ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3664 - 2012 / 3 / 11 - 13:08
المحور:
الادب والفن
غريبٌ أنتَ ..
أنتَ اليوم أصبحتَ غريباً ..
تركتَ الأيام خلفك ونهضت ومشيت خلف ظلك ولم تلتفت .. على المائدة بقيَّ أنا .. وفنجان قهوة حائر تنازعنا عليه طويلاً لم أرتشف منه أنا ولا أنتَ ..
على المائدة بقيَّ حديث معلق في الأفق .. لم تقل فيه كلمتك الأخيرة وأنا ما قلت ..
على المائدة بقيت رزمة من الورق .. بيضاء اللون .. ناصع بياضها يسطع العين .. كلون ذلك الأمل الوليد حين زرعناه على شرفة قلبينا .. لا الورق تحرك من أمام ناظري ولا كتبتَ فيه سطراً ولا أنا كتبت ..
أتيت خلفك .. تركتُ المائدة بفنجان قهوتها الحائر ورزمة الورق وأفكار تغلي في رأسي كالبركان .. تجملت بالهدوء وشربت قارورة من الصبر ودخلت عليكما .. فوجدتك معها .. لم تكن غريباً كما كنتَ معي .. كانت أناملك تعيد ترتيب خصلات شعرها على أكتافها .. ورائحة عطرها تنبعث من أنفاسك ..
جلستُ قبالتك وأنا أرتدي ثياب الصبر .. أنت لم ترني .. هي فعلت .. اعتدلت .. أعادت ترتيب هندامها وأرسلت إليَّ ابتسامة أربكت ذلك النهار الذي جئت فيه خلفك أحتضر..
تناولت قهوتي وحدي بينما أنتَ تمطرها قصائداً من الغزل .. ترسمها بجميع ألوان قوس قزح .. حتى أن عين الشمس لاحظت جرأتك والنجوم على عرشها منك اشتكت .. وأرسلت هي إليَّ ابتسامة أخرى .. فكتبت .. كتبت وكتبت وكتبت .. وطيرت أوراقي المكتوبة في الهواء .. علَّ الحروف تصلك ..
هو كان يقيم في الزاوية .. لم أره حين دخلت أرتدي الصبر معطفاً عوضاً عن معطف الدفء الذي كنت تلبسني إياها كلما ارتجف الهواء في الأفق ..
طيرتُ أوراقي وجلستُ أنتظر ..
ولم ترني .. ولعب الهواء لعبته معي فطارت الأوراق إليه وهبطت في حجره كل الحروف ..
والآن ربما كنتَ أنتَ قد رأيتني .. لكنه هو من تعمد بالحروف .. وثمل من شهدها .. ثم كور الشمس في يدي .. وأسقط النجوم على أكتافي ..وأنزل على قلبي غيمات من المطر ..
وأنتَ.. أنتَ كنتَ الحلم الذي أريد أن أحلمه.. فكيف مضيتَ كالحلم دون أن ألحق بك ؟
أنتَ كالحلم .. مضيت.. وأنا بقيت أنتظر.
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟