عبدالرحمن الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 19:54
المحور:
الادب والفن
التحليل اللساني في أنطولوجيا الزمكان، وأنطولوجيا الاخلاق في قصائد الشاعر العراقي عباس علي مهاوي
بدايةً، لا بُد من الاعتراف باستحالة الإحاطة بمشروع العنوان لمبحث الشاعر العراقي عباس علي مهاوي المعرفي بجوانبه الإبستمولوجية، والعلمية، والتاريخية، والشاعرية في مبحث كهذا أو حتى في كتاب، ولكننا سنحاول في هذا المبحث المبسط، عرض ظل رفيع من هذا المشروع العابر لجدلية ما فرضه الشاعر من ضؤ منير: الانطولوجيا الزمكانية والفلسفة الاخلاقية، الاتصال والانقطاع، العقل والوجدان، الخيال والواقع، الحدس والتجريب، الموضوع والذات، وذلك بهدف تقديم مقاربة مغايرة لموضوع المعرفة في التحليل اللساني، هذه المعرفة التشريحية التي يُمكن رؤيتها من خلال منظورين: الزمكانية، من منظور الشاعر العقلي-التجريبي، حيث المعرفة التحليلية اللسانية العلمية التي تخضع للتجربة والقياس المنطقي، وكل ظاهرة قابلة لأن يُعبَّر عنها بمعادلة رياضية دقيقة، وقد أفرز هذا المنظور اتجاهات تقتنع بموضوعية المعرفة العلمية وإمكانية فصل المعرفة التحليلية الكمويَية عن الذات العارفة، والثاني منظور يرى الشاعر فية أثر عوامل الانطولوجيا الاخلاقية وتراكبية العوامل النفسية والشروط الاجتماعية والمعتقدات الشخصية على ابنية القصيدة التي يكتب بها شاعرنا.
حيث أن هناك عناصر الخيال والحدس تساهم في عملية تكوين معارفه الحيو-حياتية أو صياغتها في مشروع كتابته للقصيدة، ويُعتبر الشاعر عباس مهاوي أهم دليل على هذا المنظور.إذن، في هذه المبحث سنتطرق إلى المشروع الانطولوجي - الباشلاري، كمشروع تحليل لساني- معرفي/زمكاني- اخلاقي فلسفي، في ترنيمة سعة المدارك الشعرية الممدرسة على عقلانية التصورات للشاعر بحوارات تجريبية للشخصية الماضوية، والمتناول الوضعي لكتاباته الحالية المتنقلاً بها من أغترابته الزمكانية العقلانية وأنعكاستها إلى "عقلانية اخلاقية صوفية" كما هي كانت حين انفتحت هذه الأخيرة على أشعار بودلير، وريلكية، ورومانتيكية نوفاليس. لقد وضع شاعرنا العراقي عباس علي مهاوي مشروعه في الكتابة في منفاه السويد في مراحله الأخيرة تحت راية القصيدة التحليلة النفسية للمنفي وجدلية بطاقاته الشعرية المتقدة. ومن يقرأ عباس مهاوي شاعراً عقلانياً فهو بالضد له، من خلال قراءات تأملاته الأولى في التكوين الطيني للعقل الانساني، وفلسفة تمرده والرفض في (اللا) العقلانية للتطبع اللا اخلاقي والاغتراب الذهنوي للانسان...، قد لا يستغرب من شاعرنا المتمرد بيقينه في كتابته وضع مشروعه في المنفى بعيداً عن عقلانية العولمة واتمتتها بكل يقينياتها، والدخول فيها منفيا إلى مختبرات التأمل والشعر في كل ما تحمله من لايقين، ولكن نظرة شاعرنا للمنفى تختلف عن نظرة ما عاصروه في المنافي وفلسفة أسفار التكوين لديهم، التي اعتقدوا بفصل العقل-الوطن عن اللامعقول-المنفى، بفصل التمرد عن الأخلاق، للتقليل من دور الحدس والخيال الزمكاني في الوصول إلى المعرفة الاخلاقية، ولم يعترف بالعلاقة الجدلية بين الوعي واللاوعي، وبين الحلم والواقع فقط، بل يرى أن تركيبة القصيدة والشاعر هما النفسية التي يشتبك فيها الواقع بالحلم، والوعي باللاوعي، والعقل بالخيال، لذلك فهو كثيراً ما كان يعثر على نظرة ذات أعماق متكافئة التناقض من عنصري الاضدلد حين يتحول به العقل الى منفى والخيال الى وطن، فالزمكان والاخلاق في كتابته الشعرية هما حدسان كامنان في الإبداع الشعري، وهما الرغبة الكامنة لدى الشاعر لإضفاء معنى وجمال ما على القصيدة. ولهذا، كان مشروع الشاعر ينادي من منفاه لمراحله الأخيرة أن يهدف لتوجيه كتابة العقل-المنفى نحو الحلم/الانتظارات الأخرى لسعيه الفكري-برضا التمرد- لينظم القصيدة سامرا على كتابتها واقفا... ونحن هنا ليس بصدد تحليل نفساني للمعرفة الموضوعية لآبعاد ما يكتبه لنضيق التصورات، بل لما لنا حيث كما يُعتبر الشعر بالنسبة لنا جمالية أنطولوجيا الزمكان والاخلاق في التحليل اللساني، فلا فصل بين المنفى كواقع والوطن كحلم، بين الشاعر والقصيدة، وبين العقل/المنفى الاخلاقي والوجدان/الوطن الاخلاقي كما هو لدى شاعرنا عباس مهاوي.
قبل الخوض في أبعاد المشروع للشاعر، لابد من معرفة ما يميز قراءتنا بين نمطين من الابعاد الثقافية والتعريفية له، فهو الانتقال-المكاني الذي ارتسمت به الانتقال من المحلية العراقية ومدينته الديوانية في الفرات الاوسط، التي بدأت تشاخصه بفرادة مكنونات تكونه الشعري وبواطن اممومة كتاباته، الى أتساعها من منفاه الاجباري، الى رسم سواحل فك طلاسم الثقافات الاخرى وأبعاد طبيعتها الأنسانية، التي أتجه بأعمار جديد في مرماه الدقيق في بُعده للحرية المنشودة، لرسم كتابات احرفه الجديده اوراقه بين الذات الموضوع وبعد العلاقة بين الانا والاخرالتاريخية، إذ كانت توجد لديه قوانينه الكينونية لعلل الانسانية بهذا الانتقال المتجذر بحلمه الخلاق في العبور فوق او رافسا قزمنة وعجز قيمة الانسان ومُثله في بناء الحضارة والكرامة والحقوق المشتركة، فيجيب دوما بالتمييز إذن بين ميتافيزيقا الطبيعةالانسانية وميتافيزيقا الأخلاق. وحين الاشارة لتحليلاته بميتافيزيقا الأخلاق في خفايا قصائده فلكي يفصل بين الأخلاق والتجربة، كي تكون للفعل قيمة أخلاقية وزمكانية أن تكون فيها القيم الانسانية تبني على ضرورة مطلقة، وهذا يعني ألا يكون للطبيعة البشرية دخل في مبدأ الإكراه، فمبادئ الإكراه يجب أن يبحث عنها في المفاهيم القبلية للعقل الخالص، فلا يمكن إذن للشاعر ان نراه إلا رافضا ايضا التجربة-الزمكانية- أن تكون مصدرا لأي قانون أخلاقي.
اذن إن المبحث سيتطرق الى تصورات الشاعر المتشعّب التي نتناولها بشكل تحليلي للقصيدة ورمزها وأتصاله الدّقيــق وتحولها من رموز زمنية واماكن واشخاص وطبيعة محلية، لتصورات لا تمسّ الجانب الشّخصـيّ فـي ذات الشاعر فحسب، تاريخه الشخصي وكذلك حاضـره ومستـقبله، وإنّما تلامـس أيضا، السابق الاجتماعيّ المشترك بمختلف مجالاته وأطره الفكريه والحضارية. لذلك فـحين نتحــدّث عن تصوّرات الشاعر في مـشروعه، فإنّنا لا نستطيع حـصر هذه التّـصوّرات زمنيّا وأصـوليّا ومرجعيّا، فهي نـتاجه المشترك، مداخلة المتعرجة والمتعدّدة المصادر.
وإنّ ما نشير الية بالانتباه هنا هو أنّ السؤال الذي يدور عليه العنوان هـو بالتالي يضعنا امام أسئلة هي: كيف نــفهم التحلليل اللساني ؟ وكيف أتجه بنا الشاعر بتصـوّرات وتمثلاته نحو أنطولوجيا الزمكان وانطولوجيا الاخلاق في قصائده؟
إنّنا ندعو القارئ للفهم بالمقدمة اللاحقة الى "التشريحه" التي نعــني بها الحفـر في المخزون والموروث والمكتسب والرصد في الاحتياجات والانتظارات للتحليلات اللاحقة العمقية التي سيواجهها القارئ في متن المبحث.
د.عبدالرحمن الجبوري
نيجيريـــا
#عبدالرحمن_الجبوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟