|
ليس دفاعاً عن أحد ولكن انصافاً للحقيقة
احمد سعدات
الحوار المتمدن-العدد: 1077 - 2005 / 1 / 13 - 11:03
المحور:
القضية الفلسطينية
لم يحظى موقفا بالاهتمام وموجات الشجب والاستنكار والاستياء كما حظي موقف الجبهة بدعم مرشح يساري ديمقراطي، كما لم ينل مرشحا وابلا من التحريض وأحيانا التشهير والتشوية مثل الدكتور مصطفى البرغوثي، ولعل القاعدة الأهم التي يجب أن يحتكم إليها كل طامح بإرساء أسس المجتمع المدني الديمقراطي الفلسطيني العصري هي الديمقراطية وحين نتحدث عن الديمقراطية نعتقد أن ما هو محرم فقط ومستنكر هو تجاوز القانون أو ثوابت القضية الوطنية والانتقاص منها، وإذا اتفقنا على هذه القاعدة فإن على الجميع أن يحترم خيارات الأفراد والجماعات وأن لا ينصب من نفسه وصيا أو نبيا أو داعية تحت يافطة الحرص على هذا الفرد أو التنظيم. لأنني لا أعتقد أن هناك من هو أكثر حرصا على مصلحة أي حزب من أعضائه وقياداته وكوادره وأنصاره، وفي منظمة وطنية ديمقراطية كالجبهة ليس من الصعب مساءلة القيادة ومحاسبتها إذا اقتضى الأمر ذلك. ولأنني لا أسعى عبر هذه المقالة لأن أكون داعية لمرشح على حساب آخر أو أن أدافع عمن يستطيع الدفاع عن نفسه، وأن جل ما ابتغيه هو تذكير البعض أن احترام الرأي والرأي الآخر والخيارات هي إحدى أهم أبجديات الديمقراطية إذا كنا حقا نناضل من أجل تكريسها كقاعدة في المجتمع، هذه الحقيقة لا تسقط حق الاستياء أو العتب أو اللوم أو النقد لأي فرد من جماهير شعبنا، كما أن كل من سيذهب ليمارس حقه عبر صناديق الاقتراع يستطيع أن يعبر عن هذا النقد عمليا. وفي الوقت الذي نتحدث فيه عن التعددية وحق الجماعات في تكوين الأحزاب والجمعيات والتجمعات، في هذا الوقت وفي أوج حمى الانتخابات والدعاية الانتخابية وسيل الحديث عن الديمقراطية لا أعتقد أنه من المحرم على الجبهة أن تعقد تحالفا وأن تتفق على برنامج مع أي كان فردا أو حزبا أو تيارا فهذا الحق جزء من الحق في التنظيم وممارسة العمل السياسي. وكنت آمل لو كلف الناقدون أنفسهم واطلعوا على البرنامج الذي شكّل أرضية لدعم الدكتور مصطفى وإن كانت الجبهة قد تنازلت عن حرف واحدا من ثوابت البرنامج الوطني للمعارضة الوطنية الديمقراطية، مع أن التحالفات تقتضي أن تؤسس على القواسم المشتركة التي تتضمن جواز أن يتنازل كل طرف للآخر، أما أن يأتي البرنامج بالنص الذي نشر فيه فهذا يعني أن هناك اقترابا يصل إلى حد التطابق بين التنظيمين، هذا الأمر ليس خارج عن المألوف وقواعد العمل السياسي والحق المشروع، كنت آمل أن أسمع انتقادا واحدا على صفحات الجرائد الفلسطينية والعربية عن سعي مؤسسة سكاي للتعاقد مع محطات التلفزة المحلية للترويج لوثيقة جنيف، وكما يعرف الجمهور فإن وثيقة جنيف عبرت عن تحالف مجموعة شخصيات بعضها في تنظيمات محترمة أو في مؤسسات رئيسية في السلطة والمنظمة مع شخصيات إسرائيلية في أحزاب صهيونية، وأجمعت أغلبية جماهير شعبنا بأنها خروج عن الثوابت الوطنية، وهذا معروف للجميع فتحالف الجبهة مع الدكتور مصطفى كما فهمت ممن ظللوا مقالتهم بالحرص على الجبهة تسيء للجبهة وربما إلي قيادتها إذا فترضنا أن هذا يعبر عن الحقيقة. أما وثيقة جنيف والغزل الظاهر للعيان مع إسرائيل وأمريكا والعديد من الدول المتواطئة مع عدوان شارون يضر بعموم الشعب والثوابت الوطنية ويبدو أن هذا التحالف في هذا الزمن أصبح فضيلة، وأن الرذيلة أن يعقد اتحاد بين تيارين أو بين تيار وحزب يدعو إلى التمسك بالثوابت الوطنية بصراحة ووضوح، ومواجهة كل من خارطة الطريق وخطة شارون وسراب التعلق بأوهام التسوية الأمريكية. أستطيع تفهم أن يقلب بوش المفاهيم ويجعلها تمشي على رأسها بدلا من قدميها ويحول مقاومة الاحتلال إلى إرهاب والاحتلال دفاعا عن النفس، ولكنني لا أستطيع أن افهم تطاول البعض على تحالف مؤسس على برنامج يرفض هذا المنطق ويدعو إلى مجابهته ومن أناس يهللون لخارطة الطريق التي بنيت على أساس رؤية بوش. أليس عجيبا هذا الانفصام الغريب في الشخصية الذي يعيشة نفر اعتقد أنهم كما يصنفهم البعض من مثقفي شعبنا وعليهم يعتمد ادخال الوعي للجماهير الشعبية. الانكى من ذلك أن يلجأ البعض إلى الكذب والادعاء بمعرفة الغيب وطالع المستقبل، فالدكتور مصطفى الذي كان منذ بداية انتفاضة أيلول المجيدة عضوا في لجنة القوى الوطنية والإسلامية لقيادة الانتفاضة أضحى بين ليلة وضحاها رجل أمريكا والـ CIA .... الخ ، ومعروف أن مصطفى كان يمثل شبكة المنظمات الأهلية في عضوية هذه اللجنة، ولم يرفض أو يحتج أي فصيل على وجوده أو حتى لم يهمس أحد بجملة رفض عن استحياء. كما أن المرشح المتهم الذي انهالت عليه الألقاب والأوصاف من كل صوب كان مشاركا دائما في اجتماع القوى والرئيس عرفات رحمه الله، وأجزم أن صوته ومنطقة كان مقبولا للرئيس أكثر من منطق منتقديه ومهاجميه اليوم، وإلا لماذا انتدبه الرئيس عرفات ليكون أحد أهم أعضاء لجنة مناهضة شرعية جدار الفصل والضم العنصري، وان يكلف بعضوية الوفد لتقديم مرافعة أمام محكمة لاهاي.... لا أريد أن استفيض بالحديث حتى لا تحتسب جملي جزءاً من الدعاية الانتخابية. فقط ما أريد التأكيد عليه أن الديمقراطية والفئوية مفهومان متناقضان وأستطيع تفهم أن يتعايش المصطلحين في مرحلة انتقالية يعبرها شعبنا نحو مجتمع القانون والديمقراطية واحترام الحريات، ولا أجد سببا يدعو أحدا للغضب مهما كان لون اتجاهه السياسي من دعم الجبهة للدكتور مصطفى، ففصائل المنظمة يجب أن لا تبتئس إذا تم إسناده أو حتى في حال فوزه لأنه بالأمس القريب كان عضوا في الأمانة العامة لحزب سياسي في منظمة التحرير، وانه لا زال عضوا في مجلس المنظمة الوطني أعلى هيئة تشريعية للشعب الفلسطيني، ولو أن قناعته كانت منسجمة مع المشاركة في السلطة الفلسطينية لكان أحد وزرائها الآن لمن يجهل انه استمزج للمشاركة في أكثر من تشكيل للوزارة الفلسطينية. أما اليساريون فيجب أن يفرحوا لأن دعم الجبهة لم يكن خارج عن إطارهم، وأن أي زيادة في نسبة الدكتور ستكون محسوبة لليسار، خاصة بعد أن فشل اليساريون بالاتفاق على مرشح واحد لدعمه ورص صفوفهم لتأكيد موضوعية وجود قطب ثالث كقوة رئيسية وليست هامشية في مكونات الخارطة السياسية الفلسطينية، وربما يكونوا محقين لو غضبوا أو لاموا الجبهة لو قدمت أحد قيادييها مرشحا لتزيد من تشتيت الأصوات. وأنصار الوحدة والمقاومة والكفاح المسلح عليهم أن يهللوا حين يوقع شخصية وطنية كالدكتور مصطفى ذو الصوت المسموع لدى العديد من دول العالم وأصدقاء شعبنا والمنظمات اليسارية على وثيقة تدعو صراحة لاستمرار المقاومة المسلحة في إطارها دون تردد. أما أنصار الوحدة الذين يدعون لوحدة الصف الوطني واعتقد أنهم سيكونوا مسرورين باستمرار مشاركتنا في إطارات الوحدة ومن ضمنها منظمة التحرير على الرغم من أن رئيسها الأخ محمود عباس "أبو مازن" يدعو علنا لوقف المقاومة المسلحة تحت شعار وقف عسكرة الانتفاضة، في نفس الوقت فإن اتحاد فصيلين أو تيارين ربما يحمل في طياته تقليص عدد الفصائل والصعود درجة نحو الوحدة. وختاما لا أريد أن استفيض في هذه المقالة التي كتبتها وفي ذهني موضوع واحد أردت الدفاع عنه وتأكيده هو أن الدعوة إلى الديمقراطية والتشنج في إطار حدود الفئوية منطقان لا ينسجمان لمن يريد أن يكون ديمقراطيا منسجما ومؤسسا للمجتمع الفلسطيني المدني الديمقراطي المعاصر. وليكن جميع محبي الجبهة وأنصارها على ثقة بأن الجبهة ستظل حزبا يساريا واضحا في رؤيته وقناعته الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية والكفاحية وفق الأسس التي أرستها مدرسة الحكيم وأبو علي مصطفى وفريق المؤسسين الشهداء منهم والأحياء، كما أنها ستظل وفيه للتراث الكفاحي الذي كتب بدماء شهدائها الذي تعمدوا بالنار واستشهدوا وأيديهم على الزناد وماتوا واقفين ولم يركعوا.
الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين 2005-01-10
#احمد_سعدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان صادر عن الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
-
كلمة الأمين العام للجبهة الشعبية بمناسبة ذكرى انطلاقة الجبهة
...
-
اتفاق جنيف انجاز للثوابت الوطنية ام صك استسلام مجاني
-
تشكيل حكومة فلسطينية جديدة هل يمثل استحقاقا وضرورة راهنة
-
الانتفاضة الشعبية الفلسطينية إلى أين ؟
-
ألازمة الفلسطينية الراهنة وأفاق تجاوزها واستنهاض شعبنا
-
حوار رفاقي صريح مع أصحاب الإعلان السياسي للتجمع الديمقراطي ا
...
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|