|
مع حقوق المرأة والمطبخ
شذى احمد
الحوار المتمدن-العدد: 3655 - 2012 / 3 / 2 - 14:18
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
حتى قبل بضعة عقود كانت ادوار المرأة في بلد كبير مثل ألمانيا تتحدد بثلاث ((KKKوهي ليست لغزا،ولا فقرات دستورية بل ثلاث كلمات منفصلة تبدأ بنفس الحرف (Kinder. Küche. Kirche) وتعني الأطفال. المطبخ . الكنيسة. حيث لا يرى المجتمع لها دورا اكبر من ذلك ولا وظيفة أخرى. رغم انه البلد الذي ناضلت به رائدات الحركة النسوية، ويعرف ربما الجميع علمهن روزالوكسنبورغ التي وضعت بصماتها الواضحة على الحركة النسوية العالمية. مع هذا ظل المجتمع رغم تحضره لا يجد غضاضة في إبقاء المرأة رهينة أدوارها تلك. هي من كسرت قيدها، وانطلقت مسلحة بالتغييرات الجسيمة التي خلفتها الحرب العالمية الثانية وتصاعد دورها ومكانتها في المجتمع بعد ما خسرته البلد من إعداد الرجال الذين راحوا ضحية الحماقة النازية التي تركت ألمانيا ممزقة، خربة يتقاسم مصيرها الفائزون ويقررون لها.
يسمع المرء على الدوام من دعاة حرية المرأة بوجوب مغادرتها المطبخ. عليها أن لا تبقى أسيرة المطبخ. ليس مكانها الطبيعي.والسؤال هل العلة بالمطبخ وطهوها. أم في حصر مكانتها وإجبارها عليه. فشارلوته طباخة يوهنس فون فولفغانغ غوته أسرت قلبه وكانت حبه الأوحد وهي طاهيته. وزوجة الرئيس الألماني رومان هارتسوك لم تجد غضاضة من تقديم مهاراتها في الطبخ على الملأ في احد برامج الطبخ والإفصاح عن بعض الأسرار العائلية وما يحبه زوجها وما لا يحبه من الأكلات.تستضيف البرامج التلفزيونية اغلب نجوم المجتمع في مطابخها ، وتعد معهم الوجبات وتستمع لما يفضلونه وطرق طبخهم. فما المشكلة؟. المشكلة في اعتقاد البعض بان مطبخ الأسرة يخص المرأة والدخول إليه انتقاص للرجولة. المشكلة ربما بتفكير البعض بأن مساعدة الشريكة في إعداد الوجبات إنما يعرض مركزه الاجتماعي للإهانة. المشكلة بالموروث الذي يعتبر مساهمة الرجل في أعمال المنزل حتى لو كانت زوجته عاملة هو نوع من فقدانه للسيادة المطلقة التي أرضعته أمه الحفاظ عليها. اجل أمه، فكثيرة هي القوانين السارية المفعول والمجحفة بحق المرأة يقف حائلا بينها وبين إزالتها المرأة نفسها. لكن المطبخ والبيت والسطح والحديقة . كلها أماكن يتقاسمها أفراد العائلة فلما تكون مسؤولية العناية بها والعمل فيها حكرا على فرد وواجب عليه دون الآخرين؟. كم سعداء أولئك الذين عشقوا فن التجربة بكل شيء والاستمتاع بالحياة محظوظون الذين تعلموا فنونا وأصنافا من الوجبات التي يتفاخرون بإعدادها في أوقات فراغهم ويتبارون مع شريكاتهم بحسن طهوها. ويثيرون حماسة الأسرة للتصويت ببراعتهم في تحضيرها. تزهو قدورهم. صحونهم. توابلهم. مواقدهم وهم يتنقلون بينها ويتبادلون الضحكات والتعليقات والطرف ويمضي الوقت بسعادة وفرح وألفة بين الذين يبتكرون المناسبات ليتقاسموها بمودة مع خاصتهم بلا تصنع ولا منة. عندما ازور المتاحف وقصور الملوك والمشاهير هنا في أوربا أطلق العنان لتفكيري كي يحاورهم.. وأنا اطلع على موروثهم. زرت مرة قصر احد ملوك البايرن ومطبخه بالذات وتعجبت من ندرة الأواني والقدور النحاسية وطريقة تصميمه . كان مذهلا .. أعجبني أكثر من الرسوم الاحترافية في قاعة استقباله الرسمية . وفجأة انتابني إحساس بالأسى لذلك الملك البائس لقد منعه البروتوكول الملكي من زيارة مطبخه . لم يكن فيه مرة واحدة لم يعد وجبة واحدة. لم يستمتع كما نستمتع نحن الزائرين بمحتوياته وأجوائه الخاصة. وفوق هذا وذاك كان ملك!. بدا لي ملك فقير بسعادته ـ وكان كذلك ـ حيث مات بطريقة مأساوية. ليس هذا المهم. بل الأهم قد يكون الكثير ملوكا فرحين بتيجانهم الاجتماعية لكنهم مساكين غير قادرين على الاستمتاع بالحياة والشريك والأسرة كما يجب. بسبب وهم السيادة. مع حرية المرأة وحقوقها.ومع مطبخي وتوابلي وشريكي ومنافستي له في أطباقي الاحترافية، والتصويت للأبرع منا من باقي أفراد الأسرة. مع القدور التي ترقص طربا والأواني التي تتألق حبورا بمن يريد الحياة لا التعاسة،ويتقبل الحياة كما هي بسيطة عذبة بشراكة عادلة. فحرية المرأة ليست شعارات ولهيب شمس الحرمان. حريتها باحترامها وبتقاسمها مع شريكها الرجل الواجبات كلما سنحت للرجل الفرص حيث ينابيع الحب الرقراقة. كل عام وسيدتي المرأة بخير. مطبخي بخير. توابلي بخير. قدوري بخير. السليمة منها، والتي احترق قاعها بسبب نسياني!. صحوني وأكوابي بخير. مع حريتك سيدتي المرأة ومع مطبخي مصرة. تلك مقادير وجبتي كما أحبها وأريدها لوليمتي الروحية. كل عام والمرأة بخير. والطباخات الماهرات من رائدات الحركة النسوية اللواتي اعددن ويعددن أفضل النصوص الفكرية والأدبية بألف خير!!.
#شذى_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رمان صدره ذبل
-
صوتها الثمين
-
ماذا يعني الخوف؟
-
هذا ما أردت قوله
-
ثورة المرأة مع الثورات العربية
-
سلمان رشدي ودان براون
-
فخاخ الحرية الجنسية
-
اوديب حلل المفتي لك أمك
-
رمادهن يعلو الجباه
-
العالم أوسع مما بين فخذيها
-
سميرة
-
النقاب -3-
-
النقاب -2-
-
النقاب
-
رحلة الى قندهار
-
Iهل هذا هو التمدن
-
خروشوف والزيدي عندما يغضب الرجال 2
-
خروشوف والزيدي عندما يغضب الرجال 1
-
مكارم
-
الحسناء والملك..حذاء الزيدي
المزيد.....
-
عاصفة جدل بمنصات العراق بعد تعديل البرلمان قوانين للزواج وال
...
-
سوريا.. ملصقات حول لباس المرأة في دمشق
-
العدد الثاني والعشرون من مجلة طيبة .. النساء والتقاطعية
-
يواصل منتدى المناصفة و المساواة لقاءاته التواصلية من اجل الم
...
-
برشلونة يواصل هيمنته على الكرة النسائية ويهزم ريال مدريد بخم
...
-
ملف شروط منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائر + خطوات التسج
...
-
قدسية الأسرة في القدس.. بين التحديات والحلول
-
الإعلام الفرنسي يلوذ بالصمت إزاء حقيقة امرأة ادعت أنها ضحية
...
-
محمي: تقرير المرأة الجديدة حول الاستعراض الدوري الشامل، الجو
...
-
هل تنجح -المرأة الرائعة- في حماية أوروبا من رسوم ترامب؟
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|