القُمامةُ تعتصم جوعا ..

أم الزين بنشيخة المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3654 - 2012 / 3 / 1 - 23:36
المحور: كتابات ساخرة
    

و تكدّست الأكياس السوداء و البيضاء و الوردية في كل مكان و في كل شارع و في كل أركان المدينة ..و تناثرت الروائح و العطور عبر كل أمواج الأثير ..و اختلطت أصناف الطعام في شكل من التضامن مع العمال المضربين عن الطعام الزائد عن البطون المنتفخة..فالقُمامة كالتوابيت لا تفرّق بين أطعمة الجياع و أطعمة المترفين ..في هذه الصناديق تستوي الفضلات و يمتزج الاشباع بالحرمان ، و الارهاق بالسُرّاق ، و تختلط دموع البؤساء بمجون المتخمين ، و ضيق الشهريّة بغلاء الأسعار و بالخُطط الجُهنّمية ..و بالأزمة العالمية ..و بنقص في الحكمة في تدبّر البؤس الذي استفحل في البيوت و في الجيوب و في القلوب ..
ماذا تُخبّئ صناديق القُمامة التي طال انتصابها بكل وقاحة في شوارع المدينة ؟ لماذا بقيت قُماماتنا وحيدة بلا عائلين ؟ هل يتنكّر المجتمع المدني لبواقيه التي لم تُحتسب ؟ أم صارت قمامتنا أكبر من ارادتنا ..و فضلاتنا أشدّ قدرة على اكتساح الفضاء العمومي من أجسادنا ؟
صناديق القمامة التي نخجل من التحديق فيها لم تعد تخجل من الوقوف الفوضوي في كل الحيّز البصري الذي بحوزتنا ..ماذا تريد أن تقول لنا ؟ و بأيّ السياسات السفلية و الأرواح التائهة و الجهد الضائع و الجيوب الفارغة وقفت تنبئنا ؟ و أيّ الأيادي الوسخة تريد أن تشتكي من الأيادي الوسخة ؟؟؟ و ماذا تخبّئين أيّتها الأكياس السوداء في سراديبك من الأحشاء النتنة و من الفوارق الطبقية و من السرقات الشرعية و من الفضائح الغذائية و من دعوات الجياع و المظلومين ؟ صناديق تُخبّئ أخطاء صناديق أخرى من نوع آخر ..قد تخبّئ ذنوب صناديق الاقتراع أو قد تخبئ مظالم صناديق الشهداء ..و أحلامهم و أقدارهم ..و أسرار من قتلهم ..و خطايا الحكومات البائدة و الحكومات المؤبدة ..صناديقنا تنادي ..بصوت يتيم ..هل تحتاجون الى فتاوي جديدة لجمع قماماتكم ؟ جمّعوها كيفما شئتم بآداب النكاح أم بآداب النقاش ..بحوار الطرشان أم بتهريج الغلمان ..لا حرج على الصناديق كيفما كان جنسها ...
..الى متى ستظلّ قماماتنا ملقاة على قارعة الطريق .؟ و الى متى تظلّ الأيادي الوسخة تختفي وراء الصناديق ؟ ..أيّتها الصناديق لا تكوني توابيت و عودي الى حياتك اليومية فرحة مسرورة . لا شيء جديد تحت الشمس ..بشرط أن تحافظوا على شموسكم .كفاك اعتصاما في وجوهنا ..أتعبتنا القُمامة و سئمنا الصناديق ..

#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات