|
سلام وحب
رياض كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 08:18
المحور:
الادب والفن
اخي ابن آدم :- اقدم لك اعتذاراتي عن كل ما فعلته بك ، باسم الله والدين والطائفة والتحزب و التعصب والعنصرية والكره ، اعتذر منك على ما سببته لك من حروب وقتل وتشويه ، ( للحياة والقيم والشرف والصدق) ، اعتذر منك على شحة المياه وقلة الامطار وازدياد درجات الحرارة ، ( الحياة فرن يا أخي) ، ونحن وسطها نتلظى بالحطب والجمر والرماد ، رماد ارواحنا ، رماد ذكرياتنا ، وكل ما آمله ان اراك وانت كما عهدتك ، شريفاً عفيفاً ، لا تسرق ولا تقتل ولا تزني ..... قد يحدث ان تلتقي بجسد احلامك ، مؤخرة عامرة واثداء وافرة ، فتسبح وسط ذلك العالم المتلاطم الامواج ، وتأخذك مغامرة الجسد ، الى هوة عميقة ، اوسع مما تحمله تحت لباسك ، فتغرق بالضحك . وتلك ليست فرية كبيرة ، فلا بئس عليك ولا من يحزنون .. سأعتذر نيابة عنك ، سأعتذر من الارض والسماء وحقول القصب ولقمة المساء ، ساعتذر نيابة عنك ، عما فعلته في ماضيك وحاضرك وكم من الموبقات فعلت وستفعل ، لكنني يا اخي أشعر بضيق في صدري واردت ان ابوح لك به . لابد ان يكون ثمن لاوجاعنا وغربتنا وضياعنا ، ثمن يشبه تلك اللوحة التي رأيتها في بيت سيدة من بقايا الهنود الحمر ، اللوحة تشبه كوخ صغير ومدخنة وتنور يخرج الخبز الطازج ( والزوري ) وطيور الحر ، لوحة ما بعدها لوحة وحلم لا يمكن ان يتحقق . ... من يدري ؟ من يدري ماذا سيحدث ؟ لو انك لم تقبل اعتذاري وركبت رأسك وجمعت اهلك وعشيرتك وزعرانك وشطارك وعياريك ... ماذا سأفعل انا الانسان الضعيف الذي لا يمتلك حتى ثمن شراء قبر ، ضع نفسك بحذائي ، وسترى ان ضعيف القوم أشد ضرباً واوفر عزماً على تخطي الصعاب . كما قال الشاعر _ ترى الرجل الهزيل فتزدريه وهو في ثيابه اسد هصور ... ضع نفسك بحذائي وستعلم ، ان طنجرتك ليست اكبر من طنجرتي ، وعمامتك ليست اطول من عمامة جدي ، عصاك من خشب ، اما عصاي جاءت من الحروب والطخ والفشخ والشدخ والرض ... اعتذاري منك ليس ضعفاً او منة ، انما هو رغبة بقول شيء رحيم وسط ركام العنف هذا ... الوطن طنجرة ... البيت اناء .. المرأة ظل يمشي على الجدران .. كائن مجلل بالسواد يلطم على الاخوة والجيران والاقرباء ، اما انا وانت فمجرد ظلال في رحلة قصيرة تشبه اشعال عود ثقاب ... الحياة قصيرة يا اخي ، ولو كانت لدي القدرة على اطالتها ، لجعلت منها حقولا ومعاطف وسقوف واسواق وقيصريات ، ولجعلت منك حاجبا عليها وامينا على اهليها ... سندا لضعيفها وشديدا على جباريها ، غاض الطرف عن جميلاتها ومهضوماتها ومن ينمن على الحصر يحسبن سنوات عمهرهن القصيرة ويتحسسن ضلوعهن بأسف .. اعتذر منك على ما آل اليه المآل ، عسى .... عسى ان تمطرالسماء في العراق وتروى الارض العطشى ، تمتلىء الشطآن والغدران والاهوار بالماء العذب ، فتعود القواقع والافاعي والاسماك والوحوش الى مساكنها ، ويتخلص الناس من الغبار والاهمال والنسيان . سلام وحب ، هذا كل ما نريد حسب اعتقادي الخاطيء مقدما ، سلام وحب ، جملة نعرفها نحن الاثنان ونتحدث بها حينما لا يكون شهود آنذاك ، نتحدث بها بخلواتنا او نسرها باذن ( محبوبة ) ، جميلة هفوف ، رفيفة خفوف ، لو كانت مقبلة كأنها مدبرة ، تحفها الجواري الحسان ، كل جارية تقول لجارتها ، بخ ... بخ ، الجواري كالانعام منهن السمينة والمليئة والتارة والغليظة والنحيفة ، لكنهن جميعا محتالات حيزبونات قهرمانات ، يتركنك تموت بقهرك وببوار عيرك وفساد بضاعتك ، قبحك الله من ساعة مولدك ليوم قبرتك ... اخي ابن آدم لنتجالس هذه الليلة ، سآخذك الى تلك المدخنة والكوخ الهندي الصغير الذي تشم منه رائحة شواء ، سنسكر طبعاً ونشعل ناراً وحينما تتقد النار وتصبح جمرأ حدثني عن نفسك ، بعيداً التفخيخ والتلبيخ والتفصيخ ، فانا متعب يا أخي ، ورائي جيش من المخاوف وجيوش من المتاعب ، استيقظ مرعوباً من الحياة ، من الموت والمرض والقدر والتفجيرات والمؤامرات والحر والقر والصبر على الصبر ذاته ... سنتجالس ... من اجل ان اقول لك ( سلام وحب ) هذا كل ما نحتاجه ، لنبعد جيوش الرعب من قلوبنا .. لنبعد الحشرات والزواحف والعقارب والاسنان الطويلة والدماء وخفقان القلب ، لنبعدها من حياتنا واحلامنا ، عسى ان تمطر السماء في العراق ، مطر لا ينقطع ، فتعود الحياة للاهوار وترجع الطيور الى مهودها وينام الشيوخ باطمئنان وهم يحلمون باحفاد سعداء ، موفورين صحة وتعليم ، منهم الطبيب والمهندس والطيار والمعلم والمطرب والشاعر والبلطجي والقهوجي والقواد والمقاد وابن الحرام وطيب السريرة . من اجل كل هذا العطاء ، اقدم لك اعتذاراتي العديدة ، عسى ان تفهم ، ان الحياة شراكة محورها ( السلام والحب) .... اخوك ( انسان ) ؟!
#رياض_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طفل الله المشؤوم
-
حلم ليلة عيد الميلاد
-
الوصول الى جزيرة هاي
-
ساسون
-
اليوم الأخير والسعيد في حياة عباس أفندي
-
اوكسجين
-
امرأة ورجلان
-
حول غرابة الاشياء من حولنا
-
قطة على الجدار
-
المسافرون الخالدون
-
صميدع
-
بيت الشجعان
-
وداعاً يا راعي البقر
-
الجلوس في مدينة الذكريات
-
ليلة غريبة قصة قصيرة
-
مرآة الغرفة والجليس الصامت
المزيد.....
-
تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
-
الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ
...
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
-
ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك
...
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
-
انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني-
...
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|