رياض برادلي
الحوار المتمدن-العدد: 3668 - 2012 / 3 / 15 - 08:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حين يقف المطرب (التائب) فضل شاكر الداخل هذه الأيام على دور دروشة سلفية مقتفيا أثر من سبقوه من سلف الفنانين والفنانات الصالح السائرين على درب المهاجرين ميادين الفسق والفجور إلى رياض الصالحين وبلاد الأفراح حيث يجتمع أصحاب اليمين من الفنانين (التائبين) في ستوديوهات أمراء الخليج ليقودوا حملات دعاية لأصحاب الفكر الوهابي مستغلين خاماتهم الصوتية التي حققت لهم الشهرة والمال سابقا في تصدير أناشيد كهنوتية مؤدلجة..
لايشغلنا كثيرا إن كانوا يفعلون ذلك عن إيمان واقتناع، أم لأجل المال والمصلحة المادية التي يجنونها من وراء تغيير مسارهم بشكل يسيء إلى ماضيهم الفني، لكن الأنكى أن هؤلاء المرتدون عن المدنية إلى البداوة والأعرابية يساهمون في ترويج وتسويق المشروع الاسلامي بين فئات جديدة غريبة نسبيا عن التدين، مشروع الخلافة الكبير الذي يسعى إلى إعادة بسط سلطان الاسلام القديم بتفعيل نظرية الأخلاق في الإسلام، والعمل المتكرر على التطبيع مع مفاهيم دينية تقليدية موبوءة واعتبارها مرجعا مثاليا لما ينبغي أن يكون عليه المجتمع؛ صورة مجتمع المدينة الفاضلة في زمن الرسول محمد؛ صورة معلبة جاهزة في مرآة الخيال السوريالي، أسطورة البشر الشامخين الكاملين في أوصافهم، وعقولهم وفهومهم، وأجسامهم.. صوت الرجل منهم في الحرب بصوت آلاف الرجال تكلمهم الملائكة وتقاتل معهم في المعارك.. وتبتر ساق أحدهم وهو يصلي ولا تهتز له شعرة لشدة خشوعه!!؛ وتتناسل الخرافات والأكاذيب الكبرى وتتراكم في منظومة محفوظاتية تبجيلية؛ استغفل بها الوجدان العام ووقع أسيرا للفكر الوهابي الحنبلي القاتم خصوصا مع ثورة النفط والاثراء السريع لتغزو المجلدات الوهابية الصفراء المكتبات العربية وتعشش أفكارها في المشهد الثقافي، فالسعودية وحدها تطبع وتصدر وتحقق عشرات الآلاف من المجلدات الكلاسيكية سنويا ناهيك عن المؤلفات والرسائل الجامعية المحرضة على العنف وكراهية الأخر وتكفيره و التي تمتلأ بها معارض الكتاب العربية المنكوبة؛ تلك المعارض التي كانت تستضيف في أروقتها أعلام المؤلفات الفلسفية والأدبيية التنويرية؛ أضحت في سنينها الأخيرة مرتعا لعناوين مثل: (فتاوى النساء) معروض في معرض الكتاب الدولي بمدينة جدة، وهو كتاب للشيخ ابن تيمية في فتاوى تخص المرأة المتدينة في القرن السابع الهجري!!، وهو وإن كان عبارة عن أبواب تتضمن أسئلة وإجابات عليها؛ فإن فحوى الكتاب يعطينا من جهة صورة للذهنية المازوخية للفقيه إضافة إلى المسائل الاجتماعية المبتذلة التي تشغل وجدانه، ومن جهة أخرى يكشف عن أصول و حقيقة النظرة الدونية والتحقيرية للمرأة في الذهنية الاسلامية.
ندرج هنا عناوين وجيزة مع إشارات مختصر لبعض المسائل التي يخوض فيها هذا الفقيه السلفي، الذي يعد اليوم الزعيم الروحي لجماعات الإسلام السياسي دون منازع؛ وأحد كبار المنظرين المتشددين للدوغمائيات السلفية على مر العصور، وأوسعهم انتشارا في الأوساط المتدينة، فمما ورد في كتابه (فتواى النساء) (الطبعة الأولى مكتبة القرآن، تحقيق ابراهيم الجمل):
من أبواب مختلفة في الكتاب نورد هذه الشواهد المتخلفة والنصوص الكلاسيكية المحبطة التي تعبر بصدق عن نوعية الثقافة والرؤية الضحلة التي يراد تعميمها من جديد، رؤية ضيقة أحادية تكرس التمييز بين الجنسين في إطار بناء هندسي يرتهن المرأة محتبسة في المنزل للمتعة والنسل فمن المسائل التي يناقشها الكتاب مثلا:
((- إذا رضع الرجل من امرأة عمه وكان عمره أكثر من حولين هل له أن يتزوج ابنة عمه؟!! (هكذا)
-إذا نزعت المرأة ثديها من فم الطفل في الحال هل له أن يتزوج بنت هذه المرأة؟
-إذا ارتضع رجلان معا أيجوز لأحدهما أن يتزوج ابنة الآخر؟!!
-رجل غسل عينيه بلبن زوجته (هكذا) ورجل آخر رضع من لبن زوجته أتحرمان عليهما؟!!
-هل البرص يفسخ النكاح!!
- إذا امتنعت الزوجة الحامل عن مجامعة زوجها فحلف ألا يجامعها بعد الولادة فما الحكم ان جامعها بعد الولادة؟!.
- إذا رضع ولد من امرأة ثم ولدت بعد ذلك بعشر سنين بنتا أيجوز له أن يتزوجها
-هل يجوز أن يتزوج أخو المرتضع بالبنت التي ارتضعت بلبن أخيه؟!!
-رجل انشطر قضيبه نصفين ثم جامع به!! (كذا) فهل عليه غسل أم غسلين؟!
- إذا ارتضع ولد مع بنت أيجوز لأخيه أن يتزوج أختها؟)) انتهى.
والكتاب كله على هذه الشاكلة من الرضاعيات والنكاحيات والمسائل الجنسية الإروتيكية التي يستمتع بها السائل عنها والمسؤول؛ وكلاهما مسكون بالهوس الجنسي الذي يكتسي نكهة دينية؛ حالة نفسية حميمة تعتري الفقهاء وغلاة المتدينين في خلواتهم، تجعلهم لشدة اتصالهم برسوم الدين وأغلاله يحركون به غرائزهم الجنسية ويستفزون به نشاطهم الجنسي وهذا ما يفسر امتلأ كتب الفقهاء بالمواضيع والافتراضات الجنسية البعيدة الحصول، و التي لا تدرك إلا بالتخيل والاستغراق والشرود في عالم من الفانتازيا الجانحة، مع الاشارة إلى كون كثير من كتب الفتوى القديمة لم تكن في حقيقتها إلا افتراضات وتخيلات الفقيه نفسه.
بالعودة إلى فضل شاكر الذي صرح بالأمس أن تاريخه الفني لا يشرفه، فإنها شهادة على مثال الشخص الذي لم يفهم نبل الفن ومغزاه الجميل، ومثال الشخص الذي ملأ الفضاء لحنا جميلا لينكفئ بوما في ستوديوهات التحنيط الفني ينتظر دوره ليغني أنشودة سمجة من كلمات عبد الرحمن العشماوي أو غيره من شعراء الاسلاميين الذين يجدون في المشاهير التائبين فرصة لكسب بعض الثواب.
#رياض_برادلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟