|
عنفوان الجماهير
يحي الوطني
الحوار المتمدن-العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 19:50
المحور:
المجتمع المدني
عنفوان الجماهير يعرف الباحث "كي روشي" « Guy Rocher » الحركة الاجتماعية بكونها تنظيم مهيكل ومحدد، له هدف علني يكمن في جمع بعض الأعضاء للدفاع عن قضايا محددة، ذات طبيعة اجتماعية عموما. و يحددها " ألان تورين" « Alain Touraine » بكونها" تدخلات سياسية لمجموعات اجتماعية تابعة، أي مبعدة عن مسارات التقرير ومجال السلطة، وعن مبادرات التغيير التاريخي". " الحركة الاحتجاجية هي ممارسة مشاغبة وعفوية تتنطع من مبدأ التنظيم ولو في أقصى رهانات الضبط والتوجيه" كما يمكن القول أن " الحركة الاحتجاجية وفقا لأبسط فهم هي " جهود تهدف إلى تغيير أو مقاومة تغيير" و "يرى " دانييل كامتشو" « Daniel Camacho » إن الحركات الاجتماعية تتواجد داخل المجتمع المدني، حيث تشكل مسلسلا ديناميا " وغير مهيكل دائما" للدفاع عن مصالح خاصة لبعض قطاعات المجتمع"، وعموما يمكن الحديث عن تعريفين "واسعين" للحركات الاجتماعية : تعريف يصنفها كحركة مشاغبة: عفوية، جماهيرية، ساخنة وجذرية، وآخر يحددها كحركة منظمة، مؤسسة باردة، جزئية وتقبل بالنظام العام" تعد الاحتجاجات من الأساليب الحديثة التي تتبناها الجماهير الشعبية الطامحة إلى إحداث تغييرات جذرية في النظام السياسي السائد بطرق سلمية، الشيء الذي يجعلها تستقطب الكثير من المتضررين وتستهوي فئات عريضة من الجماهير، ومن الملاحظ أن الحركات الاحتجاجية تزايدت بشكل سريع في عالمنا العربي، غير أنها لم تكن حدثا مفاجئا بفعل تراكم الاحتقان والتوتر والفساد الذي يتفرد به هذا العالم. فقد شهد العالم العربي، من محيطه إلى خليجه وفي مدد زمنية كثيرة، اضطرابات وغليان وقلاقل واحتجاجات اجتماعية، اعتبرها بعض من يتبنى المقاربات السيسيولوجية الوضعية والمادية التاريخية ظواهر صحية ومؤشرا ضروريا على الحركية والتغيير الاجتماعيين، la » dynamique social ». إلا أن المحافظين الوضعيين الذين يتبنون المقاربة القارية « la statique sociale » يعتبرونها حالة مرضية وانحرافا مجتمعيا شاذا ، بل مؤشرا على عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبالتالي فالمجتمعات المستقرة والهادئة والسليمة هي التي تخفت فيها الديناميكية، وينعدم فيها الحراك الاجتماعي أو يكاد. إن السلوك الاحتجاجي ظاهرة تاريخية ملازمة للمجتمع البشري في صيرورته وإنبنائه، كما انه فعل كوني مركب. وفي ما يخص حالة المجتمع المغربي، فإن الحفر في تاريخية الفعل الاحتجاجي به، يعود إلى الزمن السياسي القبلي، الذي كان المغرب فيه مقسما إلى بلاد "السيبة" وبلاد "المخزن"، مرورا بنضالات الحركة الوطنية والمقاومة المسلحة ضد إدارة الحماية الفرنسية، ثم بمرحلة ما بعد الاستقلال التي عرفت بدورها مجموعة من الانتفاضات الشعبية كتعبير عن الاختلالات البنيوية التي صاحبت قيام المشروع الدولتي للتحديث السياسي والاقتصادي والثقافي ...كما أنها نتاج المسألة الاجتماعية المتوترة، والمرتبطة أساسا بالمحددات السوسيولوجية للظاهرة الاحتجاجية، كالفقر والبطالة وارتفاع سعر تكلفة العيش، وتدني الأجور....وقد كان لهذه المحددات دورا كبيرا في تأجيج وثيرة ودينامية الاحتجاج في العقد الأخير. ولعل أهم ما يسم هذه الدينامية فيما يخص كيفية التعبير عن ذاتها، وتصريف فعلها، وتدبير صراعاتها الممكنة، هو الانتقال من العفوية والفوضوية والعنف والتصادم إلى التنظيم والمطالبة السلمية والإبداع في أشكال التظاهر والاحتجاج. إن الإخفاق، كنوع من عسر، للانتقال نحو حركة اجتماعية منظمة، وذات بعد استراتيجي، يعد من أهم الخصائص الأكثر ثباتا في اشتغال الحركات الاجتماعية بالمغرب، ويمكن تفسير ذلك بمجموع الشروط الذاتية والموضوعية المحيطة بالاحتجاج، والمرتبطة أساسا بالمسألة التنظيمية، وبمنهجية تصريف الفعل لاحتجاجي وبكيفية تدبير الصراع من قبل الفاعلين فيه. كما ترتبط موضوعيا، بقدرة المخزن كفاعل أساسي في جدلية الصراع، على احتواء هذا الفعل، عبر قنواته التفاوضية والإعلامية و(التنموية ) . وقد عرف المغرب الجديد تطورات هامة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة، حيث عمل على دسترة العديد من المؤسسات التي تضمن حرية التعبير بجميع أشكاله ومن خلال العديد من القنوات التي تعطي هامشا واسعا للمواطنين للتعبير عن آرائهم وعن مطالبهم سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية... في ظل احترام تام للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، "فالسنوات الأخيرة عرفت اتجاها نحو توسيع مجالات الحريات العامة عن طريق آلية التقعيد القانوني أو بواسطة إطلاق الإشارات السياسية" ، ولعل ما يؤكد رغبة المغرب في الارتقاء إلى مصاف الدول المتقدمة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان هو تنصيصه في ديباجة دستور 1992 على احترام حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا، واعتماده بعد ذلك مجموعة من القوانين التي تضمن حريات التعبير والاحتجاج، إضافة إلى إحداث العديد من المؤسسات والجمعيات التي تسهر على احترام حقوق الإنسان، ومن بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان و هيئة الإنصاف والمصالحة، وقد عمل الدستور الجديد لسنة 2011 على تكريس هذه المبادئ من خلال تنصيصه على احترام حقوق الإنسان، وكذا إحداث "المجلس الوطني لحقوق الإنسان". " انه لا يمكن بالمرة نفي اتساع... هوامش الحرية والانفتاح، كما لا يمكن بالمقابل التغاضي عن سوء الأحوال الاجتماعية" ، وقد عرف المغرب في السنوات الأخيرة حراكا واحتجاجات واسعة النطاق وان اختلفت مسبباتها، وهي احتجاجات قلما يتم تناولها بالدراسة، من هنا اصبح الامر مدعاة للبحث والدراسة في هذا النوع من الحركات الاحتجاجية. " يمكن القول إن الاحتجاج المغربي سائر نحو التخصص في مطالبه، فبدل العمل بمنطق الاحتجاج على كل شيء، صارت حركاته تتجه رأسا نحو التخصص بالاشتغال على قضايا جزئية ومتابعتها، وهذا ما يفسر تبلور احتجاجات محدودة زمنيا ومكانيا" يحي الوطني
#يحي_الوطني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تركيا: اعتقال مطلوب دولي بشبهة الانتماء إلى -داعش-
-
تحت ضغط أميركي.. سحب -تقرير المجاعة- بشأن غزة
-
-سوريا الجديدة-.. كيف توازن بين ضبط الأمن ومخاوف الأقليات؟
-
إنفوغرافيك.. اللاجئون السوريون يعودون إلى وطنهم
-
ارتفاع وفيات المهاجرين لإسبانيا عبر الأطلسي في 2024
-
مصدر أمني: ضبط أجهزة تجسس بين خيام النازحين في غزة
-
شاهد.. لماذا يعرقل نتنياهو صفقة تبادل الأسرى مع حماس؟
-
من يكون محمّد كنجو الحسن مسؤول عمليات الإعدام في سجن صيدنايا
...
-
المرصد: إيقاف المسؤول عن عمليات الإعدام في سجن صيدنايا السور
...
-
واشنطن: سعي هونغ كونغ لاعتقال معارضين يهدد السيادة الأميركية
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|