أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العلمي الوهابي - إلى إبراهيم














المزيد.....

إلى إبراهيم


محمد العلمي الوهابي

الحوار المتمدن-العدد: 3677 - 2012 / 3 / 24 - 00:43
المحور: الادب والفن
    


حسنا يا إبراهيم، تركتني في وادي الرمال وفي جوفي رمق...
لا سلاح يحميني ولا قراب يرويني.
وتركتَ بجانبي تلك الأيقونة البائسة التي أسلمت نفسها لوساوس العفاريت
لم أعرف أي شيطان أوحى لك بذلك
غير أنك علمتني من حيث لا أعلم... الكثير عن فظاعة الحياة
واستطعتَ أن تخلق الفينيق من أشلائي
يتجدد بتجدد المعاناة، معاناة من طراز سيزيفي ممزوجة بعنفوان فينيقي
والآلهة الرابضة في قمم الهضاب مغبرة الأقدام، ترنو إلى هذا النجم الوحشي أبد الدهرِ
سأحارب الرمال والضواري يا إبراهيم
وستبقى الأيقونة المقدسة هاجر، الأم والشرنقة
أنا الآن في زمن اللا جدوى أتنفس وأمسح عن وجهي الصحراوي ذرات الرمل
أمسك سيفاً طينياً لا أكف عن شحذه بما تبقى في جعبتي من بغض
الركبان والعقبان تنتظر الترنح الأخير، لكنني ها هنا واقف كتلك الآلهة
جاعل بيني وبين قساوة الأرض صلة لا تُقطع
جذوري ممتد في هذه الأرض يا إبراهيم، ممتدة كأخاديد بركانية
تزودني بالقليل لأحتمل الكثير من الضيم
تملأ جوفي من عبور الغيمِ
تجعلني صمداً في لحدي
تمنحني الأبدية في أشنع فترات الضعفِ
أنا يا إبراهيم لن أخذلك،
جئتُ إلى هنا مسحوب الإرادة
جئتُ بإرادتك
وستكمل إرادتي الباقي... أنا جيد في قراءة ما وراء السطورِ
وقد تعلمتُ وأنا في الربع الأول من عمري
كيف أكون مرآة للآخرين
كيف أكون الغائب الحاضر في النقاشات الساخنة...
أردتَ الخلاص لنفسكَ ووأدتني في مستنقع الرمالِ هذا...
لكنك من حيث دريتَ أو لم تدري، أودعتَ البقية الباقية من عظمتك في جسدي النحيلِ
لا أخفيك سراً أن عدد سقطاتي كان كافياً لإفناء شعب من الصناديدِ
وأنني تقلبتُ على أكثر من جمر، وحملتُ على كاهلي صبري
الذي كان يتدحرج كل مرة أصل فيها إلى أعلى الوادي
لن أجد أروع من المعاناة السيزيفية، ولا أفضل من رسائل نيتشه
هذا البائس الذي أفنى حياته سيداً فقط ليعلمني
كيف أكون عبداً، كيف أكون سيداً في جلباب الرق
كيف أن الحضارات قامت على جثث العبيد
واستمروا في طوبها ورخامها
حسناً إذن، منسي في هذه الساحة أضمد جراحي التي لم تندمل
أضمدها تحت وهج هذا النجم الوحشي وأراوغ خطوات الآلهة العمياء
لن أداس يا إبراهيم بعد الآن، ولن أذهب إلى الجحيم بميدالية ذهبية
سأكون الأخير والأول، الحاضر الغائب
ضمير العميان، سأكون في جوف العقبان... صارخاً
محلقاً، سأكون اللعنة الماحقة والصلصال الإلهي
لن أخذلك، لن أخذل الأيقونة، ولن أخذل هذا الجبار القابع في زنزانة جسدي
يدفعني دفعاً نحو الأبد، يقودني أو أقوده إلى الزمن الأول كلما جاء الإحتضارُ
أنا الضعيفُ، أنا الذي حملتُ أعباء الستينيين في سنواتي الست الأولى
أنا الذي لهوتُ بالمسامير والبراغي حين كان الأقران يسافرون في مدينة الألعاب الوردية...
أقسمتُ إذن، أن أكون احتضارك المعذبَ يا إبراهيم، وصرخة استهلالي
في وجه الأبدية.



#محمد_العلمي_الوهابي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الفوضى السلبية في مجتمعنا
- ليل مريض
- حلم سوريالي
- رماد أحمر
- جرد لعام الثورات المشرقية
- بين الثابت والمتغير
- وطني الغالي
- النبَّاحون الجدد!
- رجال الدين امتداد للأوثان العربية القديمة ...
- حلوة يا بلدي ...
- مسلم بالوراثة يتساءل ...
- قلنا لهم : طز، فزعلوا !
- الى المدعوة ماغي


المزيد.....




- أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس ...
- أفلام رعب طول اليوم .. جهز فشارك واستنى الفيلم الجديد على تر ...
- متاحف الكرملين تقيم معرضا لتقاليد المطبخ الصيني
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. ملحن يؤلف الموسيقى حتى بعد وفاته!
- مغن أمريكي شهير يتعرض لموقف محرج خلال أول أداء له في مهرجان ...
- لفتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...
- «خالي فؤاد التكرلي» في اتحاد الأدباء والكتاب
- بعد سنوات من الغياب.. عميد الأغنية المغربية يعود للمسرح (صور ...
- لقتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...
- مصر.. وفاة منتج فني وممثل شهير والوسط الفني ينعاه


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العلمي الوهابي - إلى إبراهيم