أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد الزبيدي - رائحة البرتقال














المزيد.....

رائحة البرتقال


حامد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3667 - 2012 / 3 / 14 - 17:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رائحة البرتقال

قد اكون متحيزا في هذا المقال ....ولكن من يستطيع ان ينكر ان في ارض الرافدين سحر غريب عجيب ......كان ولم يزل يشعر به ويعتنقه كل العراقيين ويكاد ان يكون اكبر الهموم المستحبة ...وهذا ما يميز العراقيين في المهجر عن كل شعوب الارض ....وهو اشبه ما يكون بالتجديف في تيار الحزن العميق دون الوصول الى النهاية ...
اذكر ...في كل مساء كنا نتلهف لصعود السطح بأنتظار ان يمس البرد فراشنا واجسادنا الحارة ..وكان الحديث يتنقل بين السطوح .. تشترك فيه اكثر من عائلة ...فاللكبار احاديثهم وللبنات اسرارهن وللصبية مغامراتهم ....كنت وبعد امسية عذبة وتعب ..اتمدد على ظهري لاواجه السماء وحدي وجها لوجه.. انصت الى اصوات النجوم واتخيل انها تكلمني وانصت اليها وهي تخر شهبا الى الاسفل ...فاهرع الى ان اغمض عيني وتذكر احب امنية اود ان تتحقق ....فارددها على عجل ...مخافة ان ينطفىء الشهاب قبل البوح بها ...ويخرجني من التحليق ...رائحة الرطوبة التي تهب من دجلة فتجفل كل مسامات جسدي ...منتبها وكأنني اصحو على ريح عذبة خفيفة تحملني وتحف بي ريح ممزوجة بعطر الياسمين والقداح والجوري تتسابق فيما بينها ايها تصل اليك قبل غيرها ...فتنطق شفاهنا باعذب القصائد ... ينمو الحب والحزن معا ...الحب ...فكل شيء من حولي يزهر وينمو ويتنفس بالحب ...اما الحزن فلان فراق الاحبة وتكرار الموت كان وما يزال يملىء حياتنا شجنا وذكريات مؤلمة لاعزة خطفوا منا في الوقت الخطأ والمكان الخطأ .....
وكان للصباح في بلادي طعم القيمر ....فانت تعجز عن وصفه اذ يذوب خلسة بين الشفاه ويتسرب الى عقلك طعم عذب ...حتى حار العراقيين في وصفه ....فحينا وصفناه كخد صبية جميلة وحينا اعطيناه صفة كل الكمال والجمال في الاشياء من حولنا .
في بلادي للتراب رائحة وللطين عبق ولكل زهرة عطر مميز يتغير كلما تحولت هذه الزهرة الى ثمرة ....لقد وهب الله هذه الارض وسمائها وجوفها الكثير مما حار الخلق فيه ...فكان للعراقيين النعمة والنقمة في ان واحد ....من الازل لجأ العراقيين الى دفع البلاء باللجوء الى السحر والشعوذة والجن .....وتقديم النذور والتوسل ...كانت قصص جداتنا تحكي لنا ماراثون الحياة والموت في ارض العراق ...
اكاد اجزم ان رائحة البرتقال والرمان لا يوازيها الا الوانها والقداح يبث عطره متمايلا ليتشابك مع عطر الجوري وينتشي احدهما بالاخر...لتسجل لحظة الوجد الازلي والتعلق الابدي بهذا الوطن المخصوص برعاية الرب الاستثنائية ....
عند المساء ....تتمايل الاجساد تلتوي بين الازقة الضيقة تبحث عن بنت الجيران ...يتمطى جسدي صاعدا نازلا وكأنه جرخجي تسربت الخمرة الهاربة من جرة مكسورة الى جسده ففقد التظاهر بالقساوة والشدة وارتخى حبل اصراره على ان يكون قاسيا الى دعة وهدوء وهو بستمع الى قارىء المقام ....ينشد ......امان ...امان
اما الان فلا اجد غير بلد افرغ من كل شيء ويزحف نحو الموت البطيء ...فحتى زقزقة العصافير امست نواح وبكاء وانسحب الكلام الجميل الذي تميز به العراقيين الى صراخ ممل سقيم بين جوقة من السياسين الذين استباحوا كل محرم في هذا البلد ......انهم الجراد الاصفر....بلد بهذا القدر الهائل من السحر والتميز لا بد وان يحكم من قبل اناس قلوبهم وعقولهم تستوعب مساحات الارض والسماء وما عليها وما فوقها وما تحتها وان تكون مانحة للحب ومرسية للعدل عاشقة للناس من كل لون ودين ...تخاف الله ...تخاف ان يتلوى من الجوع انسان ....تحرص على ان يكون لكل جسد مكان ... بيت ...قصر ...او بستان فهذا العراق مستودع الخير وغلة العالم فكيف يضام شعبه وينام على الفقر والجوع والعوز ملايين البشر ....والله غياب العدل يحرق كل الخير ....ويسمم الهواء ويجفف الانهار والاهوار ...فلا بني يلبط ولا كطان يهوي بفالة الصياد أحميد.....
ان بلدا كالعراق كبير.. ولابد من الذي يحكمه ان يكون كبير بحبه وقلبه وعلمه وصبره وقدرته وحلمه وغضبه .
حامد الزبيدي
28/2/2012 ­­­­­­­­



#حامد_الزبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا- الصين . كوم
- بلاد الفرص الضائعة
- على باب الله .....!!!!!
- هل تكره امريكا .....؟
- الدولة السنية
- بأي حال عدت يا عيد
- خليجي....21
- رجال السيليكون.....العربي
- هل الوحدة العراقية السورية...حاجة ام ضرورة
- الدولة الكردية
- لنتذكر معا ....حاكما اسمه القذافي
- حرب الدجاج
- بغداد...عاشقة حتى اخر رمق
- الف.. باء...ميناء
- وطن بلا جدران
- حكاية موظف .....(م)
- العواصف الترابية في العراق
- العراق بعد......9/4
- حسون الامريكي
- الديك الفصيح من البيضة يصيح-1


المزيد.....




- -ضربته بالعصا ووضعته بصندوق وغطت وجه-.. الداخلية السعودية تع ...
- كيف يعيش النازحون في غزة في ظل درجات الحرارة المرتفعة؟
- فانس: في حال فوزه سيبحث ترامب تسوية الأزمة الأوكرانية مع روس ...
- 3 قتلى بغارة إسرائيلية على بنت جبيل (فيديو)
- -يمكن تناولها ليلا-.. أطعمة مثالية لا تسبب زيادة الوزن
- Honor تكشف عن هاتف متطور قابل للطي (فيديو)
- العلماء يكشفون عن زيادة في طول النهار ويطرحون الأسباب
- لماذا نبدو أكثر جاذبية في المرآة مقارنة بصور كاميرا الهاتف؟ ...
- العراق.. انفجارات وتطاير ألعاب نارية في بغداد (فيديو)
- مصر.. محافظ الدقهلية الجديد يثير جدلا بعد مصادرته أكياس خبز ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد الزبيدي - رائحة البرتقال