|
على السوريين ان يفوزوا بحريتهم - بدون مساعدة احد!
حنا زيادة
الحوار المتمدن-العدد: 3675 - 2012 / 3 / 22 - 19:15
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
"حافظ على معنويات الفريق عالية"، وأضفت "الأسوأ قد انتهى". جاء الجواب سريعا بالرغم من سؤ الاتصال على"سكايب" "ليس المعنويات ما ينقصنا ولكن السلاح".
ومحدثي هو علي الحلبي، رئيس مجموعة من الثوارالذين بسطوا سيطرتهم على بلدة عندان في محافظة حلب، شمال سوريا. وقد روى لي صعوبة شراء السلاح وتهريبه عبر الحد...ود التركية، وذلك لأن السلطات التركية كثفت دورياتها لمصادرة الأسلحة التي تتوجه للجيش السوري الحرة. وجاء كلام علي الحلبي في وقت كان فيه كل من القادة الاتراك والعرب والغرب يشددون على ضرورة دعم المعارضة السورية وتسليح الجيش السوري الحرة.
ولكن كما قال علي: "انه مجرد كلام. لم نشعر بأي مساعدة - لا من العرب أو الأتراك. المال نحصل عليه بنفسنا، ونشتري الأسلحة من المهربين والضباط الفاسدين في جيش الأسد ". بعد عام من ثورة السوريين على نحو أدهش الجميع للمطالبة بحريتهم، وأستعادوا الشوارع التي حرمهم حكم البعث منها خلال اربعة عقود، والعالم لا يزال غير قادر على انتهاج سياسة ثابتة تجاه نظام الاسد. وكما في حكاية أسطورية، يواظب المدنيين السوريين بشكل يومي تقريبا على تنظيم المظاهرات السلمية حيث يواجهون خطر الموت وهم يرقصون، ويغنون وينشرون رسالتهم للسوريين ولبقية دول العالم "سوريا بدها حرية". وكان رد نظام الأسد الرصاص والقنابل والمذابح.
بعد مرور عام على خروج المظاهرات الأولى في درعا - التي بدأت عندما قام طلاب المدارس بالكتابة على الجدران "الشعب يريد اسقاط النظام" وتعرضهم للسجن و للتعذيب بقلع اظافرهم – لا يزال الصليب الأحمر وغيره من منظمات المعونة الإنسانية لا يستطيعون الوصول للسكان الذين يعانون بشكل مريع. في حين يستمر النظام تحت نظر العالم بنقل حقول الموت من مدينة الى مدينة. من درعا في الجنوب الى حمص وحماه في قلب سوريا الى اللاذقية على الساحل وحلب في الشمال و اخيرا وليس اخرا الى مدينة الرقة في الشرق. ولقد نجح السوريين في توجيه ارهاب النظام ضد النظام: من يسقطت شهيدا قي مظاهرة يوم أمس يغذي مظاهرات مواكب الجنازة في اليوم التالي، إذ تخرج العائلات الثكلى والجيران لتشييعهم. وتتوافر الآن تقارير موثقة ومخيفة عن مجازر وفظائع يقوم بها جنود وشبيحة النظام ضد المدنيين والمنشقين عن الجيش، والتي دفعت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الانسان باتهام نظام الأسد بارتكاب جرائم ضد الانسانية. وكل هذا يبين أمرين: الى اي مدى من القمع النظام مستعد للذهاب في اخضاع الاحتجاجات. ولأي درجة السوريين مصممون على تحقيق حريتهم.
بعد عام مع اطول ثورات الربيع العربي، هناك حقيقتان سياسيتان واضحتان. الأولى أن نظام الأسد سوف يستخدم كل وسائل القمع في ترسانته لقمع الثورة، من دبابات وطائرات هليكوبتر وفرق الموت الى التلاعب بوسائل الاعلام، والمناورات الدبلوماسية والوعود الكاذبة بلإصلاح. والحقيقة الأخرى هي أن الثائرين لن يتخلوا عن كفاحهم، بغض النظر عن مدى العنف الذي تستعمله قوات الأسد ضدهم.
إضافة لهذا الواقع السوري المؤلم، هناك حقيقتان سياسيتان واضحتان في الواقع السياسي دولي. الأول هو استمرار الغرب في التأرجح بين التأنيب الشفوي للاسد، وعقوبات شبه فعالة وإصدار التهديدات القليلة المصداقية عن تسليح المعارضة وعن خلق مناطق آمنة أو مهاجمة قوات النظام. في الوقت الذي كان يخشى المجتمع الدولي من قيام القذافي بجرائم كالتي يقوم بها الاسد الآن، قامت منظمة حلف شمال الأطلسي بشن حربا لمنع ارتكاب تلك الجرائم، وذلك بعد وقت قصير من إندلاع المظاهرات في مدينة بنغازي. السوريون يدركون أن حياتهم وموتهم، يزنان أقل من حياة وموت الليبيين لان لا يوجد نفط في بلدهم. لكن على الرغم من ذلك، فإنهم يعتقدون ان تعاظم جرائم الأسد في نهاية المطاف سوف توقظ ضمير العالم. حتى الآن، على الرغم من جرائم الحرب الموثقة وشهادات الصحفيين الغربيين عن فظائع بابا عمرو في حمص لم يكن من الممكن الحصول على مجرد ادانة من مجلس الامن الدولي لهذه الجرائم.
وذلك نتيجة الواقع الدولي الثاني: فبينما كان دعم الدول العربية والغربية و تركيا للثورة السورية مترددا في البداية، و الى الآن بعد عام كامل ما يزال غير كاف، يستطيع نظام الأسد الاعتماد على دعم غير مشروط من حلافائه على المستوين الإقليمي والدولي. فتقدم ايران الدعم الاقتصادي والعسكري بشكل لا محدود. وروسيا تقوم بتسليح النظام والحيلولة دون إدانته في مجلس الأمن، وتعارض فرض عقوبات على الأسد المحافل الدولية. بينما تقوم الحركات الشيعية الراديكالية كحزب اللاه و جيش المهدي بإرسال ميليشياتهم المدربين تدريبا جيدا لقتال الثوار السوريين..
انه هذا الدعم الإقليمي والدولي الغير مشروط الذي يتمتع به الأسد - وفي تناقض صارخ مع الدعم المتعثر للدول الغربية والعربية وتركيا للمعارضة - الذي يفسر السر وراء بقاء النظام.
في حين أن النظام يستشرس في تحويل ثورة السوريين من انتفاضة ضد نظام الدكتاتوري إلى حرب أهلية طائفية بين العلويين الشيعة و السنة، والى صراع بين القوى الاقليمية والدولية، على السوريين أن يتصرفوا وفقا للحقيقة المرة التي نادت بها حناجرهم الثائرة منذ بداية المظاهرات التي لا تكل: "يا الله، ما إلنا غيرك يا الله". سيفوز السوريين بحريتهم من دون مساعدة احد!
#حنا_زيادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نار التغيير. الثورة التونسية تبرز مسار جديد
-
هل المسيحيين أفضل من المسلمين؟ مسلسل لقناة -المنار- عن يسوع
...
-
مراجعة لكتابي دوامة الدم
-
فتاة من الرقة
-
حوار عالمي من خلال قصة عن الزواج القسري
-
حرب من الأكاذيب صنعاء، اليمن
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|