أشرف عبد القادر
الحوار المتمدن-العدد: 1081 - 2005 / 1 / 17 - 11:23
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
بيان الليبراليين العرب الذي طالب الأمم المتحدة بمحاكمة فقهاء الإرهاب مثل يوسف القرضاوي وراشد الغنوشي وسفر الحوالي في محكمة خاصة لهذا الغرض أثار سواكن مثقفي أمتنا الديمقراطيين والمسالمين فعلقوا على هذا البيان ضامين أصواتهم إلى صوت الآلاف الذين وقعوا على هذا البيان ولازالوا يوقعونه، من هؤلاء المثقفين البارزين الأستاذ جمال هاشم، أحد كتاب اليومية المغربية "الأحداث المغربية" الفذة التي نشر فيها بتاريخ 29/12/2004 مقالاً بعنوان "محكمة دولية لمحاكمة دعاة الإرهاب". ولأهمية هذا المقال سمحت لنفسي بإعادة نشره في "إيلاف" و"الحوار المتمدن" و"شفاف الشرق الأوسط" وغيرهم من المنابر التي تحسن بي الظن وتنقل كتاباتي عسى أن تعم به الفائدة وسأعقب عليه بعد ذلك، وإليكم مقال المفكر المغربي جمال هاشم:
أطلق مجموعة من المثقفين الحداثيين العرب مبادرة لإنشاء محكمة دولية لمحكمة كل الذين يحرضون على الأعمال الإجرامية الإرهابية أو يبررونها، وفي هذا السياق سيتم توجيه ملتمس إلى مجلس الأمن الدولي موقع من طرف الآلاف من المثقفين المؤيدين لهذه البادرة الحضارية ... لقد أصبح الإرهاب ظاهرة دولية،وانتشرت التنظيمات الإرهابية عبر العالم كأي ورم سرطاني خبيث، ووفر "فقهاء" الحقد والكراهية السند الشرعي للأعمال الإرهابية وألبسوها غطاء دينياً فتحولت إلى جهاد ومقاومة وعمل جليل يقود إلى الجنة، فأمام تخاذل غالبية "مثقفي الأمة" و"سياسييها" وأنظمتها عن مواجهة منظري التطرف والحقد والكراهية، أصبح كل من هب ودب يفتي في أمور"الجهاد" و "المقاومة" لحث الشباب على القتل والتفجير والهدم وبث الفتنة داخل المجتمع،وتهويل الخلاف الحضاري مع الدول الغربية، واللاتسامح مع الأديان الأخرى ... وكل ذلك بعيداً عن روح الإسلام الحقيقي الذي كان دوماً دين محبة وإخاء وتعايش. والأخطر في الأمر أن بعض الأنظمة الانتهازية (خاصة في الخليج) فسحت المجال لدعاة الإرهاب كي يتحركوا بحرية في إطار "مقايضة" سياسية مفضوحه. فقناة الجزيرة في قطر مثلاً والتي لا تبتعد إلا بضعة أمتار عن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة (قاعدة السيلية) أصبحت ساعي بريد ينقل رسائل قادة الإرهاب الدولي "القاعديين" كبن لادن والظواهري والملا عمر ... إلى عموم الإرهابيين كي ينفذوا مخططاطهم الإجرامية. وفي إطار "الهدنة"المعلنة بين تنظيم القاعدة الإرهابي والنظام القطري، لا تكتفي قناة الجزيرة بنشر خبر خطابات قاعدة الإرهاب الدولي، بل تحرض على بث الأشرطة كاملة كي تؤدي وظيفتها التدميرية وكي يتم فك رموزها من طرف الإرهابيين المنفذين، لأن كل تسجيل صوتي وكل شريط فيديو، يتضمن "شفرة" لابد من فك رموزها لتنفيذ المطلوب، والاتفاق الحاصل بين تنظيم القاعدة وقناة الجزيرة ينص على بث الأشرطة كاملة، ويكون الثمن هو مهادنة النظام القطري (والغريب أن بن لادن الذي يهاجم الأنظمة العربية والإسلامية لا يهاجم قطر التي انطلقت منها الطائرات التي دمرت أفغانستان وفي عراق صدام!)إن هذا التحريض العلني على القتل والتدمير وكراهية الآخر لا يقتصر على الإرهابيين المتطرفين ، بل أصبح "العلماء المعتدلون" يبررون الأعمال الإرهابية، كالقرضاوي مثلاً صاحب الأوجه المتعددة والفتاوى المتناقضة حول مدلول الجهاد وحول قتل الأبرياء في العراق، وتدمير هذا البلد.فالقرضاوي الذي يعيش حياة البذخ في البلاط القطري والقرضاوي الذي أرسل أبناءه ليجاهدوا في الدراسة لدي الشيطان الأكبر(في أمريكا وبريطانيا) يحرض الشباب الفلسطيني على "الانتحار بتفجير نفسه وسط الحافلات الإسرائيلية"ويحرض على قتل الأبرياء وقطع الرؤوس في العراق.إن هذا التحريض العلني الذي انتشر خلال الأشهر الأخيرة على بعض الفضائيات وفي مقدمتها قناة الجزيرة وعلى العديد من مواقع الإنترنت (الذي يستغله أسيادنا في نشر العلوم وتعميم المعرفة بينما وظفه إرهابيونا في نشر الدمار "وصور القتل" وقطع الرؤوس...) كل هذا دفع ثلة من المثقفين المتنورين وفي مقدمتهم الدكتور شاكر النابلسي إلى توجيه طلب إلى مجلس الأمن الدولي قصد إنشاء محكمة دولية تختص في محاكمة كل الذين تجرأوا على نشر الفكر الإرهابي أو تبرير "أعمال الإرهابيين" عبر فتاوى أو تغطية دينية، وكل من يدعو إلى كراهية الديانات المخالفة وينشر الحقد والكراهية واللاتسامح بين الثقافات المتنوعة. إن بعض الأنظمة المتخاذلة والمتواطئة عن القيام بدورها، وخوف الكثير من المثقفين من مواجهة أباطرة الإرهاب، هو الذي يبرر هذه الدعوة الموجهة إلى هذه الهيئات الدولية كي تتحمل مسؤوليتها في إطار الحرب الدولية على الإرهاب، وحتى لا تبقي حرباً عسكرية وجب أن تكون كذلك حرباً قانونية وحضارية تتكلف بها محكمة دولية محايدة على غرار محاكمة مجرمي الحرب والمحكمة الجنائية الدولية.لقد ارتعدت فرائص بعض الإسلامويين وحاولوا تشويه فكرة هذه المحكمة الدولية(مقال محمد يتيم في التجديد الإسبوع الماضي مثلاً) والذي تحدث عن الوشاية والعمالة ومحاكمة العلماء ... إلى غير ذلك من الترهات، رغم أن الفكرة واضحة ولا تستهدف لا علماء ولا فقهاء، لكنها تستهدف كل من يصدر فتوى تدعوا إلى القتل باسم الدين والتفجير باسم الدين وترويع الآمنين باسم الدين وقطع الرؤوس أمام الكاميرات باسم الإسلام، وكراهية اليهود والمسيحيين باسم الدين ... إن الذي يحاول أن يجد تبريراً لما جري في نيويورك والدار البيضاء ومدريد وفي تونس ومصر وفي الجزائر وفي تركيا وما يجري في السعودية وفي دول شرق آسيا ... باسم الإسلام بالإضافة إلى الاختطافات وإحراق الكنائس وقتل العمال ورجال الأمن في العراق . إن من يجرؤ على تبرير هذه الأعمال الهمجية والوحشية ومن يصدر فتوى تحريضية ، لا ندعو إلى قتله ولكن ندعو إلى تقديمه إلى محاكمة عادلة أمام محكمة دولية محايدة، ذلك الرد الحضاري على الإرهابيين.
أسمح لنفسي بأن ألفت نظر القارئ في هذا المقال المهم من أوله إلى آخره إلى فقرة شديدة الأهمية تتعلق بفقيه الإرهاب غير المنازع يوسف القرضاوي الذي اتهم باطلاً الإمام الأعظم شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي وجميع علماء الإسلام المسالمين بأنهم "علماء السلطة وفقهاء الشرطة" والواقع أنه لم يتردد في أن يقول في جلادي طالبان ، الذين أفتوا بسجن من لا تزيد لحيته عن قبضة اليد ثلاثة أشهر "الإخوة علماء إمارة أفغانستان الإسلامية" الطالبانية ...!!!
يقول المفكر الإسلامي التنويري جمال هاشم في مقاله: أصبح "العلماء المعتدلون" يبررون الأعمال الإرهابية، كالقرضاوي صاحب الأوجه المتعددة والفتاوى المتناقضة حول مدلول الجهاد وحول قتل الأبرياء في العراق، وتدمير هذا البلد. فالقرضاوي الذي يعيش حياة البذخ في البلاط القطري أرسل أبناءه ليجاهدوا في الدراسة لدي الشيطان الأكبر"في أمريكا وبريطانيا" يحرض الشباب الفلسطيني على الانتحار بتفجير نفسه وسط الحافلات الإسرائيلية ، ويحرض على قتل الأبرياء وقطع الرؤوس في العراق" متخذاً من قناة "الجزيرة" منبراً لفتاواه الدموية.
ولا يفوتني هنا أن أوجه نقداً لبيان الليبراليين العرب الذي وقعته وصاغه كل من شاكر النابلسي وهاشم جواد والعفيف الأخضر، لأنه غفل عن نقطة أساسية وهي محاكمة المنابر مثل "الجزيرة" و"اقرأ" و"المنار"، التي تفتح ذراعيها لإستقبال فتاوى فقهاء الإرهاب وكلاب الدم الذين ابتلي بهم ديننا الحنيف القائل:"ومن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً"(32 المائدة) أي كما لو أن الإرهابي ومن يفتي له بقتل الأبرياء قد شنوا حرباً نووية عالمية ثالثة أبادت البشرية على بكرة أبيها !
بعد هذه القطيعة الحاسمة مع القرآن ، أتسائل:هل يجوز أن نقول أن فقهاء الإرهاب مسلمون؟!.
[email protected]
#أشرف_عبد_القادر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟