير أن هذا ليس مدهشاً بالمطلق, فأحمد زكي فنان كبير و محبوب و هو يعد, مع قلة صغيرة للغاية من الفنانين المصريين, واحداً ممن أثروا السينما المصرية عبر موهبتهم التي لا يختلف عليها أحد. فهو فنان يجيد التقمص إلى درجة انتفاء أي ملامح له, و يحتارالمشاهد حول أي من هؤلاء احمد زكي: أحمد سبع الليل في فيلم البريء, أم منتصر في فيلم الهروب أم آدم ابو خطوة في فيلم أرض الخوف, أم طه حسين أم جمال عبد الناصر أم السادات. هنا تبرز ميزة أحمد زكي و ربما نقيصته أيضاً. أحمد زكي فنان بلا ملامح, يتشرب الدور و يدع الدور يتشربه قبل أن يقدم على التمثيل, و هو يقف على النقيض في هذا من فنان كمحمود حميدة, الذي يترك دوماً مسافة ما فاصلة بينه و بين دوره, تتيح لك أن تتأمل الاثنين, الشخصية المتقمَصة و محمود حميدة في ذات الوقت. غير ان هذه الميزة/ النقيصة في أحمد زكي تقود إلى شيء آبعد, فروح الفنان الطاغية في أحمد زكي تدفعه دفعاً لكي يتحدى نفسه, ليس فقط بأن يمثل شخصيات متناقضة مثل ناصر و السادات, بل و أداء أدوار تتراوح قيمتها ما بين العظمة و التفاهة, بدون أي قلق من جانبه, فهو يؤدي بطولة فيلم مهلهل اسمه مستر كاراتيه, و يؤدي بطولة فيلم أرض الخوف, و الذي ربما يكاد يكون واحداً من أعظم أفلام السينما المصرية للمخرج المتميز داود عبد السيد. كما يبرز أحمد زكي على شاشات التليفزيون لكي يعلن بمناسبة و بدون مناسبة كيف أنه يتمنى من كل أعماق قلبه تأدية دور بطل الضربة الجوية في حرب السادس من أكتوبر, الرئيس المصري محمد حسني مبارك, و عندما لا تلوح بادرة للموافقة من قبل الرئاسة المصرية, يكرس الفنان المصري كل جهده لأداء شخصية عبد الحليم حافظ في فيلم العندليب, محبطاً و حزيناً, على ما يبدو, ثم يؤجلها, ربما بنفس القدر من الإحباط و الحزن, لتمثيل دورالبطولة في فيلم داود عبد السيد الجديد (رسائل البحر), ثم يتراجع عن رسائل البحر ليعود للعندليب.. هنا يلوح شيء ما ينقص الفنان الموهوب, هو عقل يحكمه, أو موقف ما, بالرفض أو القبول السياسيين. في مصر يدل تعبير (حمار شغل) على ذاك الذي يعمل كثيراً بدون أن يملك عقلاً يتيح له أن يسأل: ما الذي أعمله ولماذا أعمله و في مصلحة من سيصب؟ في حالة كحالة الفنان أحمد زكي يصبح المثل الملائم هو (حمار موهبة). هو فنان حق, موهبته كاسحة و تطغي على كل ما عداها, لدرجة أنها تصيب عقله بالضمور. هل هذا هو الحلم القديم و المستحيل, أي حلم الفن للفن, بغض النظر عن أي موقف أو تفكير أو تحليل أو تأمل. ربما, غير أن هذا قد يكون منفراً أحياناً. في برنامج (VIP) الذي يقدمه الصحفي المصري كرم جبر على قناة المحور أدهشت سطحية الفنان الأسمر الجمهور, فهو يتحدث بقدسية عن جميع زعماء مصر, و هو يتبنى خطاباً من نوع (أذكروا محاسن زعمائكم) – هو بالمناسبة لا يقول زعمائكم, هو يقول رموزكم, حيث يضم من بين الرموز عبد الحليم حافظ و صلاح جاهين – يتحول الرمز في هذا الخطاب إلى شيء مقدس, لا يساءل و لا يحاسب, وفي هذه الحلقة يصب أحمد زكي جام غضبه على الذين ينتقدون عبد الناصر أو السادات و يتهمهم بالتسيس, و كأن المفروض عندما لا يريد المرء أن يتسيس أن يذوب عشقاً في زعمائه (عفواً: رموزه). هنا بالتحديد يبدو عملاق السينما صغيراً و مثيراً للشفقة.
يرتبط الأمران (1- "بهوت" ملامح الفنان احمد زكي وراء ملامح الشخصية التي يتقمصها, بسبب قدرته الشديدة على التقمص -2- غياب أحمد زكي الإنسان السياسي و الذي يقبل أو يرفض الدور على هدى من قناعاته و مواقفه) بما يراه البعض مهنية شديدة من قبل الفنان, و يراه الآخرون حالة من المسخ و ضمور الملامح.
ربما لهذا كله يبدو إهداء المعتمرين الإثنا عشر عمرتهم له مدهشاً, فهذا الفنان الكاريزمي إلى درجة الإخافة هو في نفس الوقت فنان لا يعرف أحد ملامحه الحقيقية, على المستويين, الفني و السياسي, و أن تهدي العمرة لشخص لا تعرفه فهذا حدث غريب, غير أن الجمهورالعربي كله قد تعود على (مجهولية أحمد زكي) , و صار لا يفكر فيها في غمرة انشغاله المفرط بتأمل الملامح التي تؤديها شخصياته التي لا تحصر. هنا يبدو أن الجمهور قد نسي أن يسأل (من هو أحمد زكي؟) في إطار وعي بدأ يتسلل تدريجياً لعقله الباطن و بدون أن يشعر به أحد: (ليس هناك شخص اسمه أحمد زكي).



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللحم و الأفكار
- بوابات لمناقشة تلمودية بين الربي عقيفا و الربي يشماعئيل
- HAHY
- - مجموعة الكل .. تمرد سكندري مهم على السلطة المعنوية للقاهرة
- مونولوج
- أوان الورد, بحب السيما و وفاء قسطنطين.. خلايا الألم القبطي
- في الرواية الأولى لمنصورة عز الدين.. متاهة تعاني من الانفتاح ...
- وصولاً إلى اللا مكان.. عن الدين و الأدب و العاب الكمبيوتر
- حرصاً على الحقيقة
- يوم القيامة
- في ديوان جديد للشاعر الإسرائيلي يتسحاك لائور: الجيش و المجتم ...


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة كراميش للأطفال 2024 على القمر الصناعي ...
- جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن ...
- كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر ...
- شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير ...
- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...
- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - ليس هناك شخص اسمه احمد زكي