|
متابعة وفق القانون
حسين النجار
الحوار المتمدن-العدد: 3654 - 2012 / 3 / 1 - 13:01
المحور:
حقوق الانسان
زحفت الينا اليوم جملة جديدة هي (متابعة وفق القانون) وهي غريبة ولم تألفها ذاكرتنا الطرية التي لازال يحتفظ مخزنها الواسع بكلمات البطش والإرهاب والملاحقة التي توقعنا أنها زالت من قاموس الاستخدام بعد ان حلقت مكانها الحقوق والحريات. فأي فكر هذا الذي يريد ان يكيف الملاحقة المدانة بقانون؟
يغرينا نحن الشباب الذين تكون وعيهم السياسي، ونضج فكرهم بعد التغيير، وجذبنا العمل المدني الديمقراطي، ربما لأنه يشكل لنا ردة فعل قوية لما سمعناه من الذاكرة الشفاهية لأهلنا الذين ابتلوا بالحروب والحصار، فالقانون وحكمه هو عزائنا الجميل لما تعرضت له بيوت أهلنا الفقيرة من مداهمات الأمن الصدامي وأجهزته القمعية المدانة، والتي هي حصتنا مما لحق بشعبنا من جرائم ارتكبتها أجهزة قمع النظام المقبور.
وهكذا تطوعنا بعد التغيير للترويج لكل كلمة جديدة لم نألفها في الخطاب السياسي والإعلامي الدكتاتوري، كالشفافية والمجتمع المدني والإعلام الحر وحقوق الإنسان، وأجمل ما رأيناه مكتوبا في الدستور هو باب الحقوق والحريات ، الذي تشدق به السياسيون الكبار، وصدقناهم في ذلك، واقتنعنا ان لنا دستور يحمي الحريات ويؤمن الحقوق، والتي لن يعتدي عليها احد بعد زوال الصنم. لم نعرف ان الفكر القمعي لازال ينتج مفردات القهر والإذلال، فجملة (متابعة وفق القانون) التي وردت في الكتاب السري الذي تداولته وسائل إعلام مختلفة، خلال الأيام القريبة الماضية، حيث يوجه الكتاب الصادر من جهاز المخابرات في 20/2/2012، أجهزته ويكلفهم بمتابعة الشباب الذي ينوّن التظاهر سلميا وكما كفل الدستور لهم هذا الحق المدني. هذه الجملة تبين ان الانقطاع بين الفكر القمعي والفكر الديمقراطي لم يحصل لغاية الآن. وانا اقرأ كتاب جهاز المخابرات المنشور على رابط موقع صوت العراق ، تأسفت على جهد أجهزة مخابراتنا الذي يذهب الى جهة الخطأ، فمن يحلم بعراق السلام والآمان، لا يشكل خطرا على الناس. لم نعمل بالسر عندما صدحت حناجرنا "لا للإرهاب" و "نطالب بالإصلاح" و"محاربة الفساد" الذي ينخر الدولة، ويقضم كالسرطان من لقمة الفقير، هذه قضايانا التي جسدت مطالبنا فأين مكمن الخطر فيها على امن وسلامة العراق؟ حيث لا تشكل خطرا على العراق، بل هي قضايا لو تحققت لضاق الخناق على الإرهابيين، ويأمن العراق من جرائم الفاسدين، ويعيش العراقيون بسلام ورخاء.
لقد درجنا على مناقشة مطالبنا على الفيس بوك، وكذلك في لقاءاتنا العلنية، ولم نرفع شعار مهما كان ان لم نتفق عليه نحن الشباب، وأحيانا نستغرق في الوقت طويلا في مناقشاتنا، وعجبي على جهاز مخابرات حكومتنا العتيدة لجهله بذلك. لم أكن اعرف ان هذه المطالب هي قضايا تؤرق جهاز مخابراتنا. في وقت يعبث الإرهاب بأرواح المواطنين. وانا اقرأ برقية جهاز المخابرات لمراقبة الشباب المتظاهرين، تذكرت نصيحة بعض زملائي الذين اعترضوا على فكرتي بضرورة اخذ إجازة للمظاهرة التي قررنا إطلاقها للاحتفال بالذكرى السنوية لمظاهرات 25 شباط! رغم تشكيك بعض الزملاء بالنوايا الخفية لجهاز المخابرات وصرف جل وقته بمتابعة من يرفع شعار تحسين البطاقة التموينية، بدلا من ملاحقة من يفخخ ويفجر.
وانا اقرأ البرقية جالت بذهني كل خطواتي التي نقلتني نحو مجلس محافظة بغداد لأخذ الموافقة والإجازة الرسمية للمظاهرة، حيث تعهد لنا احد اعضاء مجلس المحافظة مشكورا بتسهيل الإجازة، وتولد لدي شعور ان العراق يسير على خطى الخير رغم التعثر هنا وهناك، وساورتني البهجة آنذاك بان التحول الديمقراطي هو المسار الحتمي للعراق، رغم المأخذ على تعرجات هذا التحول. وحين حصلت على الإجازة في يوم 23/2/2012 وموافقة عمليات بغداد على إقامة حفل بعدد 500 محتفل في يوم الجمعة الموافق 24/2/2012 لغرض عرض المطالب باستذكار يوم 25 شباط أول أيام الاحتجاج على سوء الخدمات وإبراز الجانب الوطني بعيداً عن الإرهاب. وانا استلم الإجازة من المسؤول كبرت فرحتي لأني بهذه الخطوة أساهم بإرسال التنظيم للعمل المدني، وهي مساهمة من جهة أخرى ببناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وانشرح قلبي لصحة موقفي، وصحة محاجاتي لبعض الزملاء الذين حذروني من اخذ الإجازة باسمي، وتحملي مسؤولية ذلك من غدر الأجهزة الأمنية، قائلين هذا فخ عليك الحذر، ولا تضع نفسك فيه.
وانا اقرأ البرقية المشؤومة التي ذكرت أهلي بزمن الدكتاتور، وتلك الصفحات السوداء من تاريخ القهر والاذلال والملاحقة، والتي قيل انها طويت والى الابد، لكنها وكما يبدو لا زالت مفتوحة، بفعل تسلل أزلام وعقليات أجهزة القمع الصدامية الى مؤسسات الدولة الجديدة، وتيقنت ان التضحيات من اجل احلال الديمقراطية في العراق لا تقل عن التضحيات التي قدمها الشعب من اجل الخلاص من الدكتاتورية وحروبها. لي شرف الانحياز الى قيم الحريات والحقوق، والخزي والعار نصيب من يلاحق الشباب المتطلع الى عراق مستقر وامن. وعبرتي من شاعر اليسار التركي ناظم حكمت حيث يقول " ان لم احترق انا وان لم تحترق أنت فمن ينير الدرب"
#حسين_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
-
مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا
...
-
اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات
...
-
اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
-
ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف
...
-
مايك ميلروي لـ-الحرة-: المجاعة في غزة وصلت مرحلة الخطر
-
الأمم المتحدة: 9.8 ملايين طفل يمني بحاجة لمساعدة إنسانية
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|