مؤيد عبد الستار
الحوار المتمدن-العدد: 3661 - 2012 / 3 / 8 - 20:41
المحور:
الادب والفن
لا اريد ان اصدق ان ملاك الرحيل تسلسل الى جسد قديس الشعر الاب يوسف سعيد .
تعرفت عليه والتقيته في السويد ، عام 1993 ، ورافقته في رحلة بسيارة كنت اقودها من مدينة مالمو الى مدينة غوتنبرغ ، في تلك الرحلة ترجلنا من السيارة لننعم بجمال الطبيعة السويدية الخلاب ، فقد كان الوقت ربيعا والرياحين تنشر عبيرها في ارجاء الحقول ، ولحسن الحظ كانت معي كاميرتي الصغيرة فسجلت لنا لقطة لتؤبد تلك اللحظة الخالدة التي امتزجت فيها ضحكة الاب يوسف سعيد وروعة الطبيعة بزهورها واخضرار وريقات الاشجار الباسقة التي تقترب من حافات البحر في طريق يمتد نحو ثلاثمائة كيلومتر هي المسافة من مالمو الى غوتنبرغ، او يوتبوري كما تسمى في السويد .
استمعت في تلك اللقاءات التي جمعتنا مع الاب يوسف سعيد الى قصائده التي يرتلها ترتيلا كالمزامير ، فانظر الى جبته السوداء ومسوح القساوسة التي كان يتسربل بها واعجب من اين اتى هذا الشاعر الجليل بكل هذا الصفاء والروح الشعرية المرحة والابتسامة التي لا تفارق وجهه .
اقتربت صورة وجهه من صورة الاب انستاس الكرملي التي غالبا ما كنت انظر اليها وانا اطالع مقالاته في مجلته التي كان يصدرها ببغداد ، وعلى الاحاديث التي تناقلها الادباء والتي كانت تدور بينه وبين العلامة مصطفى جواد واخرين من اعلام الثقافة والادب في بغداد .
كان الاب يوسف سعيد سعيدا بيننا وكأنه صديق من اترابنا رغم فارق العمر ، كثيرا ما نناديه ابونا وننسى انه زميل لنا يجلس بيننا ويقرأ لنا الشعر فنسمعه نحن ايضا بعض خربشاتنا التي تذوب امام تحليقه السماوي في دنيا الشعر والفلسفة واللاهوت ، فقد جمع افاقا متعددة في روح تتكئ على الماضي والحاضر وتقفز الى ملاعب المستقبل .
وداعا ايها الاب الجليل الراعي الكنسي الشاعر يوسف سعيد
لك المجد في عليائك ... لك الخلود في دنيا السماح والحب والاخاء
* * *
ولد الاب يوسف سعيد في الموصل عام 1932 وكان رئيسا روحيا لطائفة السريان في كركوك ،
قدم الى السويد اوائل السبعينات وعاش في مدينة سودرتاليا قرب ستوكهولم راعيا لكنيسة السريان.
له العديد من الاصدرات الشعرية .
رحل الى دنيا الخلود مطلع آذار 2012 في السويد .
الصورة : مؤيد عبد الستار مع الاب يوسف سعيد في الطريق الى غوتنبرغ / السويدعام 1993
#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟