أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي المسكيني - كل أغنيات الوطن جميلة...ولكن أين الدولة ؟














المزيد.....


كل أغنيات الوطن جميلة...ولكن أين الدولة ؟


فتحي المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3666 - 2012 / 3 / 13 - 16:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




لجميع الذين غابوا عن ميادين الحرية في تونس أو في مصر أو في اليمن أو في سورية، أو عن أيّ ساحة أخرى أو ميدان آخر في "عواصم" آخر العرب... لأيّ سبب كان، نقول: لقد فاتتكم إلى حدّ الآن حالات رائعة من الحرية وتقاسم المصير لم تعرفها "العواصم" العربية منذ أن عرفناها...هاهنا، تحت المطر أو البرد القارس ونوع من الصوم الضاحك، شباب يغني أغنيات شتى، مختلفة، متصادية، متباينة المراجع أحيانا ،...لكنّ الأصوات سريعا ما تتصالح في حب الوطن في حلته الجديدة، الوطن كجمع غفير من الوجوه الحرة والمرحة والمتنوعة بشكل لا يُصدّق...لا فرق بين من أتى من المسجد ومن أتى من الحانة...ولا فرق بين من يحمل شهادة جامعية ومن تمدرس في قلبه... الجميع لا يتردد في تقاسم الوطن ومساحة الأمل الحر والعفوي في وطن أكثر من كلّ ما عرفناه من الوطن إلى حد الآن...ولكن لنحترس ممّن يقامر أو يراهن، بضغينة مهينة، على تصدّع هذا الجدار العفوي الذي يربط بين جموع متواضعة تطلب المستحيل...أو يريد أن يستخدمه لغرض سياسي أو سياسوي...دعوا الشباب يغني لحريته بكل اللغات فهو لم يكتشفها إلاّ منذ مدة قصيرة...أبعدوا الأحزاب عن ساحة الأمل الأولى في تاريخنا... صاحبوا ثورات الياسمين ولكن لا تقودوها إلى حيث يختنق العطر الجديد الذي مازال صغيرا عن تنفس الهواء العفن لطباخي الدول...
لا تحوّلوا الثورة إلى نقاش سياحي في نزل المترفين بالحرية...عن مستقبل أوّل جيل من الجياع الأحرار، ولكن بلا وطن..
...فحين تجتاز المدن والقرى العربية الحديثة العهد بالحرية، المتناثرة بشكل شبه محتشم على أكتاف تونس الأخرى أو مصر الأخرى أو سوريا الأخرى، المنسية وراء اللافتات البلدية المرحّبة بالقادمين دون سبب يُذكر، وأنت تسير على القدمين أو على أيّ عضو من أعضائك الطبيعية منها والآلية، تفاجئك الوجوه المرفوعة على أجسام واقفة يُخيّل إليك أنّها واقفة منذ زمن طويل أو أنّها لم تجلس أبدا...وفجأة تتساءل في نفسك الخائفة من هذا الفراغ الأخلاقي الواسع النطاق: أين الدولة ؟ أين أيّ شكل من الدولة ؟...من تخلّى عن هؤلاء ؟ من أخذ منهم حياتهم وملأها بكل أنواع الانتظار ونام ؟...هم ينتظرون..هكذا تعودوا منذ الرومان...وإلى حدّ الأمريكان، ينتظرون أن تأتي الدولة، أيّ دولة، إليهم، وأن تضع حدّا لألم ما ونقص ما وجوع ما...لكنّ الدول لا تطعم أحدا. إنّها فقط تأكل أعمارهم الهزيلة وتلقي بفضلاتها إلى المسئولين... وحين ترجع إلى المدن الحاكمة، وخاصة إلى المومس الكبرى، عاصمة المدن المنافقة بالترحيب الممل وشبه السياحي إزاء أبناء البلد، صباحا مساءً، تنتابك أحاسيس الضجر الفظيع من أنّ كلّ شوارع العاصمة، في كل بلد عربي، قد تحوّلت إلى "نزل" تتسلح بالنقاش وربما بكلّ أنواع النقاش، حتى تحتمي في كل مرة من كلّ أشكال الحرج الأخلاقي من انتظارات الجياع وأصواتهم المزعجة والتي تتعالى دوما في وقت غير مناسب...لكنّ نقاش النزل لا يصل إلى الجياع...ومرة أخرى يقع هدر ساعات طويلة من الوطن في طمأنة الجموع المنتظرة خارج "بلاطوات" القنوات المختصة في استيراد النقاشات المناسبة حول الذين لا يستمعون إليها...
وبعد، فهذه أصوات لا تدّعي شيئا أكثر من واقعة الوطن التي لم تجد أيّ سبب آخر للصمت فتحوّلت إلى أصوات متناثرة، داخل أفق متحرك وغير مطمئنّ لأيّ شيء...من فرط إدمانه على الوعود الطويلة المدى...والتي جاءت الثورات كي تمنحنا وقتا إضافيا أكثر للسخرية منها، بشكل لائق. كثيرون حلموا، بكل شراسة، وهم الآن يبكون حلمهم بكل شراسة أيضا، لكنّ الشعوب لا تبوح بكلمتها إلى أحد، رغم كلّ صناديق الانتخاب. وللمرة الأولى يصبح الانتظار أدبا مناسبا للمثقفين وخطة مواتية للتواضع. هل الكتابة المصاحبة للثورات دون أيّ ادّعاء لتوجيهها أو المسؤولية الأخلاقية أو السياسية عنها إلاّ آخر أمارة قاسية على نهاية المثقف الهووي ؟ أم أنّ ذلك بداية واعدة لظهور نوع جديد من المواطن / الصديق لوطنه، على نحو غير مسبوق أبدا ؟



#فتحي_المسكيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حواسّ جديدة لعشتار - قصيد
- نيتشه وتأويلية الاقتدار ...تمارين في الثورة
- مقاطع من سيرة إله قديم...عاد من السفر
- فلانتينا....بكلّ أعياد الوطن
- وجه الجامعة...من وراء نقاب
- براقع العقل
- صلاة الجوع
- انتخابات على الهوية...أم الدروس غير المنتظرة للديمقراطية ؟
- في مصير الحاكم الهووي
- الإساءة إلى الذات الإلهية
- في أخلاق العبيد ´- فريدريك نيتشه
- بيوغرافيا البؤس
- بيان الشهداء قصيد
- هوية الثورة (1)
- الثورة والهوية أو الحيوي قبل الهووي
- الثورة والهوية
- قصائد إلى الياسمين المحرَّم
- قصيدة الأرض
- قصيد القيامة أو نشيد الإله الأخير
- شفة تحمرّ من خزف ونار


المزيد.....




- إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل ...
- ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
- حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
- عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا ...
- ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
- أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
- تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
- مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس ...
- العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
- ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي المسكيني - كل أغنيات الوطن جميلة...ولكن أين الدولة ؟