ريتا عودة
الحوار المتمدن-العدد: 1078 - 2005 / 1 / 14 - 10:30
المحور:
الادب والفن
هذا الصباح, تمكنتْ منها لهفة غير عادية في ألا تنتظر المصعد, وأن تقفز فوق الدرج كالفراشة فقد خبأتْ في قلبها حلما, جعلها تنامُ حورية وتستيقظُ أميرة. ما زالت تحلم في أن تسبح في مكان أكبر من وعاء. لا بدّ أن تحصل اليوم على ترقية في عملها..!لا بدّ.. فقد تفانت ,منذ أعلنت انتماءها لهذه الشركة , في خدمتها لكنّها للآن لم تحصل إلا على وعود وقروش شحيحة.
انتزعتْ لافتة: "خروج"عن الباب الضيّق ودخلتْ .. دون أن تخلع حذاءَها كبقيّة موظفي الشركة. تناهى لسمعها جلجة ضحكة من خلف باب المدير. هبطتْ فوق المقعد الخشبيّ فقد أعياها تسلّق عشرة طوابق درجة درجة. احتاجتْ أن تلتقط أنفاسها. سقطتْ نظراتها على مغلف أبيض قرب القنديل , وعلى اسمها فوقه. تمكن منها الفضول. جلجلتْ تلك الضحكة ثانية لكن بغنج مدروس. فضّتْ المغلف على عجل فوجدتْ قصاصة ورق مكتوب عليها بخط المدير:
" نشكرك على مجهودك.
أخلي مكانك للسكرتيرة الجديدة بأسرع وقت ".
هوت الجدران وأطبقتْ فوق صدرها. راحتْ تمزّق القصاصة إربا إربا. .
عصف الحقدُ بأفكارها :
" هكذا يتخلى عن خدماتي بسهولة..؟؟ بالأمس كنت سكرتيرته الأثيرة بل ذراعه اليمنى. بالأمس فقط.. كان يقول أنه سيعطيني كلّ مافي يده.. بالأمس فقط كنتُ وكنتُ وكنتْ ..! "
تجمدتْ فوق مقعدها ككُرةٍ مطاطيّة. اعتملت الهواجس في رأسها. أتقتحمُ الغرفة تسأل عن سبب وأدها المباغت أم تنحني لتصير صفرا على يسار هذا الطاؤوس المُخادع..؟ راحتْ أفكارُها تتأرجح ما بين قُطبي اللا والنَعَم.
فُتِحَ الباب. مرّ بها عطرُ أنثى ويدٌ تسحبُ طرفَ التنورة الضيقة للأسفل وقهقهةٌ أثارت أعصابها.. وقدمين حافيتين.
انتزعتْ عصبيتها عن تلك الضحيّة الطازجة.. وسارتْ بإصرار نحوه . كان يجلسُ فوق مقعده المتحرك , ينفثُ دخان سيجارته حلقات حلقات ويده تلملم الأوراق المبعثرة فوق مكتبه .
اقتربتْ من صورة (الزعيم) المعلقة تماما فوق رأسه. اقتربت من الكُرَة الأرضيّة المثبّتة بإحكام فوق مكتبه قريبا من قبضة يده. اقتربتْ من شاربيَه المعقوفين للأعلى. اقتربتْ من أنفه الأفطس.
راحتْ أنامله النحيلة تتحرك بعصبيّة فوق وجنتيه وشفتيه.
ألقتْ بقبضتها فوق المنضدة المستديرة.
جاءتْ الطعنة تماما في الصميم...
سقطَ شارباه للأسفل .
سقطَ الصمت عن الجدار.
تناثرتِ الشظايا كالنمل الأسود في كلّ مكان .
بتوجس ..
حدّقتْ في صورة الرجل المطروح أرضا.
رأتْ ما لم تره يوما من قبل :
(رأت السيفَ في يدِّ الزعيم صَدِئاً).
Thursday, April 01,2004
#ريتا_عودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟